21-أغسطس-2019

المهرجان العريق الذي جعل طبرقة قبلة لعشّاق موسيقى الجاز

 

هزّات كثيرة شهدها مهرجان الجاز بطبرقة، جعلت نجمه يخبو منذ سنة 2008 حينما تكرر إلغاؤه ليفقد ألقه وسط المهرجانات العالمية لموسيقى الجاز لأسباب مادية بالأساس، لتكون "العودة إلى الجذور" سنة 2017 قبل انتكاسة السنة الماضية التي كان سوء التنظيم عنوانها.

فبعد أن بدأ المهرجان يخطو نحو عروقه الأولى في دورة "عودة الجذور" التي كان فيها محبو الجاز على موعد مع ست فرق موسيقية دولية، طفت الصعوبات على السطح من جديد لتتلبّس هيئة الفوضى إذ كان تذبذب البرمجة غير مسبوق وتراوح الأمر بين تأجيل الحفلات أو إلغائها.

ينتفض مهرجان الجاز بطبرقة من رماده كطائر الفينيق ويمضي في مسيرة العودة إلى الأصل بتنظيم من جمعية التنمية الثقافية بطبرقة

ورغم ثقل إرث السنة السابقة، ينتفض مهرجان الجاز بطبرقة من رماده كطائر الفينيق ويمضي في مسيرة العودة إلى الأصل بتنظيم من جمعية التنمية الثقافية بطبرقة ودعم من وزارتي السياحة والثقافة لتنساب نغمات الجاز الثائر والمتجدّد دومًا من فضاء "البازيليك" التاريخي.

 جاز بطعم الميتال والبلوز

في دورته التاسعة عشر، ينفض المهرجان غبار الهزّات عنه وينتفض في وجه كل محاولات العودة إلى الوراء، وهو التظاهرة العريقة التي جعلت من طبرقة قبلة لعشّاق الجاز، وإلى اليوم مازال مسرح "البازيليك" يحفظ خطوات عمالقة الجاز وصدى أصواتهم.

سيزاريا إيفورا، ومايس ديفيس، وباربارا هاندريكس، باث هارت، وديزي جيالسبي، وتامتايشن وديانا كرول، عمالقة من عالم الجاز صدحت كلماتهم وموسيقاهم في قلب مدينة طبرقة، قبل أن ينحرف المهرجان عن مساره الذي أكسبه خصوصية متفرّدة.

 مازال مسرح "البازيليك" يحفظ خطوات عمالقة الجاز وصدى أصواتهم

هي دورة استثنائية لأنها دورة الانتفاضة من رماد الانتكاسة، انطلقت الثلاثاء 20 من شهر أوت/أغسطس لتتواصل فعالياتها إلى يوم 24 من نفس الشهر، ببرمجة حافظت على الطابع الموسيقي الخاص للمهرجان مع الانفتاح على ثقافات موسيقية أخرى تتقاطع معه.

اقرأ/ي أيضًا:  سعاد ماسي في الحمامات.. رحلة سريالية إلى عالم من الحب والخيبة

وكان حفل الفنان الغيني الفرنسي مو كوياتي الذي غنّة مقاطع من ألبومه الجديد "في توكي" فاتحة العروض، وفي اليوم الثاني يكون الجمهور على موعد مع حفل موسيقي للتونسية عليا السالمي التي تقف في المنتصف بين الجاز والموسيقى المعاصرة بمشاركة الفرقة النمساوية "آندروز آند ذي بروف ستيلر هورنز".

أما اليوم الثالث، يشهد حفًلا يجمع بين مغنية الجاز والبلوز الأمريكية مازال غالن والفنان التونسي ياسين بولعراس الذي سيقدم آخر مشاريعه "إفريقيا"، عمل فنّي تتقاطع فيه الموسيقى التونسية مع الموسيقى الإفريقية.

ولعشّاق الميتال نصيب من البرمجة، إذ تجمع سهرة رابع أيام المهرجان بين مجموعة الميتال التونسي الشرقي "نواثر" ومجموعة "ميراث" التي تسير بخطى واثقة نحو العالمية، ليكون الاختتام مع المغنية الجمايكية ديانا كينغ.

عن الافتتاح..

فاتحة مهرجان الجاز بطبرقة كانت مع مغني الجاز الغيني الفرنسي مو كوياتي الذي أدّى ألبومه الجديد "في توكي" والتي تعني وجهة نظر باللهجة المحلية الغينية "سوسو"، وهو ألبوم عن إفريقيا الجديدة التي قاست الاستعمار والتمييز العنصر على مر عقود من الزمن ولكنّها ظلت منتصبة لا تنحني.

