27-أبريل-2023
محمد سويح

محمد سويح شاب تونسي صاحب مشروع "ضيعة عجب" وهي ضيعة إيكولوجية بيداغوجية بالهوارية

 

هربًا من صخب المدن وضوضاء المناطق السياحية التقليدية اختار جزء هام من التونسيين التوجه نحو نوع جديد من السياحة التي تسير البلاد التونسية بخطى ثابتة نحو الاستثمار فيها والتنويع في أنشطتها وهي السياحة الإيكولوجية والبيئية. المواقع الطبيعية الخلابة والحقول والغابات أصبحت الملاذ الآمن لكل من يبحث عن السكينة والاستكشاف والمغامرة أيضًا، وهو ما دفع بالعديد من الشباب إلى الاستثمار في هذا المجال عبر بعث دور ضيافة تكون في مناطق فلاحية أو ريفية وهي تشهد إقبالًا هامًا من الزوار في السنوات الأخيرة، فيما خيّر البعض الآخر الابتكار والتجديد في هذا المجال عبر أفكار مميزة واستثنائية.        

ولئن يعتبر الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية والتنوع الحيوي من ضمن أهم مبادئ السياحة البيئية، فإن تشجيع الدولة لهذا النوع من السياحة يظل محتشمًا مقارنة بتشجيعها للسياحة التقليدية التي قد تُعتبر إلى حدّ ما مستنزفة للموارد الطبيعية خاصة منها الموارد المائية والطاقية وغيرها.

عكس السياحة التقليدية التي تستهدف بالأساس السياح الأجانب ولا تنتعش إلا موسميًا فإن السياحة الإيكولوجية ترتكز على فلسفة سياحية جديدة مستدامة وتفتح نوافذ جديدة نحو سياحة بيئية مسؤولة

وعكس السياحة التقليدية التي تستهدف بالأساس السياح الأجانب ولا تنتعش إلا موسميًا خاصة في فصل الصيف فإن السياحة الإيكولوجية ترتكز على فلسفة سياحية جديدة مستدامة تقطع مع السياحة الشاطئية التقليدية والمستهلكة وتفتح نوافذ جديدة نحو سياحة بيئية مسؤولة تعزز علاقة الفرد بالبيئة وتساهم في تنمية اقتصاد المدن الريفية التي تستفيد من هذا النوع من السياحة في جميع فصول السنة.

وتعرف السياحة البيئية بخصائص كل منطقة في ربوع البلاد كما تساهم في تثقيف وتوعية الناشئة، وبالتالي اختار بعض المستثمرين في هذا المجال التطوير في السياحة الإيكولوجية لتصبح بيداغوجية تعليمية يكتشف فيها الزائر مجموعة مختلفة من النباتات والحيوانات التي لم يشاهدها من قبل.     

 

  • "ضيعة عجب".. سياحة إيكولوجية تعليمية 

محمد سويح، صاحب مشروع ضيعة بيداغوجية تقع تحديدًا في مدينة الهوارية التابعة لمحافظة نابل، وهو مشروع جديد ويعتبر استثنائيًا، يتوق للانضمام إلى أول علامة جودة تنظم عملية الاستقبال في الضيعات البيداغوجية في تونس والشرق الأوسط. 

محمد سويح شاب تونسي صاحب مشروع "ضيعة عجب" وهي ضيعة بيداغوجية بالهوارية يتوق للانضمام إلى أول علامة جودة تنظم عملية الاستقبال في الضيعات البيداغوجية في تونس والشرق الأوسط

يقول محمد سويح إن "ضيعة عجب" هي ضيعة تعليمية تثقيفية سياحية ترفيهية تحتوي على مئات الأنواع من الحيوانات والنباتات من مختلف بلدان العالم، وتمثل الطيور على اختلاف أشكالها وأنواعها وأحجامها أبرز الحيوانات التي تضمها هذه الضيعة التي اختار صاحبها أن تكون فسيفساء تضم تشكيلة مختلفة من الكائنات الحية.

 

 

 

يفيد محمد سويح، في حديثه لـ"اترا تونس"، بأن النوايا في البداية لم تكن متجهة نحو إنشاء ضيعة بيداغوجية أو ضيعة مفتوحة للعموم لأن تربية الطيور وولعه بالحيوانات كانا فقط هواية ثم تطور الأمر ليصبح فكرة مشروع بتشجيع من الأشخاص الذين أعجبوا بالفكرة وأبدوا اهتمامًا بالغًا بها. 

