هددت بالدخول في إضراب جوع وحشي وتوجهت برسالة عبر صفحتها على فيسبوك للرئيس التونسي قيس سعيّد وقامت عبر ولاية قبلي بتوجيه مراسلة إلى رئيسة الوزراء نجلاء بودن. هي إحدى خريجات الجامعة التونسية منذ 2010، تعاني البطالة والتهميش ولم تجد من يسمع صوتها وهي القاطنة في ولاية قبلي على بعد أكثر من 500 كلم عن العاصمة تونس.
خولة بوراوي، أم لثلاثة أطفال تحصلت في بداية مشوارها العلمي على شهادة تقني سامٍ في الاتصالات، لكن أمام بطالتها المتواصلة قررت أن تتجه إلى جامعة صفاقس وتدرس من جديد وتتحصل على الإجازة التطبيقية في إدارة الأعمال اختصاص جودة، في مرحلة أولى، ثم في مرحلة ثانية الماجستير في إدارة الأعمال اختصاص التجديد والتصرف في الموارد اللوجستية، علّها تتوفق في الحصول على عمل.
تقول خولة بوراوي لـ"الترا تونس": "للأسف، شاركت في أكثر من 30 مناظرة بشهائدي الجامعية ولم أُقبل في أيّ منها، حتى بشكل أوّلي. حتى أنني تقدمت في وظائف بشهادة البكالوريا ولم أُقبل في أيٍّ من المناظرات رغم تميزي العلمي"، على حد قولها.
خولة بوراوي (خرّيجة تعليم عالٍ معطلة عن العمل): شاركت في أكثر من 30 مناظرة بشهائدي الجامعية ولم أُقبل في أيّ منها، حتى بشكل أوّلي. حتى أنني تقدمت في وظائف بشهادة البكالوريا ولم أُقبل
خولة بوراوي ليست إلا واحدة من بين آلاف المعطلين عن العمل، أطلقت صيحة فزع عبر "الترا تونس" كاشفة عمّا وصفتها بـ"العملية المنظمة من أجل تقسيم التنسيقيات المدافعة عن أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل"، حسب روايتها.
وصرحت بأن "قائمات سرية تم الإعلان عنها في عدد من مراكز التشغيل بعدد من الولايات تضم أسماء معينة سيتم إلحاقهم إما بالقطاع الخاص أو تمكينهم من قروض من أجل مشاريع خاصة فيما تم تعيين عدد آخر من رؤساء هذه التنسيقيات معتمدين في عدد من المناطق".
"تفاجأنا بهذه التعيينات السياسية وبهذه القائمات لأننا لا نعلم على أي أساس تم اختيارهم وتحديدهم خصوصًا وأن بعضهم لم يقم بتحرك واحد من أجل المطالبة بالتشغيل"، وفق بوراوي.
وتضيف محدثة "الترا تونس": "لقد اجتمع وزير الشؤون الاجتماعية بعدد من رؤساء التنسيقيات بشكل اعتبرناه سريًا، فمثلًا ولاية قبلي لم تكن ممثلة فيه ولم نسمع به ولا نعلم ما فحوى الاتفاقات التي حدثت وعلى أي أساس ولماذا لم تتم في كنف الشفافية والوضوح؟"، على حد قولها.
بوراوي: "قائمات سرية تم الإعلان عنها بعدد من الولايات تضم أسماء من تنسيقيات أصحاب الشهائد العليا المعطلين سيتم إلحاقهم إما بالقطاع الخاص أو تمكينهم من قروض فيما تم تعيين عدد من رؤساء هذه التنسيقيات معتمدين"
وتضيف: "لولا أن الأسماء التي صدرت في القائمات اعترضت ورفضت انتدابها في القطاع الخاص لما كنا علمنا بها وهو ما عانينا منه لمدة سنوات وطالبنا بالعدل والمساواة والشفافية في الانتدابات، ولأجل هذا كله قامت الثورة"، وفق تعبيرها.
وتابعت خولة بوراوي: "الكشف عن هذه القائمات خلق احتقانًا وصراعًا داخل التنسيقيات خاصة وأن عددًا من ممثليهم الذين اخترناهم ليتحدثوا باسمنا تم تعيينهم معتمدين وسط وعود بتعيين البقية"، على حد روايتها.
