الترا تونس - فريق التحرير
أثارت حادثة الاقتحام الثانية لدار المحامي، ليل الاثنين 13 ماي/أيار 2024، بعد أقلّ من 48 ساعة على حادثة الاقتحام الأولى، والتي رافقها إيقاف المحامي مهدي زقروبة، غضبًا واستياءً واسعين في صفوف المحامين والنشطاء في تونس.
ندد محامون بما اعتبروه تماديًا من قبل القوات الأمنية بتعمدها اقتحام دار المحامي للمرة الثانية على التوالي، والحال أنّ حادثة الاقتحام الأولى كانت قد اعتُبرت "سابقة" في تاريخ المحاماة التونسية
وقد تناقل محامون ونشطاء حقوقيون صورًا من دار المحامي، بعد المداهمة الأمنية، تُظهر أبوابًا بلورية مهشّمة وكراسيَ ملقاةً، مؤكدين أنّ القوات الأمنية التي اقتحمت المكان عمدت إلى التكسير وبعثرة المكان، وفق روايتهم.
وندد محامون بما اعتبروه تماديًا من قبل القوات الأمنية بتعمدها اقتحام دار المحامي للمرة الثانية على التوالي، والحال أنّ حادثة الاقتحام الأولى كانت قد اعتُبرت "سابقة" في تاريخ المحاماة التونسية، باعتبار أنّ المرسوم 46 من مرسوم المحاماة يحمي مقرات المحامين ومكاتبهم من أي تفتيش.
-
عميد المحامين: ما حصل خطير وخرق للقانون
واعتبر عميد المحامين التونسيين حاتم المزيو أنّ الإقدام على اقتحام دار المحامي "هو أمر خطير وخارق للقانون"، مؤكدًا أنّ هيئة المحامين ستتقدم بالشكايات الجزائية اللازمة "ضد كل من سوّلت له نفسه خرق القانون والاعتداء على حرمة دار المحامي وعلى المحاميات والمحامين المتواجدين بالمكان".
عميد المحامين التونسيين: الإقدام على اقتحام دار المحامي هو أمر خطير وخارق للقانون وسنتقدم بشكايات جزائية ضد كل من سوّلت له نفسه خرق القانون والاعتداء على حرمة دار المحامي وعلى المحامين
وأضاف المزيو: "لا مجال للمس بالمحاماة وبرموز المحاماة وبدار المحامي التي تمثل مقرًا من المقرات الإدارية للمحامين، وهي محمية بالدستور وبالقانون وبالفصل 46 من مرسوم المحاماة"، وفق تعبيره.
-
محامون: تصعيد لشن حرب شعواء ضد المحامين
وعبّر محامون وحقوقيون عن إدانتهم لحادثة اقتحام دار المحامي وتهشيم محتوياتها ولاقتياد محامين وكذلك صحفيين بصدد أداء عملهم بدار المحامي، معتبرين ذلك إمعانًا في الانتهاكات، حسب تقديرهم.
دليلة مصدق: "اختطاف مهدي زقروبة رغم أنه لم تصدر ضده أي بطاقة، لا جلب ولا إيداع، وتعنيفه وتهشيم مقر دار المحامي، عملية تصعيدية لشن حرب شعواء ضد المحامين"
وقالت المحامية دليلة مصدق، في تدوينة لها على فيسبوك مساء الاثنين، إنّ ما اعتبرته "اختطاف مهدي زقروبة رغم أنه لم تصدر ضده أي بطاقة، لا جلب ولا إيداع، وتعنيفه وتهشيم مقر دار المحامي، عملية تصعيدية لشن حرب شعواء ضد المحامين"، على حد تقديرها.
ومن جانبه، قال القاضي حمادي الرحماني، في تدوينة له على فيسبوك، "ليلة بيضاء حزينة تعيشها المحاماة ويعيشها معها القضاء وتعيشها البلاد عمومًا بعد معاودة اقتحام دار المحامي بواسطة قوة أمنية قامت باعتقال المحامي الصلب الشجاع فارس المحاماة ونصير القضاء المستقل مهدي زقروبة بطريقة استعراضية عنيفة وفظيعة كسرت خلالها أثاث المقر وبعثرت محتوياته".
حمادي الرحماني: "الاستهداف المتكرر والعنيف للمحامي مهدي زقروبة أصبح الدليل القاطع على النهج الانتقامي للسلطة من الثورة ورموزها ومنجزاتها"
وعبّر الرحماني، في هذا الصدد، عن بالغ قلقه على الوضع الصحي للمحامي مهدي زقروبة، مشيرًا إلى أنّ "هناك حديثًا متواترًا عن نقله إلى المستشفى بعد تكسر أحد ضلوعه"، على حد ما جاء في تدوينته.
