18-فبراير-2021

الناشطان في الائتلاف من أجل تقنين القنب الهندي كريم شعير وصابر العبيدي

 

لم تمر سنة على اندلاع الثورة التونسية، إلّا ليتصاعد الجدل حول قانون مكافحة المخدرات، أو ما يعرف بالقانون 52. يعود ذلك لعدّة أسباب مختلفة. ويتركّز عادة النّقاش حول تنقيح القانون وإلغاء العقوبة السجنيّة لمستهلكي مادة القنب الهندي "الزطلة"، من عدمه. 

فمن جهة، يرى المطالبون بالتنقيح، وهم عادة أصحاب توجّهات ليبرالية أو يسارية حقوقية، أنّ الاستهلاك هو مسألة شخصيّة لا تخصّ إلّا صاحبها. علاوة على أنّه لا ذنب للمستهلك طالما تتراخى الدولة في ملاحقة المروّجين حسب ظنّهم.

من جهة أخرى، يثير التّصاعد اللافت لنسبة المستهلكين عمومًا، وخاصة بين المراهقين، مخاوف عديد المحافظين، يسارًا ويمينًا، نظرًا لارتباط المخدّرات، بصفة عامة وحسب رأيهم، بالجريمة والانحراف، إضافة على ما يمكن أن يسبّبه إلغاء مكافحتها من أضرار على البنى المجتمعيّة كالعائلة وانحلال الأفراد وتراجع لدور المجتمع والدولة في الحماية والإحاطة. 

إثر توصيات منظمة الصحة العالمية في شتاء 2019 بسحب مادتي القنب الهندي والماريخوانا من جداول المخدّرات الخطرة واعتبارها الأقل خطورة، تشكّل ما يعرف "الائتلاف من أجل تقنين القنب الهندي COLEC" من مجموعة من النّاشطين في المجتمع المدني. 

وخلافًا لكلّ المبادرات السابقة والتّي تتوقّف عند إلغاء العقوبة السجّنيّة لمستهلكي مادة القنب الهندي أو الزطلة، بادر الائتلاف إلى الدعوة إلى تقنين استهلاكها عبر احتكار بيعها من قبل الدولة، أو على الأقل تولّي مراقبتها والترخيص للاستهلاك الشخصي. وفي هذا الإطار، كان هذا الحوار لـ"الترا تونس" مع ممثّل "كولاك"، الناشط كريم شعير، أين سعينا لطرح تساؤلات تهمّ المتابعين حول المبادرة. 

  • عند تناول موضوع المخدّرات عمومًا، والزطلة خصوصًا، فإنّ العديد من المواطنين لا يرون فرقاً بينها. كما أنّ ذلك يرتبط، بالنسبة لهم، بالجريمة والانحراف. فكيف تجيبون على أصحاب هذا الرّأي؟ 

أوّلاً لنضع الأمر في إطاره التّاريخي ولنوضّح تاريخيّة الزطلة في تونس. في خمسينيات القرن الماضي وحتّى مطلع الستّينيات، كان استهلاك التكروري شائعًا بين التونسيين. 

والزطلة بالمناسبة أقل جودة وتأثيرًا من التكروري. أكثر من ذلك، عرف عن "جماعة تحت السّور"، كعلي الدوعاجي، استهلاكهم لمادة التكروري. لذلك نرى أنّ الزطلة، أو التكروري، كانت منتشرة في تونس وكان التعامل الشعبي معها تعاملاً عاديًا. 

كما أنّ المتحدّثين عن تونس القديمة، في منتصف القرن الماضي، لا يمكنهم إنكار أنّ معدّل الجريمة كان منخفضًا مقارنة مع الحاضر. لذلك، بنفس منطق من يربط الزطلة بالجريمة، فإنّ معدّل الجرائم لم يرتفع إلّا مع تشديد قانون مكافحة المخدّرات في التسعينيات عندما أصبحت مكافحة المخدّرات سياسة عامة للدولة مع سعي النّظام لتبييض صورته أمام المجتمع الدولي بعد تورّط أخ الرئيس بن علي، منصف بن علي، في قضية شبكة دوليّة لترويج المخدّرات التّي تسمّى "Couscous gate".

وبالتّالي، عمد النّظام السّابق، عبر مكينته الإعلاميّة والجمعيات القريبة منه، إلى توجيه الموضوع في اتّجاه واحد وهو شيطنة مادة القنب الهندي وتجريم استهلاكه.

