01-ديسمبر-2018

السيناريست والصحفي حاتم بالحاج (صورة أرشيفية)

يعيش المشهد الإعلامي والثقافي في تونس تطورات كبيرة منذ 8 سنوات طالت حتى الأعمال السينمائية التي أصبحت أكثر جرأة والمسلسلات التلفزية التي أصبحت تتناول قضايا في عمق المجتمع. لكن في المقابل يعتبر العديد من المتابعين أن الانتاج الدرامي والسينمائي في تونس يعيش أزمة على عدة مستويات بسبب ما يراه البعض تراجعًا في الجودة وضياع المضمون بالنظر إلى وظيفة الإعلام. هذه التغييرات وغيرها تطرقنا إليها مع السيناريست حاتم بالحاج الذي خصّ "الترا تونس" بهذا الحوار.

حاتم بالحاج لـ"الترا تونس": أنا سعيد لأن بعض القنوات التلفزية مازالت تبث "شوفلي حل" إلى الآن

ويعدّ حاتم بالحاج أحد كتاب السيناريو الذين نجحوا في الوصول إلى نقطة إضحاك المشاهدين مع الحفاظ على مضمون مهم دون الوقوع في شرك التفاهة. ومن أهم أعمال حاتم بالحاج سلسلة "شوفلي حل" التي تم إنتاجها منذ ما يزيد عن 10 سنوات وما تزال بعض القنوات تعيد بثها حتى الآن ومازالت تحصد عددًا هامًا من المتابعين.

اقرأ/ي أيضًا: المدير الفني لمسرح الربط: هدفنا إحياء المدينة العتيقة ولم نتلق دعمًا (حوار)

  • من هو حاتم بالحاج؟

ولدت في مدينة منزل بورقيبة وعند اجتيازي لامتحان الباكالوريا اخترت شعبة الطب، ولكن بعد سنوات من الدراسة اكتشفت أنني لا أمت لهذا القطاع بصلة، قمت بإعادة توجيه إلى معهد الصحافة وعلوم الإخبار أين حصلت على الأستاذية. ودائمًا ما أعرف نفسي على أنني صحفي قبل أن أكون كاتب سيناريو، لدي الكثير من التجارب في ميدان كتابة السيناريو إلى جانب العمل الصحفي، لم أخضع لأي تدريب في كتابة السيناريو ولكن الكتابة كانت جزءًا مني إلى حد كبير.

كانت بدايتي في الكتابة مع "السكتشات" مع الإعلامي حاتم بن عمارة في بداية التسعينيات ثم كانت لي تجربة جميلة في "القلابس" إلى جانب تجارب أخرى. وكانت أول تجربة لي في كتابة السيناريو كتابة سلسلة "عند عزيز" ثم  سلسلة "الأوتيل" و"دار الخلاعة" إضافة إلى السلسلة المعروفة "شوفلي حل".

  • لماذا تتم إعادة سلسلة "شوفلي حل" إلى اليوم؟

أنا سعيد لأن بعض القنوات التلفزية مازالت تبث "شوفلي حل" إلى الآن وهو دليل على نجاح السلسلة. في اعتقادي أن إعادة بثه كل هذه السنوات ومتابعة التونسيين له يعود إلى ارتباطه في أذهان التونسيين بفترة معينة، فترة من الرخاء الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. كما أنني ركزت في كتابة سيناريو هذه السلسلة على كتابة عائلية بمعنى أنه يمكن لعائلة مشاهدته مجتمعة مما يخلق نوعًا من الحميمية وسط العائلة لاحتوائه على مواقف مضحكة.

من جهة أخرى، لا تحتوي "شوفلي حل" على مشاهد عنيفة، سلسلة خفيفة بمشاهد مضحكة وبشخصيات طريفة وقريبة من الشخصيات التي نجدها غالبًا في المجتمع التونسي.