محمد سويح لـ"الترا تونس": "ضيعة عجب" هي ضيعة تعليمية تثقيفية سياحية وترفيهية تحتوي على مئات الأنواع من الحيوانات والنباتات من مختلف بلدان العالم وقد استقطبت زوارًا من مختلف ولايات تونس

يقول: "عندما فكرت في فتح الضيعة للعموم بدأت في اقتناء الأقفاص الملائمة ليتمكن الزوار من مشاهدة الحيوانات ثم توجهت لتحويلها لضيعة بيداغوجية لأنها استثنائية ولديها طابع خاص يتماشى مع التوجه للتعليم والتثقيف. لدي رخصة لتربية الحيوانات واستيرادها، وأنا بصدد جلب حيوانات جديدة. واخترت أن أركز  خاصة على الطيور والحيوانات العاشبة لأنها لا تشكل خطرًا على الزائرين خاصة منهم الأطفال، وأفكر في جلب حيوانات برية كالأسود والنمور إذا أمكننا ذلك".

 

 

ولفت المتحدث إلى أنه "كان على يقين بأن الضيعة ستنال إعجاب الزوار لكن عدد الوافدين على الضيعة والمهتمين باكتشاف هذا المشروع الاستثنائي أكبر بكثير مما كان متوقعًا خاصة وأن الزائرين يتوافدون من جميع مناطق البلاد فزاده هذا الاهتمام إصرارًا على تقديم أفضل الخدمات والتجديد والابتكار".  

محمد سويح لـ"الترا تونس": كنت على يقين بأن الضيعة ستنال إعجاب الزوار لكن عدد الوافدين على الضيعة والمهتمين باكتشاف هذا المشروع الاستثنائي أكبر بكثير مما كان متوقعًا

وعلى الرغم من أن تمويل المشروع ذاتي ولم يتحصل على أي دعم من الدولة فإن الشاب محمد سويح تشبث بحلمه وغادر مجاله وهو السياحة ليحقق حلمه في إنشاء ضيعة نموذجية استثمر فيها لتصبح مورد رزق له يجمع بين العمل وممارسة "غرامه"، وهو يقضي معظم أوقاته في الضيعة لما يحتاج هذا العمل من مجهود جبار وتفرغ تام لرعاية الحيوانات والنباتات واهتمام بالزوار الذين يتم تعريفهم على سلالات مختلفة من الحيوانات ومنشئها وغذائها وطريقة عيشها. 

واعتبر محمد سوي أن الطقس المعتدل في منطقة الهوارية، وهي أقرب نقطة لأوروبا في تونس، ساهم في توفير جو ملائم للحيوانات والنباتات المستجلبة من مختلف مناطق البلاد. كما لفت إلى أن التغيرات المناخية، وخاصة ارتفاع درجات الحرارة، لم تؤثر كثيرًا في المنطقة التي يطوقها البر من أكثر من جهة، فيكون بذلك الطقس باردًا في الصيف ومعتدلًا في فصل الشتاء.

 

 

  • السياحة البيداغوجية وترسيخ الثقافة البيئية 

تزخر البلاد التونسية بثروات طبيعية هامة وفضاءات بيئية متنوعة تحتاج للتثمين والتعريف والحفاظ، وتعد السياحة البيداغوجية أو التعليمية من أهم الركائز التي من شأنها أن ترسخ ثقافة حماية البيئية خاصة لدى الناشئة. 

كما تعتبر الحدائق والمناطق الطبيعية والمنتزهات الوطنية من بين أهم المشاريع التي تحافظ على البيئة وتمتع الزائرين في آن واحد وتسعى بعض الجمعيات إلى معاضدة مجهودات الدولة في إنشاء حدائق بيداغوجية على غرار جمعية طبرقة للسياحة البيئية والصيد البحري التقليدي التي بعثت حديقة بيداغوجية بمدرسة الصيد البحري بطبرقة، وهي تحتوي على نباتات طبية ونباتات زينة وأخرى عطرية علاوة على إنشاء أحواض لتربية أسماك. ويهدف هذا المشروع وفق باعثيه إلى ترسيخ أهمية الحدائق البيئية في تونس. 

كما تمثل المبادرات الفردية الهادفة إلى إنشاء مشاريع بيئية سياحية فرصة هامة لترسيخ ثقافة الاهتمام بالبيئة وديمومتها.