في الآونة الأخيرة، تتواتر الصيحات الرياضية لتقطع مع الأشكال النمطية للرياضة وتخلق لها أجنحة تحلّق بها نحو مجالات أخرى منها البيئة والسياحة والثقافة، وباتت الرياضة وسيلة لمقارعة التلوّث واكتشاف المناطق الخلابة وإبراز الموروث المحلي لبعض المناطق.
في 22 فيفري المقبل سيكون عشاق الأنشطة الرياضية المارقة عن السائد والمألوف على موعد مع الدورة الأولى لتظاهرة "شيطانة ألترا ترايل"
والحركية الرياضية في تونس ليست في معزل عن هذا التوجّه، حيث يوظف نشطاء الرياضة في مجالات أخرى، ولعل التظاهرة العالمية الماراطون الجبلي بمحمية جبل شيطانة "Shitana Ultra Trail" خير مثال على ذلك ففكرتها تجمع بين الرياضة والثقافة والسياحة والاقتصاد أيضًا.
اقرأ/ي أيضًا: تستور.. قطب واعد للسياحة الجبلية في تونس
عن "شيطانة ألترا ترايل"
في الثاني والعشرين من شهر فيفري/ شباط المقبل، يكون عشاق الأنشطة الرياضية المارقة عن السائد والمألوف على موعد مع الدورة الأولى لتظاهرة "شيطانة ألترا ترايل" التي تهدف إلى التعريف بالمخزون السياحي البيئي والثقافي والترويج للمنتوجات المحلية، وفق حديث علاء الدين رمضاني الناشط بجمعية بوني مقعد للسياحة التي تنظم التظاهرة.
والماراطون الجبلي يمتدّ على مسافة ثمانين كيلومتر متفرّعة عن محمية جبل شيطانة حيث اختبر ثلاثة وثلاثون عدّاء محترفًا في أفريل/ نيسان الماضي المسلك الوعر بحضور سفير الهند بتونس، وقد أعربوا عن إعجابهم بالمسلك الذي يجمع كل الخصائص الطبيعية للبلاد التونسية، وفق قوله.
الماراطون الجبلي يمتدّ على مسافة ثمانين كيلومتر متفرّعة عن محمية جبل شيطانة
والتظاهرة التي يراوح فيها المسلك بين الرمل والغابة والجبل، يشارك فيها 70 شخصًا من بينهم عداؤون تونسيون، كما أن التنسيق جار مع أجانب، حسب حديث الرمضاني لـ"ألترا تونس" الذي أكّد أن القائمين على التظاهرة أمضوا سنتين في تحديد المسلك بمشاركة خبراء في المجال.
وعن فكرة التظاهرة، يشير محدّثنا إلى أنّ تواتر الصيحات الرياضية الجديدة كان دافعًا لمجموعة من النشطاء ليبتكروا تظاهرة متفرّدة تحدث حركية ثقافية وسياحية واقتصادية في الجهة، خاصة وأن الفكرة لقيت رواجًا حينما جسّدها الناشط البيئي مجدي كلبوسي في عين دراهم، على حدّ تعبيره.
أصل التسمية
وعن تسمية الماراطون الجبلي بـ"شيطانة ألترا ترايل"، يقول علاء الدين رمضاني في حديثه مع "ألترا تونس"، إنّها مستلهمة من الحديقة الوطنية بجبل شيطانة الواقع بين منطقتي نفزة وسجنان، وتتبع الأولى محافظة باجة فيما تتبع الثانية محافظة بنزرت.
كثيرة هي الروايات التي تتعلّق بتسمية جبل شيطانة وأكثرها تداولًا تلك المتعلّقة بخنفس طائر يسمّى "الشيطانة"
وكثيرة هي الروايات التي تتعلّق بتسمية جبل شيطانة، وفق رمضاني، ولكنّ أكثرها تداولًا تلك المتعلّقة بخنفس طائر يسمّى "الشيطانة"، والهدف من إطلاق هذه التسمية على الماراطون الجبلي جلب انتباه الآخرين عبر الاستلهام من تاريخ المنطقة، على حدّ تعبيره.
