25-مارس-2018

الفنانة الفلسطينية ريم البنا (فيسبوك)

توفيت السبت 24 مارس/ آذار الجاري، الفنانة الفلسطينية ريم البنا، غزالة فلسطين البيضاء، بعد صراع طويل مع مرض السرطان الذي لم يستطع أن يهزمها وأن يثبّط من عزيمتها وأن ينتزع ابتسامتها التي رافقتها إلى آخر يوم في حياتها. كانت إنسانة ثورية آمنت بحرية الشعوب، كما يصفها أصدقاؤها، وجمعتها بتونس علاقة حبّ، يذكرها الكثيرون. إحدى صديقات البنا، وهي الصحفية التونسية أمل الجربي، حدثت "الترا تونس" عن ريم الإنسانة والفنانة، وعن علاقتها بتونس.

تقول الجربي إن ريم بدأت تُعرف عبر فيسبوك في تونس سنة 2008 رغم أن عددًا من التونسيين كانوا يعرفونها حتى قبل ذلك. وتبيّن الجربي أن ريم البنا كوّنت مجموعة من الأصدقاء التونسيين في موقع فيسبوك وكان حلمها آنذاك أن تزور تونس وهو أمر صعب للغاية بالنسبة لها خاصة وأنها من مدينة الناصرة الفلسطينية وتحتاج إلى دعوة لكي تتمكن من القدوم.

الصحفية أمل الجربي: في زيارتها الأولى لتونس طلب البنا أن تشرب مياه تونس لكي تعود إليها

وتضيف أن أول زيارة لغزالة فلسطين إلى تونس كانت سنة 2009 وحينها التقتها أول مرة. وأفادت محدثتنا أن أول أمر طلبته ريم البنا كان أن تشرب من ماء الحنفية لأنها كانت تقول إن من يشرب من مياه بلد ما سيعود إليه. وتؤكد أن البنا أحبت تونس وأحبت أصدقاءها التونسيين، الذين كانوا أول من علم بإصابتها بمرض سرطان الثدي سنة 2010.

اقرأ/ي أيضًا: ريم البنّا.. مكرمة في قابس

الفنانة ريم البنا في إحدى حفلاتها (لؤي بشارة/ أ ف ب)

وتضيف الجربي أن البنا كانت إنسانة إيجابية جدًا حتى أن أصدقاءها لم يعتقدوا أن مرضها خطير ولم يعطوه حقه، مشددة على أن المرض لم ينتصر عليها حيث أنها قاومته لمدة 8 سنوات، انتكست خلالها أحيانًا وتحسّنت أحيانًا أخرى. وتضيف أنه بالرغم من أن المرض أخذ القرار النهائي إلا أن ريم لم تسمح له بإخماد روحها.

ولفتت الجربي إلى أن ريم البنا زارت تونس مرتين قبل الثورة وفي كلّ مرة كانت ملاحقة من قبل "البوليس"، الذي كان يلاحقها في تحرّكاتها ويتابعها في المقاهي ويكتب التقارير عن تحركاتها، مبرزة أن لسان ريم كان "طويلًا" وأنه لم تحي في عهد زين العابدين بن علي أي حفل غنائي.

الصحفية الجربي: زارت ريم البنا مرتين تونس قبل الثورة وكانت حينها ملاحقة من الأمن

وذكرت أنه من بين خصائل صاحبة "يا ليل ما أطولك" أنها كانت دائمة الضحك وعفوية وتحبّ الأماكن الشعبية ولا تشعر بالراحة في الأماكن الفاخرة. وتشير إلى أن ريم البنا كانت تأتي لتونس بهدف زياتها وزيارة ناسها أساسًا ولم تتلق أجرًا مقابل الحفلات التي أحيتها في مناسبات عدة، وأحيانًا كانت تنام عند أصدقائها لأن الجهة التي استدعتها ونظمت حفلها لا تملك الإمكانيات اللازمة لتوفير نزل تمكث فيها.

من جهتها، قالت المدونة والناشطة لينا بن مهني، لـ"الترا تونس"، إنها تعرّفت على ريم البنا بين سنتي 2007 و 2008 في موقع فيسبوك أيضًا، مبينة أن الأخيرة كانت تساند التحركات الاحتجاجية للطلبة زمن بن علي عبر فيسبوك. وتضيف بن مهني أنها التقت بالغزالة الفلسطينية في أول زيارة لها في تونس صحبة عدد كبير من التونسيين الذين كانوا أصدقاءها ومن بينهم أمل الجربي والصحفي سفيان الشورابي. وتشير إلى أن تحركاتهم في ذلك الوقت كانت مراقبة من قبل البوليس السياسي.

وتضيف محدثتنا أنها بقيت بعد ذلك على تواصل مع البنا افتراضيًا وتوطدت علاقتهما عندما زارت بيروت سنة 2009 وأصبحتا تتحدثان عن المرض وعن العلاج الكيميائي الذي كانت لينا بن مهني قد عايشته كذلك، الأمر الذي جعلهما تتقاربان. 

وتبيّن بن مهني أنها قابلت ريم البنا في تونس بعد الثورة عدة مرات وكانت لقاءاتهما خاصة في منزل الفنانة التونسية لبنى نعمان، التي كانت صديقة مشتركة لهما. وذكّرت بالحفلة المشتركة التي أحيتها صاحبة "اكسر خوفك" مع لبنى نعمان في منطقة الزهراء بتونس.

لينا بن مهني: ساندت ريم البنا التحركات الاحتجاجية للطلبة زمن بن علي عبر فيسبوك

واعتبرت أن "ريم البنا لم تمت وتركت الكثير من الأشخاص الذين يؤمنون بما آمنت به مشددة على أن ريم حاربت من أجل فلسطين ولكن من أجل الحرية في تونس أيضًا". وأشارت إلى أنها من الفنانين القلائل الذين دافعوا عن حرية المعتقد والضمير في تونس مذكرة أنها شاركت في الوقفة الاحتجاجية "Free Jabeur" سنة 2012 بتونس.

 

 

لينا بن مهني: ريم البنا حاربت من أجل الحرية في فلسطين وفي تونس أيضًا

وقد آلم رحيل الفنانة الفلسطينية ريم البنا العديد من التونسيين الذين عبّروا عن حزنهم وحبهم لها في مواقع التواصل الاجتماعي. وأصدرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بلاغًا نعت فيه "صديقة النقابة والشعب التونسي". وذكرت النقابة أن ريم البنا ساندت قضايا حرية التنظم والتعبير والصحافة في تونس تحت حكم الديكتاتورية وأمضت على بيانات المساندة والعرائض وحضرت الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات المتضامنة في تونس وفي كثير من بلدان العالم وغنت في كثير من الفعاليات المنددة بالديكتاتورية والقمع والمدافعة عن الشعب التونسي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مهرجان سيكا جاز في دورته الرابعة: برمجة ثرية وترسيخ اللامركزية

النوبة التونسية... أيقونة موسيقية ورسائل سياسية