27-ديسمبر-2020

المناضل التونسي الراحل جيلبار نقاش في أول جلسة استماع علنية نظمتها هيئة الحقيقة والكرامة في 2016

الترا تونس - فريق التحرير

 

فقدت الساحة التونسية، السبت 26 ديسمبر/كانون الأول 2020، المناضل والكاتب والناشط السياسي التونسي جيلبار نقاش، الذي ترجّل عن عمر يناهز 81 عامًا، تاركًا خلفه مسيرة تزخر بالنضالات والمؤلفات التي تمثل جزءًا هامًا من التركة الفكرية لتونس.

ولد نقاش سنة 1939 في العاصمة التونسية، في أوج الحقبة الاستعمارية، وفي بداية نضج الحركة الوطنية. ودرس في المعهد الوطني الفلاحي في باريس ثم عاد إلى تونس لتنطلق مباشرة مسيرته السياسية والأدبية معًا.

جيلبار نقاش (في مؤلَّفه "كريستال"): كنت أشعر بأن قدميّ لم تعودا قادرتين على حملي، وبفراغ فظيع في رأسي، وكان ينتابني شعور بالعجز.. هذا كلّ شيء، هم يستطيعون أن يفعلوا بنا ما شاؤوا، أن يخلوا سبيلنا، أو أن يُدخلونا السجن إن أرادوا! اللعنة! اللعنة! 14 سنة سجنًا يا صاحبي

عند عودته لبلاده، عمل كمهندس فلاحي في وزارة الفلاحة بين 1962 وأكتوبر/تشرين الأول 1967. عمل أيضًا في مكتب دراسات فلاحية ضمن منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، كما عمل مديرًا لدار نشر.

في 16 سبتمبر/أيلول 1968،  بـ14 سنة سجنًا لنشاطاته السياسية مع تجمع الدراسات والعمل الاشتراكي في تونس "برسبكتيف" (حركة آفاق)، وهي حركة يسارية ظهرت في ستينات القرن العشرين في تونس، وتعرض لشتى أنواع التعذيب، قبل أن يطلق سراحه بعد عشرة سنوات في 3 أوت/أغسطس 1979، وبقي تحت الإقامة الجبرية وخضع للمراقبة الإدارية.

أول مؤلفاته "كريستال"، كان في الحقيقة قد كتبها في السجن على أغلفة علب سيجارة لعلامة "كريستال" التونسية

أول مؤلفاته "كريستال"، كان في الحقيقة قد كتبها في السجن على أغلفة علب سيجارة لعلامة "كريستال" التونسية. وفي تقديم روايته قال نقاش: ""حوّلتني الكتابة من سجين إلى إنسان".

ولعلّ من بين أبرز مقاطع روايته، التي روى فيها شهادته عن المساجين السياسيين، ما يلي: "كنت أشعر، من ناحية أخرى، بأن قدميّ لم تعودا قادرتين على حملي، وبفراغ فظيع في رأسي، وكان ينتابني شعور بالعجز.. هذا كلّ شيء، هم يستطيعون أن يفعلوا بنا ما شاؤوا، أن يخلوا سبيلنا، أو أن يُدخلونا السجن إن أرادوا! اللعنة! اللعنة! 14 سنة سجنًا يا صاحبي. لقد مرّت علينا حتّى الآن ثلاث سنوات، كانت معظم أيامها كئيبة. تَعيش في عزلة، دون كُتب، تُشاهد أشعة الشمس تتسلّل عبر النافذة المرتفعة جدًا وهي تسلك مسارها، فتقع أولًا على حصير الحلفاء المُلقى على الأرض والذي تُطلق عليه في السجن تسمية "بيّاص"، ثمّ على الصّندوق الكرتونيّ الذي يَحوي المؤونة، لتصلَ الجدار المقابل والباب – وهذا هو موعد وصول الحراس بعد الظهر- وتَتسلّق أشعة الشمس الجدار وتضيق رقعتها لتأخذ شكل مستطيل صغير ثمّ تتلاشى".

كان جيلبار نقاش منفيًا في فرنسا، وعاد إلى تونس بعد الثورة التونسية في 2011. استمع له كشاهد في أول جلسة استماع علنية نظمتها هيئة الحقيقة والكرامة في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وروى فيها ما تعرض له من تعذيب ومضايقات في عهديْ الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جيلبار نقّاش يقدّم "كريستال" في حلتها العربية: أقف وحيدًا على أرض الحرية

اليسار دال وجلبار نقاش مدلوله.. جدل الإحياء والتأسيس في المشهد السياسي التونسي