شعير: تم في التسعينيات تشديد قانون مكافحة المخدّرات عندما أصبح ذلك سياسة عامة للدولة مع سعي النّظام لتبييض صورته بعد تورّط أخ الرئيس بن علي في قضية شبكة دوليّة لترويج المخدّرات

لذلك نلاحظ هوّة بين جيلين في التّعامل مع الموضوع. جيل ما قبل التسعينيات، وهو جيل مطبّع مع مادة القنب. وجيل التسعينيات الّذي ترعرع على فكرة أن الاستهلاك جريمة موجبة لأحكام قاسيّة. 

كلّ هذه المعطيات مجتمعة، بالإضافة إلى إدراج القنب بالجدول "ب" من القانون 92/52 الّذي يجمع كلّ المواد السمّية/المخدّرة، لنتحصّل على فكرة مخيفة حول القنب في المخيّلة الشعبيّة التونسيّة. وهي فكرة لا تستقيم حسب رأيي. 

أيّ مطّلع على الموضوع يعرف أن القنب هو نبتة طبيعيّة، مخدّرة بالطبع، لكنّها أقل خطورة بكثير من المخدّرات الأخرى. بل بالعكس، فإنّ استهلاك الزطلة يؤدّي إلى درجة من الانتشاء والارتخاء في جسم المستهلك، يستحيل معها قيامه بأي عمل يستلزم مجهودًا جسديًا عكس المواد الكيميائية الأخرى، الزومبي والإكستازي وغيرها، وهي مواد خطرة تؤدّي إلى الهيجان وخروج الإنسان عن وعيه ما قد يؤدّي إلى ارتكابه للجرائم. وهذا هو الفرق بين المخدّرات والزطلة. الأخيرة نبات طبيعي أمّا الأولى فهي عبارة عن تركيبة كيميائيّة ضارة وخطيرة.

لذلك، فإنّ الصورة الشيطانيّة للزطلة هي نتيجة لتخاذل الجمعيّات والباحثين في فترة التسعينيات وما تلى ذلك من جهة، وسياسة النظام آنذاك من جهة أخرى. لذلك يسعى الائتلاف إلى التعامل بإيجابيّة مع التغيّرات في العالم في مجال الدّراسات والأبحاث للدعوة إلى إعادة جدولة مادة القنب الهندي في القانون، وإلى الاعتراف العلمي والمجتمعي والسّياسي بأهمّيتها كمادة طبية. 

  • لكن حسب طرحكم، فإنّكم تراوحون في استعمال مفردتي القنب والزطلة كأنهما اسمين لنفس المادة. في حين أنّ مادة الزطلة هي توليفة من مادة القنب مع مجموعة أخرى من المواد الكيميائيّة والعضوية. أي أن التكروري، أو الدخان الأخضر الذي كان شائعًا في تونس قديمًا، يختلف كثيرًا عن مادة الزطلة الرّائجة هذه الأيام؟ 

بالفعل ولذلك نحن نسعى إلى تقنينها. المادّة المتداولة بين المستهلكين هي صمغ القنب الهندي "résine de cannabis"، والذي يقع خلطه مع مواد أخرى ضارة وخطيرة جدًّا. حتّى أن بعض المروجين يخلطونها بالحنّاء، والرمل وبمطّاط العجلات... لجعل الكميّة أكبر وبالتّالي أرباحًا ماديّة أكثر. كما أنّ هناك من يضيف لها مسحوقًا من بعض الحبوب المهلوسة حتّى يضاعف مفعولها. هذه العمليّات وغيرها تؤثّر بكلّ تأكيد على صحّة المستهلكين وعلى جهازهم العصبي. لذلك نحن ندعو إلى تحرير الزطلة من هذه المواد الكيميائية وذلك بالعودة إلى الأصل وهو النبتة الطبيّعيّة "القنب"، وهي مادة مهما كانت درجة استهلاكها، فهي لا تؤدّي إلى أي خطر صحّي على جسم الإنسان. 

شعير: نحن ندعو إلى تحرير الزطلة من المواد الكيميائية وذلك بالعودة إلى الأصل وهو النبتة الطبيّعيّة "القنب" وهي مادة مهما كانت درجة استهلاكها فهي لا تؤدّي إلى أي خطر صحّي على جسم الإنسان 

لكن أودّ أن أوضّح وحتّى لا يبدو الأمر وكأنني أشجع على الاستهلاك، فإنّه بالنسبة للمراهقين، أقل من 20 سنة، وبالنّظر لحساسية هذه الفترة لأجسامهم وهي قيد التكوّن، فإنّ التعرّض إلى كميّات كبيرة من أي مادة مخدّرة مهما قلت خطورتها، قد يؤدّي إلى مضاعفات خطيرة. هنا، وبالنّظر لحساسيّة الموقف، يجب على الدولة أن تتدخّل عبر الإحاطة والمراقبة لا فقط للمخدّرات والقنب الهندي، وإنّما أيضًا مراقبة توزيع واستهلاك المشروبات الكحوليّة والتبغ. 

