الترا تونس - فريق التحرير
صادق البرلمان التونسي، ليل الأربعاء 6 مارس/آذار 2024، على مشروعي القانونين المتعلقين ببطاقة التعريف الوطنية وجوازات السفر ووثائق السفر البيومتريين بموافقة 107 نواب.
-
النواب بين داعم لهذه الوثائق البيومترية وبين منتقد:
وقد تباينت آراء النواب من مشروعي القانونين المتعلقين ببطاقة التعريف الوطنية وجوازات السفر ووثائق السفر البيومتريين، فاعتبر البعض أنّ "هنالك مخاطر للعمل بالبطاقات التعريف البيومترية إذا لم تتّخذ الوزارة التدابير اللازمة"، وهو ما ذهب إليه النائب حسن الجربوعي، متسائلًا: "هل هناك بنية تحتية رقمية وتجهيزات كافية للعمل ببطاقات التعريف وجواز السفر البيومتري؟".
البرلمان التونسي يصادق على مشروعي القانونين المتعلقين ببطاقة التعريف الوطنية وجوازات السفر ووثائق السفر البيومتريين بموافقة 107 نواب لكل مشروع
كما تساءل النائب جلال الخدمي في الإطار نفسه: "هل تمّ تكوين أعوان وزارة الداخلية في التعامل مع بطاقات التعريف البيومترية؟". كما سأل نائب آخر هو عمر البرهومي عن الروزنامة التقريبية لدخول الوثائق البيومترية حيز الاستغلال، لافتًا إلى أنّ أكثر فئة معنية بالوثائق البيومترية هي فئة التونسيين بالخارج.
من جهته، تحدّث النائب عبد الجليل الهاني، عن ضرورة توفير التجهيزات اللازمة على مستوى مراكز الأمن لقبول مطالب استخراج بطاقات التعريف وجوازات السفر البيومترية، فيما أشار النائب خالد حكيم مبروكي، إلى أنّ هذا المشروع "يعتبر ثوريًا لتطوير منظومة الهوية الوطنية الإلكترونية"، فضلًا عن النائب عمر بن عمر الذي قال إنّ بطاقة التعريف البيومترية تعتبر خطوة هامة نحو الرقمنة وتعصير الإدارة.
تباينت آراء النواب بين داعم لقانونيْ بطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين وبين منتقد، وسط تأكيدات على ضرورة حماية المعطيات الشخصية
في الوقت نفسه، انتقدت النائبة ريم الصغير الذهاب في مشاريع كهذه في وقت لم يستطع فيه مواطن بالقصرين منذ عامين استخراج بطاقة تعريف وطنية عادية. وقال النائب سامي الحاج عمر، بدوره:"نرجو أن تتم مراعاة التلميذ والطالب في كلفة استخراج بطاقات التعريف وجواز السفر البيومتري".
-
كمال الفقي: وزارة الداخلية مؤتمنة على حماية كافة المعطيات الشخصية للمواطنين
وقد أكّد وزير الداخلية كمال الفقي، في تفاعله مع مداخلات النواب، أهمية هذين المشروعين، مشددًا على "التقيّد بالضمانات الدستورية والقانونية في علاقة بحماية المعطيات الشخصية، خاصّة وأن الدولة التونسية راهنت على اعتماد أنموذج تونسي، بالإمكانيات المتاحة وبما يتطابق مع المعايير الدولية"، وفقه.
وزير الداخلية: الوزارة مؤتمنة على حماية كافة المعطيات الشخصية للمواطنين وهي حريصة على ضمان سريتها وعلى تقييم ومزيد تنظيم النفاذ إليها
وأبرز كمال الفقي، أن "الحطّ من سنّ المنتفعين بهذه الوثائق يهمّ الوضعيات التي تتطلبها الامتحانات الوطنية أو المشاركة في مناظرات أخرى أو تظاهرات رياضية ضمن الجمعيات"، لافتًا إلى أنّ "الوزارة مؤتمنة على حماية كافة المعطيات الشخصية للمواطنين وهي حريصة على ضمان سريتها وعلى تقييم ومزيد تنظيم النفاذ إليها".
