11-مايو-2018

كرّمته ليبيا بعد ثورة فبراير/فيفري 2011

الترا تونس - فريق التحرير

 

توفي الخميس 10 ماي/آيار الشاعر التونسي بشير العريبي عن عمر ناهز 85 سنة، وإن كان لا يعرف عديد التونسيين شاعرهم، فهو ذائع الصيت في ليبيا، فهو كاتب النشيد الوطني الليبي "يا بلادي"، وكانت قد اختيرت قصيدته في مسابقة أقيمت في القاهرة سنة 1955 لاختيار نشيد رسمي لدولة ليبيا المستقلة حديثاً وقتها، وقد تبرع بالمقابل المادي لفائدة اللاجئين الفلسطينيين، فيما لحن الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب هذا النشيد، الذي عاد نشيدًا رسميًا للبلاد بعد ثورة فيفري/فبراير 2011.

النشيد الرسمي الليبي

مشوار حافل وعطاء زاخر

ولد بشير العريبي سنة 1923 بتونس العاصمة، وهو أصغر إخوته الثلاثة من والده العامل الوسيط في نقل البضائع. تلقى تعليمه الابتدائي في تونس، وتابع تعليمه الجامعي في جامعة الزيتونة أين حاز على شهادتها العلمية سنة 1946، ومنها التحق بمدرسة الحقوق العليا ولكنه لم يكمل مساره التعليمي. عُين العريبي مدرسًا بداية من سنة 1948 لينتقل بين القيروان، وجامعة الزيتونة، والمدرسة الصادقية، ثم بات مديرًا للمعهد الوطني للدراسات الإسلامية العليا في موريتانيا.

كتب البشير العريبي النشيد الليبي "يا بلادي" سنة 1955 ولحّنه الموسيقار محمد عبد الوهاب وتم اعتماد النشيد للمرة الثانية بعد ثورة 2011

انتسب، في الأثناء، بشير العريبي للحركة الكشفية حتى بات من أبرز قادة الكشافة التونسية، إذ كان عضوًا في القيادة العامة للكشافة التونسية، كما واكب العديد من المخيمات الكشفية العربية، كما ترأس تحرير مجلة "السليل" الكشفية لمدة 13 عامًا.

وبرز اسم بشير العريبي، في خضم ذلك، في الأنشطة الثقافية والأدبية، إذ قام بإلقاء دروس ومحاضرات فكرية منها محاضرة بعنوان "الحضارة الإسلامية بين أمسها الزاهر وغدها المأمول" بمناسبة ليلة 27 رمضان سنة 1959 بحضور الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. كما سيرّ أعمال اللجان الثقافية في تونس، وعمل كمدقق لغوي، وقدمَ برنامج "حديث الصباح" في الإذاعة الوطنية. كما نشر مقالات في الصحف والمجلات التونسية، وألف العديد من الكتب المدرسية لتلاميذ السنة الثانية من التعليم الثانوي والإعدادي عام 1964. وقد تقاعد العريبي، الأب لـ5 أبناء و10 أحفاد اليوم، من منصبه كنائب مدير في الوزارة الأولى سنة 1982.

تكريم ليبي ونعي رئاسي

ظلّ نشيد "يا بلادي" نشيدًا رسميًا لليبيا منذ 1955 وحتى 1969 تاريخ انقلاب معمر القذافي، ليعود النشيد للواجهة منذ الأيام الأولى لثورة 17 فيفري/فبراير 2011، ليكون نشيد الثورة ومن ثم نشيدًا رسميًا لليبيا.

وقامت وزارة الثقافة الليبية سنة 2012 في الذكرى الأولى لثورة 17 فبراير بتنظيم حفل تكريمي للشاعر بشير العريبي الذي ألقى كلمة مؤثرة قال فيها "إنني لأسعد وأنا أقف بينكم، وحقيقة فأنا أعتبر نفسي ليبياً فكلما رددتم النشيد الوطني الليبي أشعر بانتمائي إليكم، وهذا شرف كبير لي لا أقدره بأي ثمن، واعذروني فكبر سني لا يمكنني من الإسهاب في الحديث، وأشكر شعب ليبيا لاستضافته وكرمه وتقديره، ولو استطعت لشكرت شعب ليبيا فردًا فردًا". وقد ردد الشاعر بعضًا من أبيات النشيد والدموع تذرف من عينيه. كما تحصل العريبي في عديد المناسبات على شهادات تكريمية وتقديرية على نشاطه في المجال الكشفي والتربوي والعلمي.

​فائز السراج في نعي بشير العريبي: "الشاعر التونسي الراحل عايش وتعايش مع الليبيين وقضاياهم في خمسينيات القرن الماضي، في زمن كانت القومية العربية، تمارس فعلًا لا قولًا"

وقد نعى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبي فائز السراج، الشاعر بشير العريبي، في بيان بعد ساعات من وفاته. إذ قال السراج في بيان نشره مكتبه الاعلامي: "لقد عبر الراحل المبدع الكبير بكلمات النشيد الوطني عن استقلال بلادنا، وكانت كلماته تحمل في ثناياها معانٍ حضارية نضالية، تعكس الاعتزاز والفخر بجهاد الآباء والأجداد وعهدًا للوطن بأن لا نخذله".

كما قال في ذات السياق، إن "الشاعر التونسي الراحل بشير العريبي عايش وتعايش مع الليبيين وقضاياهم في خمسينيات القرن الماضي، في زمن كانت القومية العربية، تمارس فعلًا لا قولًا، توحد النضالات والمشاعر والغايات، فلا غربة ولا اغتراب لعربي أينما حل في بلاد العرب".

 

اقرأ/ي أيضًا:

الأحرار لا يموتون.. في رثاء فارسي الكلمة

محمد الطالبي.. المفكر الذي لم يخش الله لكنه أحبه