09-مايو-2018

أحيت الفنانة لبنى نعمان حفلًا لتكريم الفقيدين خميس العرفاوي وريم البنا

بزيّ أبيض مستوحى من اللباس التقليدي، تتخلّله مساحة زرقاء صغيرة بدت لي أرحب من السماء، اعتلت الفنانة لبنى نعمان ركح مسرح الجهات بمدينة الثقافة مساء الثلاثاء 8 ماي/ آيار الجاري. كانت حمامة بيضاء تلعن الموت بصوتها وتحرّك الحياة في فكري وربما في أفكار الحاضرين.

الحمامة البيضاء حلّقت على الركح في رثاء زميلتها الفنانة الفلسطينية ريم البنا وزميلنا الصحفي التونسي خميس العرفاوي. أهدت صوتها وكلماتها لروح فارسي الكلمة، فعلت أنغام الفكرة الحرة والكلمة الحرة بل والقضية، وتربعت إرادة الحياة على عرش اللحظة. غنّت "كب الفولارة" و"راني مضام" و"غريب وجالي" بصوت لا ولي له، يخترق الأجساد فتتعانق الأكف، ويعاضد تصفيق الحاضرين ألحان الفرقة الموسيقية المصاحبة لها.

خطّت لبنى نعمان بصوتها رسالة مفادها أن الفن لم ولن يكون عقيمًا أمام الموت

فرقة " الحس"، أطلقت العنان لعزف مربك يثير فيك الحنين ويدغدغ الدمع في عينيك، لكنّك لا تلبث أن تبتسم والحمامة البيضاء تهز يديها كالملاك، تقول بحركاتها وتعابير وجهها، وإن خانها دمعها، أنّ الأحرار لا يموتون وأن خميس العرفاوي حي فينا بابتسامته الصافية كسماء نيسان، وأن ريم البنا خالدة في كلماتها وأغانيها.

اقرأ/ي أيضًا: نحيب الصباح الباكر.. وداعًا رفيقي خميّس

خميس العرفاوي كان حاضرًا بيننا بتوأميه إياد وآدم اللذين كلّما هممتُ بالبكاء لرؤيتهما، أبتلع دمعي حينما أرى في عينيهما ضحكة أبيهما، حينما يقولان إن والدهما يسكن فيهما وإن بقاءه أقوى من حطام الموت ولغة الوجع. ريم البنا هي الأخرى قفزت كغزالة بيضاء بين كلمات لبنى نعمان، التي أهدت صوتها وكلماتها لصديقة وعدتها بلحن أغنية خطفه الموت، فرّدت عليه بأغنية " على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، وفي ذكرى خميس العرفاوي وريم البنا حيوات.

في الحفل الذي نظّمته وزارة الشؤون الثقافية ونقابة الصحفيين التونسيين إهداء لروح الصحفي خميس العرفاوي والفنانة الفلسطينية ريم البنا، خطّت لبنى نعمان بصوتها رسالة مفادها أن الفن لم ولن يكون عقيمًا أمام الموت وأن الأحرار مخلدون في ذاكرة الزمان والمكان.

الحمامة البيضاء، توشّح صوتها بالدمع وهي تتحدّث عن ريم البنا، صديقة لا مجرّد زميلة فنانة، وتعترف بأنه من الصعب أن تغني لروح فنانة تمنّت أن تغني معها ومن ألحانها، لكنّها غنّت لصديقتها وبكتها بلغتها.

رقصت كل تفاصيل لبنى نعمان وهي تغني وتماهت مع فرقة " الحس" حتّى عمّ حسّها حسّ الحضور فتمايلت الرؤوس على وقع صوتها، وتسلّل خميس العرفاوي وريم البنا بين الألحان. رتّل صوتها كلمات أغنية" يا ليل ما أطولك" فرقصت على وجع الموت ورسمت بكلماتها ملمحًا لريم البنا بشعرها الغجري وإكسسواراتها الفلسطينية.

بكى صوت لبنى نعمان أكثر من مرة ولكن ابتسامة روحها كانت الأقوى وهي تقف وجهًا إلى وجه مع الموت الذي غيّب الأحبة

اقرأ/ي أيضًا: أصدقاء ريم البنا من تونس: غنت للحرية وساندت تحركات التونسيين

حملت "الحمامة البيضاء" بمنقارها ضحكات خميس العرفاوي وريم البنا ونثرتها في أرجاء مسرح الجهات الذي ضاق بصوتها الذي بدا بلا حدود وهو يتحدّى لوعة الموت.

بكى صوت لبنى نعمان أكثر من مرة ولكن ابتسامة روحها كانت الأقوى وهي تقف وجهًا إلى وجه مع الموت الذي غيب زميلتها وزميلنا، الانفعالات في علامات صوتها تخزني دون إنذار وتزج بي أتون الحنين فأتذكّر دعابات خميس العرفاوي وأتذكّر صورة جمعتنا.

زهاء الساعتين، قارعت "الحمامة البيضاء" ذكرى الموت بصوتها الكثيف كالحزن الذي خلّفه رحيل ريم وخميس، وحضر وجها فارسي الكلمة مع كل أغنية، وتردّد صدى صوتيهما في رحاب الحريّة.

وكل أغنية صدحت بها لبنى نعمان يعقبها صدًى يردّد أن ريم البنا وخميس العرفاوي أحياء فينا وفي كل كلمة حرة وكل قضية، لم يموتا هما فقط رحلا إلى حيث يجب أن يكون الأحرار أمثالهما، هناك عاليًا نجومًا تضيء السماء وتهدينا إن ضللنا طريق الحرية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

محمد الطالبي.. المفكر الذي لم يخش الله لكنه أحبه

رجاء بن عمار.. فنانة تتنفس مسرحًا