27-ديسمبر-2023
بطاقة التعريف البيومترية في تونس

سيتم حذف المهنة من بطاقة التعريف البيومترية في تونس (صورة توضيحية/GETTY)

الترا تونس _ فريق التحرير

 

عقدت لجنة الحقوق والحريات في البرلمان التونسي أولى جلساتها للنظر في مشروع قانون أساسي مُتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 27 لسنة 1993 المتعلق ببطاقة التعريف الوطنية، والذي سيتم بموجبه تنقيح مشروع بطاقة التعريف البيومترية، وهي بطاقة هوية جديدة مزودة بشريحة إلكترونية.

ويواجه مشروع القانون رفضًا واسعاً من قبل منظمات المجتمع المدني، التي تتمسك بضرورة تعديله بصفة تشاركية لحماية المعطيات الشخصية للمواطنين التونسيين.

  • بطاقة التعريف البيومترية: إلغاء المهنة وإجبارية استخراجها في سن الـ15

وقالت رئيسة لجنة الحقوق والحريات في البرلمان هالة جاب الله، إن اللجنة بدأت الاثنين 25 ديسمبر/كانون الأول 2023، في عقد جلساتها لتنقيح بعض فصول القانون وإلغاء بعض الفصول الأخرى على أن يتم الانتقال بعد ذلك إلى النظر في مشروع جواز السفر البيومتري، وفقها.

وأضافت جاب الله، في مداخلة لها على إذاعة "موزاييك" (محلية)، الأربعاء 27 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أن بطاقة التعريف البيومترية ستكون مختلفة عن بطاقة التعريف الوطنية الكلاسيكية. وأكدت هالة جاب الله في مداخلتها، أن بطاقة التعريف البيومترية ستكون لها صلاحية أي أن صاحبها سيكون مطالبًا بتحيينها كما أنها ستكون إجبارية منذ سن الـ 15 ويمكن استخراجها لمن هم في سن الـ12 بضمان أبويّ، حسب قولها.

رئيسة لجنة الحقوق والحريات في البرلمان: بطاقة التعريف البيومترية ستكون لها مدة صلاحية أي أن صاحبها سيكون مطالبًا بتحيينها كما أنها ستكون إجبارية منذ سن الـ 15 سنة

وأوضحت أن بطاقة التعريف البيومترية ستحتوي على شريحة إلكترونية فيها بيانات إجبارية تهم كل مواطن تونسي مثل الاسم واللقب واسم الأب والأم والجنس، كما ستحتوي على صورة شخصية لصاحب البطاقة وبصمة الإبهام.

كما ستحتوي هذه البطاقة على معطيات اختيارية مثل التبرع بالأعضاء وفئة الدم، كما نص مشروع القانون على ضرورة حذف المهنة من بطاقة التعريف لضمان العدالة بين جميع الفئات الاجتماعية.

واعتبرت أن مشروع قانون البطاقة البيومترية يتماشى مع التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم وهو مرحب به من قبل لجنة الحقوق والحريات وتعتبره مهمًا، حسب قولها.

رئيسة لجنة الحقوق والحريات في البرلمان: سيتم حذف المهنة في بطاقة التعريف البيومترية لضمان العدالة بين جميع الفئات الاجتماعية

على صعيد متصل، قالت هالة جاب الله إن لجنة الحقوق والحريات قررت استشارة لجنة الدفاع والأمن ولجنة الرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد داخل البرلمان، إضافةً إلى الاستماع إلى وزارة الداخلية التونسية ووزارة تكنولوجيات الاتصال وهيئة حماية المعطيات الشخصية.

وحول مسألة حماية المعطيات الشخصية للمواطنين التونسيين ومخاوف منظمات المجتمع المدني، أكدت هالة جاب الله أن مشروع القانون ينص على ضرورة التشاور مع الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية.

في المقابل، أشارت هالة جاب الله إلى أن لجنة الحقوق والحريات مازالت لا تعرف عدة معطيات حول بطاقة التعريف البيومترية لعل أهمها طريقة تخزين معطيات المواطنين والطرف الذي سيشرف على تخزينها وهو ما سيتضح لاحقًا بعد جلسات الاستماع إلى الوزارات المعنية، وفقها.

رئيسة لجنة الحقوق والحريات في البرلمان: لا نزال لا نعرف عدة معطيات حول بطاقة التعريف البيومترية لعل أهمها طريقة تخزين معطيات المواطنين والطرف الذي سيشرف على تخزينها

وأشارت جاب الله إلى أن مشروع قانون بطاقة التعريف البيومترية يشير إلى أن وزارة الداخلية التونسية هي من ستقوم بصياغة أوامر ترتيبية يتم بموجبها إرساء قاعدة بيانات بيومترية.

