24-يوليو-2021

تشهد المستشفيات العمومية نقصًا كبيرًا في طاقم الأطباء وغيرهم من المتدخلين في القطاع الصحي (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

 

على إثر الأزمة الصحية وانتشار الإصابة بفيروس كورونا بشكل سريع، أكد فوزي مهدي وزير الصحة السابق أنّ الوزارة تعمل على إعداد وتركيز مستشفيات ميدانية في عدد من الجهات بمختلف الولايات ستكون جاهزة في غضون 10 أيام. وبيّن الوزير أنّ المستشفيات تتوزع بين ولايات باجة وسليانة وزغوان والقيروان ومنوبة وبن عروس، وذلك بالتنسيق مع العميد محمد السوسي مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة.

وقد كانت العديد من تلك المستشفيات في شكل هبات من عدّة دول عربية وأجنبية على غرار الهبة القطرية المكونة من مستشفى ميداني بسعة 200 سرير مجهز بجميع المستلزمات الطبية، فضلًا عن 100 جهاز تنفس اصطناعي، إضافة إلى تركيز المستشفى الميداني في ولاية منوبة، والذي وفّرته المملكة المغربية في إطار مساهمتها في دعم جهود تونس في مكافحة تفشي فيروس كورونا. كما تمّ تركيز المستشفى الميداني بقاعة الجمباز بسليانة المدينة، بطاقة استيعاب تبلغ 60 سرير أكسجين.

 يبقى الرهان الأكبر هو توفير الكمية اللازمة من الأكسجين للمرضى وتوفير العدد الكافي من الإطار الطبي وشبه الطبي، والحال أنّ المستشفيات العمومية تشهد نقصًا كبيرًا في طاقم الأطباء وغيرهم من المتدخلين في القطاع الصحي

في المقابل، قال وزير الصحة السابق خلال مداخلات النواب بالجلسة العامة بالبرلمان 14 جويلية/يوليو 2021 المخصصة للنظر في مشروع قانون إحداث الوكالة الإفريقية للأدوية، إن المستشفيات الميدانية التي تحصلت عليها تونس كهبة من الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن مخصصة لمجابهة جائحة كورونا وإنما هي مستشفيات مخصصة لمرض إيبولا ولا تحتوي على الأكسجين اللازم لمرضى كورونا. وبين الوزير أن تجهيز هذه المستشفيات بالأكسجين اللازم يتطلب بعض الوقت.

مستشفيات جاهزة في انتظار الطاقم الطبي اللازم

وقد استفاد القطاع الطبي في تونس من تلك المساعدات الطبية سواء على مستوى توفير اللقاحات، أو على مستوى توفير مستشفيات ميدانية بجميع مستلزماتها، والتي لا تقل الرعاية فيها عن أي قسم مخصص لمرضى كورونا في أي مستشفى جامعي. ومن الممكن أن تخفف تلك المستشفيات الضغط على القطاع العام، وتساهم في إيواء عدد كبير من مرضى كورونا. لكن يبقى الرهان الأكبر هو توفير الكمية اللازمة من الأكسجين للمرضى وتوفير العدد الكافي من الإطار الطبي وشبه الطبي، والحال أنّ المستشفيات العمومية تشهد نقصًا كبيرًا في طاقم الأطباء وغيرهم من المتدخلين في القطاع الصحي.

