الترا تونس - فريق التحرير
يعدّ ملفّ المهاجرين غير النظاميين المفقودين من أبرز الملفات العالقة، نظرًا لتواصل ارتفاع عدد المفقودين السنة تلو الأخرى الذي يقابله عدم جدية السلطات الرسمية في التعاطي مع الموضوع، وفق ما يؤكده الناشطون الحقوقيون المتابعون لملف الهجرة غير النظامية.
يعدّ ملفّ المهاجرين غير النظاميين المفقودين من أبرز الملفات العالقة، نظرًا لتواصل ارتفاع عدد المفقودين السنة تلو الأخرى الذي يقابله عدم جدية السلطات الرسمية في التعاطي مع الموضوع
ولعلّ آخر هذه الحوادث، فقدان أثر حوالي 40 مهاجرًا غير نظامي تونسيًا من معتمدية الحنشة من ولاية صفاقس منذ الليلة الفاصلة بين 10 و11 جانفي/يناير 2024، وسط قلق ومخاوف تخيم على أفراد عائلتهم ودعواتهم المستمرة للسلطات للتحرك والكشف عن مآلهم المجهول.
وقد سبق أن نفذت عائلات المهاجرين المفقودين وقفة احتجاجية أمام مقر المعتمدية لحثّ السلطات على التدخل، فيما احتدت الأوضاع وشهدت المنطقة احتقانًا وتصعيدًا، يوم 16 جانفي/يناير المنقضي، حيث أقدم أهالي معتمدية الحنشة على غلق المفترق المروري وسط المدينة وعمدوا إلى إشعال العجلات المطاطية، ثمّ صعدوا احتجاجهم بغلق الطريق السيارة تونس-صفاقس، تنديدًا بما اعتبروه عدم تجاوب السلطة كما يجب مع الحادثة.
- شهر على فقدان أثر 40 مهاجرًا.. لا جديد في الملف
ورغم مرور قرابة شهر على فقدان أثر حوالي 40 مهاجرًا من أبناء منطقة الحنشة من ولاية صفاقس، لا يبدو أنّ هناك أيّ تطوّر أو مستجدات في الملفّ، الأمر الذي دفع عددًا من ممثلي عائلات المفقودين إلى عقد ندوة صحفية، يوم 6 فيفري/شباط 2024، تزامنًا مع إحياء اليوم العالمي لمحاربة نظام الحدود القاتل، عبروا فيه عن غضبهم واستيائهم مما اعتبروه عدم تجاوب كافٍ من السلطات مع قضيتهم.
رغم مرور قرابة شهر على فقدان أثر حوالي 40 مهاجرًا من أبناء منطقة الحنشة من ولاية صفاقس، لا يبدو أنّ هناك أيّ تطوّر في الملفّ الأمر الذي أثار استياء أهالي الحنشة ودفعهم لتوجيه نداء للرئيس ولوزارتي الداخلية والخارجية للتدخل
وقدم عدد من ممثلي عائلات المفقودين شهادات في علاقة بحادثة فقدان أبنائهم. وقالت فاطمة، وهي شقيقة أحد المفقودين، في الندوة الصحفية المنعقدة بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بتونس العاصمة: "نعيش حالة من اللوعة والحزن منذ ليلة 10 جانفي/يناير المنقضي".
وتابعت قائلة: "منذ فقدنا الاتصال بأبنائنا ليلة 10 جانفي/يناير وإلى غاية هذه اللحظة لا نعلم شيئًا عنهم"، معقّبة: "أعلمنا السلطات الجهوية بولاية صفاقس ومددناها بأرقام هواتهم لكن لم يصلنا أي خبر عنهم، وردّ السلطات يقتصر على أنّ الهواتف مغلقة منذ تلك الليلة".
وأشارت فاطمة إلى أن عائلات المفقودين ظلت تحاول البقاء على اتصال مع السلطات، لكنها لم تجد أيّ تجاوب من قبلهم، الأمر الذي دفعهم إلى تنفيذ وقفة احتجاجية أمام معتمدية الحنشة".
شقيقة أحد المفقودين: لا نجد أيّ تجاوب من السلطات في ملف المفقودين الـ40 من أبناء الحنشة وندعو السلطات المركزية من رئاسة الجمهورية ووزارتي الداخلية والخارجية إلى التدخل
واستطردت قائلة إنّ "جهود السلطات اقتصرت على القيام بتمشيط على المستوى البري والبحري بولاية صفاقس، لكنها لم تقم بأكثر من ذلك"، متابعة: "وصلتنا بعض المعلومات التي تقول إن أبناءنا موقوفون في ليبيا، فاتصلنا بالسلطات التونسية وأردنا أن تتفاعل معنا عن طريق قنصل تونس في ليبيا أو وزارتي الداخلية والخارجية، لكن ليس هناك أي تجاوب معنا"، على حد قولها.
وشددت المتحدثة على أنّ الغاية من عقد هذه الندوة هي تبليغ أصوات أهالي المفقودين إلى السلطات المركزية من رئاسة الجمهورية ووزارتي الداخلية والخارجية.