وقال الفقي: "المعطيات البيومترية يتمّ تخزينها في قاعدة بيانات منفصلة عن قاعدة بيانات الهوية، ولا يتمّ الولوج إليها إلاّ من طرف الهياكل المخوّل لها قانونًا ذلك".
وتحدّث الوزير عن أن التلازم بين إصدار الوثيقتين ضروري باعتبار أن قاعدة البيانات موحّدة. وأن الوزارة تسعى إلى التقليص من الوثائق المطلوبة من قبل المواطن مع مسك البيانات الشخصية على مستوى مركزي صلب وزارة الداخلية التونسية نظرًا لحساسيتها.
وزير الداخلية: التلازم بين إصدار الوثيقتين ضروري باعتبار أن قاعدة البيانات موحّدة، والوزارة تسعى إلى التقليص من الوثائق المطلوبة من قبل المواطن
وحول كلفة هذا المشروع، اعتبر الوزير أنه لن يثقل كاهل الدولة التونسية "باعتباره مكسبًا للأجيال القادمة كما يندرج في سياق تطوير الإدارة ومواكبة التحولات الرقمية التي يشهدها العالم" وفق قوله.
وعلى الصعيد التقني، فقد أوضح الفقي، أن المشروع يقوم على عدّة مرتكزات تتمثّل في "تعزيز السيادة الرقمية، ودعم استقلالية الإدارة في إدارة المنصّة والتجهيزات والمنظومات الخاصة بالمشروعين والبنية التحتية حتى تكون متلائمة مع التشريعات الجاري بها العمل خاصة فيما يتعلّق بحماية أنظمة المعلومات والمعطيات الشخصية وانخراط الوزارة في التوجّهات الوطنية للتحول الرقمي وتيسير الخدمات الإدارية عن بعد" على حد تعبيره.
يشار إلى أنّ الجلسة العامة بالبرلمان انعقدت للنظر في مشروع قانون أساسي يتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 27 لسنة 1993 المتعلّق ببطاقة التعريف الوطنية، وفي مشروع قانون أساسي يتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 40 لسنة 1975 المؤرخ في 14 ماي/أيار 1975 المتعلّق بجوازات السفر ووثائق السفر.
ويهدف المشروعان إلى "تطوير منظومة التعريف الوطني ومراجعة النصوص القانونية قصد ملاءمتها مع المعايير والمقاييس الدولية الخاصة بوثائق الهوية الإلكترونية، وملاءمة النصوص التطبيقية للضوابط المقرّرة لحماية المعطيات الشخصية، وذلك في إطار التزام الدولة التونسية بتوصيات المنظمة العالمية للطيران المدني الدّاعية إلى إنهاء العمل بوثائق السفر المقروءة آليًا واعتماد جواز سفر بيومتري حاملًا لشريحة إلكترونية".
-
بطاقة التعريف البيومترية.. منظمات المجتمع المدني تبدي تخوّفها
يذكر أنه في سنة 2016، قدمت وزارة الداخلية التونسية مشروع بطاقة التعريف البيومترية، كمشروع قانون أساسي مُتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 27 لسنة 1993 المتعلق ببطاقة التعريف الوطنية، غير أن مشروع القانون قُوبل بالرفض حينها من قبل منظمات المجتمع المدني في تونس، وذلك لعدم توفيره ضمانات قانونية وتقنية وفنيّة كافية لحماية المعطيات الشخصية للمواطنين التونسيين.
وتم سحب مشروع القانون رسميًا من قبل الوزارة بناء على ذلك بعد عامين، قبل أن يُعاد إيداعه من طرف رئاسة الحكومة التونسية في صيغة جديدة في جوان/ يونيو 2020، مرفقًا بمشروع قانون جواز السفر البيومتري، لتنطلق النقاشات حوله في لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بمجلس نواب الشعب سنة 2021.
