18-سبتمبر-2023
اللمجة الصحية

نصائح بالابتعاد عن الوصفات سريعة التحضير والسكّر والمنكّهات والمواد الحافظة (صورة توضيحية/ Getty)

 

بات الحديث عن "اللُمجة" ركنًا أساسيًا مع انطلاق السنة الدراسية، ومع كلّ القضايا الحارقة التي تطرحها العودة المدرسية دائمًا، لعدد التلاميذ المرتفع نسبيًا بالمدارس والمعاهد، فضلًا عن الأطفال المرسّمين بأقسام الروضة والتحضيري. ولئن تختلف التجارب بين من يخيّر صنعها منزليًا، ومن يستسهل شراءها وفق رغبة الطفل، فإنّ سعي الأولياء إلى توفير "لمجة صحية" لأبنائهم، يكاد يكون هاجسهم الأوّل بعد تحقيق نتائج مدرسية طيّبة.

تشكيات من غلاء كلفة مستلزمات تحضير اللمجة المدرسية في المنزل، ووعي بمخاطر اللمجة المصنّعة والمعلبّة

"الترا تونس" نقل تجارب بعض أولياء الأمور حول تحضيرهم للمجة أبنائهم، وتساءل عن مدى احترامها لقواعد صحة الطفل، ثمّ توجّه لسؤال أخصائية في التغذية لتقديم معطيات أكثر "علمية".

  • اللمجة الصحية.. مكلفة؟

تحدّثت فاطمة بلعيد لـ"الترا تونس"، وهي إحدى الأمهات المهتمات بمشاركة أساليب التربية الفعّالة على منصات التواصل الاجتماعي، وشاركت تجربتها مع ابنتها فقالت إنّ ابنتها كانت تأكل بشكل صحي 100% إلى حين بلوغها سنتين ونصف، وكانت تركّز في طبخها على "فارينة القمح والشعير والشوفان والأرز والغلال والأجبان والعسل والتمر للتحلية، فضلًا عن المقرونة بالقمح الكامل، وكسكسي القمح، وخبز القمح.. لكنّ غلاء الأسعار جعل من مواصلة هذه العادات الصحية أمرًا صعبًا" وفقها.

فاطمة بلعيد لـ"الترا تونس": تحضير لمجة صحية 100% يظلّ مكلفًا للغاية، إذ يعادل سعرها 3 أو 4 مرات اللمجة العادية

تتابع بلعيد بقولها: "أصبحت ابنتي تأكل الأطباق العادية التي نتناولها، لكن بمعدلات منخفضة من السكّر والملح، وأحرص على تجهيز اللمجة في البيت كي أتأكد من خلوّها من الملونات والمواد الحافظة"، مضيفة: "سنة كاملة في الروضة وهي لم تتذوّق أبدًا العصائر المعلّبة واللّمج الجاهزة".

تؤكد فاطمة أنّ العام الثاني في دراسة ابنتها في الروضة، عرف رغبة الطفلة في تذوّق أنواع أخرى من اللمجة، مثل التي تشاهدها لدى أصدقائها، فتذوّقت وقتها بعض المنتجات المعلّبة. تقول: "أحاول إدخال بعض المكونات الصحية في المأكولات، مثل الغلال والزبيب وغير ذلك من الفواكه الجافة، لأنّ اللمجة الصحية 100% تظلّ مكلفة للغاية، إذ يعادل سعرها 3 أو 4 مرات اللمجة العادية"، حسب تقديرها.

 

اللمجة الصحية
إحدى الأمهات لـ"الترا تونس": العام الثاني من دراسة ابنتي في الروضة، عرف رغبتها في تذوّق أنواع أخرى من اللمجة، مثل التي تشاهدها لدى أصدقائها (صورة تعبيرية/ Getty)

 

تقرّ محدّثتنا بأنّ "فارينة القمح والشوفان والأرز والذرة مع السكّر البني، منتجات ذات كلفة عالية، خاصة إذا ما أضفنا إليها السمسم وحبوب الكتان واللوز والبندق للزينة، فضلًا عن القوالب التي تجعل اللمجة تتخذ أشكالًا جميلة، وإلا فلن يرضى بها الطفل"، مشددة في هذا الإطار على ضرورة أن يشارك الطفل في إعداد اللمجة المنزلية كي يحبها ويقبل على أكلها، بالإضافة إلى إمكانية اصطحابه لشراء زينتها.

