05-نوفمبر-2018

من المعروضات في الصالون (رمزي العياري/ الترا تونس)

يحتضن رواق قصر خير الدين بالمدينة العتيقة بالعاصمة تونس على امتداد الأيام القادمة وإلى غاية الخامس عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، تظاهرة تشكيلية مزدوجة من تنظيم اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين. ويتمثل الجزء الأول من التظاهرة في الدورة السابعة للصالون الوطني للتشكيليين الشبان والذي عدّ مطلبًا أساسيًا من مطالب الرسامين الشباب الذين عانوا التهميش طيلة سنوات ما قبل الثورة، وخاصة الإقصاء من التظاهرات الكبرى على غرار المعرض السنوي الذي كان محتكرًا من قبل الرسامين القدامى.

لم يكن الصالون الوطني للتشكيليين الشبان صالونًا للشباب بالمعنى الفئوي للكلمة بل كان مساحة لتجارب فنية فتية لم يشتدّ عودها بعد لكنها تزاحم من أجل تموقعها في ساحة تشكيلية عريقة

اقرأ/ي أيضًا: أول دورة لأيام قرطاج للفن المعاصر.. العائلة التشكيلية تنهض من تحت الرماد

أمّا الجزء الثاني من التظاهرة والذي احتضنه الطابق العلوي من القصر فيتمثل في "الصالون الدولي الأول للخزف العصري" وهو رهان آخر من رهانات الفنون التشكيلية التونسية في هذه السنوات الأخيرة.

نعود إلى صالون الشباب الذي حضر "الترا تونس" افتتاح دورته السابعة، حيث لم يكن صالونًا للشباب بالمعنى الفئوي للكلمة بل كان مساحة لتجارب فنية فتية لم يشتدّ عودها بعد لكنها تزاحم من أجل تموقعها في ساحة تشكيلية عريقة ومتشابكة ومعقدة بعض الشيء. ومفهوم "المبدع الشاب" في الساحة الثقافية التونسية حوله الكثير من اللّغط لكن أغلب المهتمين يرون في هذا المفهوم استنقاصًا من حضور المبدعين الشباب ويذهبون إلى أنه مفهوم إقصائي وتم ابتداعه حتى لا يفسح المجال لتجارب جديدة قد تشكل خطرًا على الزمرة المهيمنة.

64 عملًا تشكيليًا توزعوا على كامل مساحة الطابق الأرضي لرواق قصر خير الدين أنجزها 57 رسّامًا دون سن الأربعين، وهو السقف العمري الذي حدده اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين للمشاركة في الصالون.

[[{"fid":"102134","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":375,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

الأعمال المعروضة سلكت جميع أغراض الفنون التشكيلية (رمزي العياري/ الترا تونس)

الأعمال المعروضة سلكت جميع أغراض الفنون التشكيلية من رسم زيتي ومائي وخطي وفوتوغرافيا ونحت وفسيفساء وخزف ونسيج وكولاّج وتنصيبات، قدّت بتقنيات مختلفة وعلى محامل كلاسيكية. لم تكن هناك جرأة في مزج التقنيات عدا بعض الأعمال القليلة. كما أنّ المواضيع لا تعكس الواقع المتعدد الذي يعيشه المجتمع التونسي ولم تلتقط جمالياته. لقد كانت هذه الأعمال مجرد تهويمات وتجريبيات بعضها لا يرقى لصالون يجمع أهم التجارب الشبابية بأهم رواق عرض بتونس العتيقة.

لقد كان حريًا بالجهة المنظمة أن تحسن الانتقاء وأن تشتغل على مواضيع وأفكار. كما أن عرض هذا المنتوج التشكيلي الشبابي كان بطريقة عشوائية على جدران الرواق، الأمر الذي انجرّت عنه فوضى بصرية. هذا فضلًا على الغياب البارز للمشاركين الشباب عدا البعض منهم.

وبالنسبة للصالون الدولي للخزف العصري في دورته الأولى، فيبدو أن القدر الأوفر من اهتمام اتحاد الفنانين التشكيليين قد سلّط عليه حيث يشارك في المعرض خيرة الخزافين التونسيين ويصل عددهم إلى 44 خزافًا مع استضافات لخزافين آخرين من مصر وألمانيا وفرنسا وتركيا.

