الترا تونس - فريق التحرير
أثارت حادثة مثول أستاذة إنجليزية أمام فرقة مقاومة الإجرام ضد المرأة والطفل بتهمة إسناد "صفر" لتلميذ، الجدل على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. خاصة وأنّ موجة التضامن مع الأستاذة قابلتها بعض الآراء المدينة لها، بعد أن تدهورت صحة التلميذ.. "الترا تونس" يلقي الضوء على هذا الجدل برصده أهم التفاعلات.
فاتن بن سلامة (الأستاذة المتهمة): تعرضتُ للهرسلة من طرف 22 محاميًا بمحكمة المهدية، من بينهم خالة التلميذ التي استعملت كل الوسائل للتشهير بي، وقد تم تأجيل الجلسة إلى يوم 26 نوفمبر 2021
وفي مداخلة إعلامية لها بإذاعة "جوهرة أف أم"، قالت الأستاذة المعنيّة فاتن بن سلامة، إنّها عُرضت على فرقة مقاومة الإجرام ضد المرأة والطفل بتهم عديدة منها "إسنادها 0 لتلميذ، وهي التي أسندت ملاحظة (رديء جدًا)، وسخريتها منه لأنه يرتدي نظارات رغم أنه لم يقع إعلامها بأن الطفل يعاني من نقص في النظر، وإجلاسه في الطاولة الثالثة، وممارسة العنف اللفظي عليه، وتفوّهها بكلام شنيع، ومطالبتها للتلاميذ بإحضار هواتف جوالة.." على حد وصفها.
وتابعت بن سلامة: "أمارس التعليم منذ 27 سنة، ولم أتصور أن أتعرّض لهذا الموقف، وأن أتعرض للهرسلة من طرف 22 محاميًا بمحكمة المهدية، من بينهم خالة التلميذ التي استعملت كل الوسائل للتشهير بي، وقد تم تأجيل الجلسة إلى يوم 26 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري" وفقها.
سامي بن سلامة (شقيق الأستاذة): جريمة فاتن أنهم اتهموها بإسناد صفر لتلميذ، تعرض بعد مدة لطارئ صحي أصابه بشلل نصفي في الوجه مع أنه لا توجد أدنى علاقة بين تقييم التلميذ من طرف الأستاذ وبين الأمراض التي يمكن أن تصيبه بعدها
ونشر شقيق الأستاذة فاتن بن سلامة، سامي بن سلامة، تدوينة قال فيها إنّ أخته "تتعرض لمظلمة قضائية شنيعة من القضاء في المحكمة الابتدائية بالمهدية بدعوى أنها أعطت صفرًا لتلميذ وتعرض بعد فترة لمضاعفات صحية.. مع أنه لا توجد أدنى علاقة بين تقييم التلميذ من طرف الأستاذ وبين الأمراض التي يمكن أن تصيبه، واعتقدت أن النيابة العمومية ستحفظ القضية المفبركة والتافهة، لكن ما حدث لها هو عنف لفظي وترهيب وتحامل عليها خاصة بعد رفض مساعد وكيل الجمهورية سماعها أصلًا وإصراره بضغط من المحامين على افتكاك هاتفها الشخصي والبحث فيه بدون وجه حق في اعتداء سافر.." وفق قوله.
وأضاف بن سلامة: "ما يثير الاستغراب هو أن القاضي طلب أكثر من مرة يطلب من فاتن أن تتصالح مع الشاكين، فما دخله بالصلح؟ بأي حق؟ جريمة فاتن أنهم اتهموها بإسناد صفر لتلميذ وهو بعد مدة تعرض لطارئ صحي أصابه شلل نصفي في الوجه.. يعني هو لم يمرض في القسم ولا ساحة المعهد ولا في الطريق، والله أعلم متى أصابه ذلك، فاتن قيّمته بـ Very Bad وليس صفرًا.. وحتى إذا كان صفرًا فمن حقها كأستاذة إسناد العدد الذي تراه يناسب مستواه.. وبعد هذا تحال على المحاكمة كأنها مجرمة حق عام أو إرهابية.." حسب وصفه.
وأعلنت الأستاذة عائدة بن شعبان في هذا الإطار، مساندتها "المطلقة وغير المشروطة لفاتن بن سلامة، مطالبة الأساتذة ونقابة التعليم الثانوي أن تتحرك وأن تقوم بواجبها تجاه منظوريها، أو سيقع خوض تحركات فردية لما يكتسيه هذا الموضوع من خطورة بما أنه تدخل سافر في مهنة الأستاذ" وفقها، مضيفة أنه سيتم بالتشاور مع مكونات المجتمع المدني ذات الصلة اختيار أشكال النضال التي يرونها صالحة.
وقد أصدرت الجامعة العامة للتعليم الثانوي، بيانًا ممضى من كاتبها العام لسعد اليعقوبي، عبّرت فيه عن "احترامها للقضاء ولحق كل صاحب حق في اللجوء إليه دون أن يصبح ذلك مطية يركبها البعض للتنكيل بالمربّين وجرهم إلى المحاكم على خلفية عدم رضا هؤلاء على ما يقدمه المدرسون وفق المقتضيات الإدارية والقانونية والبيداغوجية المتعلقة بمهنتهم".
