04-يوليو-2024
احتجاجات قفصة الماء

فلاحو قفصة يطلقون صيحة فزع على خلفية ما اعتبروه "استنزاف" الثورة المائية من قبل مستثمر بالجهة

 

يعاني فلاحو منطقة قفصة الشمالية من أزمة مائية بسبب إحدى الشركات المرتكزة هناك على خلفية إقدام صاحبها على استغلال المائدة المائية منذ سنة 2008 برخص "غير قانونية" عبر إنشاء أحواض عملاقة تبلغ مساحة كل منها هكتارًا وملئها بالماء واستنزاف الثروة المائية بالمنطقة، وفق المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

يعاني فلاحو منطقة قفصة الشمالية من أزمة مائية بسبب إحدى الشركات المرتكزة هناك على خلفية إقدام صاحبها على استغلال المائدة المائية منذ سنة 2008 برخص "غير قانونية" وفق منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية

وكانت مجموعة من فلاحي معتمديات زانوش والقصر والسند وسيدي عيش وقفصة الشمالية قد نظمت وقفة احتجاجية، بتاريخ 1 جويلية/يوليو 2024، "تنديدًا بالتجاوزات التي تقوم بها شركة موجودة بمنطقة الفج من معتمدية قفصه الشمالية، مختصة في إنتاج الخس والطماطم، وذلك على خلفية استعمال صاحب الشركة لرخص غير قانونية يقوم بموجبها باستغلال المائدة المائية منذ 2008".

 

 

وأكد منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنّ "فلاحي منطقة قفصة الشمالية يعانون منذ تدشين هذه الشركة من تفاقم هبوط المائدة المائية بسبب الأنشطة التي يقوم بها المستثمر في زراعة الخس والطماطم، والتي تحتاج كميات كبيرة من المياه يقع ضخها بمعدل 24 ساعة/24 ساعة، مما أثر على الثروة المائية بالجهة التي تراجعت بشكل ملحوظ".

منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية: المستثمر تسبب في تفاقم هبوط المائدة المائية بسبب ضخه المياه بمعدل 24 ساعة/24 ساعة، مما أثر على الثروة المائية بالجهة التي تراجعت بشكل ملحوظ وتسبب في اندثار الآبار السطحية

كما أكد أن ذلك "تسبب في اندثار الآبار السطحية، حيث يضطر الفلاحون اليوم للحفر أكثر من 10 أمتار من أجل إيجاد الماء وهو ما جعلهم عاجزين على توفير المياه لري منتجاتهم الفلاحية التي سجلت تراجعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة". 

كما أثّر نشاط الشركة أيضًا على حق المواطنين في الماء الصالح للشرب ببقية معتمديات الجهة التي تعاني العطش عبر تواتر انقطاع المياه على سكان مناطق عدة، وفق المنتدى. 

وقد أكد الفلاحون خلال وقفتهم "نية المستثمر كراء آبار جديدة على ملك صغار الفلاحين بغاية توسيع رقعة الأراضي المستغلة والتمادي في استنزاف المياه، إضافة إلى استعمال بعض الأدوية والمبيدات الضارة للبيئة وللمنتجات الفلاحية الموجودة بالمنطقة على غرار الفستق والزياتين"، وفق ما ورد في ذات البيان.

 

 

  • دعوات للقيام بعملية تدقيق مائي بالمنطقة

وفي هذا الإطار، عبر قسم العدالة البيئية والمناخية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن دعمه ومساندته المطلقة للتحركات النضالية التي يخوضها فلاحو قفصة بما فيها المسار القضائي الذي أطلقوه أمام "تغوّل صاحب الشركة في استغلاله للثروات المائية للجهة في تجاوز صارخ للقوانين"، وفق تعبيره.

منتدى الحقوق الاقتصادية: ندعو  السلط إلى ممارسة الرقابة على الكميات المستغلة من المياه من طرف المستثمرين الفلاحيين لضمان عدم الإفراط في الاستغلال وتفادي استنزاف المائدة المائية والمخزون الوطني من المياه ومراجعة الخارطة الفلاحي

كما دعا السلط الجهوية ووزارة الفلاحة لممارسة الرقابة على الكميات المستغلة من المياه (التدقيق المائي) من طرف المستثمرين الفلاحيين لضمان عدم الإفراط في الاستغلال وتفادي استنزاف المائدة المائية والمخزون الوطني من المياه ومراجعة الخارطة الفلاحية، معتبرًا أنه  "من غير المعقول أن يقع إنتاج الطماطم والخس في جهة تعاني من الشح المائي"، حسب رأيه.

وحذّرت المنظمة الحقوقية مما اعتبرته "تغليب الجانب الربحي للشركة المعنية والتي توجه منتجاتها إلى التصدير على حساب القطاع الفلاحي الذي يعتبر نبض اقتصاد منطقة قفصة الشمالية لما يوفره من تنوع في المنتجات وخاصة منها الفستق الذي يمثل ركيزة من ركائز اقتصاد المنطقة"، حسب ما جاء في نص البيان.