اقرأ/ي أيضًا: إدمان الحقن.. أخطر أنواع إدمان المخدرات

  • في الظّروف الحاليّة الصعبة التي تمرّ بها الدولة التّونسية، ما الضّامن أنّها ستضطلع بدورها الكامل في المراقبة، الحماية والإحاطة كما تدعون، وأن لا يتسبّب ما تدعون إليه في انفلات الأوضاع وإضافة أفواج من المدمنين على كاهل منظومة الصحة العمومية التي تعاني أساسًا من أعباء وإشكاليّات عديدة؟ 

معقول ومفهوم. وهو مؤسف أن يفقد النّاس ثقتهم في الدولة ومدى فاعليّة أجهزتها وقدرتها على تطبيق قوانينها. لكن في مرحلة أولى نسعى لطرح الموضوع بطريقة علميّة وواضحة. ما الّذي يمنع الدّولة من أن تكون لها هياكل ومؤسّسات ناجعة؟ الإشكال هو في الموارد الماديّة بالأساس بالإضافة إلى الفساد. هذان العاملان يمثّلان، ولو بنسب متفاوتة، سبب تراجع ثقة جزء من التونسيين في الدّولة. 

تبلغ قيمة التعاملات في السّوق السوداء للقنب الهندي حوالي الـ3000 مليون دينار. أي تقريبًا عشر ميزانيّة الدولة التّونسية للسنة الفارطة. الأجدر أن تكون هذه الأموال بيد الدّولة. كما يجب استيعاب هذه السّوق التي ستوفّر موارد محترمة للميزانيّة حتّى توظّفها في الاتجاه الصحيح. 

مقاربتنا تقوم على مقاومة استهلاك المخدّرات عبر توفير بديل صحّي ومراقب. في خطوة أولى يجب توجيه أموال القنّب، إذ ما نجحنا فيما نسعى، إلى منظومة الصحة العموميّة ووزارة الصّحة لتفعيل دورها الرّقابي، عبر مختبراتها، على كل المواد المتداولة في الأسواق التونسيّة، من تبغ وكحول ومواد استهلاكيّة وصولاً إلى القنب. وبهذا نقلّص التكلفة الصحّية الناتجة عن تردّي جودة المواد الغذائيّة وغيرها. كما يجب بعث مراكز معالجة إدمان ناجعة وعصريّة وبإمكانيّات حديثة لمعالجة المدمنين وإعادة تأهيلهم، خاصة مدمني المخدّرات الثقيلة. 

شعير: بالنسبة للمراهقين، أقل من 20 سنة، وبالنّظر لحساسية هذه الفترة لأجسامهم وهي قيد التكوّن، فإنّ التعرّض إلى كميّات كبيرة من أي مادة مخدّرة، قد يؤدّي إلى مضاعفات خطيرة

في خطوة ثانية، دعم دور وزارة الشّباب والرّياضة، عبر المداخيل السالف ذكرها، لتوفير دور للشباب تكون جاذبة لهم، مع توفير دور للثقافة، السينما، المسارح وتهيئة فضاءات للأنشطة الرّياضيّة. وبالتّالي توفير البديل. 

في خطوة ثالثة، دفع وزارة التربية نحو القيام بدورها من خلال إصلاح المؤسسات التربويّة وتعصير البرامج وتوفير الفضاءات الحاضنة للتلاميذ، وهنا نتحدّث عن الإحاطة بهم خاصة في الأوقات الحرّة من الدروس أو عند حدوث انقطاع في اليوم الدّراسي نتيجة تغيّب أحد المربّين مثلاً. يعني إعادة ضخّ أموال القنب في إعمار المعاهد والمدارس المهترئة نتيجة سنوات من تراجع الدّور الاجتماعي للدولة. إذًا عند توفير بدائل داخل المؤسسات التربوية، نخلق بديلًا للتلاميذ والشّباب بدل الشّارع أي يكونون عرضة لكافة أنواع الشّرور. 

ولهذا ندعو لإحداث وكالة للتصرّف في أموال التقنين تحت تصرّف مشترك بين الدولة والناشطين في المجال من مكوّنات المجتمع المدني. لا نريد أن تنتهي أموال التقنين، إذا ما تم الأمر، إلى مصير أموال المشروبات الكحوليّة والتبغ، أي التيه في مسالك موازنات الأموال العموميّة بصفة عامة كزيادات الأجور أو الدعم.

