25-فبراير-2022

تراوحت ردود الفعل بين الرفض والدعم (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أثارت كلمة الرئيس التونسي قيس سعيّد الأخيرة في علاقة بنشاط الجمعيات في تونس، وخاصة فيما يتعلق بما قاله حول وضع نصّ "يمنع تمويل الجمعيات من الخارج"، جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي. 

وكان الرئيس قيس سعيّد قد أكد، الخميس 24 فيفري/ شباط 2022 بقصر قرطاج، خلال اجتماع مجلس الوزراء، أنّه "لا بدّ من اتخاذ نص يمنع تمويل الجمعيات من الخارج، لأنهم في الظاهر جمعيات، لكنهم امتداد لقوى خارجية، ولن نسمح بأن تأتي هذه الأموال للجمعيات للعبث بالدولة التونسية أو للقيام بالحملات الانتخابية تحت غطاء تمويلات أجنبية" على حد تعبيره.

تراوحت ردود الفعل بين رفض قرار الرئيس واعتباره اعتداء على حرية النشاط الجمعياتي قصد التضييق عليه، من جهة، وتثمين القرار واعتباره بمثابة "الخطوة الإيجابية" لوقف ما وصفه البعض بـ"تمويلات مشبوهة" من جهة أخرى

وتابع سعيّد بقوله: "سنتخذ مثل هذا الأمر للإحاطة بكل الجوانب، ولكن لا مجال لأن يتدخل فينا وفي اختياراتنا أحد بأمواله وبضغوطاته، فنحن شعب له سيادته، ولا مجال للتلاعب بالقوانين حتى يتم شراء الذمم وتهريب الأموال عن طريق هذه الجمعيات"، مضيفًا أنّه "سيحيط هذه العملية بكل الضمانات خاصة بالنسبة للمنظمات غير الحكومية"، لافتًا إلى أنّه يرفض هذه الجمعيات التي هي وفق تصورّه "امتداد لأحزاب ولقوى خارجية"، وفقه.

اقرأ/ي أيضًا: قيس سعيّد: لا بدّ من نص يمنع تمويل الجمعيات من الخارج

وقد تفاعل عديد النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي مع ما جاء على لسان الرئيس على صفحاتهم على شبكات السوشال ميديا، واختلفت ردود الأفعال لتتراوح بين رفض قرار الرئيس واعتباره اعتداء على حرية النشاط الجمعياتي قصد التضييق عليه، والاستياء من اعتبار الناشطين في الجمعيات "امتدادًا لقوى خارجية في تونس"، من جهة، وتثمين قرار الرئيس، من جهة أخرى، واعتباره بمثابة "الخطوة الإيجابية" لوقف ما وصفه البعض بـ"تمويلات مشبوهة"، وفق ما تم تناقله.



وعلقت أستاذة القانون الدستوري هناء بن عبدة، مساء الخميس 24 فيفري/شباط 2022، على قرار الرئيس "منع تمويل الجمعيات من الخارج"، قائلة: "سيدي الرئيس إن الجمعيات هي التي ساعدتك على الوصول لسدة الحكم، فلولا جمعية "أنا يقظ" وتمويلاتها الخارجية لما تم رفع قضية ضد المرشح السابق للانتخابات الرئاسية نبيل القروي وإثبات تهربه الجبائي وتقديم أدلة حول الأموال المهربة للخارج وإعطاء الأفضلية الأخلاقية لك في الانتخابات"، وفقها.

هناء بن عبدة (أستاذة قانون دستوري): اهتمام سعيّد بالجمعيات كأولوية، قبل قانون الأحزاب والانتخابات، يبرز تخوّفه من الأجسام الوسيطة وقدرتها على التأثير. ومشروعه يهدف إلى إضعاف أي سلطة مضادّة مقابل تقوية السلطة التنفيذية

وتابعت: "ولولا جمعية مناظرة وتمويلاتها الخارجية لما تم تنظيم المناظرة في الانتخابات الرئاسية، والتي سمحت لك بالتفوق على بقية المترشحين، ولولا جمعية بوصلة وتمويلاتها الخارجية لما تم رصد كل تلك المخالفات القانونية في المجلس والتي أعطتك المشروعية للقيام بإجراءات 25 جويلية، ولولا جمعيات مراقبون وعتيد وغيرهم وممولوهم الأجانب، لتمّ "شراء" الانتخابات التي جاءت بك".

