15-فبراير-2023
قيس سعيّد

كان قيس سعيّد قد اتهم المعتقلين مؤخرًا في تونس بـ"الإرهاب والتآمر على آمن الدولة" في خطاب له بمقر وزارة الداخلية (فتحي بلعيد/ أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أثارت تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيّد، ليلة الثلاثاء 14 فيفري/شباط 2023 من مقر وزارة الداخلية التونسية، التي وجه من خلالها تهمًا بـ"الإرهاب" و"التآمر على أمن الدولة" للمعتقلين مؤخرًا، استياءً واسعًا في تونس واعتبرها نشطاء بمثابة "التدخل في القضاء" و"نسف قرينة البراءة".

أثارت تصريحات قيس سعيّد من مقر وزارة الداخلية التي وجه من خلالها تهمًا بـ"الإرهاب" و"التآمر على أمن الدولة" للمعتقلين مؤخرًا، استياءً واسعًا في تونس واعتبرها نشطاء بمثابة "التدخل في القضاء" و"نسف قرينة البراءة"

وكان سعيّد قد قال، وفق مقطع فيديو نشرته رئاسة الجمهورية لاجتماعه بمسؤولين أمنيين بمقر وزارة الداخلية: "هؤلاء الذين تم اعتقالهم إرهابيون وقد أثبت التاريخ قبل أن تثبت المحاكم أنهم مجرمون ولا بدّ أن يحاسبوا بالقانون"، مضيفًا: "نحن نعيش في مرحلة دقيقة وخطيرة، والتهم تتعلق بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي.. والهدف من المشروع الذي خططوا له هو إسقاط الدولة"، على حد ما جاء على لسانه.

ووجّه الرئيس خطابه للقضاة قائلًا: "على القضاة اليوم أن يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية"، متابعًا: "يقولون إنه يجب انتظار صدور أذون للتحرك، لكن النيابة العمومية لا بدّ أن تتحرك اليوم من تلقاء نفسها".

 

 

وفي تعليقه على ذلك، قال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي، الأربعاء 15 فيفري/شباط 2023، إن بتصريحات الرئيس من مقر وزارة الداخلية، تم نسف قرينة البراءة ومقومات المحاكمة العادلة، كما تم ضرب لحرية التعبير والإعلام المستقل".

بسام الطريفي: الرئيس يصدر أحكامه النهائية والباتة دون انتظار الأبحاث والتحقيق وأحكام القضاء بتصريحه أن الموقوفين مجرمون وإرهابيون.. كفى حديثًا عن حقوق الإنسان والحريات والمحاكمات العادلة!

وأضاف، في تدوينة له على صفحته بفيسبوك، أن "الرئيس يصدر أحكامه النهائية والباتة دون انتظار الأبحاث والتحقيق وأحكام القضاء بتصريحه أن الموقوفين مجرمون وإرهابيون"، مستطردًا القول: "كفى حديثًا عن حقوق الإنسان والحريات الفردية والمحاكمات العادلة والقضاء المستقل والإجراءات السليمة"، حسب تعبيره.

 

 

ومن جهته، اعتبر العميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني، الأربعاء 15 فيفري/شباط 2023، أن  "تصريحات الرئيس تعدّ تدخلًا سافرًا في القضاء"، وفق توصيفه.

وأضاف، في تصريح لإذاعة "شمس أف أم" (محلية)، أنه "ينوب عددًا ممن تم اعتقالهم مؤخرًا، ولم يرَ في ملفاتهم أي صبغة إرهابية حتى يُنسب إليهم الإرهاب"، مؤكدًا أنه "عند الحديث عن تهم تخص شخصًا لا بدّ من توفر العناصر التي تثبت ذلك"، حسب تعبيره.

عبد الرزاق الكيلاني: تصريحات الرئيس تعدّ تدخلًا سافرًا في القضاء وهي مخالفة لكل المبادئ الكونية والدستورية والقانونية أهمها قرينة البراءة التي لم تُحترم

وأكد الكيلاني أن تصريحات سعيّد بخصوص التهم التي وجهها للمعتقلين من إرهاب وتآمر على أمن الدولة لا أساس لها من الصحة ومخالفة لكل المبادئ الكونية والدستورية والقانونية أهمها قرينة البراءة التي لم تُحترم.

كما تساءل العميد السابق للمحامين في ذات الصدد: "كيف يتم اتهام أشخاص دون أن تقع محاكمتهم؟"، وفق تعبيره.

بدوره، علق رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي، الأربعاء، على تصريحات قيس سعيّد، قائلًا: "ليس هناك وجود لأيّ تآمر على أمن الدولة"، متسائلًا: "هل نحن في دولة قانون أم في دولة انفعال؟"، وفق تعبيره.

