13-سبتمبر-2020

مطالب بموقف واضح ودون تأخير من الحكومة وخاصة الرئاسة من تتالي خطوات التطبيع الأخيرة (صورة أرشيفية/ياسين القايدي/وكالة الأناضول)

 

تتالت ردود الفعل من عدد من الأحزاب والمنظمات التونسية إثر قرار التطبيع الذي اتخذته دولة البحرين مع الكيان الصهيوني برعاية أمريكية، مساء الجمعة 11 سبتمبر/ أيلول 2020، وأيضًا إثر رفض الدول العربية اعتماد قرار فلسطيني في اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم الأربعاء المنقضي يُدين موجة التطبيع المتصاعدة مع الكيان الصهيوني والتي كانت شملت الإمارات، منتصف أوت/ أغسطس الماضي، ثم تلتها البحرين يوم الجمعة الماضي. 

وإن احتجبت ردود فعل الأحزاب الفاعلة والممثلة في البرلمان التونسي، الداعمة للحكومة أو المعارضة لها، كما غاب الموقف الرسمي الواضح، حكومة ورئاسة، إلى حد تاريخ كتابة هذه الأسطر، فإن أحزابًا أخرى عبرت عن مواقفها علنًا ومنها أحزاب الجمهوري (وسط يسار) والعمال (يسار) وحركة تونس إلى الأمام (يسار) وطالبت خاصة بموقف واضح ودون تأخير من الحكومة وخاصة الرئاسة التونسية من تتالي خطوات التطبيع الأخيرة إضافة إلى الإسراع بسن قانون يجرم التطبيع مع العدو الصهيوني.

الحزب الجمهوري:  المسارعة بسن قانون يجرّم التطبيع مع العدو الصهيوني

أدان الحزب الجمهوري، السبت 12 سبتمبر/ أيلول 2020 في بيان له، الخطوة البحرينية التطبيعية معتبرًا أنها "طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني الذي يواجه ببطولة وبسالة آلة الاحتلال والقمع الصهيونية".

الجمهوري يطالب مجلس نواب الشعب بالإسراع بسن قانون يجرّم التطبيع مع العدو الصهيوني

ودعا الجمهوري (غير ممثل في البرلمان)، رئيس الجمهورية، للإعلان دون تأخير عن "موقف رسمي تونسي واضح يدين كل خطوات التطبيع مع دولة الاحتلال، ويجدّد وقوف تونس دولة وشعبًا إلى جانب نضال الفلسطينيين، انسجامًا مع ثوابتنا التاريخية ومع أحكام الدستور".

كما طالب الحزب مجلس نواب الشعب بـ"تحمل مسؤولياته والإسراع بسن قانون يجرم التطبيع مع العدو الصهيوني"، معتبرًا أن كل مماطلة في ذلك "ستمثل وصمة عار في وجه كل مكونات المجلس". وجدد دعم الحزب الكامل لنضال الشعب الفلسطيني من أجل تحرير أرضه وإقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وقال الحزب، عبر بيانه الذي أمضاه أمينه العام عصام الشابي، إن بيانه يأتي بعد الموقف العربي الرسمي المائع تجاه الخطوة التي قطعها حكام الإمارات للتطبيع مع الكيان الصهيوني وبعد إفشال مشروع القرار الفلسطيني الرافض لكل خطوات التطبيع في مجلس جامعة الدول العربية.

وكان أمين عام الحزب قد دوّن، مساء الجمعة 11 سبتمبر/ أيلول 2020، على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن "بيان الخارجية التونسية عار على تونس الثورة"، ويقصد البيان الذي نٌشر مساء الجمعة أيضًا، وبررت فيه رفض الدول العربية اعتماد قرار بشأن فلسطين في اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم الأربعاء المنقضي، إذ جاء في البيان أن "القرار الفلسطيني وقع سحبه بطلب ملحّ من وفد دولة فلسطين وذلك نتيجة عدم التوصّل إلى توافق بشأنه". 

وأضاف الشابي، في ذات التدوينة "أوضحت الخارجية التونسية أن الجانب الفلسطيني هو الذي ألح على سحب مشروع القرار الذي تقدم به لإدانة التطبيع مع دولة الاحتلال، ولم تكلف خارجيتنا نفسها تبيان أسباب ذلك والمتمثلة في إفراغ عدد من الدول العربية للبيان من محتواه إلى درجة أن الوفد الفلسطيني خيّر سحبه على إصدار بيان يتخلى فيه العرب عن القضية الفلسطينية وثوابتها".

وأوضح الشابي، في ذات السياق، "واستمرت خارجيتنا في بيانها تستعرض إنجازاتها، مذكرة بأن وزير الخارجية طالب بتشريك الفلسطينيين في كل مبادرة لحل القضية الفلسطينية، بما يعني أننا وصلنا إلى مرحلة نستجدي فيها المطبعين من الأنظمة العربية لتشريك الفلسطينيين في كل بحث عن حل، متجاهلة أن الفلسطينيين انتزعوا قرارهم الوطني المستقل بتضحياتهم وأنهم أصحاب الحق الأصليين ولا يستجدون أحدًا لتشريكهم في البحث عن حل لقضيتهم".

