24-يوليو-2019

الأستغرام في تونس أصبح مرجعًا فهو منصة للإشهار ولانتداب ممثلين لمسلسل أو فيلم (صورة تقريبية/ getty)

 

قبل أكثر من 20 سنة في تونس، كان أصحاب الشركات يضطرون لدفع مبالغ خيالية لتمرير إشهار على شاشة التلفزة، كان ارتفاع التكلفة ناتجًا عن العدد المحدود جدًا من القنوات التلفزية وأيضًا لانعدام منصات الإشهار، حتى أن أحدهم قد ابتكر طريقة للتسويق ضلت محل حديث أصحاب المجال لسنوات طويلة حيث عمد إلى إنشاء مصنع لإنتاج أحد مواد التنظيف الذي كان يعتبر الأول من نوعه في تونس في تلك الفترة، ثم انتدب عددًا كبيرًا من تقنيي التسويق، كان عملهم يقضي بالتخفي في صفة حريف عادي و زيارة أكبر عدد ممكن من محلات بيع المواد الغذائية للحديث حول منتج المصنع على أساس أنهم استعملوه وهو جيد وموجود بكميات قليلة.

أشهر قليلة كانت كفيلة بزرع المنتج في عقول أصحاب المحلات قبل أن يتم تمرير إشهار باسم المنتج الذي كان دليلًا ليتأكدوا من قيمته. عند التوزيع كان أصحاب المحلات يطلبون كميات خيالية إيمانًا منهم بأن الطلب سيكون كبيرًا جدًا . اليوم بعد أكثر من 20 سنة ظهرت وسائل متطورة جدًا وكفيلة بأن تجعل حدثًا ما أو منتجًا ما حديث جميع سكان تونس في أقل من يوم، اليوم ظهر الانستغرام.

اليوم ظهرت وسائل متطورة جدًا وكفيلة بأن تجعل حدثًا ما أو منتجًا ما حديث جميع سكان تونس في أقل من يوم، اليوم ظهر الانستغرام

يعتقد البعض دائمًا أن مواقع التواصل الاجتماعي ستصبح في المستقبل بمقابل، تنشئ حسابًا على فيسبوك أو تويتر بثمن معين تقدمه إلى إدارة الموقع، لكن الحقيقة غير ذلك تمامًا فمع كل حساب جديد أنت بصدد إضافة قليل من المال لثروات هذه المواقع.

اقرأ/ي أيضًا: انستغرام في تونس.. إثارة ومصنع للنجوميّة

تحتوي هذه المواقع على قاعدة بيانات تكبر كل يوم حتى أن فيسبوك، أكثر مواقع التواصل الاجتماعي انتشارًا، قد وصل إلى ما يقارب 2 مليار مشترك و يفكر اليوم في إطلاق طائرات دون طيار من أجل إيصال الانترنت بالمجان إلى الأماكن الأقل حظًا في العالم من أجل الحصول على المزيد من الحسابات.

ويعتبر الإشهار المصدر الرئيسي لثروات هذه المواقع، لكنه في المقابل أعطى فرصة لبعض أصحاب الحسابات للقيام هم بدورهم بعملية الإشهار والحصول على المال. الانستغرام واحد من المواقع التي أصبحت تحظى بشهرة كبيرة بعد أن أصبحت تنتمي إلى إدارة فيسبوك.

في تونس وكما في العالم أجمع، تجاوز الانستغرام دوره الطبيعي كوسيلة تواصل اجتماعي ليصبح مركزًا لصنع النجوم والأموال. نور قيدوز، والتي لم تتجاوز التاسعة عشرة، واحدة من الناشطات على أنستغرام والتي تحظى بشهرة كبيرة "لا تستطيع تخيل حياتها دون انستغرام". أسست نور حسابًا على أنستغرام منذ سنة 2012 عندما كان عمرها حوالي 14 سنة، بعد 5 سنوات أصبح الحساب اليوم يحوي أكثر من 600 ألف متابع، هذا دون الحديث عن زيارات أشخاص ليسوا من المتابعين.

في تونس وكما في العالم أجمع، تجاوز الانستغرام دوره الطبيعي كوسيلة تواصل اجتماعي ليصبح مركزًا لصنع النجوم والأموال

في جوابها عن سؤال كيف تمكنت من جمع هذا العدد من المتابعين، تقول نور لـ"ألترا تونس": "بعد تأسيس حسابي قررت أن أكون مختلفة عن الجميع، وطبعًا رواد الانستغرام وجميع مواقع التواصل الاجتماعي يعشقون التجديد، كنت متجددة في كل صوري، وأكثر الأمور التي أثارت جدلًا بين المتابعين هي الوشوم التي في جسدي مقارنة بعمري وقتها".

يحتوي الأنستغرام في تونس على شخصيات مختلفة: "أنستغراميون"، "أنستغاراميات"، مؤثرون، مشاهير ورواد عاديون ويستأثر الانستغراميون والانستغراميات بنسبة هامة من اهتمام المستشهرين وذلك في تطبيق لمعادلة الجودة وسعر الإشهار.