واعتبر نجيب الشابي، في ندوة صحفية للجبهة، أن "السلطة تحاول إلهاء الناس بهذه الافتراءات حول وجود مؤامرات داخلية وخارجية"، حسب رأيه.

 

 

ومن جهته، قال الوزير السابق محمد عبو، الأربعاء، إنه "حسب قيس سعيّد ومن في خدمته، هذا وضع تونس: قضاة بعضهم في المجلس الأعلى للقضاء للدولة التونسية مورطون في الإرهاب ومحالون على قطب مكافحة الإرهاب، ومعارضون يشعلون الغابات، ومعارضون اجتمعوا  للاتفاق على احتكار السلع والترفيع في أسعارها، وهناك من يريدون قتل رئيس الدولة وليس هناك أي قضية في الغرض".

محمد عبو: "الفصول المتعلقة بالتآمر على أمن الدولة الداخلي في المجلة الجزائية لا تتسع للقهوة وللحليب ولا لصنف من الأغبياء يصدقون كل أشكال التفاهة وفي كل العهود"

وأضاف، في تدوينة مطولة له على صفحته بفيسبوك، "لمن صدقوا أن هناك تآمر، خصصوا بعض الوقت للبحث قبل أن تصدقوا وقبل أن تعلقوا"، معقبًا: "المؤامرة على أمن الدولة الداخلي ليست المؤامرة في المطلق بمعناها اللغوي، هي تحصل بالوفاق والتقارر والعزم على الفعل بين شخصين أو أكثر، لغاية ارتكاب جريمة من ثلاث جرائم دون سواها هي جريمة الاعتداء على حياة رئيس الدولة أو جريمة الاعتداء عليه بالضرب أو جريمة الفصل 72 أي "الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم..." وهذه الجريمة الأخيرة لم تطبق في تاريخ تونس بعد الاستقلال إلا ثلاث أو أربع مرات منها قضية سليمان، لأنها تستوجب عملًا عنيفًا لتحقيق تلك الغاية"، وفقه.

وتابع عبو: الفصول المتعلقة بالتآمر على أمن الدولة الداخلي في المجلة الجزائية والتي لا تتسع للقهوة وللحليب ولا لصنف من الأغبياء يصدقون كل أشكال التفاهة وفي كل العهود، هي التالية: 

  • الفصل  68:

يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام مرتكب المؤامرة الواقعة لارتكاب أحد الاعتداءات ضد أمن الدولة الداخلي المبيّنة بالفصول 63 و 64 و 72 من هذه المجلة. ويكون العقاب بالسجن مدة عامين إذا لم تتبع المؤامرة بفعل تحضيري لتنفيذ الاعتداء.

  • الفصل 69:

تحصل المؤامرة بمجرد الوفاق والتقارر والعزم على الفعل بين شخصين أو أكثر.

إبداء الرأي لتكوين مؤامرة بقصد ارتكاب أحد الاعتداءات ضد أمن الدولة الداخلي المبيّنة بالفصول 63 و 64 و 72 من هذه المجلة يعاقب مرتكبه بالسجن مدة عامين. ويمكن زيادة على ما ذكر حرمان الجاني من التمتع بكل أو بعض الحقوق المبيّنة بالفصل 5 من هذه المجلة.

يعاقب بالسجن مدة عام كل من عزم بمفرده على ارتكاب اعتداء ضد أمن الدولة الداخلي وارتكب أو شرع وحده في القيام بعمل تحضيري لتنفيذه بالفعل.

  • الفصل 72:

يعاقب بالإعدام مرتكب الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضًا بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي.

 

وكانت تونس قد شهدت، ليلة الاثنين 13 فيفري/شباط 2023، سلسلة من الاعتقالات شملت كلًّا من القيادي بحركة النهضة نور الدين البحيري، والمحامي والناشط السياسي لزهر العكرمي، وكذلك مدير عام إذاعة موزاييك نور الدين بوطار، لتُضاف إلى موجة الإيقافات المسجلة نهاية الأسبوع المنقضي شملت أيضًا كلًّا من الناشط السياسي والقيادي السابق بحزب التكتل خيّام التركي، ثم رجل الأعمال كمال اللطيّف ثم الناشط السياسي والقيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي ثم القاضيين المعفيين البشير العكرمي والطيب راشد.

وقد أثارت موجة الاعتقالات والمداهمات التي شهدتها تونس تنديدًا واسعًا وانتقادات عارمة للسلطة في تونس، على خلفية هذه الإيقافات التي اعتبرها نشطاء وحقوقيون "استعراضية وغير قانونية"، وفق تقديرهم.