02-أبريل-2023
قيس سعيّد

وسط انعدام أيّ توضيح رسمي

الترا تونس - فريق التحرير

 

طرح سياسيون تونسيون وحقوقيون ونشطاء بالمجتمع المدني التونسي أكثر من نقطة استفهام  حول غياب الرئيس قيس سعيّد، وعدم ظهوره منذ بداية شهر رمضان. وقد تباينت المواقف وتنوّعت محاولات تفسير حجج الغياب، ما دفع بالبعض حتّى للحديث عن "حالة الشغور"، وسط انعدام أيّ توضيح رسمي، الأمر الذي فتح الباب أكثر لعدّة تأويلات، وسيطرت على منصات التواصل الاجتماعي حالة من الترقّب.

تباينت المواقف وتنوّعت محاولات تفسير حجج غياب الرئيس سعيّد، ما دفع بالبعض حتّى للحديث عن "حالة الشغور"، وسط انعدام أيّ توضيح رسمي

في هذا السياق، ذكّر مدير الديوان الرئاسي سابقًا (في عهد المنصف المرزوقيعدنان منصر، وفق تدوينة نشرها السبت 1 أفريل/ نيسان 2023 بأنّه "في السابق، عندما كانت تروج إشاعات على صحة الرئيس، كان يسارع هو بنفسه لتكذيبها. انقطاع هذه العادة هو ما يزيد  حاليًا في حدة التخمينات"، وفق تقديره.

 

 

وعلّق منصر في تدوينة أخرى نشرها في 29 مارس/ آذار 2023، بقوله إنّ "رئيس الجمهورية ليس شخصًا مسؤولًا عن نفسه فقط، حتى ينزوي ويقرر عدم الظهور بسبب زيادة الضغط، أو بسبب أنه ليس لديه حلول لأزمة ما. رئيس الجمهورية المسؤول هو الذي يقول إنه ليس لديه حل، عندما لا يكون لديه حل"، وفقه. 

عدنان منصر: في السابق، عندما كانت تروج إشاعات على صحة الرئيس، كان يسارع هو بنفسه لتكذيبها. انقطاع هذه العادة هو ما يزيد  حاليًا في حدة التخمينات

وتابع عدنان منصر: "ليس عندي شك بأن الرجل لا يمتلك أي حلّ لأي مشكلة، وأنه تعمد باستمرار خلق مشكل جديد كلما عجز عن حل مشكل قديم، لكن الانزواء يأخذ الأمر لمستوى آخر: مستوى المسؤولية الأخلاقية. النزاهة هي أساسًا هذه المسؤولية الأخلاقية" وفق تعبيره.

 

 

من جهته، أكد القيادي السابق بحزب التيار الديمقراطي سفيان المخلوفي، ضرورة "كسر حاجز الصمت والخوف والأخلاقاويات الكاذبة" وفق وصفه، متابعًا: " انتظرنا منذ أيام شجاعة الصحافة لتفصح لنا عما تتداوله كل الألسن دون جدوى.. وغرق الجميع في التلميح دون التصريح"، وقال إنه قرر أن يكسر "حاجز النفاق والصمت" ويفصح عما يروج من معلومات يجب التثبت من مدى صحتها، فأشار إلى أنّ "قيس سعيّد أصيب بوعكة صحية حادة ناتجة عن أزمة قلبية خطيرة من نوع الرجفان الأذيني يضاف إليها بالطبع ضيق في التنفس ونقص في الأكسيجين" وفقه.

قيادي سابق بالتيار الديمقراطي: معلومات يجب التثبت من مدى صحتها، تفيد بأنّ سعيّد أصيب بوعكة صحية حادة

وأضاف المخلوفي أنّ "هذا النوع من الإصابات القلبية يخلف محدودية عالية في العودة إلى الحياة العادية فضلًا عن فترة نقاهة مطولة للحصول على استقرار نسبي ومتدنٍ كذلك"، لافتًا إلى أنّه لا فائدة من مزيد إخفاء هذه المعطيات التي هي بحوزة الكثيرين، معتبرًا أن دعوة القائمين على شأن الدولة بإعلام الشعب بما يجري هو "من قبيل النفاق لأنّ الجميع يعلم أن الدولة قد رهنها قيس سعيّد لنفسه وفقدت مصداقيتها" وفق نص تدوينته.

 

 

أما وزير الخارجية الأسبق، رفيق عبد السلام، وهو القيادي بحركة النهضة، فقد دوّن أنّ "الفرق بين ديمقراطية منقوصة ودكتاتورية مكتملة هو بالضبط الفرق بين حالتي المرحوم الباجي قائد السبسي والمنعم قيس سعيّد". وفقه.

