25-ديسمبر-2018

كرة لهب جديدة أمام وزارة التربية (مريم النصري/الترا تونس)

لا تنحصر أزمة التعليم الثانوي في مسألة مقاطعة امتحانات الثلاثي الأول وتعطل المفاوضات بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الثانوي، بل تشمل أيضًا ملف الأساتذة النواب الذين نظموا بدورهم مجموعة من التحركات الاحتجاجية خلال الأيام الماضية للمطالبة بتسوية الوضعيات والترسيم بعد سنوات من العمل. ولعل ما زاد احتقان الأساتذة النواب هو صيغة العقد الجديد لانتدابهم الصادر من طرف وزارة التربية بتاريخ 18 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

اقرأ/ي أيضًا: الأساتذة في يوم غضب: كرامتنا ليست للبيع!

ولطالما أثار ملف الأستاذة النواب احتجاج الجامعة العامة للتعليم الثانوي سواء خلال عمليات الانتداب أو خلال عملية تسوية الوضعيات. إذ سبق وأدانت الجامعة العامة بتاريخ 9 أفريل/نيسان الماضي عملية ضبط القائمة النهائية للأساتذة النواب المعنيين بتسوية الوضعية بصفة انفرادية، دون انعقاد جلسة مشتركة مع الطرف النقابي لضمان حقوق الأساتذة وتفاديا لكلّ الاخلالات.

وقد استأنف الأساتذة النواب تحركاتهم الاجتماعية منذ الأسبوع الماضي في العديد من الجهات، مع تنظيم وقفة احتجاجية أمام وزارة التربية تنديدًا بعدم انتداب الآلاف من الأساتذة النواب وتسوية وضعياتهم رغم مرور سنوات عدّة لمباشرتهم مهنة التدريس وسد الشغورات.

الأساتذة النواب يطالبون بتسوية وضعياتهم (مريم الناصري/الترا تونس)

كما أصدرت التنسيقية الموحدة للأساتذة النواب خلال الأيام الماضية بيانًا حول ما وصفتها بعقود "العبودية التربوية". وذكرت التنسيقية في بيانها أنّ "الأساتذة النواب الذين ساهموا في انجاح سنوات دراسية متتالية رغم ضعف الراتب، يعربون عن استنكارهم لما أقدمت عليه وزارة التربية من تغير للعقد دون سابق إعلام للأساتذة النواب المتعاقدين، معتبرين ذلك خرقًا لقانون العقود".

الأساتذة النواب يرفضون ما يصفونها عقود "العبودية التربوية" لتسوية وضعياتهم مع وزارة التربية

كما أضاف ذات البيان أنّه "كان على الوزارة إعلام التنسيقية الموحدة للنواب وإعلام الجامعة العامة قبل تنزيل العقد في صياغته الحالية وتشريكهم للنظر في بنود التعاقد الجديدة" ودعت التنسيقية إلى "احترام قانون العقود أو التعاقد الذي يمنع منعًا باتًا تغير صياغة عقد مع متعاقدين دون استشارتهم ودون أخذ موافقتهم للعمل بالعقد الجديد".

كما طالبت التنسيقية وزارة التربية بتشكيل لجنة متكونة من التنسيقية الموحدة للأساتذة النواب والجامعة العامة لإعادة صياغة العقد، الذي يجب التنصيص فيه على قبول تسوية وانتداب كل النواب على دفعات من 2008 إلى 2018، وترك المقاييس للجامعة العامة للتعليم الثانوي.

ودعا رمزي الرحال، المنسق الوطني بالتنسيقية الوطنية الموحدة للأساتذة النواب، في تصريح لـ"ألترا تونس" للوقوف ضدّ هرسلة الأستاذ النائب وسلبه حقوقه في الكرامة والعيش الكريم وفق تعبيره، مطالبًا محدثنا المجتمع المدني إلى "الوقوف مع الأساتذة النواب في نضالهم المشروع من أجل افتكاك حقوقهم".

الأساتذة النواب يرفضون العقد الجديد مع وزارة التربية (مريم الناصري/الترا تونس)

اقرأ/ي أيضًا: منح أراض فلاحية للمعطلين عن العمل.. برنامج جاذب في واقع صعب

على صعيد آخر، أكد محدّثنا على أنّ العقد الجديد هو بمثابة عقد خدمات تربوية دون التنصيص على الترسيم أو الانتداب فيما بعد داعيًا لضرورة تشكيل لجنة تضم الوزارة والتنسيقية والجامعة العامة لتنقيح العقد.

