17-مارس-2022

تم الإعلان عن الانطلاق في تشكيل "الهيئة الوطنية" للإعداد للمؤتمر الوطني للبديل الديمقراطي

 

تعيش تونس على وقع مخاض سياسي مستمر منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد ما أسماها "الإجراءات الاستثنائية" يوم 25 جويلية/يوليو الماضي. مخاضٌ قسم الساحة السياسية لمؤيد ومعارض لهذه الإجراءات.

فقبل أيام من موعد 20 مارس/آذار المنتظر أن يعلن فيه عن إجراءات جديدة بالتزامن مع غلق باب "الاستشارة الإلكترونية"، ومع تواصل غلق قيس سعيّد باب الحوار مع الأحزاب والمنظمات، وبينما يجهز الرئيس لوضع خارطة طريقه، أعلنت المعارضة عن "اتفاق محتمل" يلوح في الأفق يقدم نفسه بديلًا لسعيّد، ما تزال ملامحه غير واضحة في ظل أوضاع اجتماعية واقتصادية تزداد حدة وتدهورًا يومًا بعد يوم.

وقد تُرجم تزايد الأطراف المعارضة لسعيّد وخطته في الحضور الواسع في الندوة السياسية التي نظمتها "المبادرة الديمقراطية"/"مواطنون ضد الانقلاب" الأربعاء 16 مارس/آذار 2022. تم الإعلان خلالها عن الانطلاق في تشكيل "الهيئة الوطنية"،  للإعداد للمؤتمر الوطني للبديل الديمقراطي.

اقرأ/ي أيضًا: بن مبارك:"المؤتمر الوطني للبديل الديمقراطي" هو تصورنا للخروج من الأزمة في تونس

  • المؤتمر الوطني للبديل الديمقراطي

في تصريح لـ"الترا تونس"، أعلن عضو الهيئة التنفيذية لـ"مواطنون ضد الانقلاب" زهير إسماعيل عن الشروع في تشكيل "الهيئة الوطنية" للإعداد للمؤتمر الوطني للبديل الديمقراطي.

وأضاف عضو الهيئة التنفيذية في حديثه لـ"الترا تونس" على هامش ندوة سياسية نظمتها المبادرة الديمقراطية تحت عنوان "المأزق السياسي والانهيار الاقتصادي بعد الانقلاب"، أن "هذه الهيئة الوطنية ستضم كفاءات وطنية من مختلف الأطياف السياسية"، متابعًا: "انطلقنا في التشبيك والاتفاق مع عديد الأطراف والأحزاب على رأسهم اللقاء الوطني للإنقاذ لبلورة البدائل الاقتصادية والاجتماعية وتنسيق العمل الميداني.

زهير إسماعيل (عضو الهيئة التنفيذية لـ"مواطنون ضد الانقلاب"): الهيئة الوطنية للإعداد للمؤتمر الوطني للبديل الديمقراطي ستضم كفاءات من مختلف الأطياف السياسية وانطلقنا في الاتفاق مع عديد الأحزاب لبلورة البدائل الاقتصادية والاجتماعية

واستطرد زهير إسماعيل قائلًا: "الجبهة السياسية أفق لم نصل بعد إلى تجميع كل شروطه، لكن قطعنا خطوات مهمة في هذا الاتجاه، ونسعى لوضع نص مشترك يكون أرضية لتكوين الجبهة والبدائل التي ستسرع بدورها في غلق قوس الانقلاب".

وحذّر إسماعيل من "خطورة الأوضاع في تونس اليوم، ومن إمكانية حدوث انفلات لا يمكن تأطيره على مستوى الشارع الاجتماعي، جرّاء تدهور وتعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية باستفحال البطالة وغياب المواد الأساسية وغيرها"، حسب تصوّره.

