29-نوفمبر-2023
الطاقات المتجددة في تونس الطاقة الشمسية البنك الدولي

البنك الدولي: تونس تتمتع بموارد وفيرة من الطاقات المتجددة تمكنها من أن تصبح مركزًا لإنتاج الطاقة المستدامة وتصديرها (صورة توضيحية/ Getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أكد البنك الدولي، الثلاثاء 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أنّ "قطاع الطاقة قادر على أن يكون محرّك النمو الأخضر في تونس"، مشيرًا إلى أنّ "تطوير الطاقات المتجددة على نطاق واسع قادر أن يصبح أحد محركات النمو المهمة في تونس"، وفقه.

وقال، في تقرير أعده الخبير الاقتصادي الأول في مجال الطاقة بالبنك الدولي معز الشريف، إنّ ذلك يكون "أولًا عن طريق التخفيض من تكلفة الطاقة، وبالتالي تقليل الحاجة إلى الدعم؛ وثانيًا، من خلال تحويل هذه الطاقات إلى طاقات خضراء وهو ما من شأنه أن يحدّ من الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد، ويعيد التوازن للميزان التجاري؛ وثالثًا، من خلال جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في الإنتاج الصناعي والصادرات الخضراء، وهو من شأنه أيضًا أن يخلق مواطن شغل إضافية وفرصًا اقتصادية حقيقية، حسب تقديراته.

البنك الدولي: بإمكان قطاع الطاقات المتجددة أن يخفض من تكلفة الطاقة وأن يعد التوازن للميزان التجاري وأن يجذب  الاستثمار الأجنبي المباشر وهو ما سيخلق مواطن شغل إضافية

وأشار إلى أنّه يعمل مع الحكومة التونسية بشكل وثيق ليضمن أن تكون استراتيجية الانتقال إلى الطاقات الخضراء في صميم التحول الصناعي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد، معقبًا أنه "علاوةً على وضع إطار قانوني وتجاري ملائم لجذب المستثمرين، يمكن للحكومة التونسية تحقيق ذلك من خلال ضمان توفير التدريب الأكاديمي والمهني المناسب للشباب والعمال الراغبين في دخول قطاعات الصناعة الخضراء".

 

  • بلوغ تونس نقطة حرجة في ظلّ تحديات كبرى أمام قطاع الطاقة

وذكّر البنك الدولي أنّ قطاع الطاقة في تونس واجه، خلال العقد الماضي، تحديات كبرى، لافتًا إلى أنّ "من بين المخاوف الرئيسية في هذا المجال، التبعيّة المطردة تجاه واردات النفط والغاز وهو ما أسفر عن تدهور الميزان التجاري، وارتفاع عجز الشركة التونسية للكهرباء والغاز المالي". 

وقال إنّ "تونس بلغت نقطة حرجة هذا الصيف، مع ظهور أولى انقطاعات التيّار الكهربائي، إذ اتضح أنّ الشركة التونسية للكهرباء والغاز لا تتحوّز على الوسائل التقنية والمالية الكافية لتلبية الطلبات المتزايدة، لا سيّما في أوقات الذروة". 

 

 

واستدرك أنّ كل ذلك يحدثُ "في الوقت الذي تتمتّع فيه البلاد بموارد وفيرة من الطاقات المتجددة فضلاً عن موقعها الاستراتيجي بين إفريقيا وأوروبا، وهو ما يمكنها لا من تلبية حاجياتها من الطاقة فحسب وإنّما أيضاً من أن تصبح مركزًا لإنتاج الطاقة المستدامة وتصديرها"، مؤكدًا أنه "يقدّم الدعم التقني والمالي للحكومة التونسيّة لتحقيق هذه الرؤية"، على حد ما ورد في التقرير.

البنك الدولي: تواجه تونس تحديات كبرى في علاقة بالطاقة على الرغم من أنها تتمتع  بموارد وفيرة من الطاقات المتجددة وهو ما يمكنها لا من تلبية حاجياتها من الطاقة فحسب وإنّما أيضاً من أن تصبح مركزًا لإنتاج الطاقة المستدامة وتصديرها

وقال البنك الدولي إنّ "زيادة الطلب على الطاقة وانخفاض الإنتاج الوطني للنفط والغاز أديا إلى ارتفاع الاعتماد على واردات الطاقة من 5٪ من الاستهلاك في عام 2010 إلى 50٪ في عام 2021، وهذا يعني زيادة التوجه نحو الاعتماد على واردات الغاز الطبيعي من الجزائر المجاورة". 

وتابع: "علاوة على ذلك، ارتفع سعر واردات الغاز الطبيعي بشكل كبير منذ عام 2021، واضطرت الشركة التونسية للكهرباء والغاز للاستثمار في شبكات التوليد والنقل والتوزيع نظرًا للطلب المتزايد على الكهرباء. ونتيجة لذلك، تدهورت الصحة المالية للشركة التونسية للكهرباء والغاز في ظل غياب تعريفات تعكس التكلفة ونقص الدعم".

