الترا تونس - فريق التحرير
ندد عدد من الأحزاب التونسية وسياسيون في تونس بالحكم الصادر مساء الاثنين 15 ماي/أيار 2023 في حق رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي بالسجن لمدة سنة بتهمة التحريض، وذلك في علاقة بشكاية تقدم بها نقابي أمني بخصوص استعمال الغنوشي عبارة "طواغيت" أثناء تأبينه أحد قيادات حركة النهضة".
حركة النهضة: السلطة مرت إلى المحاكمات السياسية الجاهزة بإصدار حكم بالسجن في حق راشد الغنوشي وهو حكم نعتبره سياسيًا وظالمًا
واعتبرت حركة النهضة، في بيان أصدرته ليل الاثنين، أن "السلطة مرت إلى المحاكمات السياسية الجاهزة، وذلك بعد إصدار حكم بالسجن في حق راشد الغنوشي"، معتبرة أنه "حكم سياسي ظالم"، وداعية إلى "إطلاق سراحه فورًا".
وأكدت النهضة أن "راشد الغنوشي المعتقل من أجل التعبير عن رأيه على خلفية تصريح مدلّس، لم يتردد أبدًا في الحضور أمام قاضي التحقيق في مناسبات سابقة، لكن لمّا تبيّن له التنكيل المتعمد به قرر عدم المثول أمام قضاء خاضع للسلطة السياسية لا تتوفر فيه الشروط المحاكمة العادلة"، وفق تعبيرها.
وذكرت، في سياق متصل، "بتصريحات وكتابات راشد الغنوشي المناهضة للتطرف والإرهاب والداعية للوسطية والاعتدال ونضاله الطويل من أجل الحرية والوحدة الوطنية"، حسب ما ورد في نص البيان.
ومن جانبها، اعتبرت جبهة الخلاص الوطني، في بيان لها، أن التهمة التي وجهت لراشد الغنوشي "كيدية"، مشيرة إلى أنه سبق أن "مثل أمام قاضي التحقيق للرد عليها، لكنه رفض المثول أمام الدائرة الجناحية معتبرًا أن القضية ملفقة ولا سند لها في الواقع والقانون".
وأكدت الجبهة في هذا الصدد أن "إيداع أحد أبرز الشخصيات السياسية السجن بسبب تصريحات يقع تأويلها على خلاف منطوقها ومدلولها يثبت من جهة أن السلطة لم تستطع إثبات أي أعمال مادية مجرمة في حق رئيس حركة النهضة وعموم السياسيين الموقوفين، وتقوم دليلًا إضافيًا من جهة أخرى على أن الاعتباط حل محل القانون في الحياة العامة وأن لا أحد من المعارضين مهما كان موقعه أو انتماؤه في مأمن من مصادرة حريته والزج به في السجن"، حسب تصورها.
جبهة الخلاص: إيداع أحد أبرز الشخصيات السياسية السجن بسبب تصريحات يقع تأويلها على خلاف منطوقها ومدلولها يثبت أن السلطة لم تستطع إثبات أي أعمال مادية مجرمة في حقه
وتابعت الجبهة: "ينضاف هذا الحكم إلى إيداع أكثر من عشرين شخصية سياسية بالسجن للشهر الثالث على التوالي دون حجة أو تبرير سوى كيل التهم جزافًا والانحراف بالسلطة والقانون"، مؤكدة أن "سياسة القمع نتيجة مباشرة للانقلاب على الدستور والانفراد بالحكم المطلق وهي ملاذ السلطة في وجه إخفاقها في إدارة الشأن الاقتصادي وفشلها في معالجة الأزمة المالية والاجتماعية الخانقة التي تواجهها البلاد".
كما شددت على أن "سياسة القمع لا تفرق بين المعارضين والمخالفين في الرأي، سواء كانوا سياسيين أو نقابيين أو إعلاميين أو قضاة أو محامين أو مدونين وهي سياسة تدفع بالبلاد إلى عدم الاستقرار وخطر الانهيار وأن واجب القوى السياسية والمدنية جمع كلمتها من خلال حوار وطني جامع لرسم خارطة طريق للخروج من الأزمة وإعلاء سلطة القانون وتجديد المؤسسات الدستورية من خلال انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة"، وفق ما جاء في نص البيان.
كما علق عدد من السياسيين على الحكم الصادر في حق راشد الغنوشي، معتبرين أنه "حكم سياسي"، ومنندين بتواصل المحاكمات السياسية ضد المعارضين في تونس.