وشددت بن عبدة على أن "الحديث عن منع التمويلات الخارجية للجمعيات هو حكم بالإعدام على حركية مدنية عظيمة في البلاد"، معتبرة أن "اهتمام سعيّد بالجمعيات كأولوية (قبل قانون الأحزاب والانتخابات) يبرز تخوّفه من الأجسام البينية (الوسيطة) وقدرتها على التأثير"، مؤكدة أن "مشروعه يهدف إلى إضعاف أي سلطة مضادّة (الجمعيات والإعلام أساسًا) وإضعاف السلطات الأخرى (التشريعية والقضائية) في مقابل تقوية السلطة التنفيذية"، حسب تقديرها.


وانتقدت الناشطة الحقوقية وفاء فراوس، في تدوينة لها على فيسبوك، ما جاء على لسان الرئيس في تهجمه على الجمعيات، مدوّنة: "يعني أصبح الناشطون في الجمعيات مرتزقة وجواسيس وخونة وكل الجمعيات أضحت خائنة؟!"، مستطردة: "هذا الخطاب ليس غريبًا لأننا سبق أن سمعناه في عهد بن علي، وهو نفس تمشي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أغلق تقريبًا كل الجمعيات الحقوقية والنسوية في مصر"، وفق تدوينتها.


في المقابل، عبّر عدد من النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي عن دعمهم لخطاب الرئيس التونسي قيس سعيّد بخصوص الجمعيات في تونس وخاصة مسألة التمويل الأجنبي، واعتبروا أنها تمثل خطوة "إيجابية" في إطار الرقابة على ما وصفوها بـ"التمويلات المشبوهة" وقطع "الولاءات الأجنبية"، وفق ما تم تناقله. 



وفي الأثناء، دعت مجموعة من الجمعيات التونسية، الخميس 24 فيفري/شباط 2022، مكونات المجتمع المدني في تونس إلى "الالتفاف حول التمسك بما جاء في المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات، وتكوين جبهة للتصدي لأي محاولة من السلطة التنفيذية لقمع العمل الجمعياتي أو التضييق عليه"، وفقها.

واعتبرت، في بيان لها، أن: "من الأوجه الخطيرة للمشروع المتعلق بتنقيح مرسوم الجمعيات الذي تم تسريبه، محاولة إضعاف الجمعيات من خلال إقرار وجوبية الحصول على ترخيص مسبق من اللجنة التونسية للتحاليل المالية لقبول المساعدات والتبرعات والهبات الأجنبية وإقرار شرط المشروعية بالنسبة للعائدات الناتجة من مشاريع الجمعية دون بيان لمعنى لفظ "مشروعة" وتركه قيد السلطة التقديرية للإدارة"، وفق نص البيان.

اقرأ/ي أيضًا: جمعيات تدعو لتكوين جبهة للتصدي لـ"محاولة السلطة التنفيذية قمع العمل الجمعياتي"

وكان رئيس مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية أمين غالي قد كشف، في 2 فيفري/شباط 2022، أن "الحكومة التونسية أعدت مشروعًا لتنقيح المرسوم المتعلق بتنظيم الجمعيات بشكل غير معلن ووصلت فيه إلى أطوار متقدمة جدًا، دون التشاور أو الحديث بشأنه أو الإعلان عنه أو طرحه على أي طرف ممثل لمكونات المجتمع المدني"، وفقه.

يذكر أن المرسوم عدد 88 المتعلق بتنظيم الجمعيات كان قد صدر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية بتاريخ 21 أكتوبر/تشرين الأول 2011، وتم تأريخه في 24 سبتمبر/أيلول 2011، ويتضمن 9 أبواب تتعلق بتنظيم عمل الجمعيات بها 49 فصلًا.  و"يضمن هذا المرسوم حرية تأسيس الجمعيات والانضمام إليها والنشاط في إطارها وإلى تدعيم دور منظمات المجتمع المدني وتطويرها والحفاظ على استقلاليتها".


 

اقرأ/ي أيضًا:

رئيس مركز الكواكبي: نرفض المشروع الحكومي المُسقط لتنقيح مرسوم الجمعيات

دور الأجسام غير المنتخبة في العملية السياسية في تونس(2): المجتمع المدني