محمد السوسي (مدير المستشفيات الميدانية بوازرة الصحة): نحن في حالة حرب ولا نعرف عدونا، لكن لابدّ من مقاومته بكلّ الإمكانيات التي لدينا ولابدّ من تظافر كلّ الجهود. صحيح أننا متعبون، لكن كلّ طبيب أو ممرض قادر على العمل ساعة إضافية

وبخصوص المستشفيات الميدانية تلك، أشار العميد محمد السوسي مدير المستشفيات الميدانية بوازرة الصحة في تصريح لـ"الترا تونس" إلى أنّ "أول مستشفى ميداني تم إعداده منذ سنة ونصف أي منذ كان عبد اللطيف المكي وزيرًا للصحة. وقد أعددنا دراسة حينها تؤكد أنّه لإيقاف العدوى لا بد من تركيز مستشفيات ميدانية. وذلك لأنّ جمع مرضى كورونا في مكان واحد يمكننا من تقليل نسبة العدوى داخل المستشفيات سواء من المرضى إلى الإطار الطبي أو من الأطباء إلى مرضى في بقية الأقسام"، حسب تقديره.

 وأضاف أنّ "ذلك يضمن أنّ جمع المرضى في مكان واحد يمكننا من تحديد حاجة تلك المستشفيات بدقة من مادّة الأكسجين اللازم للمرضى. ومن أجل ذلك رأينا أنّ أفضل حلّ هو تركيز مستشفيات ميدانية في كلّ ولاية، تؤمن علاج المرضى وتضمن عودتهم إلى الحياة الطبيعية دون أن يمثلوا حالات عدوى، وذلك للتمكن من السيطرة على تفشي الوباء".

اقرأ/ي أيضًا:  "كوفيد 19".. الامتحان الصعب في المستشفى الجهوي بسليانة

وأشار العميد إلى أنّه تمّ تركيز مستشفى ميداني في المنزه يضم 84 سرير أكسجين و20 سرير إنعاش. وقد استقبل منذ تركيزه أكثر من 4 آلاف مريض. ثم تمّ تركيز مستشفى ميداني في القيروان بطاقة استيعاب 63 سرير أكسجين و4 أسرة إنعاش. وبعد ذلك تمّ دعم المستشفى بأكثر أسرة إنعاش من قبل مصالح الصحة العسكرية. إضافة إلى تركيز مستشفى ميداني بسليانة يتوفر على 63 سرير أكسجين وسريري إنعاش، ونفس الأمر في ولاية باجة. وقد انطلقت جميع تلك المستشفيات في العمل. وسينطلق قريبًا العمل في بقية المستشفيات أي في بن عروس ومنوبة وجندوبة".

على صعيد متصل، أكد مدير المستشفيات الميدانية أننا "في حالة حرب ولا نعرف عدونا، لكن لابدّ من مقاومته بكلّ الإمكانيات التي لدينا. ولابدّ من تظافر كلّ الجهود"، مستطردًا: "نحن متعبون، لكن كلّ طبيب أو ممرض قادر على العمل ساعة إضافية، لاسيّما وأنّ كل 21 سرير في تلك المستشفيات يحتاج إلى طبيب وممرضين اثنين ومساعديْ تمريض، لأنّ المريض يحتاج في الغالب إلى الأكسجين وليس إلى مرافقة لصيقة على مدى اليوم".

عمادة الأطباء تدعو منظوريها إلى بذل مجهود إضافي ومعاضدة الجهود الوطنية في تسيير المستشفيات الميدانية

وتابع، في ذات الصدد، أنّه "تمّ تركيز كاميرات مراقبة في المستشفيات الميدانية لمراقبة المرضى إضافة إلى مسؤول يراقب سير العمل باستمرار وذلك لتقليل دخول الأطباء أو الإطارات شبه الطبية. وقد اخترنا القاعات المغطاة لأنّها تتوفر فيها كلّ الظروف الملائمة، بداية بتمركزها على الطرقات الرئيسية مما يسهل عملية دخول سيارات الإسعاف، إضافة إلى وجود فضاء كبير يمكن من تركيز أسرة متباعدة وفي فضاءات مقسمة، كما تتوفر فيها أيضًا دور الراحة والمياه. أي أنها تمثل فضاءات كاملة يُحترم فيها المريض والطبيب في نفس الوقت".