عصام الشابي: بيان الخارجية التونسية كان أقرب لتبرير خيبة اجتماع مجلس الجامعة العربية والدفاع عن الذين أفشلوا مشروع القرار الفلسطيني

يُذكر أن الخارجية كانت قد أصدرت بيانًا آخر، يوم الخميس 10 سبتمبر/ أيلول 2020، تحدثت فيه عن كلمة وزير الشؤون الخارجية التونسي عثمان الجرندي، في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الأربعاء 9 سبتمبر/أيلول الجاري، والتي دعا فيها إلى "تشريك الجانب الفلسطيني في أيّة مبادرات لإيجاد تسوية للقضية الفلسطينية واعتبر ذلك شرطًا أساسيًا لضمان التوصّل إلى حلّ عادل ودائم وشامل لهذه القضية المركزية".

واعتبر الشابي أن "بيان الخارجية التونسية كان أقرب لتبرير خيبة اجتماع مجلس الجامعة العربية والدفاع عن الذين أفشلوا مشروع القرار الفلسطيني وتحميل السلطة الفلسطينية بدلاً عنهم مسؤولية ذلك"، وفق تقديره.

وختم تدوينته بالقول "معاداة الاستعمار والصهيونية ليس كلامًا أجوفًا بقدر ما هو مواقف والتزامات على الذين لا يقدرون تحملها ملازمة الصمت فذلك أفضل لهم ولنا".

حركة تونس إلى الأمام: دعوة الحكومة والرئاسة إلى عدم الانخراط في المخطط الذي تقوده الجامعة العربية

أصدر المجلس المركزي لـ"حركة تونس إلى الأمام"، صباح الجمعة 11 سبتمبر/ أيلول 2020، بيانًا ندّد فيه بشدة بكل محاولات التطبيع مع إسرائيل سواء علنًا أو بشكل سري أو بالصمت المريب، وفق تعبيره.

وحث أعضاء المجلس المركزي كل القوى الوطنية الديمقراطية والتقدمية في تونس وفي الوطن العربي والعالم إلى "توحيد الجهود من أجل مواجهة منظمة لمخططات تصفية القضية الفلسطينية وتأبيد الاحتلال".

حركة تونس إلى الأمام: دعوة الرئاسة إلى تكريس شعار الرئيس في حملته الانتخابية "التّطبيع خيانة عظمى"

ودعا المجلس المركزي لحركة تونس إلى الأمام (ممثل بنائب في البرلمان) القوى اليسارية في تونس وكافة القوى المعادية لسياسة الاحتلال إلى "تحويل تناقضاتهم أو اختلافاتهم إلى وحدة بوصلتها "مقاومة التطبيع". 

كما دعا البيان، الذي كان بعنوان "التطبيع خيانة" وحمل إمضاء رئيس المجلس المركزي عدنان الحاجي "الحكومة ورئاسة الجمهورية تكريسًا لشعار رفعه الرئيس في حملته الانتخابية "التّطبيع خيانة عظمى"- إلى عدم الانخراط بشكل أو باَخر في المخطط الذي تقوده الجامعة العربية خضوعًا لإملاءات الرئيس الأمريكي ترمب وزمرته، وفق نص البيان.

حزب العمال: موقف مخز للحكومة التونسية ومن ورائها الرئاسة

تفاعل حزب العمال مع تصويت وزير الخارجية بالاحتفاظ بصوته في جلسة وزراء الخارجية العرب، التي جرت يوم الأربعاء الماضي، تجاه مشروع قرار من السلطة الفلسطينية لصياغة موقف رسمي عربي ضد اتفاقية التطبيع بين الإمارات والكيان الصهيوني والتي ستمضى رسميًا يوم 15 سبتمبر/ أيلول الجاري في البيت الأبيض بإشراف ترمب. 

وصدر، السبت 12 سبتمبر/ أيلول 2020، بيان عن الحزب يُدين ما أسماه "الموقف المخزي للحكومة التونسية ومن ورائها الرئاسة التي تشرف على السياسة الخارجية والتي طالما غالطت الشعب التونسي والرأي العام العربي بوهم مساندتها لفلسطين ورفض أي تطبيع".

حزب العمال يدين ما أسماه "الموقف المخزي للحكومة ومن ورائها الرئاسة والتي طالما غالطت الشعب التونسي والرأي العام العربي بوهم مساندتها لفلسطين ورفض أي تطبيع"

وأضاف البيان "جاء هذا التصويت بعد أن سمع الشعب التونسي في مرات متتالية خطابات قيس سعيّد التي اعتبرت التطبيع خيانة، هذا الموقف الذي شككنا في مصداقيته واعتبرناه تهرّبًا من الإدلاء بموقف صريح من تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني، مستغربين الموقف التونسي، الذي جاء في البيان، أنه "مناف حتى لمبادرة السلام العربية التي دعت إلى التطبيع المتناسب مع تقدم السلام". 

