10-مايو-2024
خروف عيد أضحى نصائح حفظ اللحم

أضاحي العيد في تونس لسنة 2024.. شطط في الأسعار ونقص في الكميات ودعوات للتوريد أو الإلغاء (ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

ما انفكّ الجدل يتصاعد كل عام قبيل عيد الأضحى في تونس، بين شقّ متمسّك بالحفاظ على هذه الشعيرة الدينية، وآخر يرى أنّ ارتفاع أسعار أضاحي العيد عامًا بعد عام، يستوجب المقاطعة ولو لعام واحد حتى يكون العرض أكبر في السنة التي تليها، وبالتالي انخفاض الأسعار.

تصاعد الجدل حول أضاحي العيد في تونس، بين متمسك بتطبيق الشعيرة وداع لإلغائها، يفضي إلى تدخّل مفتي الجمهورية لإبداء موقفه الشرعيّ

هذا الجدل المتكرّر في الأعوام الأخيرة، يبدو أنه بلغ أوجه هذا العام، خاصة بعد الترويج لأن أسعار أضاحي العيد لن تقلّ عن 1500 دينار هذه السنة،  الأمر الذي جعل بعض النشطاء يتوجهون إلى مفتي الجمهورية لمطالبته بإصدار فتوى تبيح عدم التضحية في هذا العيد.

  • أضاحي العيد في تونس لسنة 2024.. شطط في الأسعار ونقص في الكميات 

يشار إلى أنّ رئيس الغرفة الوطنية للقصابين أحمد العميري قد أكد في تصريح لـ "الترا تونس" بتاريخ 22 أفريل/ نيسان 2024، أنّ سعر الخرفان الصغيرة يتراوح بين 1100 و1300 دينار، مشيرًا إلى أن أسعار أضاحي العيد لسنة 2024 لن تقلّ عن 1500 دينار في تونس، مشدّدًا على أن سعر الأضحية الممتازة وصلت إلى حدّ 3000 دينار خلال السنة المنقضية.

رئيس غرفة القصابين لـ "الترا تونس":  أسعار أضاحي العيد لسنة 2024 لن تقلّ عن 1500 دينار في تونس، وسعر الخرفان الصغيرة يتراوح بين 1100 و1300 دينار

كما لفت العميري إلى أنّ "هناك نقصًا في كميات الأضاحي وغلاءً مُشطًا في الأسعار"، مضيفًا أن سعر الكلغ الواحد من اللحم الحيّ قد يصل إلى 20 دينار، بعد أن كان السعر المرجعي السنة الماضية 18 دينارًا للكلغ الواحد.

وتساءل العميري في السياق نفسه: "هل المستهلك التونسي قادر اليوم على شراء أضحية العيد التي يتراوح وزنها بين 70 و80 كلغ بأسعار تصل إلى 1600 دينار؟ هذا فضلًا عن مصاريف المستلزمات الأخرى للعيد، لتصل الكلفة إجمالاً إلى ألفي دينار".

  • دعوات مختلفة لتوريد أضاحي العيد أو لمطالبة ديوان الإفتاء بإلغاء شرائها 

جدير بالذكر أنّ رئيس الغرفة الوطنية للقصابين أحمد العميري، دعا أيضًا إلى ضرورة إحداث لجنة للاستعداد لعيد الأضحى في تونس، وبحث إمكانية توريد الأضاحي من الخارج لتتوفّر بالكميات اللازمة والحدّ من ارتفاع الأسعار، مشيرًا إلى اتخاذ قرار مماثل في المغرب والجزائر حيث تم توريد الأضاحي من رومانيا.

رئيس غرفة القصابين لـ "الترا تونس": يجب البحث في إمكانية توريد الأضاحي من الخارج لتتوفّر بالكميات اللازمة والحدّ من ارتفاع الأسعار

وتوجّه العميري بدعواته إلى وزارة الفلاحة التونسية في حال توفّر الكميات اللازمة من حلوم الضأن لديها إلى وضعها على ذمة القصابين لبيعها للمستهلك التونسي مع توظيف هامش ربح ضئيل، وأكد استعداد غرفة القصابين لذلك، وفق قوله.

أما عن المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، فقد قال رئيسها لطفي الرياحي الأربعاء 24 أفريل/ نيسان 2024 في تصريح لـ "الترا تونس"، إن الأسعار المتداولة بين 1500 و2000 دينار بخصوص أضاحي العيد عالية جدًا ولا تتماشى مع المقدرة الشرائية للتونسيين، وهو ما دفع المنظمة إلى تقديم مقترحين خدمةً للمستهلك التونسي، أولهما التوريد.

وتحدّث لطفي الرياحي عن أنّ المنظمة تقترح ثانيًا، على ديوان الإفتاء بالجمهورية التونسية، إصدار فتوى لإلغاء شراء أضاحي العيد خلال سنة 2024، على غرار ما هو معمول به في بعض الدول الأخرى مثل مصر، وفق قوله.