وقد دعت عمادة الأطباء، من جهتها، منظوريها إلى بذل مجهود إضافي ومعاضدة الجهود الوطنية في تسيير المستشفيات الميدانية. وأكدت في بلاغ لها ضرورة انخراط جميع الأطباء في هذا المجهود من خلال تأمين حصص استمرار بأماكن العمل وفق جداول مقترحة من العمادة الجهوية بالاشتراك مع الأطباء وبالتعاون مع الإدارة الجهوية للصحة.

وثمّنت العمادة مجهودات الأطباء في مكافحة فيروس كورونا، مشيرةً إلى أنها تعوّل على الوازع الإنساني والوطني لديهم للخروج من هذه الأزمة الصحية.

 سمير شطورو (كاتب عام نقابة أطباء القطاع الخاص) لـ"الترا تونس": أغلب أطباء القطاع الخاص مستعدون للعمل في المستشفيات الميدانية بصفة تطوعية، وكل منهم سيعمل في الجهة الموجود بها والتي تمّ تركيز مستشفى ميداني فيها

كما أكد سمير شطورو كاتب عام نقابة أطباء القطاع الخاص في تصريح لـ"الترا تونس" أنّ أغلب أطباء القطاع الخاص مستعدون للعمل في المستشفيات الميدانية بصفة تطوعية، مشيرًا إلى أنّ "كلًّا منهم سيعمل في الجهة الموجود بها والتي تمّ تركيز مستشفى ميداني فيها، وذلك لدعم القطاع العام على مواجهة الفيروس، ونظرًا لحاجة هذه المستشفيات إلى إطار طبي كافٍ لعلاج المرضى، إضافة إلى إطار شبه طبي ستوفره الوزارة بعد الإعلان عن انتداب إطارات للعمل بصفة تعاقدية".

الأمر مختلف في القطاع العام، خاصة وأنّ الإطار الطبي في المستشفيات العمومية منهك من العمل في ظروف فاقت فيها أغلب المستشفيات طاقة استيعابها. إذ سبق للنقابة العامة للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان، التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، أن طالبت في أفريل/نيسان الماضي الحكومة بضرورة تعزيز الفرق الطبية المنهكة بانتدابات جديدة في أسرع وقت وتوفير وسائل العمل.  وطالبت النقابة، في بيان لها، بمراجعة الاستراتيجية الوطنية للتلقيح حتى تكون أكثر فاعلية.

 

 

وبدورها، عبرت النقابة العامة للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان الاستشفائيين الجامعيين، في بيان نشرته في 21 جويلية/يوليو 2021، عن استنكارها تصريحات رئيس الحكومة هشام المشيشي التي نفى فيها علمه بحيثيات تهم السياسة المتبعة لمقاومة كورونا، مضيفة أنّها ترفض قراره بإلغاء العطلة السنوية للقطاع الصحي الذي وصفته بـ"المنهك من جراء الجائحة والسياسة الحكومية الفاشلة لمقاومتها"، وفق توصيفها.

ودعت النقابة رئيس الحكومة إلى "تحمل مسؤولياته السياسية والأخلاقية لما انجر عن سياسة حكومته في أزمة كوفيد". وذكرت أنّ "تنظيم العمل وضمان استمراريته داخل المؤسسات الصحية كان دائمًا أمرًا داخليًا لا يمكن أن يخضع بأي حال من الأحوال للتجاذبات السياسية".

رفض النقابة إلغاء العطلة السنوية بسبب إنهاك الإطارات الطبية في القطاع العام والعمل ساعات إضافية، خصوصًا في أقسام كوفيد، يطرح التساؤل حول قابلية واستعداد هؤلاء للعمل في المستشفيات الميدانية لساعات إضافية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كوفيد 19 في حي التضامن: جائحة خطيرة تجابه بإمكانيات يسيرة

"ألترا تونس" داخل استعجالي فرحات حشاد بسوسة.. عن الأكسجين الطبي وتفاصيل الوضع