08-أكتوبر-2022
 زياد الجزيري

زياد الجزيري أحد نجوم المنتخب التونسي السابقين في حوار خاص مع "الترا تونس" يحدثنا عن حظوظ تونس في مونديال قطر ومواضيع أخرى

 

الإصرار والتمسّك بالانتصار من أوكد الخصال الكروية التي ميّزت زياد الجزيري أحد نجوم المنتخب التونسي في مسيرته الرياضية، للتحقق من هذا الحكم التقييمي يمكن للجيل الحالي العودة إلى المراوغات الناجعة والتمريرات الحاسمة والأهداف المصيرية التي جسمها هذا اللاعب في المباريات الدولية التي خاضها مع نسور قرطاج عالميًا وإفريقياً وفي الأندية التي لعب لفائدتها في تونس (النجم الساحلي) وفي أوروبا (غازي عنتاب سبور التركي ونادي تروا الفرنسي) وفي الخليج (نادي الكويت الكويتي).

زياد الجزيري هو أحد نجوم المنتخب التونسي السابقين عٌرف بمراوغات ناجعة وتمريرات حاسمة وعدة أهداف في المباريات الدولية مع نسور قرطاج

الإصرار والحماسة أو ما يسميه التونسيون القرينته (Grinta) مثلت فاتحة حوار "ألترا تونس" مع زياد الجزيري.

 

 


  • هل تعتبر مزيد التحفيز النفسي كفيلاً بتغيير وجه المنتخب التونسي بعد الهزيمة المدوّية ضد البرازيل واستعدادًا لمونديال قطر؟

لا شكّ أنّ الإصرار والعزيمة كفيلان بجعل اللاعب أكثر عطاء على الميدان، وهو ما يساهم بشكل كبير في تحقيق الانتصار أو الخروج بأخفّ الأضرار خاصّة عند مواجهة المنتخبات الكبرى.

هذا الإصرار يدرك ذروته في المباريات الرسمية، لذلك أتوقع أن يكون أداء أبناء جلال القادري في مونديال قطر أفضل بكثير ممّا شاهدناه في ملعب حديقة الأمراء بباريس. لكنّ العزيمة تقتضي شروطًا أخرى لا غنى عنها لتقديم أداء مشرف.

  • دعنا من العموميات، هلّا فصلت القول حول الشروط الأخرى وفي صلة بالمجموعة الحالية المتوفرة؟

في الحقيقة إذا لم يكن اللاعب جاهزًا يوم المباراة حتّى إن كان من ركائز الفريق وحتّى إن تحلّى بالعزيمة و"القرينتا" المطلوبة يظل عاجزًا على تقديم المطلوب، وهذا ما لمسناه بوضوح في مباراة البرازيل، فالتعويل على يوسف المساكني منذ بداية اللقاء لم يكن اختيارًا وجيهًا مثلًا بالنظر إلى عدم جاهزيته البدنية رغم قيمته الفنية الثابتة.

زياد الجزيري: اللياقة البدنية خاصة في مونديال قطر سيكون لها الأثر بعيد المدى في نتائج المنتخب التونسي وبقية المنتخبات، وهي نقطة ينبغي على القادري أن يوليها الاهتمام

لذلك أُنبه إلى أنّ اللياقة البدنية خاصّة في مونديال قطر سيكون لها الأثر بعيد المدى في نتائج منتخبنا وبقية المنتخبات، وهي نقطة ينبغي على القادري أن يوليها الاهتمام الأوفر.

  • ألا ترى أنّ تعطّل نشاط البطولة التونسية قد ضيّق على القادري مجال الاختيار؟

فعلاً، وهذا ما يفسر اعتماد المدرب الوطني على مجموعة محدودة من اللاعبين الناشطين في البطولة التونسية، وقد يتقلّص عددهم في القائمة النهائيّة. فلجوؤه إلى المحترفين لا أظنه يرجع إلى تعمّده الاستخفاف باللاعب المحلي إنّما هو لمبررات موضوعية يعرفها القاصي والداني تتّصل بتعطّل البطولة لأسباب لا صلة لها بالجانب الفني.