 

  • بطاقة التعريف البيومترية.. مخاوف منظمات المجتمع المدني متواصلة

في 2016، قدمت وزارة الداخلية التونسية مشروع بطاقة التعريف البيومترية، كمشروع قانون أساسي مُتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 27 لسنة 1993 المتعلق ببطاقة التعريف الوطنية، غير أن مشروع القانون قُوبل بالرفض حينها من قبل منظمات المجتمع المدني في تونس، وذلك لعدم توفيره ضمانات قانونية وتقنية وفنيّة كافية لحماية المعطيات الشخصية للمواطنين التونسيين.

وتم سحب مشروع القانون رسميًا من قبل الوزارة بناء على ذلك بعد عامين، قبل أن يُعاد إيداعه من طرف رئاسة الحكومة التونسية في صيغة جديدة في جوان/ يونيو 2020، مرفقًا بمشروع قانون جواز السفر البيومتري، لتنطلق النقاشات حوله في لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب سنة 2021.

في جانفي 2022، أعلنت وزارة الداخلية استئناف العمل على مشروع بطاقة التعريف البيو متريّة، وذلك بعد أشهر قليلة من تجميد أعمال البرلمان السابق وجدد هذا الإعلان مخاوف منظمات المجتمع المدني من أن يتم التعاطي مع هذا القانون بصفة أحادية

وفي جانفي/يناير 2022، أعلنت وزارة الداخلية استئناف العمل على مشروع بطاقة التعريف البيو متريّة، وذلك بعد أشهر قليلة من تجميد أعمال البرلمان السابق من قبل الرئيس التونسي قيس سعيّد. وجدد هذا الإعلان مخاوف منظمات المجتمع المدني من أن يتم التعاطي مع هذا القانون بصفة أحادية ودون الأخذ بتوصيات وتحذيرات منظمات المجتمع المدني في تونس.

ودعت حينها منظمات وجمعيات تونسية، في بيان مشترك إلى سحب مشروع جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين وعدم اعتماده، مقترحةً "إقرار قانون جديد لحماية البيانات الشخصية، يُركز في جوهره على المواطن، ويحترم حقوقه، ويضمن حماية المواطن التونسي لمعلوماته الشخصية الخاصة والفردية".

كما دعت المنظمات حينها، إلى اعتماد الشفافية والتشاركية في صياغة التشريعات ذات العلاقة المباشرة بالحقوق الأساسية للمواطنين وعلى رأسهم الحق في الخصوصية وحماية المعطيات الشخصية، وذلك عبر إجراء مشاورات شاملة وشفافة وعلنية مع منظمات المجتمع المدني.

دعت منظمات وجمعيات تونسية إلى سحب مشروع جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين وإلى اعتماد الشفافية والتشاركية في صياغة التشريعات ذات العلاقة المباشرة بالحقوق الأساسية للمواطنين

وذكّرت المنظمات بأن إنشاء قاعدة بيانات بيومترية "قد يمكّن من زيادة مراقبة المواطنين وهو أمر بالغ الخطورة خاصة في ظل غياب أي توضيح أو إجابة لعدد من التساؤلات التي تم طرحها سابقاً وأبرزها:

  • ما هي البيانات التي سيتم حفظها في قاعدة البيانات البيومترية وأين سيتم تخزينها؟
  • من هي السلطات المخوّل لها الوصول إلى هذه البيانات الشخصية؟
  • من هم المؤسسات أو الأفراد الذين سيكون لهم الحق في الوصول إلى البيانات  الشخصية المشفرّة؟
  • ما هي الإجراءات الأمنية التي سيتم اتخاذها لضمان أمان هذه البيانات؟

من جهتها، قالت منظمة البوصلة في تقرير لها نشرته في شهر فيفري/شباط 2022، بعنوان "بطاقة التعريف البيومترية: شرطي في جيب كل مواطن"، إنه بعد المسار الطويل الذي عاشه مشروع قانون بطاقة التعريف البيومترية لم يتم التوصّل لصياغة مشروع يضمن حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصيّة الحساسة للمواطنين، وذلك لتشبّث وزارة الداخليّة بعدم التنصيص على نوعيّة الشريحة المستخدمة في البطاقة وإنشاء قاعدة بيانات بيو متريّة.

وأشارت البوصلة أن هاتين النقطتين تعتبرهما منظمات المجتمع المدني والهيئات الوطنية في تونس مدخلاً للاعتداء على خصوصية الأشخاص وحدّا من حريّتهم، وفقها.

كما اعتبرت منظمة البوصلة أن مشروع القانون الحالي لم يأخذ بعين الاعتبار مقترحات التعديل الحقيقية والضرورية التي طالبت بها العديد من منظمات المجتمع المدني والتي تتمثل في عدم إحداث قاعدة بيانات تُجمّع فيها معطيات 8 ملايين تونسي وتونسية تتوفر فيهم الشروط القانونية للحصول على بطاقة تعريف وطنية.

كما كشفت المنظمة أو وزارة الداخلية تسعى لاعتماد شريحة يمكن قراءتها عن بعد من طرف أجهزتها، وهو ما يجعل الاطلاع على معطيات بطاقة التعريف ممكنا في أي فضاء تركّز فيه هذه الأجهزة من قبل السلطات، وفقها.