تتحدث نور  لـ"ألترا تونس" عن مراحل عملية الإشهار قائلة "يتم الاتصال بنا عبر الهاتف أو البريد الالكتروني، ثم يتم ترتيب لقاء مع المستشهر للاتفاق على السعر وصيغة للإشهار".

تختلف صيغة الإشهار، فموقع الانستغرام يحتوي على وسائط متعددة للنشر، هناك ما يسمى بالستوري Story وهي صورة تنشر على منصة خاصة وتبقى لمدة 24 ساعة، هناك الستوري ذات الأفضلية، والصورة على الحساب الخاص، هناك أيضًا الصورة على الحساب الخاص ذات الأفضلية، إلى جانب الفيديو المباشر، كل واحدة من هذه "المنصات" حسب نور لها سعر مختلف. كما أنه كلما زاد عدد المتابعين ارتفع السعر. ويختص المستشهرون الذين يتعاقدون مع نور في مجالات متعددة مثل الملابس، مراكز التجميل والعلب الليلية والحانات الفاخرة.

نور قيدوز (ناشطة بموقع أنستغرام) لـ"ألترا تونس": يتم الاتصال بنا عبر الهاتف أو البريد الالكتروني، ثم يتم ترتيب لقاء مع المستشهر للاتفاق على السعر وصيغة للإشهار

تعتقد عفاف الغربي (مقدمة برامج) أن تونس تعاني من بعض التأخر فيما يتعلق باستعمال الأنستغرام. كما تؤكد أنه في الوقت الذي كان التونسيون يصبون كل تركيزهم على فيسبوك كان موقع أنستغرام قد بدأ يحظى بشعبية كبيرة في الدول الغربية والعربية وخاصة الخليجية.

تحظى عفاف الغربي بشهرة كبيرة في الأوساط الإعلامية في تونس، بدأت مسيرتها في برامج المنوعات التي نجحت في تقديمها كما نجحت في محاورة عدد كبير من نجوم الثقافة والفن في العالم العربي، اليوم تعمل عفاف كمقدمة برنامج في إذاعة خاصة يعنى بالثقافة والفن وعدة مواضيع أخرى. كما يحظى حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بمتابعة كبيرة ما مكنها من الدخول في قائمة الـ100 شخصية مؤثرة في تونس.

وفي معرض حديثها مع "ألترا تونس"، تطرقت عفاف الغربي إلى تجربتها مع عالم الإشهار على أنستغرام  قائلة "أستعمل حسابي الخاص على موقع أنستغرام أساسًا من أجل التسويق لحلقات البرنامج و إعلام المتابعين بالضيوف المرتقبين. وبالنسبة إلى الإعلانات التي عرضتها على حسابي الخاص كانت في شكل تعامل مباشر مع المستشهر  وكل حسب الصيغة التي يتم الاتفاق عليها". و ترى عفاف أن الاستغرام في تونس أصبح مرجعًا فهو إضافة إلى كونه منصة للإشهار هو مكان لانتداب ممثلين لمسلسل أو فيلم وذلك من أجل ضمان نسبة مشاهدة عالية بالنظر إلى نسبة المتابعة التي يحظى بها الشخص الذي سيتم انتدابه. ويختص المستشهرون الذين يتعاقدون مع عفاف في مجالات مثل الفندقة والتجميل والتعليم.

عفاف الغربي (مقدمة برامج) لـ"ألترا تونس": الأستغرام في تونس أصبح مرجعًا فهو إضافة إلى كونه منصة للإشهار هو مكان لانتداب ممثلين لمسلسل أو فيلم

تسعى شركات الإشهار في تونس، وهي شركات وسيطة بين المستشهر ومنصات الإشهار، في كل مرة إلى تغيير منصات الإشهار من أجل ضمان نتائج جيدة للمنتوج وتحتفظ بقائمة طويلة من أسماء الحسابات التي تحظى بمتابعة كبيرة على موقع أنستغرام وفي كل حساب من هذه الحسابات يتم تحديد الفئة المستهدفة وعلى حسب نوعية المنتوج يتم اختيار الحساب الذي سيتم التعاقد معه من أجل عملية الإشهار.

وفي المقابل، يسعى بعض الناشطون والناشطات على موقع التواصل الاجتماعي أنستغرام إلى زيادة عدد المتابعين بأي ثمن من أجل زيادة الترفيع في أسعار الإشهار لضمان نسب ربح أكبر، ويضطر بعضهم إلى نشر صور شخصية إلى حد كبير من أجل جلب انتباه الكثيرين في ما يضطر آخرون إلى كشف جميع تفاصيل حياتهم الشخصية من أجل الوصول إلى عتبة تمكنه من الإشهار على الموقع، الأمر الذي جعل الانستغرام بمثابة حرب بين هؤلاء الناشطين حول من يستقطب أكبر عدد من المتابعين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تونسيون أدمنوا "العالم الأزرق" ثم غادروه دون رجعة

مواقع التواصل الاجتماعي.. الفضاء البديل تونسيًا