الترا تونس - فريق التحرير
(نشر بتاريخ 2024/8/14 على الساعة 10.00)
تمهيدًا للعودة المدرسية في تونس، عديدة هي الجمعيات التي تبدأ في التحضير المسبق لهذه المناسبة، لضمان عودة عادلة ومتكافئة في الفرص بين جميع الأطفال، خاصة مع التباين الواضح بين مناطق الجمهورية، والذي يدفع غالبًا التلاميذ للعزوف عن هذه العودة، في إطار ما يُعرف بظاهرة الانقطاع المدرسي أو التسرّب المدرسي.
جمعية "معًا للمواطنة والتغيير" تواصل في مبادرة "من حقي نقرا" للعام الرابع على التوالي، لتمكين تلاميذ المناطق النائية والأحياء الشعبية من 500 حقيبة مدرسية
وفي هذا الإطار، تحدّث "الترا تونس" مع رئيس جمعية "معًا للمواطنة والتغيير"، محمد أولاد رحيلة، الثلاثاء 13 أوت/أغسطس 2024، بخصوص مبادرة "من حقي نقرا" التي أطلقها الجمعية منذ 4 سنوات، وتواصل فيها هذه السنة أيضًا بالشراكة مع وزارة التربية التونسية.
وأكد رئيس الجمعية أنّ الهدف الأساسي من هذه المبادرة هو الحدّ من الانقطاع المدرسي خاصة في الأوساط المحلية والمناطق النائية والحدودية والأحياء الشعبية، لافتًا إلى أنهم تمكّنوا إلى حدود سنة 2024 من تغطية 10 ولايات وانتفع بهذا البرامج نحو 2500 تلميذ.
رئيس جمعية "معًا للمواطنة والتغيير" لـ"الترا تونس": تمكّننا إلى حدود سنة 2024 من تغطية 10 ولايات وانتفع ببرنامج "من حقي نقرا" نحو 2500 تلميذ
وأضاف في حديثه لـ"الترا تونس"، أنّ الجمعية تشتغل على المدارس الابتدائية أساسًا، وأنّ عدد المدارس التي شملها المشروع يتجاوز 15 مدرسة، قائلًا إنّ الولايات المعنيّة بتوزيع هذه التبرعات التي يتم تجميعها كل سنة، هي 5 ولايات: تونس، بن عروس، أريانة، منوبة، وولاية داخلية تتغيّر كل مرة، وستكون ولاية الكاف هذا العام.
تتمثّل فكرة المبادرة في جمع تبرّعات من المواطنين لملء 500 حقيبة مدرسية بالأدوات اللازمة التي يحتاجها التلاميذ على طول العام الدراسي، من قبيل الكراسات والكتب المدرسية والأقلام.. وقال رئيس جمعية "معًا للمواطنة والتغيير"، في هذا السياق: "نجاح المبادرة يتمثل في تجاوز التحدي والسقف الذي نضعه لأنفسنا من خلال تجاوز التبرعات الكمية المطلوبة والوصول لفئات لم يكن مبرمجًا الوصول لها"، مشيرًا إلى أنّه في السنة الفارطة مثلًا تجاوزت الجمعية الهدف بـ100 محفظة وزعتها بمنطقة الفحص من ولاية زغوان.
رئيس جمعية "معًا للمواطنة والتغيير" لـ"الترا تونس": عدد (500 محفظة) يبقى ضئيلًا جدًا أمام ظاهرة الانقطاع المدرسي، التي تتفاقم سنويًا
واعتبر محمد أولاد رحيلة أنّ عدد (500 محفظة) يبقى ضئيلًا جدًا أمام ظاهرة الانقطاع المدرسي، مؤكدًا أنّ هذه الظاهرة في تفاقم إذ يتم سنويًا تسجيل انقطاع 100 ألف تلميذ على كافة مستويات التعليم وخاصة الابتدائي، وقال: "الفئة المستهدفة التي تشتغل عليها الجمعية تحديدًا هي الفئة التي تواجه إشكالًا في العودة المدرسية أساسًا بسبب عدم توفر مستلزماتها، ما يضطرها إلى الانقطاع".
