09-فبراير-2021

مساحة خضراء معروفة في أحواز العاصمة التونسية ومخصصة لممارسة الرياضة

 

انتشر الخبر سريعًا، مساء الاثنين 8 فيفري/ شباط 2021 على منصات التواصل الاجتماعي تونسيًا، وهو المتعلق بـ"توجه وزارة الشباب والرياضة في تونس نحو توسيع مأوى السيارات في ملعب المنزه وذلك بإزالة المسلك الصحي".

استياء واستنكار واسع من إمكانية إزالة مساحة خضراء معروفة في أحواز العاصمة التونسية ومخصصة لممارسة الرياضة، وذلك في بلد يُطلق عليه "تونس الخضراء" لكن المساحات الخضراء تتقلص فيه يوميًا أمام بنايات عمودية تتكوّن من صناديق بشعة غالبًا.

حاول "الترا تونس" البحث في مصدر انتشار الخبر والتثبت من مدى صحته. وقد قادنا تحقيقنا في المسألة إلى اعتبارها غير صحيحة، على الأقل وفق المعطيات والتصريحات المتوفرة حاليًا. إليكم تفاصيل بحثنا والذي اعتمدنا فيه على عدد من المصادر المفتوحة.


  • ناشط بيئي يُحذر ويعتبرها "فضيحة"

خلال بحثنا، نتبيّن أن الخبر انتشر أساسًا من خلال الناشط البيئي حسام حمدي، دوّن الأخير على حسابه باللغة الفرنسية أن "خطة توسعة وتطوير الملعب الأولمبي بالمنزه ستؤدي إلى إزالة المسلك الصحي المحاذي للملعب (بأشجاره) لتوسيع مأوى السيارات.. فضيحة!". 

وانتشر الخبر بشكل أوسع عند تصريح ذات الناشط لإذاعة موزاييك الخاصة، مساء ذات اليوم، إذ أكد أن "وزارة الشباب والرياضة تعتزم في إطار الأشغال التي ستقوم بها لتهيئة ملعب المنزه وحتى ''يستجيب للمواصفات الدولية''، توسعة مأوى السيارات عبر إزالة المسلك الصحي بشكل نهائي".

وطالب حمدي الوزارة بتوضيح ذلك، معتبرًا أن "هذا القرار في حال ثبتت صحّته يعدّ اعتداء صارخًا على مكسب بيئي في العاصمة، خاصة وأن المخطط ينص على اقتلاع جميع أشجار المسلك الصحي الذي يعدّ متنفّسًا في العاصمة"، وفقه.

إثر ذلك، فسّر الناشط البيئي حسام حمدي ما ذهب إليه سابقًا، من خلال تدوينة على صفحته في موقع التواصل فيسبوك، قائلاً "اللوائح الجديدة الخاصة بالـ"فيفا" و"الكاف" تفرض على أيّ ملعب بطاقة استيعاب 60 ألف متفرّج أن يتضمن مأوى سيارات بطاقة استيعاب تقدر بـ 10 آلاف سيّارة".

الناشط البيئي حسام حمدي "اللوائح الجديدة الخاصة بالـ"فيفا" و"الكاف" تفرض على أيّ ملعب بطاقة استيعاب 60 ألف متفرّج أن يتضمن مأوى سيارات بطاقة استيعاب تقدر بـ 10 آلاف سيّارة

ودعا حمدي وزارتي الشباب والرياضة والتجهيز إلى عرض التصميم الجديد للملعب للعموم و"تقديم التطمينات للمواطنين"، وفق تعبيره، ومضيفًا "إذا سيتمّ فعلاً قطع الأشجار وتعويض المسلك الصحي بمأوى للسيّارات، فأدعوهم لتفادي هذا الخيار خاصّة وأنّ لوائح الفيفا تسمح بإنشاء مأوى السيارات في مسافة كيلومتر ونصف عن الملعب وإذا كان مصدري وتحليلي غير صحيح فإني أقدم اعتذاري مسبقًا".

 

  • وزارة الشباب والرياضة تنفي وتؤكد أهمية المسلك الصحي

وأمام تصاعد الجدل، حاول "الترا تونس" التواصل مع وزارة الشباب والرياضة، وقد قامت الوزارة بالمسارعة بنشر بلاغ إعلامي، صباح الثلاثاء 9 فيفري/ شباط 2021، جاء فيه أن "وزارة الشباب والرياضة والإدماج المهني تؤكد أن لا صحة لما يتم تداوله حول إزالة المسلك الصحي ولا نية لتحويله إلى مأوى للسيارات في إطار مشروع إعادة تهيئة الملعب الأولمبي بالمنزه الذي ستنطلق أشغاله قريبًا".

