تتزامن فعاليات الدورة 23 من مهرجان أيام قرطاج المسرحية التي يتواصل نشاطها بالعاصمة تونس من 3 إلى 10 ديسمبر/ كانون الأول 2022، مع تظاهرة رياضية عالمية نهلت من روح المسرح على مستوى الفرجة وتشبهت به في حفلات الافتتاح والتتويجات والأنشطة الموازية، ألا وهي تظاهرة كأس العالم التي تحتضنها حاليًا دولة قطر، حيث نتأكد مع كل دورة أن المسرح هو أب كل الفنون بما في ذلك فنون الرياضة.
تمتد فعاليات الدورة 23 من مهرجان أيام قرطاج المسرحية بالعاصمة تونس من 3 إلى 10 ديسمبر 2022
المباريات الحماسية المنقولة عبر الشاشات النقية والتي يتسرب صخبها من مقاهي العاصمة، لم تثن الجمهور التونسي والعربي والإفريقي عن متابعة افتتاح أيام قرطاج المسرحية مساء السبت 3 ديسمبر/ كانون الأول 2022 والعودة إلى حضن المسرح الأم: مسرح الخشبات ومسرح الألوان ومسرح الأفكار ومسرح التنوير.
لقد انطلق هذا الحدث الثقافي المركزي في المشهد الثقافي التونسي منذ سنة 1983 من شارع الحبيب بورقيبة حيث موسيقى السطمبالي الأمازيغية الإفريقية قد غمرت الفضاء والسماء.. والموسيقى أيضًا هي سليلة المسرح وملمح من ملامحه. عرض "دندري" لمحمد الخشناوي المقدم بالمناسبة، هو اشتغال وبحث أصيل حول موسيقى الصحراء وموسيقى الجنوب.. يأسرك ومن ثمة يحملك إلى عوالم مختلفة عبر إيقاعات تتأتى من تجاور آلات القمبري والقمبرة والباتري والقيتار.
وفي الجهة المقابلة، وفي اتجاه تمثال الزعيم بورقيبة، قدم "سيرك باباروني" عرضًا خاصًا تحت الأضواء الكاشفة، إنها لوحات مذهلة تبرز ليونة الجسد وقدرته على الإبهاج، فالسيرك هو الوجه الآخر للمسرح ولغة مثلى من اللغات القديمة التي مازال الإنسان يتعاطاها إلى اليوم.
لقد كان مساءً أنيقًا مفعمًا بالمسرح في أبعاده الرياضية والموسيقية والسيركية، أمتع التونسيين والضيوف العرب والأفارقة، وأشار في الآن ذاته إلى أنّ الحدث الثقافي والإبداعي قد انطلق وأن بوابات المسارح قد فُتحت لاستقبال الجماهير.
في الوقت نفسه، كانت مدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالعاصمة تونس في كامل أبهتها لاستقبال المسرحيين وصناع الفرجة المسرحية من التونسيين والعالم العربي والقارة الإفريقية.
مديرة أيام قرطاج المسرحية شدّدت على أهمية تواصل التظاهرة في الزمن مع التأكيد على ضرورة استمرار طرح أسئلة من قبيل: كيف يمكن أن نخرج بها من الشكل الكلاسيكي للمهرجانات؟
قاعة الأوبرا وهي كبرى مسارح المدينة، كانت قد احتضنت حفل الافتتاح بحضور الرسميين من وزراء وسفراء وممثلي المنظمات والهيئات، والمبدعين والكتاب والشعراء والممثلين والفنانين ومجانين المسرح.
شعار الدورة هو "برشة محبّة" (أي الكثير من المحبة)، كان أول ملفوظ مديرة الدورة نصاف بن حفصية التي تحدثت خلال حفل الافتتاح عن أهمية هذا الحدث في المشهد الثقافي التونسي وأهمية تواصله في الزمن مع التأكيد على ضرورة استمرار طرح أسئلة أكيدة من قبيل: لماذا أيام قرطاج المسرحية؟ وكيف يمكن أن نخرج بها من الشكل الكلاسيكي للمهرجانات وتحويلها إلى بوابة تسويق وترويج للمسرح التونسي والعربي والإفريقي؟ وكيف يمكن لهذه التظاهرة العريقة ألاّ تكون منصة تكتفي بالعرض بل تطمح لفتح آفاق جديدة للصناعة المسرحية؟
حفل الافتتاح تخللته عروض موسيقية وكوريغرافية قصيرة لكل من: أميرة لوبيري وبرونو توكام السوبرانو اللذين قدما أغنية أوبرالية فخمة، والفنان ياسر جرادي الذي عزف على آلة الهارمونيكا وغنى أغنيته الشهيرة "ديما ديما" والفنانة لبنى النعمان واحدة من رائدات الأغنية البديلة التي غنت "مازلت خضرا"، والفنان المسرحي لطفي بوسدرة الذي رقص رقصة الكلاكيت.
لم ينس أهل المسرح خلال حفل الافتتاح تكريم أولئك الذين غادروا في صمت بعد أن أفنوا أعمارهم على خشبات المسارح وهم: توفيق البحري وهشام رستم والبشير خمومة والمنجي التونسي والصادق الماجري وعادل مقديش وعادل حباسي.. وغيرهم.
تحتوي برمجة أيام قرطاج المسرحية على مشاركة 23 دولة وتقديم 82 عرضًا مسرحيًا، و12 عرضًا للأطفال و7 عروض للهواة و8 عروض للشارع
أما الأحياء ممن أعطوا للمسرح والتمثيل وقامت الدورة بتكريمهم فهم: الفنانة المصرية الكبيرة سهير المرشدي والممثل السوري أيمن زيدان والمالي حبيب ديمبيلي والعراقي قاسم البياتي والتونسيين محمد اليانقي وعلاء الدين أيوب..
كما تضمن حفل الافتتاح عرضين مسرحيين وهما "أنا الملك" لمعز حمزة وقد احتضنه مسرح الجهات بمدينة الثقافة، ومسرحية "شوق" لحاتم دربال وقد تم عرضها بقاعة الريو بالعاصمة.
وتحتوي برمجة أيام قرطاج المسرحية على مشاركة 23 دولة وتقديم 82 عرضًا مسرحيًا منها 12 عرضًا في المسابقة الرسمية للمهرجان، و12 عرضًا للأطفال و7 عروض للهواة و8 عروض للشارع، كما تسجل الأيام مشاركات عربية من مصر وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية والجزائر والمغرب، أما ضيف شرف الدورة فهي السينغال.
ومن الأقسام الهامة لأيام قرطاج المسرحية إلى جانب المسابقة الرسمية والتكوين والتربصات (بالشراكة مع المعهد العالي للفن المسرحي) والماستر كلاس، نجد "الندوة العلمية" والتي ستتفرع هذه السنة إلى قسمين أو ندوتين تحمل الأولى عنوان "نحو آفاق للإنتاج والترويج العربي والإفريقي" بإشراف الدكتور محمد المسعود إدريس، والثانية تنتظم بالشراكة مع "الجمعية التونسية للنقاد المسرحيين" وعنوانها "موليير في مرآة المسرح العربي والإفريقي" بإشراف الدكتور حمدي الحمايدي.