وأضاف في تصريحه لـ"الترا تونس": "من الممكن أن تكون أسباب التسرّب المدرسي أخرى، غير الأسباب الاقتصادية كالأسباب العائلية مثلًا أو بُعد المدرسة، لكننا نتوجّه بالأساس إلى التلاميذ الراغبين في مواصلة الدراسة، لكنهم يواجهون تعثرًا في العودة، وربما يعود هؤلاء الأطفال إلى مقاعد الدراسة مع بداية كل سنة دراسية، لكن عبر أدوات قديمة وكتب ممزقة، وهو ما نحاول التعاطي معه"، وفقه.
رئيس جمعية "معًا للمواطنة والتغيير" لـ"الترا تونس": الفئة المستهدفة التي نشتغل عليها هي الفئة التي تواجه إشكالًا في العودة المدرسية أساسًا بسبب عدم توفر مستلزماتها، ما يضطرها إلى الانقطاع
وأكد أولاد رحيلة على أنّ "مجهود المجتمع المدني تضاعف في السنوات الأخيرة، وتجاوز مجهود الدولة في هذا المجال، فالدولة لم تعد قادرة على تقديم منح للعائلات المعوزة تتعلق أساسًا بالعودة المدرسية لأطفالهم، وحتى المنح الموجودة لا تفي بالغرض"، مشيرًا إلى أنّ "هذا أقل واجب يقدمه المجتمع المدني لهذه الفئات".
وحول الدعم الذي يحصلون عليه من وراء هذه المبادرة، أكد رئيس الجمعية أنّ وزارة التربية لا تساهم بالدعم المادي بل هي تقوم فقط بتسهيل ولوج الجمعية إلى المؤسسات التربوية، مشيرًا إلى أنّ يوم 17 سبتمبر/أيلول 2024 سيكون يوم العودة المدرسية في تونس، وسيكون يوم 15 من الشهر نفسه آخر يوم لتسليم هذه الحقائب التي هم بصدد جمعها، لتختم الجمعية مبادرتها السنوية هذا العام في ولاية الكاف.
يشار إلى أنّ وزير التربية الأسبق فتحي السلاوتي، قد صرّح بتاريخ 4 جانفي/يناير 2023، بأن هناك 30 ألف تلميذ يغادرون سنويًا مقاعد الدراسة بشكل نهائي، وفقه.
وأكد الوزير وقتها، أن ظاهرة الانقطاع المدرسي هي ظاهرة خطيرة تهدد الشباب ومستقبل تونس، معتبرًا أن المنقطعين عن الدراسة يكونون عرضة لشتى المخاطر على غرار الهجرة غير النظامية والمخدرات، وغيرها من السلوكات المحفوفة بالمخاطر، حسب تعبيره.
وسبق أن صرح السلاوتي، في سبتمبر/أيلول 2022، بأن 109 آلاف تلميذ انقطعوا عن الدراسة خلال السنوات العشرة الأخيرة، من بينهم 69 ألف تلميذ انقطعوا سنة 2021 تزامنًا مع جائحة كورونا، مستدركًا القول إن 70% من التلاميذ الذين انقطعوا عن الدراسة بالتعليم العمومي يعودون إما للدراسة في التعليم الخاص أو في مدارس التكوين المهني، على حد قوله.
ولفت أن الـ30% المتبقية تمثل التلاميذ الذين ينقطعون عن الدراسة نهائيًا، مؤكدًا أنها "تعتبر نسبة مرتفعة تعادل 100 تلميذ يوميًا يكونون عرضة لمختلف المخاطر على غرار الفساد والهجرة غير النظامية والإرهاب، وفقه.