الترا تونس - فريق التحرير
أكد رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية شوقي قداس، الجمعة 28 جانفي/ يناير 2022، الموافق لليوم العالمي لحماية المعطيات الشخصية، أنّ أسوأ متعامل في مجال حماية المعطيات الشخصية هي وزارة الداخلية، بعد أن كانت إلى وقت قريب أفضل المتعاملين، قائلًا: "وزارة الداخلية تملك نوايا وغايات حسب رأيي غير مقبولة قانونًا وغير حامية للمعطيات الشخصية للأفراد، وهي أسوأ متعامل لأنها نكثت بكل وعودها" وفقه.
شوقي قداس: وزارة الداخلية تملك نوايا وغايات حسب رأيي غير مقبولة قانونًا وغير حامية للمعطيات الشخصية للأفراد، وهي أسوأ متعامل لأنها نكثت بكل وعودها
وتابع قداس خلال مؤتمر صحفي انتظم بمقر الهيئة، بخصوص موضوع بطاقة التعريف البيومترية، أنه تم الاشتغال عليه منذ 2015، وقد مرّرنا مشاريع قوانين إلى البرلمان بعد تعديلات، لكن بعد تجميد البرلمان، طرحت وزارة الداخلية من جديد هذا المشروع، بالنسخة الأولى منه، وإشكالية بطاقة التعريف البيومترية أنها تحتوي على شريحة، يجب التنصيص على طبيعتها، فكونها "غير تلامسية" (أي لا تحتاج إلى قارئ)، يجعلنا في منظومة مراقبة شاملة تحد من حرية التنقل، إذ يصبح بالإمكان معرفة بعض التنقلات على سبيل المثال، فقط من خلال هذه البطاقة" وفق وصفه.
اقرأ/ي أيضًا: شوقي قداس: المعطيات الشخصية في تونس في متناول أجهزة الاستخبارات الأجنبية
وأضاف قداس: "كل الهياكل القضائية بالدول الديمقراطية العظمى رفضت أن يتم إرساء قاعدة بيانات بيومترية شاملة لكل المواطنين، يمكن إنشاء هذه القاعدة للأشخاص ذوي السوابق العدلية مثلًا، لكن هذا لا ينبغي أن يُسحب على جميع المواطنين.. فالهند أنشأت قاعدة بيانات بيومترية لمواطنيها البالغ عددهم مليار و400 مليون شخص، فتمت قرصنة هذه القاعدة من طرف وكالة الاستخبارات الأمريكية، وهذا مس من سيادة الدولة ومن حقوق الأشخاص" على حد تعبيره.
شوقي قداس: كل الهياكل القضائية بالدول الديمقراطية العظمى رفضت أن يتم إرساء قاعدة بيانات بيومترية شاملة لكل المواطنين، ومن غير المعقول تعريض بيانات كامل الشعب لخطر القرصنة أو استعمالها لغايات أخرى
واستغرب رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية من "تعلّة وزارة الداخلية التي تُرجع سبب سعيها لإنجاز هذه البطاقة، إلى أنّها غير قادرة على التحقق من هوية 400 جثة سنويًا، لكن من غير المعقول تعريض بيانات كامل الشعب لخطر القرصنة واستعمالها لغايات أخرى من أجل 400 حالة فقط" وفقه.
وفيما يخص وضعية الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، قال رئيسها: "طلبنا من رئاسة الحكومة تجديد الأعضاء المنسحبين من التركيبة الحالية، إذ بدأنا المدة النيابية (3 سنوات) الخامسة في 2021، بتركيبة منقوصة لعدم حصول ترشحات لخطة 2 قضاة إداريين.. وبدل 15 عضوًا في المجلس وجدنا أننا 13 عضوًا فقط".