وقال الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري، في تدوينة له على فيسبوك، إنه تم "تأويل" كلام راشد الغنوشي "في منحي تعسفي كيدي يستهدف حرية الرأي وحرية التعبير"، حسب رأيه.
عماد الخميري: سياسة التخويف والترهيب بالاعتقال أو بالسجن هي سياسة فاشلة وجربت من قبل وهي ملاذ السلطة في وجه إخفاقها في إدارة الشأن الاقتصادي وفشلها في معالجة الأزمة المالية والاجتماعية الخانقة
وتابع الخميري: "إيداع راشد الغنوشي والحكم عليه بالسجن بسبب تصريحات يقع تأويلها على خلاف منطوقها ومدلولها يثبت أن السلطة لم تستطع إثبات أي أعمال مادية مجرمة في حقه، ويمثل دليلًا إضافيًا على أن الاعتباط حل محل القانون في الحياة العامة وأن لا أحد من المعارضين مهما كان موقعه أو انتماؤه في مأمن من مصادرة حريته والزج به في السجن".
كما أكد أن "سياسة التخويف والترهيب بالاعتقال أو بالسجن هي سياسة فاشلة وجربت من قبل وهي ملاذ السلطة في وجه إخفاقها في إدارة الشأن الاقتصادي وفشلها في معالجة الأزمة المالية والاجتماعية الخانقة"، مضيفًا أنه "كان الأجدر بهذه السلطة أن تعكف على حل القضايا الحقيقية للتونسيين وكان الأولى أن تتراجع عن هذه السياسة"، وفق ما جاء في نص التدوينة.
ومن جانبه، قال القيادي بحركة النهضة فتحي العيادي، الثلاثاء 16 ماي/أيار 2023، "يستمر عبث قيس سعيّد بالدولة التونسية ومؤسساتها، ويضع مجددًا الدولة التونسية في مواجهة شعبها ويفرض على مؤسساتها سلوكًا كنا نخال أننا قد تجاوزناه بمفعول ثورة الحرية والكرامة".
فتحي العيادي: قيس سعيّد يضع قضاته الذين استجابوا للضغط العالي المسلط عليهم من طرف وزارة العدل وقصر قرطاج في مسار قضاة بن علي الذين أصدروا أحكامًا على الهوية السياسية في اعتداء صارخ على شرف المهنة
وأضاف، في تدوينة له على فيسبوك، "سعيّد يضع قضاته الذين استجابوا للضغط العالي المسلط عليهم من طرف وزارة العدل وقصر قرطاج في مسار قضاة بن علي الذين أصدروا أحكامًا على الهوية السياسية في اعتداء صارخ على شرف المهنة وعلى إجراءات التقاضي العادل ويضع أيضًا المؤسسة الأمنية تحت ضغط عال من أجل تنفيذ رغباته في اعتقال كل المعارضين السياسيين والمدونين والصحفيين وقيادات المجتمع المدني الذين خالفوا تمشيه الاستبدادي وانفراده بالحكم وطمس قيم الثورة التونسية وفرض نمطًا شعبويًا متسلطًا يدفع بتونس نحو الفقر والجوع ويهدد السلم الأهلي من خلال تغذية خطاب الكراهية والعنف"، وفقه.
وعقّب قائلًا: "قيس سعيّد يدمر كل ما أنجزته مرحلة ما بعد الثورة من مصالحات بين الأمن والشعب التونسي وبناء الثقة في قضاء عادل بعد سنوات مشت فيها تونس على جمر التعذيب والتنكيل بالتونسيين ومصادرة حقوقهم السياسية والاجتماعية".
وأكد العيادي أن "على الجميع أن يتحمل مسؤوليته في إيقاف هذا العبث بتونس ووضع مؤسسات الدولة في مقابل طموحات شعبها وعلى الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية وكل المواطنين التونسيين أن يستشعروا حجم الكارثة التي يفرضها علينا انقلاب سعيّد وأن يوحدوا جهودهم من أجل إنقاذ تونس"، وفق تعبيره.
ومن جهته سلّط المحامي سمير ديلو، وهو عضو بهيئة الدفاع عن راشد الغنوشي، الضوء على الخطوات المزمع تنفيذها من قبل هيئة الدفاع في علاقة بالحكم الصادر في حق منوبها.
وقال ديلو، في مداخلة له على إذاعة "شمس أف أم" (محلية)، إن هيئة الدفاع لم تتحصل بعد على أي إعلام في علاقة بالحكم، لافتًا إلى أن "الأمور حصلت بشكل استعجالي غير مألوف"، وفق توصيفه.
