14-أبريل-2020

تمكن فريق بحث تونسي من تطوير منصة ذكية للكشف عن أعراض فيروس كورونا المستجد (صورة تقريبية/ getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أفاد الأستاذ الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي بالمعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا، الدكتور مصطفى حمدي، أن فريق بحث تونسي، تمكن مؤخرًا، من تطوير منصة ذكية للكشف عن أعراض فيروس كورونا المستجد، بالاعتماد على تحليل الصور الطبية الصدرية للحالات المشتبه في إصابتها.

الدكتور مصطفى حمدي: المنصة هي بمثابة المحلّل الذكي للصور الطبية من النوع الطبقي المحوري بالأشعة السينية

وبيّن حمدي، الدكتور المشرف على البحث، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)، أنها منصة للكشف عن أعراض الفيروس، واصفًا إياها بـ"المحلّل الذكي للصور الطبية من النوع الطبقي المحوري بالأشعة السينية (أشعة إكس)"، يمكّن من التعرّف على الآثار والأعراض التي يسببها الفيروس في مستوى الرئتين فور الإصابة به. وتعتمد هذه المنظومة على تكنولوجيا تحليل ومعالجة الصور بتقنية التعلّم الاصطناعي الذكي المعمّق.

وفي تفسيره لإيجابيات استخدام هذه التكنولوجيا المبتكرة، مقارنة باعتماد الفحوص المخبرية المستعملة حاليًا في الكشف عن الفيروس التاجي المستجد والمعروفة بنظام "سي بي آر بالأحرف اللاتينية"، أوضح المتحدث أن هذه الأخيرة تتطلب وقتًا أطول، كما أن تكلفتها باهظة بالمقارنة لما اقترحه مخبر الإعلامية الصناعية بالمعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا.

وبيّن المشرف على البحث أن هامش الخطأ بالنسبة لنتائج الاختبارات المستخدمة في تونس، يفوق الـ30 في المائة، فضلًا عن كونها غير متوفرة في مختلف الجهات. هذه المبادرة العلمية هي ثمرة جهود فريق بحث متكوّن من ثلاثة طلبة هندسة تطوير البرمجيات الإعلامية، من المعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا والمدرسة التونسية للتقنيات، بالإضافة إلى أستاذ جامعي آخر وهو الدكتور كمال القروي.

الأعراض التي يسبّبها الفيروس في رئة المصاب هي التهاب له أشكال و"بصمات" خاصّة به، تمكّن فريق البحث، من خلال استغلال صور بالأشعة السينية لمصابين بالفيروس وقواعد بيانات لمرضى من الصين وإيطاليا، من تدريب البرمجية على التعرّف بصفة دقيقة، تفوق نسبة 90 في المائة، على مدى وجود الفيروس داخل الرئتين.

وعن فرص استغلال هذا الكاشف الآلي في تونس، أكد الدكتور حمدي أن أجهزة التّصوير الطبي بالأشعة متوفّرة في أغلب الوحدات الطبّية، وتعتمد المنصّة على نوعين من الصّور ذات التكلفة المتفاوتة، مضيفًا أن "هذه التقنية، التي سبقتنا الصّين في اعتمادها، تفتح المجال للتقصّي المكثف في الجهات".

الدكتور مصطفى حمدي:  تمّ التنسيق مع مستشفى الأمراض الصّدرية عبد الرحمان مامي بأريانة ليكون أوّل من تتاح له تجربة هذه المنصّة

وأشار إلى أنه سيتسنّى للوحدات الطبية الخاصّة والعمومية، بفضلها، تحليل أعداد هامة من صور الأشعة السينية في اليوم الواحد عبر المنصّة المتاحة والمفتوحة على الانترنت.

منظومة الفحص هذه، حسب المشرف على فريق البحث، "تمكّن من ربح الوقت وتقليص تكاليف التقصّي المكثّف للفيروس الذي سيساعد على الحدّ من انتشار العدوى، إن توفّرت الإرادة لاستغلال مجهودات أبناء وإطارات وحدة البحث العلمي".

