26-فبراير-2024
حرية التعبير

إيقاف المدوّن التونسي عبد المنعم الحفيظي وإيداعه السجن بتهمة "ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية" على خلفية تدوينات ناقدة (Getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أفادت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، الاثنين 26 جانفي/يناير 2024، بأنّ تم إيقاف المدوّن التونسي عبد المنعم الحفيظي وإيداعه السجن بتهمة "ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية"، على خلفية تدوينات ناقدة نشرها على صفحته الشخصية على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، وفقها.

 

  • تفاصيل إيقاف المدون عبد المنعم الحفيظي

وذكرت الجمعية، في بيان لها، أنه تم يوم الأحد 18 فيفري/شباط الجاري إيقاف عبد المنعم من قبل أعوان بالحرس المدني غير حاملين للزي الرسمي، من أمام منزله تقريبًا، حيث تم اقتياده إلى مركز الحرس الوطني بمدينة المتلوي من ولاية قفصة. 

ووفق ما نقلته الجمعية من شهادات عائلة المدون الموقوف فإنّ أحد أعوان الحرس عاد بعد ساعة من إيقافه لمنزل العائلة وطلب منهم تسليم هاتفه مفسّرًا أن سبب ذلك "يتعلق بإشكال في شركة نقل تونس التي يعمل بها ضحية الانتهاك"، مشيرة إلى أنّ العائلة سلمته الهاتف، ومشيرة إلى أنّ "حسابات المعني على وسائل التواصل الاجتماعي بقيت متصلة إلى ساعات متأخرة من الليل، في حين أنه كان موقوفًا وهاتفه بحوزة أعوان الحرس الوطني"، حسب ما ذكرته الجمعية.

جمعية تقاطع: المدون عبد المنعم الحفيظي وجد نفسه متهمًا بارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية طبقًا لأحكام الفصل 67 من المجلة الجزائية بسبب تدويناته الناقدة بأحد مواقع التواصل الاجتماعي

 وأضافت جمعية "تقاطع" أنه "بعد ساعات من إيقاف ضحية الانتهاك، تم الاتصال بعائلته لإعلامهم بأن عبد المنعم سيبقى محتفظًا به، دون تقديم أي معلومات تفسر سبب الاحتفاظ أو التهم الموجهة إليه، لتتم إحالته يوم 20 فيفري/شباط 2024 على أنظار وكيل الجمهورية الذي بدوره قرر عرضه على قاضي التحقيق في نفس اليوم".


صورة

وذكرت، في هذا الصدد، أنّ "ضحية الانتهاك وجد نفسه متهمًا بارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية طبقًا لأحكام الفصل 67 من المجلة الجزائية، بسبب تدويناته الناقدة بأحد مواقع التواصل الاجتماعي حسب ما أقرته العائلة، علاوة على صدور بطاقة إيداع بالسجن في حقه أين تم نقل ضحية الانتهاك لسجن "العقيلة" من ولاية قفصة إلى أن يحال على طبيب نفسي وفق ما قرره قاضي التحقيق".

 

  • أحكام الفصل 67 من المجلة الجزائية

وللإشارة فإنّ الفصل 67 من المجلة الجزائية الذي أوقف على أساسه المدوّن عبد المنعم الحفيظي وصدرت في حقه بطاقة إيداع بالسجن، ينص على أنه "يعاقب بالسجن مدّة ثلاثة أعوام وبخطية قدرها مائتان وأربعون دينارًا أو بإحدى العقوبتين فقط كل من يرتكب أمرًا موحشًا ضد رئيس الدولة في غير الصور المبيّنة بالفصلين 42 و 48 من مجلة الصحافة".

 

  • انتهاكات حقوق الإنسان

واعتبرت جمعية تقاطع أنّ "إيداع عبد المنعم الحفيظي في السجن على خلفية منشورات ناقدة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، يمثل انتهاكًا آخر ترتكبه الدولة التونسية ومساسًا من حقوق الإنسان، خاصة الحق في حرية الرأي والتعبير.

جمعية تقاطع: إيداع عبد المنعم الحفيظي في السجن على خلفية منشورات ناقدة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، يمثل انتهاكًا آخر ترتكبه الدولة التونسية ومساسًا من حقوق الإنسان، خاصة الحق في حرية الرأي والتعبير

وذكرت الجمعية بأن المواثيق الدولية التي تحمي حقوق الإنسان، تنص على الحق في حرية الرأي والتعبير، مشيرة إلى أنّ "هذا الحق محمي بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ما ورد في العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية الذي يقر في المادة 19 منه بأن "لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة، ولكل إنسان حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواءً على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها".

كما اعتبرت أنّ إيقاف عبد المنعم الحفيظي الذي لم تتضمن تدوينته سوى آراء شخصية موجهة للشأن السياسي التونسي، يتعارض مع جملة القيود المنصوص عليها دوليًا وفق المادة 20 من نفس العهد الذي يقر بأنّه "تحظر بالقانون أية دعاية للحرب، تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف".

جمعية تقاطع: إيقاف عبد المنعم الحفيظي الذي لم تتضمن تدوينته سوى آراء شخصية موجهة للشأن السياسي التونسي، يتعارض مع جملة القيود المنصوص عليها دوليًا

أما على المستوى الوطني، فإن المنظومة الحقوقية الوطنية تضمن من خلال الدستور وفق الفصل 37 منه بأنّ "حرية الرأي والفكر والتعبير والإعلام والنشر مضمونة" علاوة على ما يقره الفصل 22 من الدستور بأنّ "الدولة تضمن للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم".

 

 

وتأتي هذه الحادثة في سياق عام تم فيه إيقاف عدد من الصحفيين والمدونين التونسيين وتتبعهم في قضايا مختلفة، ارتبط أغلبها بممارسة حقهم في حرية التعبير.

يشار إلى أنّ تهمة "ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة" ما انفكت تثير الجدل في تونس، وما فتئ نشطاء حقوقيون وسياسيون ومنظمات ينددون بهذه التهمة ويعتبرون أنها تتنافى مع مبدأ حرية التعبير والإبداع، مطالبين بإلغاء الفصل 67 من المجلة الجزائية الذي يرون أنه نصّ قانوني ولّى عليه الزمن باعتبار أنه وُضع أساسًا في عهد البايات.