زياد الجزيري: تعطّل البطولة التونسية أدى إلى تعويل القادري على مجموعة محدودة من اللاعبين الناشطين فيها وقد يتقلّص عددهم في القائمة النهائية

  • منتخبٌ جلّ عناصره من المحترفين لا نظنّه يعكس مستوى البطولة المتدنّي، أليس كذلك؟

جلال القادري لم يراهن كثيرًا على اللاعبين الناشطين في البطولة المحليّة، وهذا نتفهمه، ولأنّ جلّ اللاعبين ينشطون في مصر والأندية الخليجية والأوروبية يمكن القول إنّ مستوى المنتخب لن يتأثر كثيرًا بحال البطولة التونسية التي نتمنى لها أن تتعافى في أقرب الآجال.

 

 

  • لكن ما تفسيرك لقول القادري "إذا كان النادي الإفريقي بخير يكون المنتخب بخير"؟

كلامه صحيح، فحينما يكون الإفريقي أحد أكبر الأندية التونسيّة في أفضل حالاته سيساهم في جعل المدرب الوطني أمام عدد أكبر من اللاعبين المتميزين في جلّ الخطط مما يجعل مجال الاختيار أوسع وتكون المنافسة على المراكز أقوى، لكن في هذه الحالة بات القادري مجبرًا على اللعب بالموجود وبمن حضر خاصّة في بعض المراكز.

في هذه النقطة لا بد من الإقرار بأنّ كلام القادري ينطبق على جميع الأندية بدرجات.

زياد الجزيري: جلّ لاعبي المنتخب ينشطون في مصر والأندية الخليجية والأوروبية ومستوى المنتخب لن يتأثر كثيرًا بحال البطولة التونسية

  • كيف ذلك؟

اقترن تألقّ المنتخب التونسي في العديد من المباريات والمنافسات بالحضور المكثف للاعبي النجم، فقد خاض نسور قرطاج نهائي كأس إفريقيا 1996 بثمانية من لاعبي النجم وترشح لكأس العالم بتشكيلة نصفها تقريبًا من نفس الفريق، ولا ينبغي أن ننسى أنّ كأس إفريقيا سنة 2004 قد حصلنا عليه بهجوم متكوّن أساسًا من لاعبي "ليتوال"، سانتوس والجزيري وبركائز من نفس الفريق أهمهم كريم حقي وكلايتون في الدفاع والبوعزيزي وسط الميدان.

  • ينطبق هذا كذلك على الترجي، أليس كذلك؟

فعلًا، كلّ الأندية خاصّة الكبرى كانت لها مساهمة بارزة في تألق المنتخب بلاعبيها المحليين.

  • تعوّل المنتخبات على نجوم قادرين على قلب المعادلة في كلّ وقت، هل ينطبق هذا على منتخبنا في النسخة الحالية؟

لا بدّ أن نعترف بأن قائمة القادري خالية تمامًا من النجوم الذين ينتمون إلى المستوى العالي والعالي جدّا (Le très haut niveau)، وهذا ينطبق على كلّ المنتخبات المترشحة من قارّة إفريقيا "يا حسره" على جيل أكوشا وكانو وإيتو ودروغبا!.. لكن في المباريات الرسمية يمكن أن نقف في منتخبنا على الإضافة و الأداء الاستثنائي من هذا اللاعب أو ذاك.

زياد الجزيري: لا بدّ أن نعترف بأن قائمة القادري خالية تمامًا من النجوم الذين ينتمون إلى المستوى العالي والعالي جدّا

  • أشرت إلى ممثّلي إفريقيا فهلّا فصلت القول في المشاركة العربية في مونديال قطر؟

في البداية لا بدّ من تسجيل أسفنا البالغ لعدم ترشح زملاء رياض محرز فمنتخب الجزائر يضمن للمسابقة إفريقيًا أو عالميًا طعمًا خاصًّا وعطرًا متميزًا (charme spécial)، ولا أبالغ إن قلت لك إنّ الشعب التونسي حينما تشارك الجزائر في المونديال أو في كأس إفريقيا يشعر أنّ بلاده تشارك بمنتخبين، فالمقاهي يوم مباريات الجزائر تشهدًا إقبالًا على المتابعة بنفس العدد ونفس الحماسة، وحينما تغيبت تونس عن مونديال 2014 كان تركيز التونسيين منصبًا على زملاء دجابو فأظهر الجمهور حماسًا فياضًا وهو يعاين تألق الجزائر في الدور الأول وترشحها إلى الثمن النهائي.

