22-مايو-2023

مختصون: "الإشكال الحقيقي في أزمة الخبز يكمن في عجز الدولة عن تمويل حاجياتها من خلال التوريد"

الترا تونس - فريق التحرير

 

قد لا تنجح التطمينات الرسمية في إخفاء حقيقة وجود أزمة في توفر مادة الخبز في تونس، لاحت بوادرها مؤخرًا بعد نقص هذه المادة من المخابز بشكل لافت.

أزمة مركّبة للخبز في تونس، دفعت بالغرف الجهوية للمخابز ببعض الولايات، إلى إعلان إفلاسها ووقف إنتاجها وتسريح العمّال

ولعلّ المتابع لا يحتاج إلى رصد تلك الصفوف الطويلة أمام المخابز، أو الاحتجاجات التي ينفّذها متساكنو بعض الجهات بشكل متفاوت، للوقوف على حجم هذه الأزمة التي يصفها فاعلون في القطاع بـ"الهيكلية" لا "الظرفية"، إذ يكفيه أن يرقب بيانات المهنيين ليفهم مدى فداحة هذا النقص.

  • غرفٌ جهوية للمخابز تعلن إفلاسها ووقف إنتاجها وتسريح العمّال 

 أعلن أصحاب المخابز بصفاقس عن التوقف التام عن العمل انطلاقًا من يوم 5 جوان/ يونيو القادم، وإعلان "إفلاس قطاع المخابز" مع تسريح حوالي 5 آلاف عامل إضافة إلى إعلام كل المؤسسات العمومية بالتوقف عن تزويدها من طرف أصحاب المخابز المشاركين في الصفقات العمومية، وفق ما جاء في بيانها.

 

 

وأعلنت الغرفة الجهوية لأصحاب المخابز بالقصرين، من جانبها، أنها قررت تنفيذ إضراب عن العمل لمدة 3 أيام وذلك في 5 و6 و7 جوان/يونيو القادم، منادية بالترفيع في حصة المخابز ذات كميات 118 قنطارًا شهريًا.

 

 

كما أعلنت الغرفة الجهوية لأصحاب المخابز بقفصة، التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، بدورها، عن التوقّف التام لنشاط المخابز انطلاقًا من يوم 5 جوان/ يونيو القادم وإعلان إفلاس قطاع المخابز وتسريح حوالي 1000 عامل، وفق تعبيرها.

 

 

وتطالب هذه الغرف، وزارتي التجارة والمالية بالتوقف عن ما أسموه سياسة الوعود والمماطلة وذلك بصرف جميع المستحقات المالية للمخابز وهي مستحقات 14 شهرًا، وفقها.

  • وزيرة التجارة: تونس لا تعرف مجاعة وأدعو التونسيين إلى عدم اللهفة 

أقرّت وزيرة التجارة التونسية، كلثوم بن رجب، من جانبها، الاثنين 22 ماي/أيار 2023، في تصريح صحفي، بالاضطراب الحاصل في توفر القمح الصلب ما أدى إلى زيادة الضغط على الفرينة (القمح اللين) التي يصنع منها الخبز.

وزيرة التجارة التونسية دعت المواطنين إلى "عدم اللهفة" ونفت أن يكون غلق المخابز واحتجاج المواطنين بالقيروان وغلقهم الطرقات سببه مشاكل في التزويد

وتابعت بن رجب أنه تم تدارك هذا النقص في عطلة نهاية الأسبوع المنقضي، وفقها، لكن تزامن ذلك مع الراحة الأسبوعية لعديد المخابز، مذكّرة بأن تقديرات الإنتاج من القمح في تونس، أقل بكثير من السنة الفارطة، ما يضطرّ البلاد للتعويل على التوريد.

ودعت الوزيرة المواطنين إلى "عدم اللهفة"، وقالت إنه "تمت معاينة إقبال غير عادي على الخبز، وأنّ تونس لا تعرف مجاعة"، وفق تصريحها. نافية أن يكون غلق المخابز واحتجاج المواطنين بالقيروان وغلقهم الطرقات سببه مشاكل في التزويد.

  • رئيس غرفة أصحاب المخابز المصنّفة: نقص الخبز مردّه عدم تمكين المخابز من مادة الفرينة

من جانب آخر، أكد رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز المصنّفة محمد بوعنان، الثلاثاء 16 ماي/ أيار 2023، أنّ نقص الخبز بعديد مخابز الجمهورية، سببه عدم تمكين المخابز من مادة الفرينة، على إثر تأخر وصول القمح للمطاحن، وفقه.