  • "الحوار سيفرض نفسه على سعيّد واتحاد الشغل"

وفي إجابة عن سؤالنا حول وجود تنسيق بينهم وبين الاتحاد العام التونسي للشغل أو أمينه العام نور الدين الطبوبي، نفى إسماعيل وجود تواصل رسمي أو مباشر، مستطردًا: "الطبوبي أشار في أحد خطاباته إلى أنه لا يمكن إنجاز انتقال ديمقراطي في عشر سنوات. بمعنى آخر، بقدر ما يتحرك الاتحاد من داخل 25 جويلية، سيحتم عليه أداؤه الخروج من مرجعية 25، وهذا ما سيُيَسّر الالتقاء به باعتباره إطارًا وطنيًا، وبقدر ما ترتاح المؤسسات الدولية للقوى الديمقراطية تبقى أقرب لمؤسسات الدولة والمؤسسات الاجتماعية في محيط الدولة كالاتحاد واتحاد الصناعة والتجارة والمنظمات الحقوقية، كوننا مبادرة مواطنية يسهل علينا الالتقاء مع مختلف الفاعلين"، على حد قوله.

اقرأ/ي أيضًا: تشتت المعارضة في تونس يضعف صفوفها

وأردف محدث "الترا تونس: "نحن مع مبدأ الحوار في المطلق حتى مع قيس سعيّد لكن خارج مرجعية 25 جويلية، الحوار سيفرض نفسه على الجميع وقد لا نجد الوقت لتشكيل الجبهات ونذهب مباشرة للحوار الوطني، لأنه ضرورة ولأن النخب هي التي تصنع التسويات في الأزمات الكبرى وقد كان لنا تجربة في هذا"، وفق تقديره.

زهير إسماعيل لـ"الترا تونس": الحوار سيفرض نفسه على الجميع وقد لا نجد الوقت لتشكيل الجبهات ونذهب مباشرة للحوار الوطني، لأنه ضرورة ولأن النخب هي التي تصنع التسويات في الأزمات الكبرى

وتابع عضو الهيئة التنفيذية لمواطنون ضد الانقلاب: "اختلافنا مع الاتحاد العام التونسي الشغل يكمن في كونه يتحرك من داخل 25 جويلية ونحن نتحرك خارجه، نقطة التقاطع بيننا ما جاء على لسان أمينه العام نور الدين الطبوبي بأن الشراكة السياسية والتعددية مسألة ضرورية، كذلك الديمقراطية ووجود مؤسسة أصلية (البرلمان)، حتى إن لم يكن برلمان 2019/2021، في حين لا يقبل قيس سعيّد بذلك، هذه النقطة التي قد تجعل من الاتحاد إطارًا بقطع النظر عن السقف الذي يتحرك الاتحاد تحته"، وفقه، مستدركًا: "أنا شبه متأكد أن الاتحاد سيقترب أكثر من الشارع الديمقراطي الذي يدافع عن الدستور والديمقراطية".

  • "مسار 25 جويلية حرم تونس من تمويل الميزانية"

من جهته، قال المستشار السابق لرئيس الحكومة وأستاذ الاقتصاد عبد السلام العباسي إن "انقلاب 25 جويلية تسبب في حرمان تونس من عديد القروض والهبات من العملة الصعبة التي كانت ستسد عجز ميزانية سنتي 2021 و2022".

وأكد العباسي، في تصريح لـ"الترا تونس" أن حكومة هشام المشيشي كانت قد انطلقت في مسار تفاوضي مع صندوق النقد الدولي كان من المبرمج الوصول لاتفاق على إثره بحلول سبتمبر/أيلول 2021"، مشيرًا إلى أن "عدم الاتفاق مع النقد الدولي أدى كذلك لتراجع الترقيم السيادي لتونس وتراجع ترقيم 4 بنوك سيادية".

عبد السلام العباسي (مستشار حكومي سابق): من المتوقع أن يشهد الدينار التونسي تقهقرًا في سعر صرفه بحلول شهر أفريل وسيكون هناك استنزاف لمخزون تونس من العملة الصعبة لتمويل نفقات الدولة والاستيراد

كما كشف عن "وعود تلقتها حكومة المشيشي من الولايات المتحدة الأمريكية لضمانها في صورة خروجها للسوق المالية للاقتراض، كما كان من المفترض أن تتحصل تونس على هبة أمريكية من قبل منظمة تحدي الألفية بقيمة 500 مليون دولار، وعلى القسط الثاني من القرض الأوروبي بقيمة 300 مليون يورو، الذي كان من المزمع الحصول عليه في شهر أوت/أغسطس الماضي"، مبينًا أنه "لو تحصلت تونس على هذه التمويلات لم نكن لنكون في مثل وضعية اليوم".

