15-سبتمبر-2020

ترفض التنسيقية الوطنية الموحدة للأساتذة النواب انتداب ألف أستاذ فقط حاليًا (مريم الناصري/ألترا تونس)

 

تُدرّس رفيقة، أستاذة نائبة، في معاهد ثانوية بالعاصمة منذ ست سنوات. تتنقل سنوياً بين عدّة معاهد بالجهة، وفق ما تقتضيه الشغورات السنوية، على أمل أن يقع ترسيمها بصفة رسمية في جدول الأساتذة.

تقول رفيقة لـ"الترا تونس" إنّها "خريجة آداب، وتُدرّس اللغة العربية في المراحل الأولى للتعليم الثانوي. انطلقت مسيرتها منذ أكثر من خمس سنوات لكن كأستاذة معوّضة أو نائبة. تتقاضى دخلاً شهريًا بقيمة 500 دينار (185 دولار أمريكي تقريبًا). خاضت على غرار زملائها من الأساتذة النواب جملة من الاحتجاجات والتحركات لتسوية وضعيتها وانتدابها بشكل رسمي"، كما تقول، إلا أنّها "لا ترى غير التسويف والمماطلة من الوزارة عبر تعلة التسويات على دفعات لأنّ العدد كبير ولا  قدرة لها على انتدابهم جميعًا".

خاض آلاف الأساتذة النواب منذ سنوات تحركات احتجاجية تُفضي فقط إلى الوصول لبعض الاتفاقات والتسويات، لكنّها لا تُنهي مشكل الأساتذة النواب ومشكل انتدابهم

رفيقة من بين آلاف الأساتذة النواب الذين خاضوا منذ سنوات تحركات احتجاجية تُفضي فقط إلى الوصول لبعض الاتفاقات والتسويات، لكنّها لا تُنهي مشكل الأساتذة النواب ومشكل انتدابهم الذي يتجدد من بداية كلّ سنة دراسية.

ولم تقتصر تحركات الأساتذة هذا العام على بداية السنة الدراسية بل انطلقت منذ ماي/ آيار الماضي في أغلب الجهات التونسية أمام المندوبيات الجهوية للتربية وانتهت بالدخول في اعتصام أمام مقرّ وزارة التربية يوم 11 جوان/ يونيو الماضي، وذلك للمطالبة بتسوية وضعياتهم المهنيّة وتفعيل الاتفاقيّات مع وزارة الإشراف.

اقرأ/ي أيضًا: الأساتذة النواب يرفضون عقد "العبودية التربوية" الجديد

آخر تلك التحركات والتي نفذها الأساتذة النواب بمرحلة التعليم الثانوي كانت في 5 سبتمبر/أيلول الحالي أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، للمطالبة بتسوية وضعياتهم المهنية. وقد أشارت فاطمة السليتي لـ"ألترا تونس"، وهي الناطقة باسم الأساتذة النواب بالمؤسسات التربوية بتونس العاصمة، أنّ "أغلب الأساتذة يُنددون بسياسة المماطلة التي تنتهجها وزارة التربية وبالوعود التي تتجدد مع كلّ وزير تربية"، وفق توصيفها، مضيفة أنّ "أكثر من 7 آلاف أستاذ معوّض يباشرون سنويًا التدريس دون تسوية وضعياتهم، من بينهم من تجاوز 10 سنوات تدريس دون انتداب رسمي".

الناطقة باسم الأساتذة النواب بالمؤسسات التربوية بالعاصمة: أكثر من 7 آلاف أستاذ معوّض يباشرون سنوياً التدريس دون تسوية وضعياتهم، من بينهم من تجاوز 10 سنوات تدريس دون انتداب رسمي

كما أكدت أنّ "تغيير الوزراء أثر على ملف الأساتذة النواب، وساهم في تغير القرارات سنويًا، مشيرة إلى "أنّهم يطالبون بانتداب عدد كبير منهم، لاسيما وأنّ انتداب نسبة لا تتجاوز 10 بالمائة من مجموع الأساتذة النواب تعد نسبة دون التطلعات، ما يعني أنه لن يتم تسوية جميع الوضعيات المهنية لعدد كبير لاسيما ممن يُدرّسون منذ أكثر من 10 سنوات، ويتقاضون فقط أجرًا لا يتجاوز 500 دينار على الرغم من أنّ وزير التربية السابق حاتم بن سالم كان قد أعلن مطلع السنة الدراسية 2018/2019 أنّه سيتم تمتيعهم بأجر شهري خام حدد بـ750 دينارًا وبالتغطية الاجتماعية".

قبل ذلك نفّذ الأساتذة النواب في 7 جويلية/يوليو الماضي وقفة احتجاجية أمام وزارة التربية "فالوزارة لم تفتح رسميًا ملف الأساتذة النواب وتعتمد سياسة التسويف والمماطلة"، وفق ما أكده أغلب الأساتذة المشاركين في الاحتجاجات، مطالبين باتفاقية تسوية شاملة لكل ملفات الأساتذة النواب، الذين كان من المتوقع تسوية وضعياتهم عبر دفعات من 2008 إلى 2018، ومؤكدين أنّ أغلبهم لا يتمتعون بأجر شهري ولا بتغطية اجتماعية أو صحية ولا بعطل مرضية. 