سمير ديلو: هيئة الدفاع لم تتحصل بعد على أي إعلام في علاقة بالحكم والأمور حصلت بشكل استعجالي غير مألوف إذ أن الأحكام لا تصدر عادة في الجلسة الأولى
وأضاف أن "هذه الجلسة هي الأولى في هذه القضية، وعادة الأحكام لا تصدر في الجلسة الأولى"، مستطردًا القول: "صحيح أن منوبنا لم يحضر الجلسة وهو حر في قراره، لكن كان بإمكان المحكمة أن تؤجل الجلسة وتنظر في ظروف الاستماع والأسباب، لكن ذلك لم يحصل".
وتابع المحامي: "ليس هناك وضوح إجرائيًا بخصوص الحكم إلى حد الآن، ولا نعلم بعد إن تم اعتبار الحكم غيابيًا أم حضوريًا"، مستدركًا: "في حال تم اعتبار الحكم صادر غيابيًا بالتالي يكون قابلًا للاعتراض، وللاعتراض لا بدّ أن يحضر المنوّب، أمّا إذا تم اعتبار الحكم حضوريًا بالنظر إلى أنه تم إعلام المنوّب بالجلسة، حينها يكون قابلًا للاستئناف فقط".
وأردف قائلًا: "من الناحية الإجرائية، لا زلنا لا نعلم بعد طبيعة الحكم ولما نتأكد من ذلك سنتحدث مع منوبنا حول الإجراء المناسب الذي يتحتم القيام به"، وفق تعبيره.
وكان المستشار السياسي لراشد الغنوشي، رياض الشعيبي قد قال، مساء الاثنين، إنه "تم تسريب خبر من أروقة المحكمة يفيد بصدور حكم ضد راشد الغنوشي بسنة سجنًا وتخطئته بـ1000 دينار من أجل تصريح أدلى به أثناء تأبين أحد أبناء الحركة".
مستشار راشد الغنوشي: "تستمر المحاكمات السياسية وتستمر التسريبات مجهولة المصدر ويضيع الحق على أصحابه، وتضيع الحقيقة كما في كل مرة"
وأضاف، في تدوينة له على فيسبوك: "تستمر المحاكمات السياسية وتستمر التسريبات مجهولة المصدر ويضيع الحق على أصحابه، وتضيع الحقيقة كما في كل مرة"، وفق تعبيره.
وكانت المحامية منية بوعلي قد قالت لوكالة رويترز، مساء الاثنين 15 ماي/أيار 2023، إن "قاضيًا تونسيًا حكم غيابيًا على زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي بالسجن لمدة عام بتهمة التحريض".
وقد نقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر خاصة أن "الحكم يتعلق بشكاية تقدم بها نقابي أمني بخصوص استعمال الغنوشي عبارة "طواغيت" أثناء تأبينه أحد قيادات حركة النهضة".
يذكر أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي مودع بسجن المرناقية منذ 20 أفريل/نيسان 2023، على ذمة القضية التي أطلق عليها "التآمر على أمن الدولة الداخلي وتدبير الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة"، على خلفية تصريحات أدلى بها الغنوشي خلال ندوة من تنظيم جبهة الخلاص الوطني المعارضة واعتبر فيها أن "إقصاء الإسلام السياسي أو أي طرف آخر في تونس قد يؤدي إلى احتراب أهلي"، وفق تقديره، علمًا وأنه تم إيقافه منذ تاريخ 17 أفريل/نيسان ذاته.
وسبق أن أعلن المحامي مختار الجماعي، في تدوينة نشرها على حسابه على فيسبوك في 25 أفريل/ نيسان 2023، أنّ منوّبه راشد الغنوشي قرّر مقاطعة أي استدعاء لحضور التحقيقات رفضًا لسياسة "التنكيل"، وفقه.
يُذكر أنه ومنذ فيفري/شباط الماضي، انطلقت السلطات في تونس في سلسلة إيقافات شملت أساساً سياسيين معارضين للرئيس التونسي قيس سعيّد، ومنهم قيادات في جبهة الخلاص الوطني ومن بينهم شيماء عيسى وراشد الغنوشي، ووجهت لهم تهم مختلفة من بينها "التآمر على أمن الدولة"، بينما تؤكد هيئة الدفاع والمنظمات الحقوقية أن ملفات القضايا "فارغة" وخالية من إثباتات وأدلة للإدانة.