وأكد، في تدوينة ثانية له، أنّ ما اعتبره "استهدافًا متكررًا وعنيفًا للمحامي مهدي زقروبة منذ الانقلاب أصبح الدليل القاطع على النهج الانتقامي للسلطة من الثورة ورموزها ومنجزاتها"، مضيفًا أنها "اليوم عازمة على اقتلاع ما تبقى من جذورها ومحو كل ما يُمثل مطلب الحرية في مواجهة دولة البوليس"، حسب تعبيره.
يشار إلى أنه تم خلال مداهمة دار المحامي للمرة الثانية على التوالي، إيقاف المصور الصحفي ياسين محجوب الذي كان متواجدًا على عين المكان ووثق عملية الاقتحام.
وقالت منسقة وحدة الرصد والسلامة المهنية بنقابة الصحفيين التونسيين، خولة شبح، إنه تم، ليل الاثنين 13 ماي/أيار 2024، إيقاف المصور الصحفي ياسين محجوب خلال تأديته لعمله بدار المحامي بتونس العاصمة، وذلك خلال عملية الاقتحام الثانية للدار من قبل قوات أمنية.
وفي وقت لاحق من ليلة الاثنين، أعلنت شبح أنه "تم إطلاق سراح المصور الصحفي ياسين محجوب"، مشيرة إلى أنّ عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين التونسيين ياسين القايدي كان قد تنقل إلى ثكنة الحرس الوطني بالعوينة لحل الإشكال.
المصور الصحفي ياسين محجوب: كنت متواجدًا في وقت مناسب خلال عملية المداهمة الأمنية الثانية لدار المحامي وتمكنت من التصوير، لكن للأسف الكبير تم محو جميع الصور من قبل الأمنيين بثكنة العوينة
وعقب إطلاق سراحه، دوّن المصور الصحفي ياسين محجوب، على صفحته بموقع التواصل فيسبوك، أنّ ما آلمه أكثر من الاعتقال هو محو صوره التي وثقها خلال المداهمة الأمنية الثانية لدار المحامي.
وقال محجوب: "كنت متواجدًا في وقت مناسب وتمكنت من التصوير، لكن للأسف الكبير تم محو جميع الصور من قبل الأمنيين بثكنة العوينة"، على حد قوله.
-
الداخلية: ننفي استعمالنا للقوة المفرطة في دار المحامي بل إن أعواننا هم من تعرضوا للعنف
في المقابل، نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية فاكر بوزغاية، الثلاثاء 14 ماي/أيار 2024، إقدام أعوان الأمن بأيّ تكسير أو تهشيم في دار المحامي، معلقًا: "من لديه دليل على أنّ أعوان الأمن قاموا بتكسير أو تهشيم فليقدمه".
وأكد بوزغاية، في تصريح لإذاعة "موزاييك" (محلية)، أنّ "عملية تنفيذ بطاقات الجلب التي تمت بدار المحامي كانت بتعليمات من النيابة العمومية وبإشراف تام منها وجميع أعمالنا كانت قانونية"، على حد روايتها.
المتحدث باسم الداخلية: "ننفي نفيًا تامًا أن التدخل الذي حصل لإيقاف المطلوبين للعدالة كانت فيه استعمال القوة المفرطة.. ومن لديه دليل على أنّ أعوان الأمن قاموا بتكسير أو تهشيم فليقدمه"
وتابع قائلًا: "ننفي نفيًا تامًا أن التدخل الذي حصل لإيقاف المطلوبين للعدالة كانت فيه استعمال القوة المفرطة"، مستطردًا القول: "كان هناك في المقابل استعصاء ومقاومة وردة فعل مبالغ فيها من قبل الحضور الأمر الذي نندد به في وزارة الداخلية خاصة أنّ أعواننا تعرضوا خلال التدخل الذي نفذوه إلى الاعتداء بالعنف ومنعوا من تنفيذ مهامهم"، حسب تصريحه.
يذكر أنّ حادثة الاقتحام الأولى لدار المحامي بشارع باب بنات بالعاصمة التونسية، التي جدت ليل السبت 11 ماي/أيار 2024، من قبل قوات أمنية ملثّمة، كانت قد أثارت أيضًا استياءً واسعًا، واعتبرت "سابقة تاريخية خطيرة لم تعرفها تونس حتى في أحلك فترات الاستبداد" وفق رابطة حقوق الإنسان.
وعلى خلفيتها، نفذ المحامون في تونس إضرابًا عامًا وطنيًا في كافة المحاكم التونسية، الاثنين، استجابةً لقرار مجلس الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، وذلك على خلفية ما وصفه بـ"الاعتداء السافر على دار المحامي بوصفها مقرًا من مقرات الهيئة المتمتعة بحماية قانونية خاصة طبق القانون وخاصة أحكام الفصل 46 من مرسوم المحاماة".