08-يوليو-2020

في ضرورة اعتماد مقاربة إنسانية في التعامل مع المهاجرين غير النظاميين (صورة توضيحية/وسيم الجديدي/جيتي)

 

تتوارد الأخبار مؤخرًا حول القبض على أجانب اجتازوا الحدود التونسية خلسة تحديدًا من الحدود الغربية عبر الجزائر، وقد تمّ التعامل مع جلّهم وفق الإجراءات الوقائية عبر إجراء تحاليل للتأكد من سلامتهم من فيروس كورونا، وإيداع من تثبت إصابتهم في مراكز إيواء للحجر الصحي، ولكن عمد البعض إلى الفرار مخافة ترحيلهم أو إيداعهم السجن بعد التعافي. وتؤكد المنظمات الحقوقية، في المقابل، على ضرورة التعامل معهم بصفة إنسانية وتقديم تطمينات لتفادي فرارهم ولحمايتهم وحماية التونسيين من خطر الإصابة بالعدوى.

اقرأ/ي أيضًا: المهاجرون وطالبو اللجوء في تونس.. معاناة مضاعفة زمن الكورونا

تواتر الهجرة غير النظامية القادمة من الجزائر

في الحديث عن حوادث اجتياز الحدود خلسة، ألقت فرقة أمنية في تاجروين في ولاية الكاف القبض على 4 أجانب خلال الليلة الفاصلة بين 13 و14 من ماي/أيار الماضي بتهمة اجتياز الحدود الجزائرية التّونسية خلسة، وقد أودعوا في أحد مراكز الحجر الإجباري بالكاف، ولكن استطاعوا الفرار بعد أيام فقط. 

كما تمكنت دورية للحرس الوطني بالقصرين في 21 جوان/يونيو من إلقاء القبض على 6 أشخاص يحملون الجنسية الإيفوارية من بينهم امرأة حامل اجتازوا الحدود التونسية الجزائرية خلسة، ووُجهوا إلى الحجر الصحي الإجباري مع تخصيص فريق طبي خاص لمعاينة وضع المرأة الحامل.

تؤكد المنظمات الحقوقية على ضرورة التعامل مع المهاجرين غير النظاميين بصفة إنسانية وتقديم تطمينات لتفادي فرارهم ولحمايتهم وحماية التونسيين من خطر الإصابة بعدوى كورونا

كما تمّ إيقاف أجنبيين اثنين بعين دراهم من ولاية جندوبة بتاريخ 27 جوان/يونيو 2020 أثناء اجتيازهما للحدود الجزائرية التونسية خلسة عبر منطقة ملولة بطبرقة. وأكّدت التّحاليل المخبرية إصابة أجنبي غيني الجنسية بفيروس كورونا وسلامة آخر سيراليوني الجنسية، ليقع نقلهما إلى مركز الإيواء بالمنستير الأول لإصابته بالفيروس والثّاني باعتباره من المخالطين له. 

في نفس الإطار، ألقت الفرقة المذكورة القبض على ثلاثة أجانب من جنسيات أفريقية بداية جويلية/يوليو وتبيّن بعد إجراء التّحاليل المخبرية إصابتهم بفيروس كورونا وتمّ إيواؤهم بمركز الإيواء بالمنستير.

وأكد المدير الجهوي للصحة ولاية القصرين عبد الغني الشعباني، في تصريح لـ"ألترا تونس"، إجراء كافة التحاليل المخبرية لجميع الوافدين سرًا إلى الولاية عبر الحدود، مبينًا أن النتائج كشفت إصابة 4 مواطنين تخص مواطنين إيفواريين إصابتهم بفيروس "كورونا" المستجد من جملة 7 عينات لمهاجرين غير نظاميين.

الحدود الغربية.. بوابة جديدة للهجرة السرية نحو تونس 

بعد أن كان يتوافد أغلب المهاجرين من جنسيات إفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس عبر الحدود الليبية طيلة السنوات الاخيرة لا سيما بعد الثورة، بدأ يتوافد مهاجرون غير نظاميين أيضًا عبر الحدود الجزائية.

اقرأ/ي أيضًا: عن حقّ المهاجرين على تونس..

وأكد ، في هذا الصدد، رمضان بن عمر، المكلف بالإعلام في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لـ"ألترا تونس"، أنّ الهجرة غير النظامية عبر الحدود الغربية "لم تكن متواترة بكثرة". وبيّن أن أوضاع المهاجرين في الجزائر وتعرضهم لانتهاكات بالخصوص جعل العديد منهم يفضّل الهجرة إلى تونس "لأنّها أفضل حال من الأوضاع في الجزائر لاسيما وأنّهم مهددون فيها بالترحيل القسري على خلاف تونس".

