22-مايو-2022
""

الجمعية الوطنية لعدول الإشهاد تدعو إلى الاستغناء عن هذا القانون

 

زغاريد تملأ المكان، وبخور يعطّر الأجواء، واستعدادات حثيثة لحدث مفصليّ في حياة شابين اختارا الزواج كتتويج لقصّة حبّ جمعتهما لسنوات.. إنّه يوم عقد القران الذي دائمًا ما يكون استثنائيًا في حياة كل فرد، باعتباره الميثاق الغليظ الذي سيجمعه بشريكه لآخر العمر.

دعوة بأن يعمّ الهدوء، فقد حضر عدل الإشهاد الذي سينطلق في مراسم "كتبان الصداق":

  • هل تقبلين الزواج من "فلان" على المهر المقدّر بخمسين دينارًا؟
  • أقبل
  • هل تقبل الزواج من "فلانة" ذات الحسب والنسب؟
  • أقبل
  • أي النظامين تختاران؟ نظام الفصل في الأملاك أم الاشتراك؟

قانون الاشتراك في الملكية بين الزوجين، يعدّ واحدًا من أكثر القوانين الملتبسة عند العديد من التونسيين، الذين يجهلون حيثياته والإشكالات القانونية التي يمكن أن تحدث عند الطلاق

وهنا تختلف ردود الفعل من ثنائي إلى آخر، فهناك من هو مطلّع على تفاصيل هذه النظم ويكون قد اتخذ قراره مسبقًا، وهناك من لا يفرّق بينهما فيضطرّ عدل الإشهاد إلى تفصيل هذه القوانين. وعادة ما يتخلل هذا الحوار بعض الهمهمات من الحضور الذين يتغامزون على العروس إن طلبت الاشتراك، ظنًّا منهم أنّها طامعة في أملاك ابنهم.

ورغم مرور أربع وعشرين سنة على إقرار نظام الاشتراك في الملكيّة، فإنّ هناك بعض اللبس حول تفاصيله وتداعياته، وهو ما تمّ طرحه بتاريخ 14 ماي/ أيار 2022، خلال الملتقى الوطني لعدول الإشهاد حول "نظام الاشتراك في الأملاك الزوجية وتصفيتها"، الذي نظّمته الجمعية الوطنية لعدول الإشهاد. 

خبراء القانون المشاركون في الملتقى الوطني لعدول الإشهاد يؤكدون ضرورة تنقيح قانون الاشتراك في الملكية، باعتباره يطرح عديد الإشكاليات عند الطلاق أو وفاة أحد الزوجين

وقد أكد خبراء القانون المشاركون في الملتقى على ضرورة تنقيح هذا القانون باعتباره يطرح عديد الإشكاليات عند الطلاق أو وفاة أحد الزوجين.

كان لـ"الترا تونس" لقاء مع رئيس غرفة عدول الإشهاد بصفاقس أسامة الزوش، والمحامية أسمهان الطاهري للحديث عن هنات نظام الاشتراك في الملكيّة.

يعتبر قانون الاشتراك في الملكية بين الزوجين، واحدًا من أكثر القوانين الملتبسة عند العديد من التونسيين، الذين يجهلون حيثياته والإشكالات القانونية التي يمكن أن يتعرّض لها الزوجان عند الطلاق.

أسمهان الطاهري (محامية) لـ"الترا تونس": نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين هو نظام مالي اختياري، يحدد كيفية إدارة الأملاك المشتركة، والتصرف فيها وحالات انتهاء الاشتراك في الأملاك

وتعرّف الأستاذة أسمهان الطاهري نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين على أنّه "نظام مالي اختياري، يختاره طرفا عقد الزواج، سواء عند إبرام عقد الصداق أو بتاريخ لاحق له، مضيفة أنّه نظام يخضع لأحكام القانون عدد 91 لسنة 1998 المؤرخ في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1998 والذي حدد ما يشمله الاشتراك في الأملاك، حدوده، كيفية إدارة الأملاك المشتركة، والتصرف فيها وحالات انتهاء الاشتراك في الأملاك".

وتشير الطاهري إلى أنّه رغم أهمية هذا النظام وتأطيره، فإن تطبيقه طرح عديد الإشكالات، أهمها طريقة إنهاء حالة الاشتراك من خلال تصفية الأملاك المشتركة خاصة في حالات الطلاق أو وفاة أحد الزوجين، وهي مهمة موكولة للقضاء طبق إجراءات محددة قد تستنزف الوقت والمال، إضافة إلى بقاء الأملاك مجمدة وهو ما يمكن أن يتسبب في ضياع الحقوق، على حدّ قولها.