وأشارت محدثة "الترا تونس" إلى أنها "اعترضت بصوت عال على ما يحدث وتوجهت إلى كل المسؤولين الجهويين وقد تفهم أغلبهم الوضعية، لكنهم لا يملكون جوابًا حول من حدد تلك القائمات الاسمية ومن اختارها وكيف تم ذلك؟ فيما تعمد المعتمد الأول بجهة قبلي إلى انتهاج سياسة الاحتقار واللامبالاة ولم تنجح في مقابلته إلا عبر وسيط وكانت مقابلة فيها الكثير من الإهانة"، على حد توصيفها.
"وأمام كل ذلك اخترت أن أكتب لرئيسة الحكومة نجلاء بودن عن طريق الولاية وأكدوا لي أنهم قاموا بإرسال المراسلة التي حاولت من خلالها أن أكشف لها خفايا ما يحدث على أرض واقع أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل"، وفق محدثتنا.
بوراوي: الكشف عن هذه القائمات خلق احتقانًا وصراعًا داخل التنسيقيات خاصة وأن عددًا من الذين اخترناهم ليتحدثوا باسمنا تم تعيينهم معتمدين وسط وعود بتعيين البقية
خولة ليست الوحيدة في عائلتها من أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل، بل إن أختها درست خمس سنوات بعد البكالوريا وأنهكتها البطالة هي وزوجها فاضطرت لبيع "الفريكاسي" أمام معهد. ولمشاكل صحية، اضطرت لبيع الأصل التجاري لمحل الصغير، وذلك من أجل العلاج، حسب ما روته لنا شقيقتها خولة.
كما أن أخاها مهندس معطل عن العمل منذ 4 سنوات. مما اضطر والدهم المتقاعد إلى بيع أرضه الفلاحية من أجل أن يجد له فرصة لمغادرة البلاد، وفق محدثتنا.
ومن جهته، أكد ممثل عن اتحاد المعطلين عن العمل حسيب العبيدي، في تصريح لـ"الترا تونس" أنه "لم تتم دعوتهم للتفاوض مع وزير الشؤون الاجتماعية أو أي طرف آخر لأن الاتحاد يفاوض بحضور خبراء تابعين له وبمحاضر اتفاق رسمية تلزم الموقعين عليها"، حسب رأيه.
حسيب العبيدي (ممثل عن اتحاد المعطلين عن العمل): هناك سياسة ممنهجة لضرب تنسيقيات أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل وتقسيمها وتشتيت مطالبها وإضعافها
وقال إن "هناك سياسة ممنهجة لضرب التنسيقيات وهي مخترقة وقد انطلقت العملية منذ الانتخابات السابقة فقد حاول كل طرف سياسي أن يستثمر فيهم ويضمن مجموعة منهم والحال مستمر إلى اليوم من أجل مواصلة تقسيمهم وتشتيت مطالبهم وإضعافهم"، وفق روايته.
وبيّن العبيدي أن "تكليف وزير الشؤون الاجتماعية بهذا الملف ليس علنيًا ورسميًا لأن أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل ليسوا وضعيات اجتماعية بل هم يتبعون رئاسة الحكومة عبر وزارتي التشغيل والمالية ويطالبون بتطبيق القانون عدد 38 وتفعيلهم"، حسب قوله.
وأشار محدثنا إلى أن "مرسوم الشركات الأهلية مثلًا لا يمكن أن يكون حلًا للبطالة بل سيكون عنصر تفريخ لها، لهذا نحن رفضنا منذ البداية الشركات الأهلية، وكيف يلغي مرسوم القانون 38 الذي سبق أن صدر ف الرائد الرسمي؟"، وفق تصريحه.
العبيدي: مرسوم الشركات الأهلية مثلًا لا يمكن أن يكون حلًا للبطالة بل سيكون عنصر تفريخ لها وهو يندرج في إطار الصلح الجزائي وليس مقاربة لحل ملف التشغيل
كما اعتبر محدث "الترا تونس" أن "الشركات الأهلية تأتي في إطار الصلح الجزائي وليست مقاربة لحل ملف التشغيل في البلاد".
وأكد ممثل اتحاد المعطلين عن العمل عن "رفض الاتحاد القاطع لكل القائمات التي تم نشرها لانتداب عدد من المعطلين عن العمل في القطاع الخاص ومنح البعض الآخر لقروض من أجل العمل للحساب الخاص وأنهم سيخوضون كل أشكال النضال لإسقاطها"، وفقه.
كما دعا كل أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل إلى "الالتحاق بالاتحاد ورص الصفوف من أجل المطالبة بحقهم المشروع وهو أساسًا تطبيق القانون عدد38 ومواجهة عملية تقسيمهم وتحويل المعركة إلى داخلهم".