اقرأ/ي أيضًا: "الزطلة" في رمضان... تجارة لا تبور!

  • وكأنكم تقولون "داوني بالّتي كانت هي الدّاء". ذكرتكم رقم 3000 مليون دينار؟ أهذا تقديركم الخاص أم هو نتيجة دراسة؟ ماهو مصدر هذا الرّقم؟ 

هو نتيجة لبحث داخلي في الائتلاف. نقوم بمتابعة الأرقام والدّراسات المنشورة من قبل المهتميّن بالمجال سواء من الدولة أو مراكز البحث أو الجمعيّات. يعني تقريبًا نتناول العدد التقريبي للمستهلكين، وبالقياس إلى معدل الاستهلاك اليومي، ومع الأخذ بعين اعتبار سعر القنب الهندي في السّوق السّوداء مع إضافة ما تحجزه الديوانة والفرق الأمنيّة، نصل إلى تكوين فكرة عن حجم سوق القنب الهندي في تونس. 

هو تقدير خاص بالائتلاف لكن تم الحرص على أن يكون رقما موضوعيّا ويلامس الواقع قدر الإمكان. بالنهاية نحن جمعيّة متطوّعة وليس لنا قدرات للقيام بأبحاث ميدانيّة معمّقة سبر الحجم الحقيقي لهاته السوق.

شعير: تبلغ قيمة التعاملات في السوق السوداء للقنب الهندي حوالي 3000 مليون دينار أي تقريبًا عشر ميزانيّة الدولة التونسية للسنة الفارطة. الأجدر أن تكون هذه الأموال بيد الدّولة

  • ما الفرق بين ما تطالب به "كولاك"، وبقيّة المبادرات الأخرى السّابقة والحالية؟

الفرق بين ما نطرحه في "كولاك"، وما طرحه ويطرحه بقيّة النشطاء، هو أنّنا لا نكتفي بالطرح الحقوقي ومراجعة المعالجة الأمنيّة للقضيّة، بل نمضي أبعد من ذلك إلى اعتماد مقاربة صحّية في المقام الأوّل كما سبق وأشرنا، إلى جانب الدفع إلى تبنّي مقاربة اقتصاديّة من طرف الدّولة.

يمكن التطلّع إلى الاستثمار في السّياحة الاستشفائيّة كبعث مصحّات علاج واستقطاب المدمنين الرّاغبين في العلاج من الخارج مع توجيه هذه المصحّات نحو المناطق الداخليّة، كذلك جذب سيّاح الشّمال الباحثين عن النشوة والذين بوصلتهم حاليًا هولندا بمناخها البارد، بالتّالي تونس مناخها المعتدل قد تكون أفضل مع توفّر نبتة القنب الهندي ذات جودة ونقاوة غير ضارة، وهو ما سيخلق إضافة نوعيّة للمنتج السّياحي للبلاد. 

وهناك أفكار أخرى كالتصدير ويمكن في هذه النقطة الاستئناس بتجارب مقارنة. مثلاً، في العام الماضي، استوعبت السّوق الكنديّة كامل المنتج السّويسري من مادة القنب الهندي. فلما لا تكون تونس، بمناخها وأراضيها الطيبة، منتجًا للقنب الاستهلاكي والقنب الطبّي. كذلك يمكن توظيف مادة القنب في مجالات عديدة أخرى في مجالات التجميل والطّاقة والنسيج والبناء وبهذا خلق صناعات تحويليّة. 

كذلك، نحن جمعيّة متطوّعة ومدنيّة تمامًا وليس لنا أي توجّه أو نيّة للاستثمار السّياسي عكس بعض المبادرات الأخرى الّتي لها خلفيّات سياسيّة ووظفت قضيّة القانون 52 للدعاية الانتخابيّة. نحن، كائتلاف مدني مستقل، لا نيّة لنا في التعاطي السّياسي مع القضيّة. وفي سبيل تفعيل مبادرتنا، نتوجّه إلى كافة السّياسيين للحصول على الدعم والحشد قصد تبنّي ما نطرحه من قبل النّواب، سواء من المعارضة أو من الائتلاف البرلماني الحاكم، حتّى تمرّ مبادرتنا إلى الجلسة العامة. 