في جانفي 2022، أعلنت وزارة الداخلية استئناف العمل على مشروع بطاقة التعريف البيومتريّة، وذلك بعد أشهر قليلة من تجميد أعمال البرلمان السابق وجدد هذا الإعلان مخاوف منظمات المجتمع المدني من أن يتم التعاطي مع هذا القانون بصفة أحادية
وفي جانفي/يناير 2022، أعلنت وزارة الداخلية استئناف العمل على مشروع بطاقة التعريف البيو متريّة، وذلك بعد أشهر قليلة من تجميد أعمال البرلمان السابق من قبل الرئيس التونسي قيس سعيّد. وجدد هذا الإعلان مخاوف منظمات المجتمع المدني من أن يتم التعاطي مع هذا القانون بصفة أحادية ودون الأخذ بتوصيات وتحذيرات منظمات المجتمع المدني في تونس.
ودعت حينها منظمات وجمعيات تونسية، في بيان مشترك إلى سحب مشروع جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين وعدم اعتماده، مقترحةً "إقرار قانون جديد لحماية البيانات الشخصية، يُركز في جوهره على المواطن، ويحترم حقوقه، ويضمن حماية المواطن التونسي لمعلوماته الشخصية الخاصة والفردية".
كما دعت المنظمات حينها، إلى اعتماد الشفافية والتشاركية في صياغة التشريعات ذات العلاقة المباشرة بالحقوق الأساسية للمواطنين وعلى رأسهم الحق في الخصوصية وحماية المعطيات الشخصية، وذلك عبر إجراء مشاورات شاملة وشفافة وعلنية مع منظمات المجتمع المدني.
دعت منظمات وجمعيات تونسية إلى سحب مشروع جواز السفر وبطاقة التعريف البيومتريين وإلى اعتماد الشفافية والتشاركية في صياغة التشريعات ذات العلاقة المباشرة بالحقوق الأساسية للمواطنين
وذكّرت المنظمات بأن إنشاء قاعدة بيانات بيومترية "قد يمكّن من زيادة مراقبة المواطنين وهو أمر بالغ الخطورة خاصة في ظل غياب أي توضيح أو إجابة لعدد من التساؤلات التي تم طرحها سابقاً وأبرزها:
- ما هي البيانات التي سيتم حفظها في قاعدة البيانات البيومترية وأين سيتم تخزينها؟
- من هي السلطات المخوّل لها الوصول إلى هذه البيانات الشخصية؟
- من هم المؤسسات أو الأفراد الذين سيكون لهم الحق في الوصول إلى البيانات الشخصية المشفرّة؟
- ما هي الإجراءات الأمنية التي سيتم اتخاذها لضمان أمان هذه البيانات؟
من جهتها، قالت منظمة البوصلة في تقرير لها نشرته في شهر فيفري/شباط 2022، بعنوان "بطاقة التعريف البيومترية: شرطي في جيب كل مواطن"، إنه بعد المسار الطويل الذي عاشه مشروع قانون بطاقة التعريف البيومترية لم يتم التوصّل لصياغة مشروع يضمن حماية الحياة الخاصة والمعطيات الشخصيّة الحساسة للمواطنين، وذلك لتشبّث وزارة الداخليّة بعدم التنصيص على نوعيّة الشريحة المستخدمة في البطاقة وإنشاء قاعدة بيانات بيو متريّة.
وأشارت البوصلة أن هاتين النقطتين تعتبرهما منظمات المجتمع المدني والهيئات الوطنية في تونس مدخلاً للاعتداء على خصوصية الأشخاص وحدّا من حريّتهم، وفقها.
كما اعتبرت منظمة البوصلة أن مشروع القانون الحالي لم يأخذ بعين الاعتبار مقترحات التعديل الحقيقية والضرورية التي طالبت بها العديد من منظمات المجتمع المدني والتي تتمثل في عدم إحداث قاعدة بيانات تُجمّع فيها معطيات 8 ملايين تونسي وتونسية تتوفر فيهم الشروط القانونية للحصول على بطاقة تعريف وطنية.
كما كشفت المنظمة أو وزارة الداخلية تسعى لاعتماد شريحة يمكن قراءتها عن بعد من طرف أجهزتها، وهو ما يجعل الاطلاع على معطيات بطاقة التعريف ممكنا في أي فضاء تركّز فيه هذه الأجهزة من قبل السلطات، وفقها.