التغيرات المناخية تؤثر على إنتاج "الكاكاوية" في تونس

يزرع خالد الرحالي سنويًا أكثر من ثلاثة هكتارات من الفول السوداني أو كما يُعرف في تونس بـ"الكاكاوية". وكان خالد قبل سنتين، يُحقق إنتاجًا وفيرًا من تلك الزراعة. ولكن بسبب التغيرات المناخية ونقص الأمطار العام الماضي، لم يحقق إنتاجًا كافيًا خلال موسم جمع المحصول.

يقول لـ"الترا تونس" إنّه توقع عدم إنتاج ما كان يتمناه وذلك بسبب نقص الغيث، لا سيما وأنّه يعوّل في زراعته على مياه الأمطار كغيره من المزارعين في الجهة.

مزارعون يُرجعون تقهقر إنتاج "الكاكاوية" مؤخرًا إلى ارتفاع تكلفة البذور، والتغيرات المناخية ونقص الأمطار، فضلًا عن ظهور بعض الأمراض التي أضرت بالمحاصيل

وتتركز زراعة الكاكاوية في تونس أساسًا في بعض المناطق في ولاية نابل على غرار حمام الأغزاز والهوارية ودار علوش، حيث يقع إنتاج قرابة 80% من الإنتاج الجملي. إضافة إلى بعض المناطق في الكاف وسيدي بوزيد، بإنتاج بسيط.

وقد أرجع أغلب المزارعين تراجع الإنتاج مؤخرًا إلى ارتفاع تكلفة البذور، والتغيرات المناخية ونقص الأمطار، إضافة إلى ظهور بعض الأمراض التي أضرت ببعض المحاصيل.

وقد أشار عامر بن عبد الله، من جهته، وهو أحد منتجي "الكاكاوية" في الهوارية، إلى "أنّ أغلب منتجي تلك المادة يواجهون خلال السنوات الأخيرة مشكلًا في إيجاد البذور التي ارتفعت كلفتها أيضًا، فضلًا عن ارتفاع أسعار المبيدات والأسمدة وفقدانها من السوق".

كما أضاف الفلاح أنّ "نقص الأمطار الموسم الماضي أثّر بشكل كبير على أغلب الزراعات بالجهة بما في ذلك زراعة (الكاكاوية). مما أدّى إلى تراجع الإنتاج بشكل كبير، إذ بلغ الإنتاج قرابة 70% فقط، مقارنة بالسنوات  السابقة".

عامر بن عبد الله (أحد منتجي "الكاكاوية"): نقص الأمطار الموسم الماضي أثّر بشكل كبير على أغلب الزراعات بالهوارية بما في ذلك زراعة الكاكاوية

وبحسب الفلاح عامر بن عبد الله فإنّ "الجهة تتميز بإنتاج الكاكاوية منذ سنوات، على غرار عدّة مناطق بولاية نابل، بسبب مناخها وتميزها بكثرة التساقطات ونوعية التربة الرملية التي تحتاجها زراعة هذا النوع من البقول". مضيفًا أنّه توجد قرابة خمسة أنواع من الكاكاوية، من بينها "الطرابلسية" و"العربي" و"المشلطة".. وتوجد أغلب بذورها في الأسواق التونسية، ولكن بكميات بسيطة، وفقه.

وتتم زراعة الكاكاوية منذ شهر مارس/آذار ليقع جنيها بداية من شهر سبتمبر/ أيلول. وتحتاج إلى السقي بصفة منتظمة بمعدل ثلاث مرات أو أكثر في الأسبوع. وباعتماد طريقة الري قطرة قطرة. ولا تتحمل الجفاف أكثر من أسبوع. كما أن السقاية بمعدل يفوق العادي قد يؤدي إلى تلف البذور.

ويشير عامر بن عبد الله إلى أنّ "عملية جمع المحصول تنطلق منذ أواخر سبتمبر/أيلول، وتبدأ بقلع النباتات وفصل حبات الكاكاوية عن الجذور، ثم تجفيفها طيلة أسبوع قبل بيعها للتجار، ولا تتحمل بعد جمعها الرطوبة العالية أو الحرارة المرتفعة، كما يجب تخزينها في أكياس من الخيوط والألياف النباتية التي تسمح بالتهوئة، بعيدًا عن الأوعية البلاستيكية التي تساهم في تلف المحصول". 

وقال: "نحن في تونس قادرون على مضاعفة الإنتاج، لكن من خلال توفير بذور كافية وجيدة، فأغلبنا يواجه مشكل إيجاد البذور، كما نحتاج إلى المياه في ظل التغيرات المناخية ونقص الأمطار ولا سيما وأن موسم زراعة الكاكاوية ينطلق في الربيع، ليقع جمع المحصول في بداية الخريف، وهي فترة تشهد نقصًا كبيرًا في الأمطار، لذا يعول أغلبنا على الريّ".

فلاح لـ"الترا تونس": موسم زراعة الكاكاوية ينطلق في الربيع، وهي فترة تشهد نقصًا كبيرًا في الأمطار، وقادرون في تونس على مضاعفة الإنتاج، لكن من خلال توفير بذور كافية وجيدة

وتباع الكاكاوية في السوق التونسية بأسعار لا تتجاوز 12 دينار للكيلوغرام الواحد. فيما يبيع الفلاح الكيلوغرام الواحد بحوالي 4 دينارات.

مشاريع فلاحية وغذائية صغيرة

يزرع سيف الدين حامدي من جهته، كل سنة بين هكتارين وأربعة هكتارات من تلك البقول. ولكن الموسم الماضي لم يقم بهذا النشاط الفلاحي بسبب مخاوفه من نقص الأمطار. يقول إنّه سبق وأن خسر البذور بعد زراعة هكتارين ولكن لم يجنِ أي شيء نتيجة نقص الأمطار. ولهذا لم يقم بالزراعة خلال الموسم الماضي نتيجة الجفاف. وحتى هذا الموسم لا يفكر في الأمر على الرغم من تسجيل كمية هامة من التساقطات.

سيف الدين حامدي (منتج كاكاوية) لـ"الترا تونس": موسم زراعة 'الكاكاوية' يتزامن مع فترة الربيع والصيف، مما يضطرنا في كثير من الأحيان اعتماد تقنية الري وهي مكلفة جدًا

فبحسب قوله "ماتزال الأرض جافة وغير رطبة وتحتاج إلى كميات أخرى من الأمطار لا سيما وأنّ موسم زراعة 'الكاكاوية' يتزامن مع فترة الربيع والصيف، مما يضطرنا في كثير من الأحيان اعتماد تقنية الري وهي مكلفة جدًا، ومع ارتفاع كلفة الإنتاج لا نجد السعر الكافي لتحقيق أي أرباح".

وباتت "الكاكاوية" تستعمل لصنع ما يعرف بزبدة الفول السوداني، في محلات صغيرة أو في مصانع كبرى.

ويعوّل العديد من منتجي تلك الزبدة  خصوصًا على الإنتاج المحلي البسيط، إذ يشير شاكر بو عزيز أحد منتجي زبدة الفول السوداني إلى أنّه "بعث مشروعه الصغير منذ ثلاث سنوات في إنتاج زبدة بعض الفواكه الجافة وتعليبها، وصناعة زبدة الفول السوداني خصوصًا. وقال إنه يروّج منتجه بطرق بسيطة عبر مشاركته في بعض معارض الصناعات التقليدية أو الغذائية. لأنه يوفر إنتاجًا بسيطًا نظرًا لنقص الإنتاج وارتفاع أسعار المواد الأولية بعض الشيء أو حتى فقدان بعضها في السوق. وفق قوله.