شعير: لما لا تكون تونس، بمناخها وأراضيها الطيبة، منتجًا للقنب الاستهلاكي والقنب الطبّي ويمكن استغلاله للتصدير وفي مجالات متعددة 

لا يمكن إنكار أنّ تعاطي هذه المادّة، ومهما قلّت خطورتها، يمكن أن يؤدّي إلى إنتاج أفراد خانعين، سلبيين ومغيبين عن الواقع، يعانون اغترابًا ذهنيًا alinéation mentale، وهو ما ينسف دور المجتمع والدّولة، في بناء أفراد فاعلين ومشاركين في الحياة العامة. ومهما قلّ عدد هؤلاء، ألا ترون أنّ هذا يمكن أن يصنّف إنكارًا، أو خذلانًا وتواطئًا للدور المجتمعي وانتفاء للحمائيّة المجتمعيّة؟ يعني لو صحّ القول إنّ استهلاك الفرد للقنب الهندي هو حريّة شخصيّة، لماذا على المجتمع أن يغضّ البصر عن من يريد ولو إيذاء نفسه؟ أهي الفردانيّة المطلقة هنا؟ 

هذا مفهوم ونحن مجتمع محافظ ولنا ترابطنا وعلاقاتنا المتداخلة. لكن في الجهة المقابلة، نجد سلطة الأمر الواقع. وهذا الأمر الواقع هو أن الاستهلاك قد انتشر كالنار في الهشيم في حقيقة الأمر. 

أكثر الأرقام تفاؤلاً تشير إلى مليوني مستهلك للقنب. فيما تقول الدّراسات إن ثلث الشّباب قد سبق واستهلك أو يستهلك مادة القنب. كما أنّ دراسات أخرى تشير إلى أنّ هناك 2 من 3 تلاميذ، بين 10 و20 سنة، عبّروا عن توفّر النيّة لديهم لاستهلاك القنب الهندي. وهذه أرقام مركز الطب المدرسي والجامعي وجمعيّات مكافحة الإدمان وغيرها. وهذا هو الأمر الواقع هنا.

انفلتت الأوضاع والاستهلاك منتشر ونحن ندعو إلى مراقبته بدل الاكتفاء بالمكافحة الكلاسيكيّة الّتي تكرّس قاعدة "الممنوع مرغوب". والممنوع هنا هو منتج خطير وضار، والأفضل تأطير ذلك بتوفير بديل أنظف وأنقى وأخف، مع توفير بدائل أخرى لأنشطة ثقافية ورياضيّة. ثم في مرحلة أخرى توفير مراكز العلاج أي ندعو لتبنّي سياسة عامة تجاه المخدّرات بدل الاكتفاء بالمقاربة الأمنية الفاشلة. 

شعير: انفلتت الأوضاع والاستهلاك منتشر ونحن ندعو إلى مراقبته بدل الاكتفاء بالمكافحة الكلاسيكيّة الّتي تكرّس قاعدة "الممنوع مرغوب"

  • أخيرًا، سبق وأشرتم إلى القنب الطبّي، والمختلف حسب ما قلتم عن القنب الهندي. ماهو القنب الطبّي؟ 

تحوي مادة القنب الهندي على مكوّنين أساسيين. الـ (CBD)  والـ(THC). المكوّن الأخير هو المسؤول على الانتشاء. أما المكوّن الأول، CBD، فله استعمال طبّي واسع. وسنتناول ذلك قريبًا في ندوة لنا، أين سنستدعي اثنين من أكبر الأساتذة في الطب في تونس: مهدي الدريدي، أستاذ في المورفولوجيا، والدكتور رياض خضر طبيب مختص في أمراض السّرطان، وعضو لجنة تجربة القنب الطبي في فرنسا. 

سيقع تناول دور القنب الطبي في معالجة أمراض التوحّد، أمراض السرطان  خاصة تخفيف الآلام والأوجاع الّتي لا يستطيع المورفين تسكينها. 

كذلك هناك حوامل لا تمكنهم حالتهم الصحيّة من تناول أدوية كيميائيّة، فيقع اللجوء إلى التخدير الطبيعي أثناء الوضع وهو هنا القنب الطبي. كل هذا وتفاصيل أخرى، استعمالات صناعية أخرى للقنب في النسيج والبناء، ستكون محاور الندوة الّتي نعتزم عقدها آخر هذا الشهر. 

ونسعى إلى تقديم المبادرة التشريعيّة، عبر مجموعة من النوّاب المتبنّين لمبادرتنا، في نفس اليوم الّذي سنعقد فيه الندوة والتي من المبرمج عقدها يوم 26 فيفري/ شباط القادم. وستتكوّن المبادرة التشريعيّة من نصيين تشريعيين في خصوص تنقيح القانون 52 وتقنين استهلاكه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جدل "تحرير" القنب الهندي يتجدّد في تونس

القنب/ الزطلة.. زووم على قانون 52 في تونس