فاتحة مهرجان الجاز بطبرقة كانت مع مغني الجاز الغيني الفرنسي مو كوياتي

للمرأة وللوطن والحب غنّى مو كوياتي على وقع موسيقى تماهى فيها الجاز والبلوز بالموسيقى الإفريقية فكانت توليفة تحاكي الإنسانية في امتدادتها، وإن كانت اللهجة التي يغني بها غير مفهومة فإنّ الموسيقى كانت لغة تخاطب بينه وبين الجمهور الذي تفاعل معه رقصًا وهتافًا.

وسهرة الفنان الغيني ليست فقط افتتاحًا لدورة جديدة لمهرجان الجاز بطبرقة وإنما هي بداية انطلاقة في اتجاه استعادة وميضه الذي خفت منذ سنوات، على أمل أن يفتكّ مكانته بين مهرجانات الجاز العالمية من جديد.

انطلاقة جديدة للمهرجان

 خلال حضوره افتتاح مهرجان الجاز بطبرقة أكّد وزير السياحة روني الطرابلسي أنه حاضر في الانطلاقة للأهمية الكبرى لهذه الدورة قائلًا، في تصريح للصحفيين المواكبين لفعاليات المهرجان: "أردنا أن تكون انطلاقة جديدة للمهرجان بنسق قوي يستعيد معه المهرجان بريقه" معربًا عن شكره للمسؤولين بجهة طبرقة لتشجيع وزارة السياحة على دعم المهرجان لأن الامر لم يكن سهلًا خاصة والمهرجان شهد منذ سنوات عديد الصعوبات.

روني الطرابلسي: الوزارة دعمت المهرجان ليستعيد مكانته وإشعاعه الدولي نظرًا لأهمية هذه الانطلاقة بالنسبة للمستقبل السياحي للجهة

اقرأ/ي أيضًا: سهرة الموسيقى البديلة بقرطاج: التجريب الشبابي مع الموروث الموسيقي التونسي

وأشار إلى أنّ الوزارة دعمت المهرجان ليستعيد مكانته وإشعاعه الدولي نظرًا لأهمية هذه الانطلاقة الجديدة بالنسبة للمستقبل السياحي للجهة، مؤكّدًا أن لطبرقة مستقبل كبير في مجال السياحة والسياحة الثقافية.

وأعرب وزير السياحة عن أمله في أن تكون الدورة السابعة والأربعين لمهرجان الجاز بطبرقة مشابهة لتطلّعات صنّاعها الذين أمسكوا بزمام الأمور رغم الصعوبات التي تكتنفها.

عودة إثر خيبة

من جهته قال مدير المهرجان جلال الهلالي إنّ الدورة الحالية هي دورة العودة خاصة بعد الخيبة التي خلّفتها سابقتها، مشيرًا إلى أنّ جمعية التنمية الثقافية التي حظيت بثقة المسؤولين في وزارتي الثقافة والسياحة والديوان الوطني للسياحة أخذت على عاتقها إنجاح فعاليات هذه الدورة.

وأضاف الهلالي، في تصريح خص به "ألترا تونس"، أن تاريخ مهرجان الجاز الحافل بمرور كبار مغنّي هذا النمط الموسيقي يجب أن لا يذهب هدرًا ولذلك خيّرنا أن يحتضن فضاء "البازيليك" الأثري الحفلات لأنه مازال إلى الآن يحفظ ذكرى من مروا عليه، على حدّ تعبيره.

جلال الهلالي (مدير المهرجان): يسعى القائمون على المهرجان إلى استعادة خصوصيته التي فقدها حينما ضاعت بوصلته واستضاف مجموعات لا علاقة لهم من قريب ولا من بعيد بموسيقى الجاز

فيما يخص البرمجة، أشار إلى أنّ القائمين على المهرجان سعوا إلى استعادة خصوصيته التي فقدها حينما ضاعت بوصلته واستضاف مجموعات لا علاقة لهم من قريب ولا من بعيد بموسيقى الجاز، مؤكّدًا أن طبرقة لا تحيا دون جاز خاصة وأن المهرجان ساهم في إشعاعها عالميًا في سنوات مضت كما أنه يخلق حركية في الجهة.

وتابع بالقول "في علاقة بالأسماء المبرمجة، التونسية علياء السلامي تربطها علاقة خاصة بطبرقة ففيها كانت بداياتها وأما التونسي ياسين بولعراس فهو مؤلف جاز ويجيد العزف على الكلارينات والساكسفون، كما أننا ارتأينا التنويع في العروض من خلال برمجة عروض من الموجة الموسيقية الجديدة على غرار مجموعتي "نواثر" و"ميراث" اللتين تمزجان في بعض المواضع بين الميتال والجاز".

 

اقرأ/ي أيضًا:

مهرجان الحمامات: حضر زياد.. وغابت روح "الرحابنة"

 ريم تلحمي وفرقة "الإنس والجام"... حتى لا تغيب عنا شمس فلسطين