22-ديسمبر-2022
غازي الشواشي

غازي الشواشي: دخلنا في مشاورات مع شخصيات وطنية فاعلة للعمل على بلورة خارطة طريق قادرة على إنقاذ البلاد (ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

لا يزال وقع سلسلة الاستقالات التي عصفت بحزب التيار الديمقراطي في تونس (معارضة)، يوم الثلاثاء 20 ديسمبر/كانون الأول 2022، مدويًّا، وسط عديد التساؤلات عن دواعي وخلفيات هذه الاستقالات التي شملت قيادات من الصف الأول بالحزب في مقدمتها الأمين العام غازي الشواشي

  • "المنظومة الحزبية في تونس فشلت"

وقد التقت تفسيرات القيادات المستقيلة من التيار على فكرة أن المنظومة الحزبية في تونس فشلت في التصدّي لما وصفته بـ"الانحراف" الذي حفّ بالسلطة في تونس، وأنه قد آن الأوان للبحث عن بديل من شأنه إيجاد المعادلة المناسبة وخلق التوازن.

التقت تفسيرات القيادات المستقيلة من التيار على فكرة أن المنظومة الحزبية في تونس فشلت في التصدّي لما وصفته بـ"الانحراف" الذي حفّ بالسلطة في تونس، وأنه قد آن الأوان للبحث عن بديل

"الإطار الحزبي لم يعد قادرًا على التحرك والفعل واستنباط البدائل ولعب دوره كما يجب في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ تونس"، هكذا صرّح الأمين العام المستقيل من التيار الديمقراطي غازي الشواشي في توضيحه أسباب الاستقالة.

وتابع قائلًا، مساء الأربعاء 21 ديسمبر/كانون الأول 2022 في مداخلة له على قناة التاسعة (محلية)، إنه "في ظل الأزمة الخانقة ومتعددة الأبعاد التي تعيشها تونس، كان من المفروض على الأحزاب السياسية أن تلعب دورها في المشهد السياسي، إلا أن الأحزاب في تونس لا تتجاوز ردة الفعل والاحتجاج ورفع الشعارات"، على حد تقديره.

ويرى الشواشي أن "المشهد الحزبي في تونس أصبح اليوم في حالة شلل وهو غير قادر على التصدي للأوضاع المتردية التي تعيشها تونس، ما جعل الرئيس التونسي قيس سعيّد يستمدّ قوته من ضعف المشهد الحزبي والسياسي في تونس"، حسب رأيه.

غازي الشواشي: المشهد الحزبي في تونس أصبح اليوم في حالة شلل وهو غير قادر على التصدي للأوضاع المتردية التي تعيشها تونس، ما جعل سعيّد يستمدّ قوته من ضعف المشهد الحزبي والسياسي

وهو نفس ما ذهب إليه القيادي المستقيل من التيار الديمقراطي مجدي الكرباعي، الذي كان قد صرح للإذاعة الوطنية (عمومية) الأربعاء، بأنه "في ظل الأزمة الراهنة في تونس مع تصاعد الشعبوية، أصبحت المقاربة الكلاسيكية الحزبية في مواجهة الوضع غير فعالة، وأصبحت المنظومة الحزبية غير قادرة على إيقاف الانفراد بالحكم  في ظل اقتصارها على الاحتجاجات والبيانات، وهي عاجزة عن الالتحام بالشارع الاجتماعي القادر على تغيير المعادلة والمعطيات"، حسب رأيه.

ولفت إلى أن المستقيلين من التيار الديمقراطي اختاروا الخروج من مربع البيانات والتنديد، من أجل إيجاد ما يربط المجتمع التونسي وخلق أرضية مشتركة تسمح بالعيش والعمل المشتركين للنهوض بالبلاد، وفق تعبيره.

  • مشروع بديل لرسم خارطة طريق للإنقاذ

وأوضح غازي الشواشي أن المستقيلين من حزب التيار الديمقراطي لن يشكلوا حزبًا جديدًا ولن ينضموا إلى جبهة الخلاص الوطني، كما راج على منصات التواصل الاجتماعي، وإنما هم سيعملون على "رسم خارطة طريق للإنقاذ"، وفق تعبيره.