  • تقهقر في سعر صرف الدينار

وقدّر العباسي أن يشهد الدينار التونسي تقهقرًا في سعر صرفه بحلول شهر أفريل/نيسان، مفسرًا عدم تراجعه إلى حد الآن لوجود مداخيل تصدير زيت الزيتون والتمور والقوارص والمواد المنجمية والنقص في الاستيراد بعد رفع الحكومة للمعاليم الديوانية في قانون المالية لسنة 2022. هذه الحلول لن تكون موجودة في أفريل/نيسان، خاصة وأنه من المفترض أن يتم فيه خلاص القسط الأخير من القرض القطري بقيمة 250 مليون دولار، حسب تصريحه.

اقرأ/ي أيضًا: تقارير دولية تتعرض لخطر "انهيار الدولة" في تونس.. قراءات ومحاولات للفهم

ومضى العباسي قائلًا: "سيكون هناك استنزاف لمخزون تونس من العملة الصعبة لتمويل نفقات الدولة والاستيراد، ما سيؤثر بدوره على قيمة الدينار ويرفع في نسبة التضخم ويؤثر على المقدرة الشرائية للمواطن التونسي".

ووضح محدث "الترا تونس" أن "الحكومة وضعت حواجزًا إدارية للتقليص من التوريد، في إطار سعيها مع البنك المركزي للحفاظ على قيمة الدينار ومخزون العملة الصعبة، الأمر الذي انعكس على تزويد السوق الداخلية بتسجيل نقص كبير في عدد من المواد كمشتقات الحبوب والأرز والزيت المدعم وغيرها.

  • شح وتذبذب في تزويد السوق بالمحروقات

في سياق آخر، قال مهندس البترول والمختص في تجارة البترول محمود الماي لـ"الترا تونس" إنه "من المتوقع أن تشهد تونس تذبذبًا وشحًّا في تزويد السوق الداخلية بالمحروقات جراء ارتفاع أسعاره ولعجز مصفاة بنزرت (الجهة الوحيدة الموكول لها اقتناء المحروقات) على تسديد دفوعات المزودين، الأمر الذي لم تشهده تونس من قبل"، وفقه.

محمود الماي (مهندس بترول) لـ"الترا تونس": من المتوقع أن تشهد تونس تذبذبًا وشحًّا في تزويد السوق الداخلية بالمحروقات جراء ارتفاع أسعاره ولعجز مصفاة بنزرت على تسديد دفوعات المزودين، الأمر الذي لم تشهده تونس من قبل

وبين الماي أن "تونس أمضت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي عقودًا مع المزودين لتغطية حاجيات السنة من المحروقات، لكن السعر يحدده شهر التسليم وتوقعات الحكومة لم تتجاوز 90 دولارًا البرميل في مرسوم الميزانية"، منبهًا إلى أن "هذه الأزمة يمكن أن تتعمق في صورة ما أقام الغرب وأمريكا حصارًا على البترول الروسي".

وشدد الماي على أن "تونس رفعت الدعم عن المحروقات وانطلقنا في التعديل الآلي لأسعار المحروقات عام 2016 لكن هذا البرنامج توقف في 2019 بعد انخفاض سعر برميل النفط"، مرجحًا أن يصل سعر اللتر الواحد لـ3 دنانير في تونس، الذي سيؤدي ضرورة إلى الترفيع في باقي الأسعار، وفق قوله.


 

اقرأ/ي أيضًا:

ضعف ثقة في الأحزاب وخذلان من سعيّد: أي مستقبل لتحركات الشارع في تونس؟

أحزاب ومنظمات في تونس تتجه بخطى ثقيلة لإجراء "حوار وطني مشروط"