المجمع المهني للمخابز العصرية بكونكت: نشعر بالقلق إزاء تواصل مشكل النقص الفادح في التزود بمادتي الفرينة والسميد منذ أكثر من 3 أشهر في كامل الجهات

وانتقد، في تصريح لإذاعة "شمس أف أم" (محلية)، ما وصفها بـ"المحاباة في توزيع القمح"، قائلًا إنّ الخبز يمثّل أولوية بالمقارنة بالمرطبات والحلويات، مطالبًا بمنح الفرينة للخبّاز وإيلائه الأهمية على صانعي الحلويات، وفق تعبيره.

يذكر أنّ المجمع المهني للمخابز العصرية بكونكت، قد أعرب في المقابل، عن قلقه إزاء تواصل مشكل النقص الفادح في التزود بمادتي الفرينة والسميد منذ أكثر من 3 أشهر في كامل الجهات ما أدى إلى غلق العديد من المخابز، مطالبًا وزارة التجارة وتنمية الصادرات بمزيد الحرص على احترام التزاماتها تجاه أصحاب المهنة لتفادي مزيد تدهور الوضع.

  • جمعية تونسية تتوقع تواصل أزمة العرض خلال الأشهر القادمة بل احتداد أزمة الخبز

وتفاعلت جمعية "ALERT" التي تُعنى بمحاربة ظاهرة الاقتصاد الريعي في تونس، الأحد 21 ماي/ أيار 2023، مع هذه المسألة، فأصدرت بيانًا أكدت فيه أنّ "الإشكال الحقيقي وراء ندرة الخبز في عدد من الولايات، يكمن في عجز الدولة التونسية على تمويل حاجياتها من القمح الصلب".

جمعية "ALERT": أزمة ندرة الخبز في عدد من الولايات هي أزمة هيكلية شاملة يشكو منها قطاع الحبوب في تونس ولا تعود إلى سعي البعض إلى افتعال الأزمات كما تقول الرئاسة

وشدّدت على أنّ"بلاغ صفحة رئاسة الجمهورية، الذي اعتبر أنّ أزمة الخبز "تعود إلى سعي البعض إلى تأجيج الأوضاع الاجتماعية والعمل على افتعال الأزمات"، يعدّ تضليلًا للرأي العام وتعتيمًا على الممارسات الحقيقية المتسببة في هذه الأوضاع" وفقها، مؤكدة أنّ "الأزمة هيكلية وشاملة يشكو منها قطاع الحبوب في تونس".

وقد ازدادت هذه الأزمة حدة وفق الجمعية، "جرّاء تدهور إمكانيات الدولة وعجزها على تمويل استيراد الحبوب، وبات فقدان الخبز ظاهرة تمس كافة ولايات الجمهورية بنسب متفاوتة، والسبب هو انخفاض حاد في كميات القمح الصلب الموزعة من طرف ديوان الحبوب"، مذكّرة بأنّه يتم تصنيع الخبز من طرف المخابز بخلط مادة الفرينة (المتأتية من القمح اللين) ومادة السميد (المتأتية من القمح الصلب).

جمعية "ALERT": الإشكال الحقيقي في أزمة الخبز يكمن في عجز الدولة التونسية على تمويل حاجياتها من القمح الصلب

وينتج عن النقص الحاد في كمية القمح الصلب المتوفرة، فقدان مادة السميد مما ينتج ضغطًا على مادة الفرينة، وهذا ما يفسر فقدان مادة الخبز، ولفتت الجمعية إلى أنّ "كل هذا ينبئ بتواصل أزمة العرض خلال الأشهر القادمة بل احتداد للأزمة إلى مستوى الخطر الداهم حين تنتهي خطوط تمويل استيراد القمح اللين".

 

 

يشار إلى أن تونس تقوم بتوريد أكثر من نصف حاجياتها من الحبوب في السنوات الأخيرة وتعاني صعوبات مؤخرًا في عمليات التوريد بالنظر لتأزم وضعها المالي. 

وفي ظل الأزمة المالية التي تعيش على وقعها تونس وتراجع مخزون البلاد من العملة الصعبة، أضحت الدولة في عديد الأحيان عاجزة عن خلاص مزوّديها الأجانب، مما خلق أزمة نقص في بعض المواد الأساسية في الأسواق التونسية في فترات متواترة على غرار الزيت النباتي، الحليب، السكر، الفرينة، الدقيق، المحروقات، وغيرها من المواد التي تُفقد من الأسواق من فترة إلى أخرى.