وأدانت الجامعة "حالة التجييش والهرسلة التي مورست وتمارس ضد الأستاذة من طرف الادعاء وترسانة محاميه"، مهيبة بالقضاء "الانتصار لمدرسة يقوم فيها المدرس بعمله دون ضغوطات وتهديدات وهرسلة سيكون لاستمرارها الأثر البالغ على المربين وعلى الأسرة التربوية ودور المدرسة".
ودعت الجامعة العامة للتعليم الثانوي كافة المدرسات والمدرسين وهياكلهم النقابية بجهة المهدية وببقية الجهات إلى دعم زميلتهم بكل الأشكال التي من شأنها مساعدتها في ما تبقى من مسار قضيتها.
وطالبت أستاذة التعليم العالي والباحثة رجاء بن سلامة من جهتها، في تدوينة لها، بـ"استقلال القضاء عن فيسبوك وقطعانه الهائجة"، مضيفة: "مهزلة أخرى هي محاكمة أستاذة من أجل تقييم سلبي لعمل تلميذ، وافتراض أن مرض التلميذ بعد ذلك هو بسبب التقييم، وملاحقة الأستاذة وإهانتها.. إنها عقلية الحشود الهائجة.. مساندتي التامة للأستاذة فاتن بن سلامة، ولا صوت يعلو على القانون وعلى حقوق الإنسان وكرامة المربّين" وفقها.
واعتبر الأستاذ محمد علي الرحالي في هذا السياق، في تدوينة له أنّ حادثة الأستاذة فاتن بن سلامة "ذكرته بكتاب عنوانه الهشاشة النفسية، يتحدث عن هذا الجيل (الألفينات خاصة) ويصف بأنه هش نفسيًا وقابل للكسر لأتفه الأسباب، جيل يطلب منا مراعاة مشاعره في كل المسائل حتى لو لم تكن تستحق، جيل يعاني من نقص تحمل المسؤولية، ويغرق في قطرة ماء وهو دائم الشكوى والتذمر، وصنّاع هذا الجيل هم العائلات الذين دللوا أطفالهم أكثر من اللازم وحرموهم من تحمّل أي مسؤولية صغيرة كانت أو كبيرة، من ذلك هذه الحالة التي بين أيدينا، العائلة عوض تأنيب ابنهم على تقصيره وعدم قيامه بمهامه، التجأوا للعكس ولاموا الأستاذة التي قامت بوظيفتها.. ماذا سيتعلم الطفل من هذه العائلة؟ ما هي القيم التي وصلته؟" وفق قوله.
ونشرت الأستاذة نجاة مباركي فوراتي، أنّ "أستاذة إنجليزية قيّمت عمل تلميذ رأت أنه يستحق صفرًا وكتبت بالإنجليزية Very bad يعني très mal بالفرنسية، ولم تضربه ولن تهنه أمام أصدقائه أو أي شيء من هذا.. بعد مدة التلميذ يتعرض لشلل نصفي، محامية في عائلته جندت 22 محاميًا وقدمت قضية بالأستاذة، وهنا أتساءل هل يجب على الأستاذ أن يسند عددًا جيدًا للتلاميذ حتى ولو كان الامتحان خاطئًا؟".
ودوّنت الناشطة رماح حمام بدورها أن طفلًا يبلغ من العمر 13 سنة، تعرض فمه للاعوجاج وعينه غير قادرة على أن تغلق والضغط عال بسبب أستاذة أهانته وأشعرته بالنقص.. الطفل يدرس في معهد في قصور الساف ولديه نقص حاد في النظر.. طالبتهم الأستاذة بتمارين لم ينجزها كاملة فأسندت له صفرًا وأهانته أمام أصدقائه.. عاد إليها الحصة القادمة بعد إنجازه للتمرين وألحّ عليها في الإصلاح لكنها لم تقبل، فأحس الطفل بالنقص والإهانة، وكان يعاني من نقص في النظر وهو اليوم مهدد في كامل الشبكية" حسب تدوينتها.
وتابعت حمام: "هذا الطفل كره الدراسة وحالته النفسية صعبة جدًا، وأعتقد أنّه تولّد في داخله شعور كبير من النقمة بعد أن أصبح روتينه اليومي بين أطباء وقيس للضغط، عائلته قامت بالواجب وقدمت شكاية للوزارة ولمندوب حماية الطفولة ووفروا له إحاطة نفسية.. أما الطفل فمازال غير قادر على الحديث وحالته غير مستقرة.. العنف المسلط على الطفل ظاهرة آخذة في الانتشار.. المحاكم مليئة بالقضايا، نعتقد أنّ أطفالنا بأمان في المدرسة لكن في الأصل عقد كثيرة تغرس فيهم.." وفقها.
اقرأ/ي أيضًا:
أريانة: توقف الدروس بإعدادية رواد إثر تعرض أستاذة لعملية "براكاج" مسلح
وزارة التربية: حوالي 73 ألف منقطع عن الدراسة نهاية السنة الدراسية 2019-2020