زياد الجزيري: المغرب بمستواه الحالي وبتقدمه قادر على التألق في مونديال قطر شرط التحليّ بالواقعية والنجاعة

بالنسبة إلى المغرب بمستواه الحالي وبتقدمه في الترتيب العالمي والعربي للمنتخبات قادر على التألق شرط التحليّ بالواقعية والنجاعة، أمّا المنتخب القطري فلن يستفيد فقط من عامل الميدان بل سيكون بدنيًا وتكتيكيًا في مستوى  الحدث العالمي بفضل الاستقرار في الجهاز الفني منذ سنوات وحسن التخطيط والاستعداد لهذه المناسبة وهذا ما يجعله مرشّحًا لتخطّي الدور الأوّل.

أقول لك ببساطة إنّ التركيز منصب على الملاعب والتجهيزات والتنظيم المحكم الذي نجحت قطر في إعداده ولكنني أجزم أنّ قطر لن تكتفي بواجب الضيافة، سيكون لها شأن كبير داخل المستطيل الأخضر وخارجه.

زياد الجزيري: المنتخب القطري لن يستفيد فقط من عامل الميدان بل سيكون بدنيًا وتكتيكيًا في مستوى الحدث بفضل الاستقرار في الجهاز الفني منذ سنوات وحسن التخطيط

  • يعوّل بعض التونسيين على التكهنات، منها انسحاب صاحب لقب كأس العالم من الدور الأوّل في النسخة الموالية، حصل هذا في المناسبات الثلاث الأخيرة مع إيطاليا ( 2010)، وإسبانيا (2014)، وألمانيا (2018)، هل يتكرر نفس السيناريو في مونديال 2022؟

إن كنت تقصد إمكانية حدوث مفاجأة بانسحاب المنتخب الفرنسي من الدور الأول، فهذا من باب الأماني المستبعدة جدًا، وكرة القدم لم تعد قائمة على التخمينات والأمنيات، فرنسا والدنمارك وحتى أستراليا منافسونا في المجموعة منتخبات تبدو جاهزة كأفضل ما يكون خاصّة على المستوى البدني، ومنتخب الديوك يملك بدائل عديدة في كلّ المراكز، مما يجعله قادراً على المضي بعيدًا وتحقيق نتائج باهرة وها أنت تلاحظ الأداء المتميز الذي يقدمه نجومه في البطولات الأوروبية خاصّة اللاعب مبابي.

زياد الجزيري: فرنسا والدنمارك وحتى أستراليا منافسونا في المجموعة منتخبات تبدو جاهزة كأفضل ما يكون خاصّة على المستوى البدني ومنتخب الديوك يملك بدائل عديدة في كلّ المراكز

  • أشرت إلى مبابي وأنت العارف بدقائق المرمى ومنطقة الجزاء هل تتوقع لهذا اللاعب ولبقية المهاجمين نجاعة أكبر في مونديال قطر؟

المباريات الودية والرسمية في الأندية والمنتخبات الأوروبية خاصّة خلال الأسابيع الأخيرة تؤكّد أنّ كرة القدم خلال مونديال 2022 ستدرك أرقامًا كبرى من حيث الأهداف، وقد تتحقّق نتائج باهرة في عدد من المباريات ولا أستبعد أن يتمّ تحطيم بعض الأرقام القياسيّة، بشرط أن يتمّ إنصاف المهاجمين، وهذا بطبيعة الحال في مصلحة الجمهور الرياضي لتتحقق المتعة والإثارة.
 

 

زياد الجزيري ومراسل الترا تونس

مراسل "الترا تونس" مع أحد نجوم المنتخب التونسي سابقًا زياد الجزيري