الأعمال الخزفية المعروضة في المعرض الدولي للخزف في دورته الأولى فيها الكثير من الاجتهاد على المستوى الفكري والفلسفي

اقرأ/ي أيضًا: تونس: الإعلان عن إطلاق الدورة الأولى لـ"أيام قرطاج للخزف الفني"

الأعمال المعروضة وعددها 49 نضجت داخل أفران مختلفة وضمن درجات حرارة متفاوتة لكن المتجول في هذا الصالون يقف في البداية على عودة العديد من الفنانين التشكيليين التونسيين إلى الطين. لكنها ليست عودة ما يشبه الحنين إلى البدايات على اعتبار أن الخزف يعتبر من أقدم الممارسات الإبداعية على وجه الأرض، لكن يمكن تسمية ما يحدث في علاقة بالخزف الفني الحديث بالطفرة في الحياة التشكيلية التونسية المعاصرة. هل هو الملل من المحامل اللونية التقليدية؟ أم هو التجددّ والذهاب إلى مناخات جديدة؟

الأعمال الخزفية المعروضة فيها الكثير من الاجتهاد على المستوى الفكري والفلسفي فمنها ما ينهل من التاريخ القديم ومنها ما يقدم الحياة اليومية ومنها ما اشتغل على المشاعر الإنسانية ومنها ما حلّق في عوالم الفيزياء والرياضيات.

الصالون الدولي للخزف المعاصر في دورته الأولى يبدو أنه لحظة تأسيس قوية لتظاهرة من شأنها أن تحقق إضافة نوعية لحراك خزفي إبداعي ما انفك يتطور على غرار الملتقى الدولي السنوي للخزف الفني الذي ينهض به المركز الوطني للخزف الفني بتونس. وربما يجرّنا هذا الصالون إلى نتائج ثقافية فنية إيجابية كتأسيس المتحف الوطني للخزف المعاصر والذي يعتبر مطلبًا أساسيًا للخزافين التونسيين.

[[{"fid":"102135","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":375,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

صالون الشباب يتزامن هذه المرة مع الصالون الدولي للخزف المعاصر في دورته الأولى (رمزي العياري/ الترا تونس)

وأكد في هذا السياق الأمين العام لاتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين وسام غرس الله، في تصريح لـ"الترا تونس"، بمناسبة افتتاح الصالونين، أن صالون التشكيليين الشبان بات ركيزة أساسية لأنشطة الاتحاد السنوية وما انفك يتطور من دورة إلى أخرى مشيرًا إلى أن الاتحاد يفسح المجال واسعًا أمام التجارب الشبابية ولا يتعامل معهم بمنطق الإقصاء أو التوجيه.

وأضاف غرس الله أن صالون الشباب يتزامن هذه المرة مع الصالون الدولي للخزف المعاصر في دورته الأولى وتقاسما نفس الرواق وفي ذلك نوع من التكامل في مستوى الترويج والدعاية للحدثين مؤكدًا أن احتفال الاتحاد بخمسينيته سيشهد ميلاد العديد من التظاهرات الجديدة مثل تظاهرة الجداريات الخزفية، إلى جانب تعزيز التظاهرات القديمة وخاصة تلك التي تقام بالجهات، هذا فضلًا عن مجموعة من الندوات العلمية والتكريمات الاعتبارية.    

ورغم بعض الهنات تبقى مثل هذه التظاهرات متنفسًا للطاقات الإبداعية التونسية لمختلف الفئات وتحتاج إلى مزيد من الدعم والوسائل كي تكون حافزًا على الإبداع والخلق خصوصًا لدى الشباب الذي يحتاج إلى فرص يثبت فيها مواهبه داخل بلاده.

[[{"fid":"102137","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"3":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":375,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"3"}}]]

الأعمال الخزفية المعروضة فيها الكثير من الاجتهاد على المستوى الفكري والفلسفي (رمزي العياري/ الترا تونس)

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

ملتقى الخزف الفني.. فن عريق في قلب تونس بأنامل صفوة خزافي العالم

"الرسم على الماء" أو "الإيبرو".. الإقصاء القسري لفنّ عظيم