ينقل "الترا تونس" تجارب أمهات أخريات، تقول إحداهنّ إنّ "اللمجة تتکون غالبًا من فواکه مع کعك منزلي الصنع، أو خبز بالجبن مع عصیر منزلي، فضلًا عن الفواکه الجافة والخضر الطازجة المقطّعة، وأنها تمكّن طفلها مرّة في الأسبوع من شراء منتجات جاهزة يختارها هو".

فاطمة بلعيد لـ"الترا تونس": من الضروريّ أن يشارك الطفل في إعداد اللمجة المنزلية كي يحبها ويقبل على أكلها

  • هل اللمجة المنزلية صحية فعلًا؟

"مفهوم اللمجة الصحية يختلف من شخص إلى آخر"، هكذا صرّحت إحدى المهتمات وهي ممرضة بقسم الأطفال بأحد المصحات، مشدّدة على أنّ "الكعك المنزلي المصنوع بالفارينة والسكر أو (الكريب) بالفارينة والشكلاطة وحتى الياغورت (الزبادي) الذي يحتوي على مواد حافظة وسكر أكلات غير صحية بالنسبة إليّ، عكس الكثير من الأمهات اللواتي يعتبرن أنّ كلّ ما يُصنع في المنزل صحيّ حتى مع احتوائها السكّر والفارينة" وفقها.

ممرضة بقسم الأطفال لـ"الترا تونس": الكعك المنزلي المصنوع بالفارينة والسكّر وحتى الياغورت الذي يحتوي على مواد حافظة وسكّر، هي أكلات غير صحية بالنسبة إليّ

"اللمجة الصحية الصحيحة المصنوعة منزليًا هي التي تكون خالية من الفارينة البيضاء التي هي في الأصل سميد منزوع من نخالته ويُضاف إليه السكر الأبيض والمواد الحافظة المسرطنة لإكسابها اللون الأبيض، ينبغي تعويضها بفارينة القمح والشعير والشوفان وغيرها من أنواع الفارينات الصحية المرحية، كما يجب أن تكون هذه اللمجة الصحية المنزلية خالية من السكّر الأبيض وتعويضه بسكر التمر، أو التمر المرحي.." وفق إحدى الأمهات.

ودعت هذه الأم إلى تجنّب "الياغورت" (الزبادي)، أو تقديمه طبيعيًا بلا سكّر، مع تخليطه بأيّ تحلية طبيعية ممكنة كالعسل، بالإضافة إلى تجنّب الخبز الأبيض والجبن المثلث الذي يحتوي على زيوت مهدرجة وزيت النخيل".

إحدى الأمهات لـ"الترا تونس": ينبغي تعويض الفارينة البيضاء بفارينة القمح والشعير والشوفان وغيرها من الأنواع الصحية، كما يجب أن تكون اللمجة الصحية المنزلية خالية من السكّر الأبيض

هذه التجارب المختلفة لعدد من الأمهات، كانت تقتضي منا التوجه لسؤال المختصّين عن مدى نجاعتها، وسلامتها لصحة الطفل.

  • اللمجة الصحية.. النصائح والمحاذير

توجّه "الترا تونس" بالسؤال إلى الأخصائية في التغذية الدكتورة مريم التوكابري، التي شدّدت على أنّ اللمجة الصحية يجب أن تحتوي على عناصر معينة، وهي مواد الطاقة مثل الخبز أو الغلال أو بعض الفواكه الجافة، مع محاولة تطعيمها ببعض الأطعمة التي تحتوي بروتينات مثل الجبن (الريقوتة على سبيل المثال، مع الابتعاد عن أنواع الجبن المالحة)، أو الحليب (يمكن خلطه مع أحد أنواع الغلال) بالإضافة إلى مصدر للألياف مثل الغلال، وخلُصت إلى أنّ اللمجة يجب أن تكون عبارة عن وجبة كاملة، وفقها.