على صعيد آخر، أكد العديد منهم لـ"الترا تونس" أنّ وزارة التربية لا تملك قاعدة بيانات واضحة عن عدد الأساتذة أو توزعهم في الجهات وفي المعاهد أو المواد التي يُدرّسونها، عدا أنّها تقبل بأساتذة نواب جدد على الرغم من عدم تسوية وضعيات الأساتذة النواب الذين يدرّسون منذ سنوات، كما هدد البعض بمقاطعة العودة الدراسية في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.

الأساتذة النواب يطالبون بتسوية وضعياتهم (مريم الناصري/الترا تونس)

اقرأ/ي أيضًا:  المعلّمون النواب.. أزمة الموسم الدراسي الجديد في تونس

التوصل إلى اتفاق جديد؟

وفي إطار المفاوضات بين وزارتي التربية والمالية، تم الوصول إلى اتّفاق لتعبئة الموارد البشرية الكفيلة بانطلاق السنة الدراسية، عبر تسوية وضعية الدفعة الأولى من الأعوان المتعاقدين المكلفين بالتدريس في إطار سدّ الشغورات الظرفية بالمدارس الابتدائية بنسبة 40 % وعددهم 2686 طبقًا لمقتضيات الأمر الحكومي عدد 58 لسنة 2019 وخاصة الفصل 4 مكرّر منه، وذلك في شهر سبتمبر/ أيلول 2020. 

وتم الاتفاق أيضًا على تسوية وضعيّة حاملي الإجازة التطبيقية لعلوم التربية خريجي دورة 2019 وعددهم 2574 بإدماجهم كأساتذة تعليم ابتدائي في سبتمبر/أيلول 2020، كما تم الاتفاق على التعاقد مع حاملي الإجازة التطبيقية لعلوم التربية خريجي دورة 2020، وعددهم 2620 في سبتمبر الجاري وإدماجهم كأساتذة تعليم ابتدائي في سبتمبر/أيلول القادم أي سنة 2021. والتسوية المتدرّجة لوضعية الأساتذة النواب بالتعليم الثانوي على دفعات وتنفيذ الدفعة الأولى من التسوية بإدماج 1000 مدرّس في هذا الشهر، مع تسديد جزء من الشغورات الناجمة عن تقاعد عدد من العملة بالتعاقد مع 500 عامل.

الناطق باسم التنسيقية الوطنية الموحدة للأساتذة النواب لـ"الترا تونس": "نرفض انتداب ألف أستاذ نائب فقط لهذا العام هو رقم مخجل ومهين لتحركات الأساتذة، فالشغورات تتجاوز 7 آلاف أستاذ"

وكان بيّن بلاغ لوزارة التربية أنّه تمّ استكمال التفاوض بين وزارتي التربية والمالية، والاتفاق على إسناد 300 عقد لتسديد بعض الشغورات الحاصلة من الأعوان المكلفين بمساعدة مدرّسي المدارس الإعدادية والمعاهد بالمخابر والأعوان المكلفين بتأطير ومرافقة التلاميذ بالمدارس الإعدادية والمعاهد، طبقًا لمقتضيات الأمر عدد 1046 لسنة 2018 وذلك ابتداء من شهر سبتمبر/ أيلول 2020. كما تتولّى مصالح وزارة التربية بالتّشاور مع الشّركاء المعنيّين واعتمادًا على مبدأ تكافؤ الفرص، تحديد آليات الانتداب والتعاقد وفق الشروط والتراتيب القانونيّة المعمول بها في الغرض.

وعلى الرغم من ذلك، ترفض التنسيقية الوطنية الموحدة للأساتذة النواب انتداب ألف أستاذ فقط حاليًا، إذ يشير رمزي رحال، الناطق باسم التنسيقية لـ"الترا تونس"، إلى أنّ "انتداب ألف أستاذ نائب فقط لهذا العام هو رقم مخجل ومهين لتحركات الأساتذة، فالشغورات تتجاوز 7 آلاف أستاذ"، وفق تقديره. 

وأضاف رحال "نحن نطالب بانتداب كافة الأساتذة النواب من سنة 2008 إلى سنة 2018 على ثلاث دفعات وكلّ دفعة لا تقل عن 2000 أستاذ مع تحديد سقف زمني لا يتجاوز 2022، وإدراج الاتفاق بالرائد الرسمي، كما نطالب الجامعة العامة بالوقوف الجدي والترفيع في عدد المراكز المخصصة للأساتذة النواب وبإدراج سنوات النيابة في التقاعد". كما أشار الناطق باسم التنسيقية إلى أنّ "الأساتذة النواب يطالبون أيضًا بمستحقاتهم المالية، وبدفعها بصفة شهرية وليس آخر السنة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

العودة المدرسية في تونس.. طلب العلم تحت رصاص العدو

فيديو: العودة المدرسية في ظلال أزمة كورونا