رفيق عبد السلام: في عهد الدكتاتورية الكاملة، لا يعرف الرأي العام شيئًا عن صحة الرئيس، سوى بعض التسريبات الفيسبوكية من هنا أو هناك

وتابع عبد السلام: "حينما تعرض الرئيس السبسي إلى أزمة صحية حادة استوجبت نقله للمستشفى العسكري، أصدرت مؤسسة الرئاسة بلاغًا إعلاميًا في الغرض وتم تنزيله في الصفحة الرسمية للرئاسة، وقد توالت البيانات والتصريحات الرسمية بشأن الوضع الصحي للرئيس يومًا بيوم، إن لم نقل ساعة بساعة، بل أصبح مرض الرئيس وكيفية انتقال السلطة شأنًا عامًا يجري على ألسنة السياسيين والإعلاميين وسائر الناس، أما في عهد الدكتاتورية الكاملة و(العشرية البيضاء الناصعة)، فلا يعرف الرأي العام شيئًا عن صحة الرئيس، سوى بعض التسريبات الفيسبوكية من هنا أو هناك، وتحول الأمر إلى (تابو) محرم تداوله بين السياسيين والإعلاميين".

 

 

وشدّد الوزير الأسبق على أنّ "أهم خصلة من خصال الدكتاتورية هي حجب المعلومة وإدارة السياسة من الغرف المظلمة والدهاليز العميقة واعتبار الزعيم مقدسًا فوق سنة المرض وقدر الموت"، على حد تعبيره.

وقد تفاعلت المحامية إيناس الحراث مع الموضوع، فكتبت أنّ "الجميع يبحث عن الرئيس المنقلب لأسباب مختلفة القليل منها فقط وجيه، والمنطق يفترض أن نبحث عن المعارضة"، معتبرة أنّ الجهات التي لا تستمد قوتها من قدرتها على حشد الناس بالبرامج والمواقف المقنعة لا تستحق أن تسمى معارضة، وفق رأيها.

المحامية إيناس الحراث: في ظل غياب المعارضة الذي يعني غياب أي أفق للفعل المؤثر والبناء والمقاومة الناجعة، ما همنا وجدوا المنقلب أم لم يجدوه؟

وقالت الحراث إنه وجب الاعتراف بأنه "لا وجود لمعارضة منظمة مهيكلة فاعلة في تونس، بل يوجد فقط بعض الأفراد المعارضين للنظام، طالما  يصر (الفاعلون) على البقاء في مربع ردة الفعل وطالما هناك أحزاب بلا قواعد وأحزاب تخاطب الجميع باستثناء قواعدها". وتساءلت المحامية: "في ظل غياب المعارضة الذي يعني غياب أي أفق للفعل المؤثر والبناء والمقاومة الناجعة، ما همنا وجدوا المنقلب أم لم يجدوه؟ وما الفرق إن رمموه أو عوضوه؟ كل المستبدين سواسية حين تكون فردًا أعزل يواجه آلة عمياء، صماء قاسية" على حد تعبيرها.

 

 

المدوّن خليل قنطارة، عاد من جانبه ليقارن نشاطات الرئيس سعيّد هذا الشهر، بنشاطاته وظهوره في أول 10 أيام من رمضان السنة الفارطة، فخلُص وفق تدوينته، إلى أنّ سعيّد أدّى "17 نشاطًا وظهورًا رمضان المنقضي، مقابل صفر نشاط وظهور في الأيام العشرة الأولى من شهر رمضان هذه السنة، عدا إقالة والي قابس، التي لا تعتبر ظهورًا للرئيس" وفقه.

خليل قنطارة (مدوّن): سعيّد أدّى 17 نشاطًا وظهورًا رمضان المنقضي، مقابل صفر نشاط وظهور في الأيام العشرة الأولى من شهر رمضان هذه السنة

وقال قنطارة إنه "ليس من حق الرئيس أن يختفي بهذه الطريقة، فبيده كل السلط والأحكام وفق النص الدستوري الذي كتبه بنفسه، بمعنى أنّ الدولة كلها تدور حوله.. وبالتالي ليس من حقه الاختفاء لعشرة أيام كاملة، من يسيّر الدولة إذن؟ من حق الناس أن تعرف، من أتباعه ومعارضيه وأعدائه ومسانديه.. حتى لو أخذ عطلة فقط فالإعلان عنها واجب" حسب تقديره.