عمّ أحد المفقودين: "منطقة الحنشة تشهد تهميشًا وانقطاعًا مبكرًا عن الدراسة، وبالتالي فإنّ الأطفال والشباب يجدون أنفسهم في الشارع، ويرون أن إيطاليا هي الحلم المنشود"
ومن جانبه، قال محمد الحنشي، وهو عم أحد الشباب المفقودين، إنّ "المجموعة تضم 40 شابًا معظمهم قصّر، غادروا في الليلة الفاصلة بين يومي 10 و11 جانفي/يناير في إطار عملية هجرة غير نظامية في اتجاه سواحل إيطاليا، مؤكدًا أنه "منذ ذلك الحين فقد الاتصال بهم".
وسلط الحنشي الضوء على الغضب والاحتقان الذي شهدته منطقة الحنشة مؤخرًا احتجاجًا على ما اعتبره أهاليها تقصيرًا من السلطات في علاقة بملف المفقودين، معقبًا القول إنّ "الوضع يستدعي مقاربات اقتصادية واجتماعية لأن المقاربة الأمنية لا تكفي".
وأكد المتحدث أنّ "منطقة الحنشة تشهد تهميشًا وانقطاعًا مبكرًا عن الدراسة، وبالتالي فإنّ الأطفال والشباب يجدون أنفسهم في الشارع، ويرون أن إيطاليا هي الحلم المنشود".
- دفن 6 تونسيين في إيطاليا.. هل من جديد؟
وعلى صعيد آخر، تم تسليط الضوء خلال الندوة الصحفية ذاتها على حادثة دفن 6 جثامين لمهاجرين غير نظاميين تونسيين في إيطاليا كانوا قد توفوا إثر غرق مركبهم منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ولم يقع ترحيل جثامينهم إلى تونس.
وقال خال أحد الذين ماتوا ودفنوا من بين المهاجرين الستّ المذكورين، إنّه منذ وفاتهم غرقًا في أكتوبر/تشرين الأول المنقضي قامت السلطات الإيطالية بإرسال صورهم لفرقة الإرشاد البحري بالمنستير، وتم التعرف عليهم.
وتابع قائلًا: "قمنا بالتحليل الجيني في نوفمبر/تشرين الثاني المنقضي وبقينا ننتظر صدور نتائج التحاليل حتى نتمكن من مباشرة الإجراءات القانونية لترحيل الجثامين إلى تونس، لكن بلغتنا معلومات أنّ السلطات الإيطالية قامت بتاريخ 18 جانفي/يناير المنقضي بدفن الجثامين في إيطاليا".
خال أحد التونسيين الـ6 الذين دفنوا في إيطاليا: السلطات التونسية "تماطل" أهالي المهاجرين الستّ الذين وقع دفنهم في إيطاليا ويبدو أنّ هناك نية لعدم جلب الجثامين لدفنها في تونس
واستطرد قائلًا: "بمجرد أن وردتني المعلومة، قابلت والي المنستير والمعتمد بالمنطقة، وأعلمتهما بأنه وقع دفن جثامين التونسيين الـ6 في إيطاليا، إلا أنهما نفيا ذلك وقالا إنه لا يمكن أن يحصل ذلك"، مستدركًا القول: "لكن اتضح في الأخير أنه وقع دفنهم في إيطاليا"، وفق روايته.
وتابع المتحدث قائلًا: "يوم 26 جانفي/يناير المنقضي توجهنا للخارجية فتم إعلامنا بأن نتيجة التحليل الجيني صدرت واتضح أنه متطابق، وبقينا في انتظار الإجراءات، وإلى اليوم لم نحصل على إذن قضائي لترحيل الجثامين إلى تونس"، وفقه.
وخلص المتحدث، في هذا الصدد، إلى أنّ السلطات التونسية "تماطل" أهالي المهاجرين الستّ الذين وقع دفنهم في إيطاليا، معتقدًا أنّ "هناك نية لعدم جلب الجثامين لدفنها في تونس"، حسب تصوره.
يذكر أنّ الإدارة العامة للحرس الوطني كانت قد أعلنت، يوم 16 جانفي/يناير المنقضي، أن وحدات الحرس البحري بالتعاون مع جيش البحر باشرت البحث عن القارب المفقود الذي يقل مهاجرين، بعد تلقيهم بلاغًا من عائلات المفقودين.
وقالت إدارة الحرس الوطني، في بلاغ لها، إنها "تلقت معلومات مفادها انطلاق عملية هجرة غير نظامية باتجاه إيطاليا انطلاقًا من سواحل صفاقس الليلة الفاصلة بين يومي 10 و11 جانفي/يناير 2024، لحوالي 40 شخصًا أصيلي الجهة".
وأضافت أنّه "بناءً على تقدم أهالي بعض المشاركين في عملية الهجرة غير النظامية للمركز البحري بصفاقس للإبلاغ عن فقدان التواصل مع أبنائهم، تم تسخير جميع الوحدات الميدانية التابعة لإقليم الحرس البحري بالوسط وإقليم الحرس الوطني بصفاقس من زوارق وخوافر وطوافات معززة بدوريات ساحلية ودوريات جوية باستعمال الطائرة العمودية إلى جانب التنسيق مع الوحدات الميدانية لجيش البحر وذلك للقيام بعملية بحث بكافة الفضاءات البحرية والشريط الساحلي المتاخم لولاية صفاقس والمهدية.
في المقابل، لم يقع إلى حد اللحظة الإعلان عن أيّ نتيجة أو تقدم في عمليات البحث عن المهاجرين الـ40 المفقودين منذ قرابة شهر.