05-يناير-2022

المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب: "ليس من شأن وزارة الداخلية أن تتجاوز صلاحيات العدالة"

الترا تونس - فريق التحرير

 

اعتبرت المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، الأربعاء 5 جانفي/يناير 2022، أن المحامي والنائب ووزير العدل السابق نور الدين البحيري في وضع "احتجاز تعسفي"، مؤكدة أن "الإقامة الجبرية المزعومة التي صدرت بحقه لا تستند إلى أي قانون"، وفقها.

وأضافت المنظمة الدولية، ف بيان نشرته تحت عنوان "ما تطلق عليه وزارة الداخلية إقامة الجبرية ما هو في حقيقة الأمر إلا احتجاز تعسفي"، أنه "حتى يكون إجراء الإقامة الجبرية قانونيًا ينبغي عليه أن يستند إلى نص قانوني وينبغي أن يكون ضروريًا ومتناسبًا مع الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه –ويتمثل في هذه الحالة بحفظ النظام العام– علاوة على أنه يجب أن يخضع لرقابة فورية وجادّة من قبل سلطة قضائية مستقلة".

المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب تدعو لـ"الكف بشكل عاجل عن إصدار الأوامر القاضية بالإقامة الجبرية وغيرها من تدابير الرقابة الإدارية التعسفية التي يتم تنفيذها في انتهاك صارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان"

وأشارت في هذا الصدد إلى أن القرار الصادر في حق البحيري "لا يستند إلى أي قانون بل إلى مرسوم رئاسي صدر منذ أكثر من أربعين عامًا. ولم يتم تقديم أي إشعار مكتوب إلى البحيري يحتوي على الأسباب الدقيقة لوضعه قيد الإقامة الجبرية وكيف أن هذا التدبير ضروري لحماية النظام العام".

وتابعت المنظمة الدولية: "علاوة على ذلك، فقد تم حرمان نورالدين البحيري من الاتصال بمحاميه"، مشددة على أن "غياب الإشعار الكتابي الذي يفيد بإجراء الإقامة الجبرية وعدم إمكانية التواصل مع محامٍ يشكلان انتهاكات جسيمة للضمانات الإجرائية للشخص المسلوب من حريته وما يصاحب ذلك من انتهاك لحق الطعن في شرعية الإجراء أمام سلطة قضائية"، حسب تقديرها.

المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب: احتجاز البحيري تعسفي بالكامل، إذ تمّ الإبقاء على سرية مكان الاحتجاز حتى تمّ نقله إلى المستشفى، ويمكن وصف ذلك بأنه جريمة اختطاف واحتجاز غير شرعي

كما شددت على أن "احتجاز البحيري قد تم في نطاق مكان مغلق لا يستطيع مغادرته، وبالتالي هو في واقع الأمر يمثل احتجازًا بالمعنى الوارد في القانون الدولي وليس مجرد تقييد لحرية التنقل"، مستطردة: "من هنا نتبيّن أن الاحتجاز تعسفي بالكامل وغير شرعيّ، إذ تمّ الإبقاء على سرية مكان الاحتجاز حتى تمّ نقل المعتقل إلى المستشفى، وبموجب القانون الجزائي التونسي، يمكن وصف هذا الاحتجاز بأنه جريمة اختطاف واحتجاز غير شرعي"، وفق توصيفها.

كما أشارت المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب إلى أنه "وفقًا للمعلومات التي قدمتها وزارة الداخلية، فقد تمّ إخضاع شخص آخر كذلك للإقامة الجبرية في نفس الظروف التي يقيم فيها البحيري. بناء عليه، فإذا تم اقتياد هذا الشخص إلى مكان مغلق لا يستطيع مغادرته في كنف حريته، فهو أيضًا ضحية للاحتجاز التعسفي"، حسب رأيها.

ولفتت المنظمة إلى أنه "في كثير من الحالات الموثقة من قبل برنامج المساعدة المباشرة "سند" التابع لها، تستخدم وزارة الداخلية الإقامة الجبرية للالتفاف على القضاء، إما لعدم وجود دليل على أن الشخص المعني قد ارتكب جريمة ما، أو لأن الشخص موضوع تحقيق جزائي لكن قاضي التحقيق رفض وضعه رهن الإيقاف التحفظي"، وفق ما جاء في نص البيان.

المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب: في كثير من الحالات، تستخدم وزارة الداخلية الإقامة الجبرية للالتفاف على القضاء لعدم وجود دليل على أن الشخص المعني قد ارتكب جريمة ما

واستطردت: "بحسب وزارة الداخلية، فإن البحيري موضوع عدّة أبحاث جزائية. فإن اعتبر قاضي التحقيق بأن هناك مخاطرة جدّية في هروب المشتبه به أو إتلاف الأدلة، فيمكنه أن يأمر بإيقافه على ذمة التحقيق مع الالتزام التام بأحكام مجلة الإجراءات الجزائية"، مستدركة القول: "غير أنّ الأمر لم يكن كذلك، كما أنه ليس من شأن وزارة الداخلية أن تتجاوز صلاحيات العدالة".