رئيس منظمة إرشاد المستهلك لـ "الترا تونس": نقترح على ديوان الإفتاء بالجمهورية التونسية، إصدار فتوى لإلغاء شراء أضاحي العيد خلال سنة 2024

وأشار الرياحي إلى أن "عيد الأضحى مقدّس بالنسبة للتونسيين ولا يمكنهم اتخاذ قرار فردي بالامتناع عن شراء الأضاحي رغم غلاء أسعارها، التونسي يصل به الأمر إلى التداين لشراء الأضحية، ولذلك أدعو ديوان الإفتاء للمبادرة والتدخل في هذا الصدد" وفقه.

في المقابل، يذكر أنّ المختص في الشأن الفلاحي، أنيس بن ريانة، قد أكد في تصريح إعلامي بخصوص دعوات مقاطعة أضاحي العيد، أنّ هذا فيه ضرب للفلاح التونسي، ودعا لعدم مقاطعة شراء الأضاحي، قائلًا: "مرّ الفلاح التونسي بفترات صعبة، وأسعاره بخصوص قطيع الخرفان معقولة".

ولفت المختص في الشأن الفلاحي، إلى أنه "يجب تفادي الوسطاء وخاصة تركيز نقاط بيع من المنتج إلى المستهلك بكامل تراب الجمهورية"، مشددًا على أنه حين وقع الذهاب في مقاطعة الأضاحي بقرار حكومي في بلدان أخرى، يكون السبب هو نقص القطيع، لكن القطيع في تونس متوفر، وبالتالي فلا حاجة لمقاطعة الأضحية لمن كان قادرًا على شرائها على حد وصفه.

  • مفتي الجمهورية التونسية: لا يمكن المساس بشعيرة عيد الأضحى ولا التشكيك فيها ولا إلغاؤها

وفي ردّه على هذه الدعوات بإلغاء شعيرة عيد الأضحى لهذا العام، بثّت القناة الوطنية الأولى (عمومية)، كلمة للشيخ هشام بن محمود مفتي الجمهورية التونسية، ليل الخميس 9 ماي/أيار 2024، أكد فيها أنّ "التضحية هي شعيرة من شعائر الإسلام الثابتة ومن السنن المؤكدة التي لا يمكن أساسًا من حيث المبدأ المساس بها ولا التشكيك فيها ولا إلغاؤها".

مفتي الجمهورية التونسية: التضحية هي شعيرة من شعائر الإسلام الثابتة ومن السنن المؤكدة التي لا يمكن أساسًا من حيث المبدأ المساس بها ولا التشكيك فيها ولا إلغاؤها

وأضاف المفتي أنّ الإمام مالك اعتبر هذه الشعيرة سنّة مؤكدة باعتبار أنّ الرسول التزم بها في حياته، قائلًا: "هناك ركن واحد من أركان الإسلام الخمسة لا يُنجز إلا بالاستطاعة (إما الاستطاعة المادية أو الجسدية) وهو الحج، أما الأضحية فهي أيضًا سنّة مؤكدة على المسلم القادر المستطيع الذي سيكون من خلال الأضحية التي سيضحّي بها، قد استجاب لأمر المولى من ناحية، وستكون الأضحية وسيلة لدفع البلاء عن نفسه وعن أهله، أي صدقة من الصدقات من ناحية ثانية، ناهيك عمّا تستبطنه من مفهوم التضامن بين فئات المجتمع" وفق تعبيره.

وتابع مفتي الجمهورية التونسية بقوله إنّ الحياة الاجتماعية تقتضي ألا يرهق الإنسان نفسه، وقد جاء في المذهب المالكي، أنّ الإنسان الذي يضحّي يجب أن يكون قد توفر له طيلة السنة ضروريات الحياة المتعددة (الصحة والتعليم والتغذية واللباس..)، فإذا توفرت له كل هذه العوامل وكان آمنًا على نفسه وأهله، أصبحت سنّة مؤكدة أن يضحّي، وفق تأكيده.

مفتي الجمهورية التونسية: الأضحية هي سنّة مؤكدة على المسلم القادر المستطيع، ويجب وفق في المذهب المالكي، أن يكون قد توفر لمن سيضحّي، طيلة السنة، ضروريات الحياة المتعددة

وتحدّث الشيخ هشام بن محمود عن أنّ الأضحية تنقسم إلى 3 أجزاء: جزء للاستهلاك وجزء للادخار والثلث المتبقّي للصدقة وإعانة الناس والأخذ بأيديهم ولإبراز معاني الإسلام في سماحته، وفق تعبيره. مضيفًا: "حكم الله أنها شعيرة يجب احترامها ولا مجال لتغيير شعائر الله، لكنها مرتبطة بالاستطاعة باعتبار أنّ دين الإسلام جاء باليسر لا بالعسر، إذ يجب أن نراعي واقعنا الاجتماعي والاقتصادي" وفق قوله.