مريم التوكابري (أخصائية تغذية) لـ"الترا تونس": الطفل الذي يتناول فطور صباحه كاملًا لا يحتاج إلى لمجة في الوقت الصباحي وفق المنظمة العالمية للصحة

وأشارت التوكابري إلى أنّ الطفل الذي يتناول فطور صباحه كاملًا لا يحتاج إلى لمجة في الوقت الصباحي، وإنما يحتاجها فقط الأطفال الذين لا يقدرون على تناول فطور الصباح، مبيّنة أنّ المنظمة العالمية للصحة أقرّت أنّ اللمجة الصباحية غير ضرورية للطفل إذا كان قد تناول فطور صباحه كاملًا، لكن اللمجة المسائية بين 16.00 و18.00 ضرورية باعتبار أنّ أخصائيي التغذية ينصحون أن يتناول الطفل 3 وجبات مع اللمجة لنبلغ في المحصلة، وجبة غذائية كل 4 ساعات تقريبًا، وفق تأكيدها.

أما بالنسبة إلى اللمجات المنزلية فقد صرّحت الطبيبة أنها قد تكون فعلًا غير صحية، خاصة تلك التي احتوت في تحضيرها على المستحضرات الغذائية، أو الكميات الكبيرة من الزبدة والمعجون، أو المرطبات المنزلية التي تكون سريعة التحضير ويُضاف إليها بعض البيض فقط، فهذه المواد نجد فيها كميات كبيرة من المضافات الغذائية والمنكهات والمواد الحافظة والسكريات.. على حدّ قولها.

مريم التوكابري (أخصائية تغذية) لـ"الترا تونس": زيادة الوزن ونفور الطفل من الوجبات الصحية فضلًا عن الأمراض الخبيثة، هي أسباب تجعلنا نقبل على اللمجة الصحية 

وحذّرت المختصة في التغذية من تناول الطفل لمثل هذه المواد، لأنه يكون عرضة لزيادة الوزن، وقد يزيد في غضون عام واحد 3 أو 4 كلغ من الدهون بعيدًا عن نموّه الطبيعي، وقالت: "نخشى أنّ الطفل حين يعتاد على مثل هذه الأصناف من الأطعمة، قد ينفر من الوجبات الصحية ولا يقبل عليها لاعتياده على تلك الكميات الكبيرة من السكّر، وبالتالي سيجد الوليّ صعوبة في إقناعه بتناول الخضار أو اللحوم".

لكنّ الخطر الثالث على المستوى البعيد، يتمثّل في الأمراض الخبيثة، وفقها، مشدّدة على ضرورة الابتعاد عن المواد الحافظة قدر الإمكان بالنسبة للأطفال.

 

اللمجة الصحية
أخصائية تغذية لـ"الترا تونس": اللمجات المنزلية قد تكون فعلًا غير صحية (صورة تعبيرية/ Getty)

 

وعن مواصفات اللمجة الصحية المثالية حسب رأيها، فقد قالت إنها يجب أن تكون غير مصنّعة، وأن تكون بكميات قليلة كي يستطيع الطفل تناول الوجبات الرئيسية، ويحافظ على نشاطه. وحول التشكيات من غلاء هذه المستلزمات لصنع لمجة صحية، تقول المختصة في التغذية: "قليل من الخبز مع بعض الجبن الأبيض، أرخص بكثير من شراء الكعك المصنّع والياغورت.. الكعك أو (الكرواسون) أغلى بالتأكيد من بعض الفول السوداني أو اللوز مع الياغورت".

ونصحت الطبيبة بتقديم التفاح أو الرمان أو أحد غلال الفصل، عوضًا عن العصائر المعلّبة، لانخفاض سعرها أولًا مقارنة باللمجة الجاهزة، ولفائدتها لصحة الطفل ثانيًا، مشيرة إلى أنّه لا بأس بصنع المرطبات والكعك المنزل شرط ألّا تكون كميّات السكّر مرتفعة وألّا يتم الاعتماد على المستحضرات سريعة التحضير، وفقها.