وأضاف رمزي الرحال أنّ التنسيقية الوطنية الموحدة للأساتذة النواب ستخوض جملة من التحركات الاحتجاجية في جميع الولايات يوم الخميس المقبل 27 ديسمبر/كانون الأول، مع تنظيم تجمع أمام وزارة التربية.

في مقابل، وجه وزير التربية حاتم بن سالم منذ أيام رسالة إلى الأساتذة النواب لدعوتهم إلى "عدم الاستماع إلى المغالطات التي تقف وراءها نقابة التعليم الثانوي وكاتبها العام لسعد اليعقوبي". وتوجه للأساتذة النواب بالقول: "أنتم منظوري الوزارة ويربطكم عقد مع الوظيفة العمومية وما نقوم به هو لفائدتكم فلا تستمعوا إلى المغالطات".

الأساتذة النواب يؤكدون على تصعيد تحركاتهم الاحتجاجية في قادم الأيام (مريم الناصري/الترا تونس)

كما اتهم الوزير في تصريحات إعلامية جامعة التعليم الثانوي بإثارة الجدل حول الأمر الحكومي المنظم للأساتذة النواب، مضيفًا أنّه لن يتمّ إجبار هذه الفئة من المربين على أي شيء، وأنّ القرارات المتعلّقة بهم تكون بالتحاور بين الطرفين بعيدًا عن أي تسيّس، حسب قوله.

من جهتها، أعلنت الجامعة العامة للعليم الثانوي في بيان لها رفضها للأمر الحكومي المتعلّق بضبط أحكام خاصة بعقود تسديد الشغورات الظرفية بالمؤسسات التربوية متحدثة عن "انعكاساته الكارثية على المنظومة التعليمية برمتها".

وأضافت أنه يتحوّل بمقتضى هذا الأمر حق التلاميذ الدستوري إلى "مجرّد خدمة لا تكفل لهم أبسط شروط التعلم والتحصيل المعرفي وتسدي إليهم عبر عقود تشغيل هشّ تتنصل بواسطتها الدولة من كلّ مسؤولياتها في ضمان جودة تعليم". وأكدت الجامعة أنّ هذا الأمر الحكومي مدرج ضمن مسار كامل يكرّس تقنين البطالة ويستهدف الحق في التشغيل القار وحقّ طالبيه في الاستقرار المهني والنفسي والاجتماعي، وفق ذات البيان.

رمزي الرحال (المنسق الوطني بالتنسيقية الوطنية الموحدة للأساتذة النواب): العقد الجديد هو بمثابة عقد خدمات تربوية دون التنصيص على الترسيم أو الانتداب

يذكر أنّ ملف الأساتذة النواب مرّ بعدّة مراحل للتسوية والانتداب. إذ سُويّت، في البداية، وضعية 2400 نائبًا من بينهم 800 باشروا عملهم في فيفري/شباط 2017. فيما التحق 400 آخرون بمراكز عملهم خلال شهر أفريل/نيسان 2018، وذلك على أن تتم تسوية وضعية 1200 خلال السنوات الدراسية اللاحقة سيقع توزيعهم على جزئين ليتم اختيار 400 نائب من قائمة الأساتذة النواب المدرجين في القائمة من 2008 و2013، وليقع فيما بعد إضافة البقية ممن قاموا بفترات نيابية إلى حدود جوان/يونيو 2016 حسب حاجيات الوزارة من كل مادة، وذلك وفق الاتفاق المبرم بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الثانوي.

لكن تمّ إيقاف عملية الانتداب على ضوء قرار إيقاف الانتدابات في الوظيفة العمومية ككل، رغم أنّ الشغورات في السلك التربوي تبلغ 12 ألف أستاذ وفق ما أشار إليه رمزي الرحال، فيما يبلغ عدد الأساتذة النواب حوالي 6 آلاف أستاذ.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل تفضح مقابلات العمل سوق الشغل في تونس؟ (شهادات)

حراس المدارس.. أمناء على التلاميذ أم مغتصبون؟!