22-فبراير-2019

ابتكر مشروع لصناعة الأثاث والديكور من العجلات المطاطية

 

في الوقت الذي يحرق فيه بعض الشباب العجلات المطّاطية ضمن الاحتجاجات المندلعة بين الفينة والأخرى للمطالبة بالحق في التشغيل، استغلّ الشاب فاروق العيشاوي هذه العجلات ليقارع بها شبح البطالة.

فاروق العيشاوي، شاب عشريني أصيل ولاية القصرين، متحصّل على شهادة عليا في الهندسة الالكترونيةّ، لم يجد عملًا في مجال اختصاصه لكنّه لم يستسلم وظلّ يزرع الأفكار في رأسه كما الخمير في العجين، على رأي شاعر المقاومة توفيق زيادة.

لم يرد أن ينتصب لحسابه الخاص فحسب بل أراد أن يبتكر فكرة جديدة ومختلفة في مجال الرسكلة، ودارت برأسه عدّة أفكار ليستقر في النهاية على رسكلة العجلات المطاطية وفق حديثه لـ"الترا تونس".

فكرة جديدة ومختلفة في مجال الرسكلة

اقرأ/ي أيضًا: شبان تونسيون مخترعون يتألقون في مسابقة عالمية في الصين

بإمكانيات بسيطة، انطلق العيشاوي في تنزيل فكرته على أرض الواقع محاولًا في الآن ذاته أن يدرس تقبل الحريف للمنتوج الجديد المصنوع من العجلات المطاطية وأن يكتسب المهارة والخبرة التي تخوّل له الاستجابة لطلبات الحرفاء، على حدّ تعبيره.

وكان الحظ حليفًا له، إذ لاقى مشروعه رواجًا لدى الحرفاء منذ انطلاقه قبل سنتين، وهو اليوم قد تمكّن من دراسة حرفائه ومن وضع الأسس التي تخوّل له أن يعلن رسميًا خلال الشهر الجاري عن افتتاح مشروعه المتمثّل في صناعة الأثاث والديكور من العجلات المطاطة.

ابتكر الشاب فاروق العيشاوي مشروعًا يقوم على رسكلة العجلات المطاطية لتغليفها في أشكال مختلفة 

والفكرة التي كانت في طور التجريب ستتحول إلى مشروع قائم الذات، بعد أن وجد له صاحبه موطئ قدم في السوق من خلال المشاركة في المعارض، وتمكن من الحصول على تمويل من البنك التونسي للتضامن. تخرج الفكرة بذلك من إطار دراسة الحرفاء على المستوى الوطني إلى التسويق في الخارج، وقد تلقّى العيشاوي عروضًا للعمل في فرنسا من جهات استحسنت المزج بين الرسكلة وتصميم الصناعات التقليدية، وفق قوله.

ويستعرض محدثنا، عن تفاصيل المشروع، أنه يقوم على مرحلتين اثنتين تتمثل الأولى في تجميع العجلات المستعملة في الورشة وقصّها حسب النماذج المراد صنعها، فيما تتمثل الثانية في مرحلة التغليف ويكون ذلك حسب طلب الحريف.

المشروع لاقى استحسانًا داخل تونس وخارجها

وعن مرحلة صناعة شكل الأثاث أو الأصص التي توضع فيها النباتات، يشير إلى أنّه يتم قص العجلات المطاطية أو إلصاقها ببعضها البعض للحصول على الشكل المناسب، قبل المرور إلى مرحلة التغليف التي يستعمل فيها الجلد والنسيج والحلفاء بالنسبة للأثاث المخصص للداخل، فيما يتم طلاء وتغليف الأصص والأثاث المخصص للخارج بقماش عازل للشمس والمطر.

اقرأ/ي أيضًا: "أي دوك" مشروع تونسي ينافس مواقع التواصل.. والدولة في سبات

وبخصوص إقبال الحرفاء على المنتوجات المصنوعة من العجلات المطّاطية، يعتبر فاروق العيشاوي في حديثه لـ"الترا تونس" أنّ فكرة عدم انتظاره لوظيفة عمومية واتجاهه لتركيز مشروعه الخاص ساهمت في الترويج للمشروع، مبرزًا أن الإقبال في البداية انبنى على قاعدة مساعدة شاب لم يستسلم للبطالة، ومن ثم استند على جودة المنتوج، وفق تأكيده.

ويقول الشاب: "إن كل من اشترى المنتوج أقر بأنه مريح وذو جودة تجعله قادرًا على منافسة بقية المنتوجات الموجودة في السوق خاصة وأنّه ذو ديمومة أطول مقارنة بها" مبينًا أن أحد النزل طلب منه صناعة أصص مخصّصة للنباتات من العجلات المطاطية وهو ما وفّر مداخيل تغطي المصاريف والأجور، وفق قوله.

فاروق العيشاوي (صاحب المشروع): كل من اشترى المنتوج أقر بأنه مريح وذو جودة تجعله قادرًا على منافسة بقية المنتوجات في السوق

ويشير محدثنا، بخصوص المخاوف المرتبطة بالرسكلة، إلى أن أغلب الحرفاء يتساءلون عن الأضرار التي قد تسببها العجلات المطاطية على المدى الطويل، مؤكّدا أنه لما انطلق في تجسيد فكرة المشروع حمل نموذجًا من المنتوج إلى الإدارة الجهوية للصحة التي أمدّته بشهادة في عدم تسبب المنتج في أي ضرر بالصحة.

وأضاف أن المنتوجات المصنوعة من العجلات المطاطية تحمل ميزات منها حماية للمحيط على اعتبار أن العجلات التي يحوّلها إلى أثاث وديكور تتطلّب عقودًا من الزمن لتتحلّل، مشيرًا إلى أنّ المصنع الذي يعيد رسكلة العجلات المطاطية قد احترق وهو ما يجعل عدد العجلات المطاطية المهملة في ارتفاع.

مشروع رسكلة العجلات المطاطية لا يضرّ البيئة وفق صاحبه

ومن المنتظر أنّ يوفر مشروع العيشاوي شغلًا قارًا لأربعة أشخاص، إثنين منهم من أصحاب الشهائد العليا، علمًا وأنّه في هذه المرحلة شغّل شخصاً فقط بصفة قارة، وفق حديثه.

يكرّس بذلك هكذا مشروع لرسكلة العجلات المطاطية تجربة الاقتصاد الاجتماعي على اعتبار أنه يشغّل أيضًا النساء اللاتي يصنعن المرقوم والحلفاء بصفة غير قارة وحسب طلب الحرفاء في علاقة بتغليف العجلات.

فاروق العيشاوي، بالنهاية، هو شاب تونسي من الولايات الداخلية المهمشة، مهندس لم يجد عملًا في مجال تخصصه الأكاديمي ولكنه قرر عدم الاستسلام عبر ابتكار مشروع مميّز وصديق للبيئة يلاقي يومًا بعد يوم رواجًا داخل تونس وخارجها. تجربة محفزّة لبقية شباب تونس للمبادرة والابتكار لمواجهة البطالة والخصاصة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ياسمين القرمازي.. عندما تكون التجربة الشخصية حافزًا للاختراع

بحثًا عن لعب لابنه: تونسي يخترع ألعابًا تساعد أطفال التوحد