26-سبتمبر-2021

عياض بن عاشور: كيف نريد أن ننقذ الثورة عبر إجراءات استثنائية وغريبة عن القانون؟

الترا تونس - فريق التحرير

 

أكد أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور السبت 25 سبتمبر/ أيلول 2021 "أنّنا لسنا فقط نؤسس لديكتاتورية مؤقتة بل لديكتاتورية قد تستمر بعد استعمال الفصل 80 استعمالًا شكليًا لغايات لم يوضع لها هذا الفصل بتاتًا وأصبحت واضحة بعد الأمر الرئاسي 117.. حيث جاء هذا الفصل لإنقاذ الدستور والمؤسسات الدستورية لا للقضاء عليها عبر تعليق العمل بالدستور" وفق قوله.

عياض بن عاشور: جاء الفصل 80 لإنقاذ الدستور والمؤسسات الدستورية لا للقضاء عليها عبر تعليق العمل بالدستور

وتابع بن عاشور في مداخلة له بقناة "TV5monde": "نقدتُ دستور 2014 كثيرًا لكنه دستور كلّفنا كثيرًا فهو دستور الثورة، كان يمكن تنقيحه دون المرور عبر نظام سياسي يحتكر فيه رئيس الجمهورية كل الصلاحيات، ولم يحدث في تاريخ العالم بأسره أن كان أمر رئاسي أعلى سلطة من الدستور" وفق تعبيره.

وأضاف بن عاشور: "أتفهّم جيدًا مساندة جزء من الشعب لقرارات سعيّد عبر احتفالهم يوم 25 جويلية/ يوليو 2021. أتفهمه لأن عدد الحكومات منذ الثورة  مرتفع جدًا ويتجاوز المعقول، وكلهم فشلوا في تحقيق أهداف الثورة بل هم مسؤولون عن تقهقر الدولة والمجتمع عبر ارتفاع ظاهرة التهريب وتسييس المرفق القضائي وغير ذلك..".

وشدّد أستاذ القانون الدستوري على أنّ "سعيّد بصدد إهانة من قاموا بالثورة حين يقول بأن الثورة هي 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 فقط" وقال: "كيف نريد أن ننقذ الثورة عبر إجراءات استثنائية وغريبة عن القانون.. كانت هناك طرق أخرى، والعودة إلى أي دكتاتورية، سواءً كانت مؤقتة أم مجهولة -وهو الوضع حاليًا- هو شكل من أشكال الثورة المضادة" على حدّ تعبيره.

عياض بن عاشور: العودة إلى أي دكتاتورية، سواءً كانت مؤقتة أم مجهولة -وهو الوضع حاليًا- هو شكل من أشكال الثورة المضادة

وبيّن بن عاشور أنّ الثورة بدأت يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول 2010 وتحققت يوم 14 جانفي/ يناير 2011 بمغادرة الرئيس الأسبق بن علي للبلاد، وقال: "منذ جانفي/ يناير 2021، تكرّرت الممارسات اللادستورية للرئيس قيس سعيّد بعدم قبوله التحوير الوزاري بعد المصادقة على الوزراء المقترحين من قبل البرلمان، وبعدم ختمه لقانون المحكمة الدستورية، وتصريحاته بكونه القائد الأعلى لكل القوات المسلّحة العسكرية والأمنية، ثمّ جاءت إجراءات 25 جويلية/ يوليو 2021 التي اعتمد فيها سعيّد على الفصل 80 كليًا ضدّ الخطر الداهم على الدستور" على حدّ تعبيره.

يأتي ذلك تبعًا لصدور الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021، في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء 22 سبتمبر/ أيلول 2021، بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية والذي قدم من خلاله الرئيس التونسي قيس سعيّد، الإجراءات الخاصة بتسيير السلطتين التشريعية والتنفيذية في تونس، بما يشبه "دستورًا صغيرًا"/"تنظيمًا مؤقتًا للسلط"، كذاك الذي تم إصداره إثر انطلاق الثورة التونسية في سنة 2011 وقطع حينها العمل بدستور 1959. 

اقرأ/ي أيضًا: كيف تفاعل المختصّون في القانون الدستوري مع الإجراءات الأخيرة لقيس سعيّد؟

ويتضح، وفق قراءة لفصول "التنظيم المؤقت الجديد للسلط"، أنه أُعد بحيث يُوفر صلاحيات شبه مطلقة لرئيس الجمهورية، تمهيدًا لانتقال مُرجح لنظام رئاسي قد يتم عرضه مستقبلاً عبر استفتاء شعبي، وما يعني تعليقًا لـ"دستور سنة 2014/ دستور الجمهورية الثانية"، باعتبار تعليق معظم وأهم فصوله وفلسفته العامة (النظام شبه البرلماني).

وتضمّن الأمر الرئاسي 23 فصلاً، ضمن أربعة أبواب، تؤكد استحواذ الرئيس من خلالها على السلطتين التنفيذية والتشريعية تقريبًا، مع العلم أنه لم يُحدد بعد تاريخ إيقاف العمل بهذا "الدستور المؤقت الجديد". 

 

اقرأ/ي أيضًا:

أمر رئاسي يقر صلاحيات شبه مطلقة للرئيس في تونس وتعليق لمعظم أبواب الدستور

انطلاق مظاهرة حاشدة في العاصمة التونسيّة ضد قرارات الرئيس سعيّد الأخيرة