06-فبراير-2019

يبقى الألم الكبير في الهروب الصامت (صورة تقريبية/ دافيد تالوكدار/ NurPhoto)

 

في جوان/ حزيران الماضي، نشرت مجلات وصحف عربية مقالات تتعرض لحيثيات طلاق قيصر الأغنية العربية كاظم الساهر. تطرقت إحدى المقالات لتصريح مفبرك لكاظم الساهر حول سبب الطلاق تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي يقول "أنا أول ما شفت دموعها مع أن الخلاف ما كان يستحق كل هذا بس من أول ما شفت نفسي سبب لنزول دمعة من عيونها في اللحظه دي كرهت نفسي وقولتلها أنا مش جدير بيكي لأني أبكيتك. وإلى الآن أعاقب نفسي لهذا السبب وأعيش الوحدة خوفًا من أن أحزن أنثى أخرى". وبغض النظر حول أن ضحية الفبركة الفنان الجميل كاظم الساهر، إلا أن التصريح المفبرك قد تطرّق إلى طريقة عادة ما يعتبرها الرجل العربي للانسحاب من علاقة يراها هو بلا أفق، وأحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي وصفها بالانسحاب التكتيكي دون أضرار.

سامية (تونسية) لـ"ألترا تونس": بعد سنوات من علاقة عاطفية هادئة أتى في نهاية الأمر ليقنعني أن وضعه المادي السيء وديونه أجبراه على اتخاذ قرار الزواج من سيدة ثرية

اقرأ/ي أيضًا: رسائل الحب بين الأمس واليوم.. من سهاد المحبوب إلى السهر على فيسبوك

يبدأ الأمر بحادث بسيط يلفت نظر طرف لآخر، يتحول لفت النظر إلى محادثة والمحادثة إلى حديث طويل والحديث الطويل إلى اهتمام و يتولد من الاهتمام الاشتياق، ثم اللقاءات المتتالية ليقرر بعد ذلك أحد الطرفين الانسحاب، والمعروف في العلاقات أن النساء أعقل من الرجال كثيرًا، يدخل الرجل من العلاقة بطاقة مفاعل نووي مع رغبة في حرق جميع المراحل ويخيّل إليه أن لديه مشاعر تجاه الطرف الآخر فيما تأخذ الفتاة وقتها قبل الانغماس الكلي، لكن الاختلاف أنه في وقت سقوط الفتاة في شرك العلاقة ينسحب المفاعل النووي كلّ حسب طريقته.

تقول سامية (اسم مستعار)، 35 سنة، إن الرجال يقضون وقتًا طويلًا في دراسة الانسحاب، مضيفة "بعد سنوات من علاقة عاطفية هادئة أتى في نهاية الأمر ليقنعني أن وضعه المادي السيء وديونه المتراكمة أجبراه على اتخاذ قرار الزواج من سيدة ثرية من أجل إنقاذه". وبيّنت أن هذه التجربة القاسية جعلتها تفقد الثقة في سلوك الرجال في العلاقات العاطفية.

في بعض الأحيان، يعتمد الرجال على استراتيجيات جديدة تدفع الفتيات إلى الانسحاب. ويرى خبير العلاقات الأسرية المصري محمود أمين أن الرجال أحيانًا يلجؤون إلى طرق متعددة لدفع الطرف الآخر إلى طلب إنهاء العلاقة حتى لا تقع عليهم اللائمة منها الإكثار من الملاحظات السلبية على الفتاة وإيصال رسالة غير مباشرة بأنها غير مقبولة لديه، الكذب، نقض العهود، والإهمال، وهو أكثر الأشياء التي تقتل الحب والعاطفة.

إيمان،28 سنة، وتعمل في شركة، عاشت تجارب مثل أقرانها ولكنها تصطدم في كل مرة بالانسحاب، تقول إيمان إنها في بعض المرات تنسحب من العلاقة ولكن لأسباب معقولة وهي عدم القدرة على المواصلة منذ البداية.

إيمان (شابة تونسية) لـ"ألترا تونس": لقد قال لي ببساطة "تستاهل ما خير"

اقرأ/ي أيضًا: تونس: الجنس متاح لمن استطاع إلى "اللّوكال" سبيلًا..

وفيما يتعلق بحجج الرجال، تبيّن محدثتنا "أكثر ما يثير حفيظتي ما يسمونه بالانسحاب التكتيكي، أن يأتي رجل إليك بعد أشهر أو سنوات من العلاقة ليقنعك أنه لا يستحقك وأنك أفضل منه، لا أعرف من أين علم بأنني أفضل منه ولا أعرف لماذا اكتشف ذلك بعد مرور مدة طويلة، هذه الحجج سمعتها مرتين في تجربتين مختلفتين، إنها حجج فارغة ومقرفة، لقد قال لي ببساطة "تستاهل ما خير"".

تعيش العلاقات العاطفية نوعًا من الأزمات في بداياتها، يسميها البعض بمرحلة اكتشاف الطرف الآخر، تتراوح هذه المرحلة بين القبول والرفض لكل اكتشاف جديد في شخصية الطرف الآخر (عصبي، غيور، بخيل، كسول ..). هذه المرحلة بين القبول والرفض تحدث بعض الهزات، بعضها ينهار في هذه الهزات فيما تنجح علاقات أخرى في المرور إلى مستوى أعلى من العلاقة.

إقبال، صاحبة الـ 22 ربيعًا، لم تعش علاقات عميقة لكنها تعتقد حسب التجارب التي عايشتها مع صديقاتها أن الرجال يتركون الأسباب الحقيقية ويأتون بتعلات يخترعونها. وتعتقد إقبال أن أكثر الأساسيات التي يركز عليها الرجال في بناء استراتيجية الهروب هي المستقبل والوضع المادي قائلة "بالنسبة للمستقبل ترتكز الحجج على استحالة المواصلة، لا يوجد أفق في العلاقة دون تبيان الأسباب أو الخروج من باب الوضع المادي المتدهور وإظهار أن آفاق الوضع لن تتغير وأنه لا يريد أن يغرق شريكه في مشاكل بسببه".

أصبح موضوع الحجج التي يأتي بها الرجال للانسحاب من العلاقات العاطفية مثيرًا للجدل

لكن يبقى الألم الكبير في الهروب الصامت، الخروج دون ضجيج، النهاية الدرامية مثلما حصل مع مريم (اسم مستعار)، 29 سنة، "لقد قضينا وقتًا جميلًا سويًا طيلة 5 أشهر، قبل شهر كان وضع العلاقة جيدًا، شاهدنا فيلمًا سويًا ثم احتسينا بعض القهوة في إحدى مقاهي العاصمة. ودعني بصفة عادية وعاد إلى بيته، لم أره إلى اليوم ولم يقدّم أي تفسير لهذا الانسحاب المفاجئ".

أصبح موضوع الحجج التي يأتي بها الرجال للانسحاب من العلاقات العاطفية مثيرًا للجدل، لكن تبقى العلاقة العاطفية هي النواة الأولى لبناء مشروع طويل يسمى الزواج ولبناء هذه النواة بطريقة صحيحة ينبغي توفر عاملين مهمّين، وهما الصدق والثقة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تونسيات: "لم أتزوج".. ولا أريد "لا ظل رجل ولا ظل حيط"!

بيض وسمك وضرب.. أغرب عادات الزواج في تونس