منتدى الحقوق الاقتصادية: نحذر من تغليب الجانب الربحي للشركة المعنية والتي توجه منتجاتها إلى التصدير على حساب القطاع الفلاحي الذي يعتبر نبض اقتصاد منطقة قفصة الشمالية لما يوفره من تنوع في المنتجات وخاصة منها الفستق

وجدد المنتدى دعوته للعمل على حوكمة الموارد المائية من منطلق اعتبارها أساسًا لتحقيق الأمن والسيادة الغذائية ورافدًا من روافد التنمية في الجهات التي يرتكز اقتصادها على الفلاحة وتعاني من غياب البدائل التنموية، وفق ذات البيان.

وكان المرصد التونسي للمياه قد أدى، في 1 جويلية/يوليو 2024، زيارة ميدانية إلى منطقة قفصة الشمالية تزامنًا مع الوقفة الاحتجاجية التي نظمها فلاحو المنطقة "احتجاجًا على تواصل استنزاف الماء، ما أثّر بشكل كبير على المائدة المائية في المنطقة.

 

 

  • قفصة تتصدر خارطة العطش لشهر جوان 2024

وقد ذكر المرصد التونسي للمياه، الخميس 4 جويلية/يوليو 2024، في خارطة العطش لشهر جوان/يونيو 2024 أنّ ولاية قفصة تصدرت الخارطة.

وأوضح، في بلاغ له، أنه تم رصد 305 تبليغات حول المياه في شهر جوان/يونيو 2024 منها 262 تبليغًا تخص انقطاعات غير معلنة واضطرابات في توزيع المياه الصالحة للشرب على مستوى الجمهورية التونسية، مشيرًا إلى أنّ ولاية قفصة تتصدر الخارطة بـ 32 تبليغًا، تليها ولاية صفاقس بـ30 تبليغًا.

المرصد التونسي للمياه: ولاية قفصة تصدرت خارطة العطش لشهر جوان 2024 

كما أشار إلى أنّ ولايات سوسة، المهدية، سيدي بوزيد، الكاف والقصرين سجلت تبليغات قدرت على التوالي بـ: 26، 23، 22 و20.

بالإضافة إلى ذلك، أعلن مرص المياه أنه تم تسجيل 19 تحركًا احتجاجيًا في شهر جوان/يونيو المنقضي بخصوص المياه. 

 

 

  • منظمتان: "الشح المائي في تونس نتيجة فشل السياسات العمومية"

وسبق أن اعتبر المرصد التونسي للمياه وجمعية نوماد 08، الأربعاء 29 ماي/أيار 2024، أنّ ما تعيشه تونس حاليًا من شح مائي ليس قدرًا طبيعيًا، بل هو نتيجة لفشل السياسات العمومية للمياه من ناحية وللخيارات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة منذ 1956 من ناحية أخرى.

كما أكدا، في البيان الختامي الصادر عن الملتقى الوطني للمياه، أنّ "إعداد إطار تشريعي ومؤسساتي جديد للمياه في تونس خاضع للتجاذبات السياسية والأجندات الحزبية والتبعية للجهات المانحة، مما عمق المشاكل الهيكلية للموارد المائية ورفع من كلفة وحدة تأثيرات الشح المائي على الشعب التونسي".

مرصد المياه وجمعية نوماد: "ما تعيشه تونس حاليًا من شح مائي ليس قدرًا طبيعيًا، بل هو نتيجة لفشل السياسات العمومية للمياه وللخيارات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة"

وانتقدت المنظمتان ما اعتبرته "غياب أي رؤية أو استراتيجية وطنية للتكيف الاستباقي مع التغيرات المناخية في مجال الموارد المائية سواءً على مستوى التعبئة أو النقل أو الاستعمالات"، فضلًا عن "تواصل استنزاف الموارد المائية في مجال الفلاحة التصديرية ذات القيمة المضافة المتدنية، وفي الصناعات المصدرة والمستهلكة للماء والملوثة"، وفق ما جاء في نص البيان.

يشار إلى أنّ تونس تعاني من آثار شحّ مائي طيلة السنوات الأخيرة بسبب ضعف الإيرادات من الأمطار، مع تراجع كبير في مخزون السدود من المياه، والذي بلغ مستويات حرجة وغير مسبوقة.

واتخذت منذ العام الماضي قرارات حكومية تشمل اعتماد نظام الحصص في توزيع مياه الشرب في تونس وحظر استعمال المياه في جملة من الأنشطة منها الأنشطة الفلاحية.

وأكد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في التقرير السنوي لقسم العدالة البيئية أن الجفاف أصبح يهدّد تونس بالعطش كما يمثل خطرًا كبيرًا على الأمن الغذائي، مضيفًا أن تونس تعيش على وقع مشكل كبير في نقص الماء الصالح للشرب نتيجة الجفاف الحاد الذي يضرب البلاد منذ ما يقارب الخمس سنوات.


صورة