ولأن "شيطانة ألترا ترايل" تظاهرة ضخمة تمتاز بمسلك وعر، فإن التسمية أيضًا تمدّ جذورها في لغتنا العامية التونسية، إذ يُنعت الطفل كثير النشاط والقائم بأفعال أكبر من سنه بـ"الشيطان"، ولن يشارك في هذا الماراطون إلا من له قدرة على التكيف مع المسالك الصعبة، وفق قول محدّثنا.
اقرأ/ي أيضًا: "ماناش مسَلمِين".. حملة لعشاق الرحلات الداخلية في تونس
أهداف الماراطون
ولتظاهرة "شيطانة ألترا ترايل" أهداف تصب كلّها في تنمية الجهة حيث يسعى القائمون عليها على تركيز قرية بيئية تشمل الموارد الطبيعية والمنتوجات المحلية من عسل وزيوت بهدف من أجل تجاوز مشكل التسويق الذي يشكو منه منتجوه وإلى جانب فتح آفاق أخرى لمتساكني الجبل، وفق حديث الرمضاني.
علاء الدين الرمضاني (ناشط في جمعية بوني مقعد) لـ"ألترا تونس": الجمعية لم تتحصل سوى على دعم لوجستي من السلط المحلية
ومن بين الأهداف الأخرى للماراطون، إنجاح فكرة الماراطون نفسه وإشعاعه خارج تونس واقترانه بالسياحة البديلة والسياحة الثقافية والتعريف بالجهة وبمخزونها البيئي والثقافي والتمكّن من تجسيد فكرة القرية البيئية على أرض الواقع وتنشيط الحركية الاقتصادية.
ومن خلال الرياضة، يسعى القائمون على التظاهرة إلى التغيير على الصعيد الاجتماعي أيضًا من خلال ضمان الاستقرار لأولئك الذي يوفرون قوتهم اليومي من المنتوجات البيئية، إلى جانب خدمة المنطقة والإسهام في تنميتها من خلال تظاهرة لا تخلو من التفرّد والابتكار، حسب قول محدّثنا.
غياب الدعم..
ورغم غياب الدعم المادي، وتكفّل جمعية بوني مقعد للسياحة بكل مصاريف الإعداد للتظاهرة، وفق قول علاء الدين الرمضاني، الذي يبيّن أنّ هذا الإشكال سيلغي تجسيد فكرة أروقة لعرض المنتوجات الطبيعية، مبيّنًا أن الجمعية لم تتحصل سوى على دعم لوجستي من السلط المحلية تمثل في التنسيق مع أعوان الغابات والحماية المدنية.
الجمعية المشرفة على تنظيم الماراطون الجبلي العالمي بمحمية جبل شيطانة تستمدّ هي الأخرى تسميتها من تاريخ المنطقة وهويتها
والقائمون على التظاهرة التي تهدف إلى تغيير العقلية في الجهة وإخراج الرياضة من الحيز الضيق إلى جانب خلق حركية اقتصادية، مازالت تأمل في الحصول على الدعم، وفي حال ظل الوضع على حاله سيُنجحون التظاهرة بما أوتوا من جهد لإيمانهم بأنها ستؤتي أكلها بعد سنوات وستعود بالنفع على الجهة، وفق قوله.
عن جمعية بوني مقعد للسياحة
الجمعية المشرفة على تنظيم الماراطون الجبلي العالمي بمحمية جبل شيطانة تستمدّ هي الأخرى تسميتها من تاريخ المنطقة وهويتها، إذ أن مقعد هو حصان تونسي أصيل لا يوجد إلا في منطقة نفزة، وبهدف حماية هذه الفصيلة وجدت جمعية بوني مقعد للسياحة.
والجمعية التي لا تنطلق من هوية المكان الذي تمتد فيه لا يمكن لها أن تقدم له الإضافة، وفق قول علاء الدين الرمضاني الذي يؤكّد أن ترسيخ السياحة الثقافية والرياضية من بين أهدافها الكبرى على اعتبار أن المخزون البيئي والثقافي للجهة مغمور، وفق تعبيره.
اقرأ/ي أيضًا:
النخلة في الجنوب التونسي.. منبع حياة بيعها عار وغراستها خير وبركة
"رجال الكبّار" في تونس.. رحلة الآلام لقطف ثمار النبتة الجبلية