شوقي قداس: طلبنا من رئاسة الحكومة تجديد الأعضاء المنسحبين من التركيبة الحالية للهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية
وتابع قداس: "بعد 25 جويلية/ يوليو تم تجميد البرلمان، بما يعني تجميد نائبين حتى في نشاطهما الخارجي، قبل أن يتم إنهاء مهام ممثلي وزارتين فاستقالا بدورهما من الهيئة، كما أنّ هناك عضوًا آخر هاجر للخارج، وبالتالي أصبح لدينا 8 أعضاء بدل 15، وهو تحديدًا النصاب القانوني لعقد جلسات مجلس الهيئة".
واشتكى رئيس هيئة حماية المعطيات الشخصية من قلة الأعوان الموضوعين على ذمة الهيئة، وقال: "3 أشخاص فقط مكلفون بملفات حماية المعطيات الشخصية، وبالنسبة لمن يقول إنّ ميزانية الهيئات ضخمة، فإنّ 120 مليون دينار هي ميزانية الهيئة سنويًا، نصفها يذهب لتسديد كراء المقر" على حد تعبيره.
اقرأ/ي أيضًا: القرصنة في تونس.. السلاح السيبرني الصامت
ويشار إلى أنّ منظمات وجمعيات تونسية، قد دعت في بيان مشترك نشرته الاثنين 24 جانفي/ يناير 2022، إلى سحب مشروع جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين وعدم اعتماده، بعد أن أعلنت وزارة الداخلية التونسية في بلاغ صادر يوم 17 من الشهر الجاري، عن استئناف إنجاز هذا المشروع "وتعجيل تنفيذه، دون سابق إعلام وفي غياب تام لمبدأي الشفافية والتشاركية المعمول بهما في التشريعات التي تمس حقوق المواطنين التونسيين وعلى رأسها الحق في الخصوصية" وفق البيان.
ولم تُخف هذه المنظمات شعورها بالقلق من أن يكون قانون حماية المعطيات الشخصية لسنة 2004، "قديمًا في نطاقه، ولا ينص على أية ضمانات خصوصية كافية وقوية لحماية البيانات الشخصية البيومترية للتونسيين، مثل بصمات الأصابع، والتي تصنّف بالبيانات الحسّاسة وذلك بسبب طبيعتها الشخصية وارتباطها الوثيق والفريد بالشخص".
وذكّرت المنظمات بأن إنشاء قاعدة بيانات بيومترية "قد يمكّن من زيادة مراقبة المواطنين وهو أمر بالغ الخطورة خاصة في ظل غياب أي توضيح أو إجابة لعدد من التساؤلات التي تم طرحها سابقاً وأبرزها:
- ما هي البيانات التي سيتم حفظها في قاعدة البيانات البيومترية وأين سيتم تخزينها؟
- من هي السلطات المخوّل لها الوصول إلى هذه البيانات الشخصية؟
- من هم المؤسسات أو الأفراد الذين سيكون لهم الحق في الوصول إلى البيانات الشخصية المشفرّة؟
- ما هي الإجراءات الأمنية التي سيتم اتخاذها لضمان أمان هذه البيانات؟
وشدّدت المنظمات الموقعة على البيان، على أن "جمع كمٍ هائل من البيانات البيومترية على مستوى وطني يشكل خطراً كبيراً على أمن المواطن وخصوصيته، إذ أصبحت خروقات البيانات في عالمنا الرقمي المتزايد أمرًا لا مفر منه، ومهما بلغت إجراءات الأمن السيبرانية والرقمية لحماية مثل هذه البيانات من قوة وإحكام، فقد أثبتت الحوادث العديدة لخروقات وتسريب وسرقة البيانات أنه لا يوجد أي نظام بيانات في العالم لا يمكن اختراقه واستغلال بياناته..".
اقرأ/ي أيضًا:
جمعيات تطالب بعدم اعتماد جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين وتوضّح الأسباب
الأمية الرقمية: هل تعمّق "الاستشارة الإلكترونية" عزلة المهمشين في تونس؟