 

  • هل من حلول؟

وأمام هذه الوضعية وفي ظل محدودية إنتاج النفط والغاز، يرى البنك الدولي أنّ الحلّ يكمن في وفرة موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في تونس، إذ تقدر إمكانات التوليد بـ 320 جيغا، مقابل طلبٍ حاليّ يقدّر في حالة الذرة بـ 5 جيغاوات، مشيرًا إلى أنّ الحكومة تهدف إلى زيادة مصادر الطاقة المتجددة من 8٪ عام 2022 إلى 35٪ من الطاقة الإنتاجية للكهرباء بحلول عام 2030. 

واستطرد القول: "لعلّ ما يثلج الصدر في كل هذا هو أنّ الحكومة لن تحتاج إلى استخدام مواردها المالية المحدودة للاستثمار في محطات الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، ذلك أنّ القطاع الخاص على استعداد للقيام بذلك على أن يبيع الكهرباء للشركة، في مقابل ذلك سوف تستفيد الشركة من طاقة أنظف وأقلّ كلفة من الطاقة الحالية المنتجة من الغاز".

البنك الدولي:  في ظل محدودية إنتاج النفط والغاز في تونس يكمن الحلّ في وفرة موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في تونس، إذ تقدر إمكانات التوليد بـ 320 جيغا مقابل طلبٍ حاليّ يقدّر في حالة الذرة بـ 5 جيغاوات

بيْد أنّه استدرك أنّه "لكي يقبل المستثمرون على الاستثمار في الطاقات البديلة، سوف يكون على الشركة أن تتعهد بتسديد كلفة ما ينتجونه، مما يعني أن الوضعيّة المالية للشركة التونسية للكهرباء والغاز تحتاج إلى تحسين"، حسب تقديره.

 وأكد، في هذا الصدد، أنّه "يتعيّن على كل من الحكومة والشركة التونسية للكهرباء والغاز أن تضعا اتفاق أداء طموحاً ومتعدد السنوات، حيث تقدم الحكومة الدعم المالي والسياسي لتصفية متأخرات الدفع وحل القضايا الأكثر إلحاحًا في الشركة التونسية للكهرباء والغاز، مثل انضباط دفع الفواتير وحالات التحيّل، وإيجاد التوازن الصحيح بين متطلبات الإيرادات والتعريفات والدعم". 

وأشار البنك الدولي في هذا السياق إلى أنه "يقدم برنامجًا شاملاً للمساعدة التقنية للحكومة والشركة التونسية للكهرباء والغاز يغطي تطوير الطاقة المتجددة، وتحسين أداء الشركة التونسية للكهرباء والغاز وإنشاء هيئة تنظيمية لضمان وصول مستثمري القطاع الخاص إلى الشبكة بشكل شفاف ومنصف"، وفق نص التقرير.

 

  • مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا 

أمّا عنصر تحديث القطاع الطاقي الثالث فيتعلّق بالربط الكهربائي مع أوروبّا. وبهذا الخصوص، ذكر البنك الدولي أنه "ثمة مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا (Elmed)، وهو مشروع تشترك في تمويله كلّ من الشركة التونسية للكهرباء والغاز والمشغل الإيطالي Terna، بفضل ما قدمه الاتحاد الأوروبي من منح وما قدمه البنك الدولي، ومؤسسات مالية دولية أخرى، من قروض"، وفقه. 

البنك الدولي: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا يمنح لتونس فرصة زيادة إنتاج الطاقات المتجددة وتصديرها إلى أوروبا، لا سيّما في وجود فوائض طاقية

وتوقّع أنّ "هذا المشروع سيمكّن من إنشاء موصل بحري بين تونس وإيطاليا، يسمح بتبادل الكهرباء بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط في كلا الاتجاهين، بقدرة تصل إلى 600 ميجاوات"، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن يدخل المشروع حيز العمل بحلول عام 2028، وهو ما من شأنه أن يعزز إمدادات الطاقة في تونس ويؤمنها، من خلال السماح بوصول الإمدادات من أوروبا خلال فترات ذروة الطلب وحين يكون السعر أرخص، حسب ما ورد في التقرير. 

وتابع القول إنّ "الأهم من ذلك كله هو أن مشروع الربط Elmed يمنح لتونس فرصة زيادة إنتاج الطاقات المتجددة وتصديرها إلى أوروبا، لا سيّما في وجود فوائض طاقية"، مردفًا أنّ "هذا الضرب من التفاوض يوفّر لتونس فرصة تخفيض تكلفة إنتاج الكهرباء، ويعزّز من منافع التبادل بين الجانبين".