وأضاف محدثنا أن وضعية المهاجرين في الجزائر أصبحت بعد أزمة الكورونا "هشة كثيرًا خاصة وأن البلد المجاور يُعتبر بؤرة نوعًا ما مقارنة بالوضع في تونس" مؤكدًا أن تونس تعدّ، بالنسبة لهؤلاء المهاجرين، أفضل من ناحية الضمانات والخدمات.

في ضرورة اعتماد مقاربة إنسانية

قال رمضان بن عمر، في هذا الجانب، إن "ما يهم هو أنّ أزمة الكورونا لا تختبر فقط المنظومات الصحية بل تختبر أيضًا التضامن الإنساني واحترام المقاربات الإنسانية"، مشيرًا إلى أن المهاجرين فروا من واقع معيّن بسبب الحروب في بلدانهم. وأضاف أن أغلبهم قدموا من دول جنوب الصحراء من مالي ونيجيريا عبر طرق خطيرة جدًا، لذا وجب التعامل معهم بمنطق إنساني".

وأكد على ضرورة ايجاد آلية لاستقبالهم وإيوائهم والتعامل معهم بطريقة إنسانية، مبينًا أن إيقافهم في الحدود يجب أن يمرّ بمراحل عبر استقبالهم وإيوائهم في مراكز مخصصة. وشدد على ضرورة تطمين هؤلاء المهاجرين "لأنّ إشكالية هروب بعضهم من مراكز الحجر الصحي سببها الشعور بالخوف من الترحيل القسري أو إيداعهم بالسجن" مؤكدًا على وجوب تطمينهم بأنّ الأولوية هي علاجهم وحمايتهم وبأنّه لن يقع إيداعهم االسجن أو ترحيلهم بعد العلاج. 

رمضان بن عمر (منتدى الحقوق الاقتصادية): أزمة الكورونا لا تختبر فقط المنظومات الصحية بل تختبر أيضًا التضامن الإنساني ويجب تطمين المهاجرين غير النظاميين باعتبار أولوية علاجهم

على صعيد آخر ، انتقد المكلف بالإعلام في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ما وصفها بـ"التصريحات التمييزية لبعض المسؤولين بوصف المهاجرين بالخطر على غرار تصريحات محمد الرابحي رئيس لجنة الحجر الصحي، وكذا ما ورد في الصفحة الرسمية لولاية القصرين وتصريحات وزير الداخلية باعتبار المهاجرين القادمين تحديًا حقيقيًا". ويقدّر محدثنا أن "تصوير المهاجرين بالخطر قد يدفع بعض المواطنين إلى سلوكات عكسية تجاههم ولكن الحمد لله أن تعامل المواطن كان أفضل". 

وأكد أن المهاجرين غير النظاميين "مثل غيرهم من الوافدين عبر المطارات والموانئ ولا يوجد أي فرق، فقط هي السياسات من دفعت بقدوم البعض بطريقة نظامية وآخرون بطرق غير نظامية"، مطالبًا السلط بتوفير نفس ظروف الإقامة والخدمات أي مراكز إيواء مهيأة وصحية، مع تطمينهم بأنّ وضعيتهم القانونية لن تُؤثر على مصيرهم فيما بعد. 

وكان قد حذر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في بلاغ سابق، من "تواتر التصريحات من بعض المسؤولين مركزيًا وجهويًا ذات الطابع التمييزي والعنصري ضد المهاجرين"، داعيًا إلى التقيد بتوصيات منظمة الصحة العالمية والمنظمات الحقوقية في التعامل مع هذه الفئات الهشة. وأن يكون المهاجرون بغض النظر عن وضعهم الرسمي جزءًا لا يتجزأ من الخطة الوطنية لمواجهة الفيروس".

ودعا المنتدى في البلاغ السلط الجهوية والمحلية إلى توجيه خطاب مسؤول لا يكرس الخوف وحالة عدم اليقين من المهاجرين داعيًا إلى "عدم التطبيع مع كل التصريحات والممارسات التمييزية والعنصرية وتفعيل القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري".

 

اقرأ/ي أيضًا:

طالبو اللجوء في تونس.. البحث عن مأوى في انتظار قانون يضمن حقوقهم

ماهي الإجراءات المتخذة لحماية اللاجئين في تونس من "كورونا"؟