وزارة الشباب والرياضة تؤكد أن لا صحة لما يتم تداوله حول إزالة المسلك الصحي ولا نية لتحويله إلى مأوى للسيارات في إطار مشروع إعادة تهيئة الملعب الأولمبي بالمنزه الذي ستنطلق أشغاله قريبًا

كما أكدت الوزارة "أهمية المسلك الصحي كفضاء ومتنفس حيوي لمتساكني العاصمة" وموضحة أنها "تعمل بالتعاون مع كل الأطراف المتدخلة على مزيد العناية به وتطويره".  

ومن الواضح إثر البحث والتحقق أن انتشار الخبر، الذي تبيّن إلى حد الآن على الأقل أنه غير صحيح، مرده اجتماع عُقد بوزارة التجهيز صباح الجمعة 5 فيفري/ شباط 2021 وجمع كاتبة الدولة للرياضة سهام العيادي بالمدير العام للبناءات المدنية بوزارة التجهيز مالك مشارك وعدد من إطارات الوزارة ومدير البناءات والتجهيز بالوزارة الحبيب بوقرة، والذي أوردت وزارة الشباب والرياضة في صفحتها الرسمية على فيسبوك، أنه "خُصّص لمتابعة تقدّم مشروع إعادة تهيئة الملعب الأولمبي بالمنزه". 

كما أشارت إلى أنه تمّ خلال الجلسة "التأكيد أنّه سيتمّ الإعلان عن طلب العروض خلال شهر مارس/ آذار المقبل كما وقع عرض تصميم الملعب في شكله الجديد. ووقع الاتفاق على عقد جلسة قادمة لمراجعة عدد من النقاط وتأكيد النموذج النهائي الذي سيتم اعتماده".

صورة للاجتماع (الصفحة الرسمية لوزارة الشباب والرياضة بفيسبوك)

 

من جانبه، دوّن الناشط البيئي حسام حمدي، في حسابه على موقع التواصل فيسبوك، صباح الثلاثاء 9 فيفري/ شباط 2021،  أن مكالمة هاتفيّة جمعته مع سهام العيّادي، كاتبة الدولة في وزارة الشباب والرياضة، موضحًا أنها أكدت أنه لن يقع المس بالمسلك الصحي، وأشار إلى أن "العيادي وعدت بلقاء في إطار التشاور مع الناشطين البيئيّين بالمجتمع المدني فيما يخصّ تهيئة الحي الوطني الرياضي".

  • ملعب المنزه يحتاج تهيئة وتجديدًا يليق باسمه وتاريخه

الملعب الأولمبي بالمنزه هو ملعب رياضي متعدد الاختصاصات يقع بمنطقة المنزه بتونس العاصمة. تم إنشاؤه سنة 1967، بمناسبة ألعاب البحر الأبيض المتوسط على أنقاض ملعب يونغ بيريز. وتبلغ طاقة استيعابه سابقًا 45 ألف متفرج.

وقد وقعت تهيئته سنة 1994 لاحتضان كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم كما استقبل البطولة ذاتها سنة 2004. وقد ظل ملعب العاصمة الرئيسي إلى حين إنشاء ملعب رادس سنة 2001. 

ويستقبل الترجي الرياضي التونسي والنادي الإفريقي منافسيهما في هذا الملعب إلى وقت قريب بالتوازي مع ملعب رادس. وملعب المنزه شهد سابقًا عدة عروض موسيقية بارزة يتذكرها التونسيون، من أبرزها حفل مايكل جاكسون (أكتوبر 1996) وماريا كاري (جويلية 2006).

وقد تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأشهر الأخيرة، صورًا أكدت حجم الإهمال ونقص الصيانة في ملعب المنزه، وهو وضع مشابه لمعظم ملاعب كرة القدم في تونس، إذ سبقتها صور لنباتات وأعشاب طفيلية في أرضية ملعب 15 أكتوبر ببنزرت وقد انتشرت على منصات التواصل منذ أشهر أيضًا.

من أبرز الصور التي تم تداولها بشكل واسع، كانت صورة لنمو نخلة بشكل عشوائي في جهة مدارج المنعرج الجنوبي، ما يعرف بمنطقة "فيراج الترجي"، وقد أثارت استياء واسعًا في مواقع التواصل. وانطلقت حينها حملة إلكترونية بعنوان"صلح المنزه" تمثلت في نشر صور تؤكد الحالة المتردية للملعب وصور من الأرشيف للملعب إضافة إلى دعوات لصيانته وإعادة تهيئته.



 

اقرأ/ي أيضًا:

"صلح المنزه".. حملة إلكترونية لصيانة ملعب المنزه وتهيئته

البلفيدير في تونس.. تاريخ مهمل

الشرطة البيئية أخيرًا في تونس.. الأمر بالنظافة والنهي عن التلوث!