وأكد في هذا الصّدد، أن وزارة تكنولوجيات الاتصال والتحوّل الرقمي اتّصلت به، بصفته المشرف على المشروع، لضمّه ضمن منصة البحث والتطوير التي ركّزتها وزارة التّعليم العالي والبحث العلمي بالاشتراك والتعاون مع وزارتي الصّحة وتكنولوجيات الاتصال.

وقد تم الإعلان عن إطلاق المنصة الوطنية للبحث والتطوير في 7 أفريل/ نيسان 2020، وحدّد الاثنين 13 أفريل/ نيسان 2020، كآخر أجل لقبول المشاريع والأفكار في إطار مجابهة جائحة "كورونا". وتشتمل على جميع المبادرات التي تمّ تسجيلها، ومن بينها مشروع المعهد العالي للدراسات التكنولوجية المعتمد على الذكاء الاصطناعي.

هذا المشروع الذي تمّ الانتهاء من إنجازه منذ، 26 مارس/ آذار المنقضي، وفق ما أفاد به مصطفى حمدي، قابل للاستغلال الفوري، وقد تمّ التنسيق مع مستشفى الأمراض الصّدرية عبد الرحمان مامي بأريانة، ليكون أوّل من تتاح له تجربة هذه المنصّة.

وسيتمّ في هذه المرحلة استغلال الصّور الطبّيّة الصدريّة لمصابي كوفيد 19 المتاحة، لمزيد "تعليم" البرمجية الذكية وتدريبها حتّى تكتسب دقّة أعلى في الكشف على المرض.

وعبّر الباحث الأكاديمي، في هذا الصّدد، عن ارتياحه لما لمسه من رئيس قسم أمراض القلب بمستشفى الأمراض الصّدرية، الدّكتور فوزي عدّاد، من استعداد للتعاون والإفادة العلمية، "لن يزيدا فريق البحث إلا إصرارًا على التطوير والتحسين"، حسب تعبيره.

وإجابة على مدى تعقـّد عملية تركيز المنظومة واستغلالها من قبل الوحدات الطبية في الجهات، أبرز الدكتور أنّ المنصّة تعتمد على نظام سحابي (CLOUD) ، بما يسهل استغلالها عبر رابط . كما أكّد على الصّبغة الأكاديمية البحتة للمشروع، مشيرًا إلى تلقي المختبر لعديد الطلبات من شركات أجنبية، منها العمومية كالمؤسّسة الألمانية لتكنولوجيا التصوير بالأشعة، ومنها الخاصّة التي اقترحت شراء كاشف كوفيد 19.

وشدّد، في ذات السياق، على أنّ هذا البحث هو نتاج جهود باحثين تونسين وسيقع وضعه مجانًا على ذمّة البلاد في حربها ضدّ جائحة كورونا، مبيّنًا أن الهدف الأكاديمي للفريق هو استغلال المعطيات الناتجة عن توظيف المنصّة وتحليلها بما من شأنه أن يساعد على مزيد تطوير البحث في هذا المجال.

وأفاد مصطفى حمدي أنّ الفريق سيتجه، بعد هذه التجربة، نحو تطوير نفس البرمجيات في الكشف عن أمراض أخرى بالاعتماد على الصّور الطّبّيّة، وذلك بالتعاون، في مرحلة أولى، مع مستشفى مامي بأريانة.

يشار إلى أنّ هذا المشروع دعمه عدد من المنظمات والشركات العالمية على غرار منظمة التعاون الألماني والشركة متعددة الجنسيات (أي بي آم) والمؤسسة الألمانية لتكنولوجيا لتصوير بالأشعة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيروس كورونا: تسجيل 21 إصابة جديدة

وزارة الصحة: دراسة سبل تطويق انتشار "كورونا" في عدة مناطق