واستطرد قائلًا: "لا يمكن للوضع في تونس أن يستمر على ما هو عليه، فالدولة في حالة إفلاس وهي بصدد الانهيار وقد انسدت جميع الأفق"، مشيرًا إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية قد أفضت إلى أن "الشعب التونسي قد بلّغ رسالة لقيس سعيّد وقال له لا تتكلم باسمي باعتبار أنه لا يمثّل إلا الأقلية، كما أنه بلّغ رسالة إلى المعارضة التونسية بأنه يريد بديلًا عقلانيًا واقعيًا قادرًا على إنقاذ البلاد"، حسب رأيه. 

قيادات مستقيلة من التيار تؤكد أنها "دخلت في مشاورات مع شخصيات وطنية فاعلة للعمل على بلورة خارطة طريق قادرة على إنقاذ البلاد"

كما أشار الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي إلى أن المستقيلين من الحزب قد دخلوا في مشاورات مع شخصيات وطنية فاعلة للعمل على بلورة خارطة طريق قادرة على إنقاذ البلاد، على حد قوله.

وكان الكرباعي قد أكد بدوره أن هناك تنسيقًا بين المستقيلين من التيار من أجل تقديم البديل لإنقاذ البلاد من أزمتها، لافتًا إلى أن "القيادات التي استقالت من التيار بدأت في القيام باتصالات حثيثة مع شخصيات سياسية اعتبارية من أجل اقتراح خارطة طريق تؤسس لِمُشتَرَك وتسمح بإيجاد حل عملي للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عمقتها سلطة الانقلاب"، على حد قوله.

  • "هذا ليس وقت فتح دكاكين جديدة"

في المقابل، يبدو أن استقالة مجموعة من القيادات من حزب التيار الديمقراطي لم ترق لبعض القياديين بالحزب، ناهيك عن أن الأسباب المعلنة عن هذه الاستقالة لم تقنعهم.

ويظهر ذلك في تصريح القيادي بالتيار الديمقراطي هشام العجبوني الذي قال، الأربعاء في مداخلة له على إذاعة "شمس أف أم" (محلية)، إنه "لا يوجد أي مبرر لهذه الاستقالات خاصة بعد الصفعة التي تلقاها الرئيس التونسي قيس سعيّد، بعد نسبة الإقبال المتدنية على  الانتخابات التشريعية في تونس"، حسب رأيه.

وأضاف العجبوني، في ذات الصدد: "زدنا تقسيم المقسّم، وهذا ليس وقت فتح دكاكين جديدة"، على حد تعبيره.

هشام العجبوني: لا يوجد أي مبرر لهذه الاستقالات وهذا ليس وقت فتح دكاكين جديدة

يذكر أن حزب التيار الديمقراطي شهد، الثلاثاء 20 ديسمبر/كانون الأول 2022، سلسلة من الاستقالات في صفوف قيادات من الصف الأول بالحزب، من بينها استقالة الأمين العام للحزب غازي الشواشي، ومساعده محمد الحامدي، وعضو المكتب السياسي للحزب شكري الجلاصي والقيادي مجدي الكرباعي.

وتفاعلًا مع ذلك، أصدر حزب التيار الديمقراطي، الثلاثاء، بلاغًا مقتضبًا قال فيه إنه "تلقى  بأسف استقالة أمينه العام ومساعده، غازي الشواشي ومحمد الحامدي"، مشيرًا إلى أن المكتب السياسي للحزب قبل هذه الاستقالة.

وتوجه الحزب إلى "مناضليه والمتعاطفين معه ورفاقه في العائلة التقدمية لتأكيد عزمه على مواصلة الاضطلاع بدوره الوطني في التصدي لانقلاب قيس سعيّد وبناء بديل اجتماعي ديمقراطي مستقل على قاعدة برنامج يغير واقع الشعب التونسي نحو الأفضل"، وفق نص البلاغ.

وجاءت هذه الاستقالات أيامًا قليلة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية المنتظمة في تونس في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022، والتي وُصفت نسبة الإقبال عليها بـ"الضعيفة جدًا"، على المستويين الوطني والدولي، الأمر الذي اعتبرته أحزاب ومنظمات في تونس على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل قد أفقد هذه الانتخابات "مصداقيتها وشرعيتها".