وأشار حزب العمال (غير ممثل في البرلمان)، في ذات البيان، إلى أن هذا التصويت يتزامن مع إعفاء مندوب تونس بالأمم المتحدة بعد سبعة أشهر فقط من تعيينه، ملمحًا إلى أنّ الأمر "قد تمّ بضغط أمريكي على خلفية مواقف المندوب من القضية الفلسطينية".

واعتبر الحزب أن تصويت تونس الأخير في جامعة الدول العربية يمثل "خيانة للشعب التونسي وللقضية الفلسطينية وتواطؤًا مع دويلة الإمارات التي فرضت موقفها الخياني على مجمل جامعة الأنظمة العربية التي ظلت لعقود متتالية رهينة لقرار دول البترودولار العميلة والتابعة..".

نقابة الصحفيين: تونس لا تزال رسميًا في حالة حرب مع الكيان الصهيوني منذ العدوان على حمام الشط

وكانت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، قد استنكرت، في بلاغ السبت 12 سبتمبر/ أيلول 2020، الخطوة التي أسمتها بـ"الجبانة والتي تعطي مرة أخرى صكًا على بياض للكيان الغاصب لمزيد الإمعان في التنكيل بالشعب الفلسطيني وقضم أراضيه والاستفراد به وتجريده من كل سبل المقاومة والدفاع عن سيادته"، علمًا وأن البيان يتعرض للبيان الثلاثي البحريني- الأمريكي- الصهيوني، الذي ينصّص على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الكيان الصهيوني ومملكة البحرين.

وأكدت النقابة أن "التطبيع مع الكيان الصهيوني ليس قرارًا سياديًا بل هو ضرب للإجماع العربي الذي عبرت عنه قمم عربية سابقة وقرارات في الصدد، ولفظته كل الشعوب العربية التي عبرت في كل المناسبات أن القضية الفلسطينية هي قضية عربية جوهرية وجب إسنادها وتعزيز مركزيتها". 

كما ذكّرت، في ذات البيان، كل مؤسسات الدولة وكافة الأحزاب السياسية والقوى المدنية والشعبية أن تونس لا تزال رسميًا في حالة حرب مع الكيان الصهيوني منذ العدوان على حمام الشط واستهداف قيادات ورموز المقاومة الفلسطينية في استباحة كاملة لحرمة التراب التونسي وصولاً إلى تصفية محمد الزواري، وأنه على الجهات الرسمية أن تتوخى كل تدابير الحيطة والحذر في التعاطي مع قضايا التطبيع وطنيًا وعربيًا.

وجددت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين دعمها لكلّ أشكال المقاومة من أجل تحرير فلسطين وإقامة دولتها المستقلة وعاصمتها القدس، مطالبة الحكومة التونسية بموقف حازم رافض لهذا الخطوة التطبيعية وتدعوها إلى اتّخاذ خطوات ملموسة للمساهمة في إسقاطها وفي مقاطعة كلّ تحالف سياسي داعم للموقف الأمريكي والصهيوني.

نقابة الصحفيين: دعوة كل القوى في تونس إلى تكوين عاجل لتنسيقية دائمة رافضة لمسارات التطبيع مع الكيان الصهيوني وتنظيم تحركات واسعة ودورية

ودعت النقابة إلى الكف عن عقلية الاستسلام والتبرير والعمل على إطلاق مبادرات فعليّة وحقيقيّة لضمان تمتّع الشعب الفلسطيني بحقّه في تقرير المصير وبناء دولته المستقلّة وعاصمتها القدس وضمان الحماية للشعب الفلسطيني من كلّ الانتهاكات التي يتعرّض لها ووقف كافة أشكال التطبيع مع "الكيان الصهيوني". 

ونادت بالتحرّك على المستوى الدولي والضغط عبر القوى الديمقراطية والمجتمع المدني والحركة النقابية العالمية من أجل التصدّي لقطار التطبيع باعتباره خرقًا لكلّ المواثيق الدولية، داعية شعوب العالم إلى رفض هذا المسار الاستعماري وعدم الانجرار وراءه.

وختمت نقابة الصحفيين بيانها بدعوة كل القوى السياسية والمدنية والشعبية في تونس إلى تكوين عاجل لتنسيقية دائمة رافضة لمسارات التطبيع مع الكيان الصهيوني وتنظيم تحركات واسعة ودورية ضدها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا تتصدّر تونس مناهضة التطبيع في موجته الجديدة؟

التطبيع بين الإمارات و"إسرائيل".. أحزاب تونسية تدين وتندد بالخيانة