ودعت المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، في ختام بيانها، السلطات التونسية إلى "الكف بشكل عاجل عن إصدار الأوامر القاضية بالإقامة الجبرية وغيرها من تدابير الرقابة الإدارية التعسفية والخالية من أي أساس قانوني والتي يتم تنفيذها في انتهاك صارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان"، كما دعت السلطات القضائية –العدلي منها والإداري– إلى الاضطلاع بدورها كحامية للحريات الأساسية".

وفي الأثناء، وجّهت هيئة الدفاع عن النائب بالبرلمان المعلقة مهامه ونائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري، الأربعاء 5 جانفي/يناير 2022، نداءً للرأي العام الوطني والدولي والمنظمات الحقوقية، مؤكدة أن "الوضع الصحي للبحيري حرج وأنه "بين الحياة والموت".

وحمّلت، في ندوة صحفية عاجلة لها، "مسؤولية الإضرار بصحته وحياته لكلّ من ساهم في اختطافه واحتجازه في مكان سرّي مما دفعه إلى خوض إضراب جوع وحشي امتنع فيه عن تناول الغذاء والماء والدواء".

اقرأ/ي أيضًا:  هيئة الدفاع عن البحيري: الوضع الصحي للبحيري حرج وهو بين الحياة والموت

يذكر أن وزير الداخلية توفيق شرف الدين كان قد صرح، مساء الاثنين 3 جانفي/يناير 2022، أن قراريْ وضع شخصين قيد الإقامة الجبرية (في إشارة إلى النائب عن حركة النهضة نور الدين البحيري والمسؤول الأمني السابق بوزارة الداخلية التونسية فتحي البلدي)، استندا إلى أسس قانونية وبناء على شبهات جدية وتم اتخاذهما بتاريخ 30 ديسمبر/كانون الأول وتنفيذهما بتاريخ 31 ديسمبر/كانون الأول 2021، وفقه.

وأضاف الوزير، خلال نقطة صحفية انعقدت بمقر وزارة الداخلية، أن المسألة تتعلق بإسناد مضامين ولادة وشهادات جنسية وجوازات سفر بطريقة غير قانونية، مشيرًا إلى أنه اتّضح أنه "تم تمكين أشخاص من مضامين ولادة استخرجت بتاريخ لاحق لتاريخ استخراج شهدات الجنسية"، مستطردًا: "أمام وجود شبهة إرهاب في الملف، كان لزامًا عليّ إعلام النيابة العمومية، وسارعت شخصيًا بالاتصال بوزيرة العدل، لكن الإجراءات القضائية تعطلت دون أيّ داعٍ، مما دفعني لاتخاذ قراريْ فرض الإقامة الجبرية"، وفق تصريحه.

واستطرد القول إن "قرار فرض الإقامة الجبرية يُمكن أن يُتخذ لمجرد وجود مخاوف من معطيات تتعلق بأشخاص أو مؤسسات قد تشكل خطرًا على الأمن العام والخاص" وأن القرارين المتخذيْن بتاريخ 30 ديسمبر/كانون الأول 2021 "لم يكونا من العبث بل استندا إلى نص قانوني نافذ وهو الأمر 50 لسنة 1978"، وفقه.

اقرأ/ي أيضًا: وزير الداخلية: قرارات الإقامة الجبرية تتعلق بإسناد جوازات سفر بشكل غير قانوني

في المقابل، كانت النيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس قد سجلت "استغرابها"، الثلاثاء 4 جانفي/يناير 2022، ممّا ورد بالندوة الصحفية لوزير الداخلية الاثنين، بخصوص تعطل الإجراءات لدى النيابة العمومية حول فتح أبحاث تحقيقية تعلقت "بتوفر معلومات مفادها حصول شخص سوري الجنسية وزوجته السورية على بطاقتي تعريف وطنية وجوازي سفر تونسي تم استخراجها خلال فترة إشراف نور الدين البحيري على وزارة العدل"، وفق مكتب الاتصال بالمحكمة.

وأضاف مكتب الاتصال في بلاغ نقلته عنه وكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)، أن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية قد "تعاملت بكل جدية ووفق الإجراءات المقررة قانونًا مع موضوع قضية الحال، ورتبت الآثار القانونية المتمثلة في فتح بحث تحقيقي في أجل لم يتجاوز 4 أيام من تاريخ توصلها بالتقرير التكميلي الصادر عن الإدارة الفرعية للأبحاث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والماسة بسلامة التراب الوطني".

 

اقرأ/ي أيضًا:

المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب تدعو المحكمة الإدارية لحماية الحريات الأساسية

هيئة الوقاية من التعذيب: البحيري يعتبر نفسه في حالة اختطاف ووضعه الصحي هش