رئيس غرفة عدول الإشهاد بصفاقس: هناك عزوف من قبل الأزواج عن نظام الاشتراك في الملكية مؤخرًا، خاصة بعد وفاة عديد الأزواج بكورونا، والعوائق التي واجهت الباقين على قيد الحياة في التصرف في المشترك

وعن حدود الملكيّة بين الزوجين، يقول الأستاذ أسامة الزوش: "تعتبر مشتركة بين الزوجين العقارات ذات الصبغة السكنيّة (أرض معدة للبناء في منطقة بلدية، منزل، دار مصيف...) المكتسبة بعد الزواج، أو بعد إبرام عقد الاشتراك، ما لم تعد ملكيتها لأحدهما بوجه الإرث أو الهبة أو الوصية، وبشرط أن تكون مخصّصة لاستعمال العائلة ولمصلحتها، سواء كان الاستعمال مستمرًا أو موسميًا أو عرضيًا".

أمّا في علاقة بكيفيّة إنهاء الاشتراك، يؤكّد عضو المكتب الوطني للجمعية الوطنية لغرف عدول الإشهاد، أنّ "الاشتراك ينتهي بوفاة أحد الزوجين أو بالطلاق أو بفقدان أحدهما أو بتفريق أملاكهما قضائيًا أو بالاتفاق وفق الفصل 18 من القانون عدد 91 لسنة 1998 المؤرخ في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1998".

رئيس غرفة عدول الإشهاد بصفاقس: تعتبر تصفية الأملاك من المسائل التي تؤرق العديد من الأزواج، إذ يوجد عديد العوائق متى وقع ما من شأنه أن ينهي حالة الاشتراك في الملكية

ويشير محدّثنا إلى أنّ هناك عزوفًا من قبل الأزواج عن هذا النظام في الآونة الأخيرة، وأنّ هناك البعض ممّن اختاروا هذا النظام بصدد التراجع والعودة إلى نظام التفرقة، مضيفًا أنّ الإشكال طُرح بعد وفاة عديد من الأزواج نتيجة الإصابة بـ"فيروس كورونا"، والعوائق التي واجهت من بقوا على قيد الحياة، الذين لم يستطيعوا التصرف في المشترك.

ويضيف الأستاذ أسامة الزوش أنّ هذا النظام يحتوي عديد الهنات والنقائص، ويطرح العديد من الإشكاليات منذ دخوله حيّز التنفيذ سنة 1998.

وتعتبر تصفية الأملاك من المسائل التي تؤرق العديد من الأزواج، إذ يوجد عديد العوائق متى وقع ما من شأنه أن ينهي حالة الاشتراك، عدا صورة الاتفاق، فعلى الزوج الباقي على قيد الحياة أو الساعي إلى إنهاء حالة الاشتراك، أن يطلب من المحكمة تكليف مصفٍّ من المشترك، ويتولى المصفّي ضبط قائمة في الأملاك المشتركة والديون المتعلقة بها، وتعتبر هذه الإجراءات معقدة.

رئيس غرفة عدول الإشهاد بصفاقس: التصرّف في العقارات السكنية كإرث بعد وفاة أحد الزوجين مسألة معقّدة، إذ يرفض السجل العقاري تسجيل حجة الوفاة إلاّ بعد تصفية تلك الأملاك قضائيًا

ويفسّر الأستاذ أسامة الزوش هذا الإجراء قائلًا: "إنّ التصرّف في العقارات السكنية كإرث بعد وفاة أحد الزوجين مسألة معقّدة، إذ يرفض السجل العقاري تسجيل حجة الوفاة إلاّ بعد تصفية تلك الأملاك قضائيًا. وقتها، يصبح الفرد مجبرًا على التوجه إلى القضاء، ويقع تكليف مصفٍّ، ومع طول إجراءات التقاضي وآجالها، يشعر الطرف المقابل أنّه لم يعد حرًا في ذاك العقار، أو مقيّدًا ومرتبطًا بجهة أخرى"، وفقه.

وتساءل الزوش: "ما الجدوى من هذا القانون وهذا الغموض والتعقيدات التي تلف هذا الموضوع؟ نحن قد دعونا كجمعية وطنية لعدول الإشهاد إلى الاستغناء عن هذا القانون"، على حد تعبيره.