حاتم بالحاج لـ"الترا تونس": لا يمكن تقييم الأعمال السينمائية والدرامية اليوم لأننا مازلنا في فترة غير واضحة

  • لماذا لم نر إنتاجات أخرى لحاتم بالحاج؟

لقد تخليت عن شعبة الطب من أجل الصحافة وأنا الآن أولًا وأخيرًا صحفي، وكتابة السيناريو تحتاج ظروفًا ملائمة ففي بعض الأحيان يتطلب الأمر 6 أشهر من الكتابة، يعني أنك تحتاج إلى ظروف جيدة مع راحة نفسية حتى تستطيع كتابة سيناريو جيد. واليوم مثل جميع التونسيين أعيش فترة من التململ وعدم الاستقرار. زد على ذلك أنني أستطيع أن أقول إن طموحاتي في مجال "السيتكوم" قد حققتها وأسعى إلى التطور وتوجهاتي الحالية هي التكوين، أريد أن أساعد في تكوين الأجيال القادمة في مجال كتابة السيناريو والصحافة.

  • كيف تقيم الإنتاج الدرامي والسينمائي اليوم؟

يمكن القول إن هناك أعمالًا جيدة وأعمالًا سيئة. ولكن أعتقد أن تونس كانت تعمل لمدة 30 أو 40 سنة تحت رقابة كبيرة، النقد الذي كان مخفيًا بين الأسطر أصبح اليوم مباشرًا، هناك الكثير من الأمور التي تغيرت، طرق الكتابة، التصوير، الإخراج، اختيار الممثلين، المواضيع التي يتم العمل عليها، وهو ما يجعلنا اليوم بعد  ثماني سنوات من الثورة وكأننا في فترة تدريب، لا يمكن تقييم الأعمال اليوم لأننا مازلنا في فترة غير واضحة وما أؤكد عليه أنني متفائل جدًا بالمستقبل وبجيل المخرجين والمنتجين القادم.

اقرأ/ي أيضًا: رسائل الحب بين الأمس واليوم.. من سهاد المحبوب إلى السهر على فيسبوك

  • هل هناك أزمة إنتاج في تونس؟

الأزمة الاقتصادية أثرت كثيرًا على الاقتصاد التونسي وعلى جميع القطاعات. وأول القطاعات التي تتأثر بالأزمات الاقتصادية هي الإعلام، عند رؤية المشهد الإعلامي هناك الكثير من القنوات تعيش وضعًا اقتصاديًا صعبًا والأموال التي تدور في فلك الإنتاج صغيرة جدًا في تونس، هذا من الجانب المادي.

أما من الجانب الفني أعتقد أنه آن الأوان في تونس للاعتماد على ورشات كتابة السيناريو، أنا مع تطوير ورشات الكتابة، هذه الورشات لها تأثير كبير في تحسين جودة الكتابة، يمكن إنتاج مسلسل جيد من خلال التقاء 4  كتاب سيناريو في عمل واحد، وذلك قد يكون أفضل من 4 مسلسلات بجودة متوسطة، إذًا في تونس هناك أزمة إنتاج بسبب ضعف التمويل وأزمة كتابة يمكن تداركها بسهولة.

في مصر مثلًا يتم إنتاج ما يقارب 70 مسلسلًا في رمضان فقط لكن مصر تنتج لسوق يقارب 300 مليون مشاهد.  لكن في تونس لا يتجاوز السوق 10 ملايين مشاهد، يجب تغيير عقلية الإنتاج الرمضاني، ضعف الإنتاج التلفزيوني التونسي هو مسؤولية مشتركة بين المستشهر والمنتج. لا ننسى أن كثرة الإنتاج تحسن الجودة وتصلح الأخطاء.

حاتم بالحاج لـ"الترا تونس": أعتقد أن تونس تزخر بكتاب السيناريو الجيدين

  • هل يوجد نقاد للسينما وللأعمال الدرامية في تونس؟

نعم لدينا نقاد جيدون في تونس، جيدون لكنهم عاطفيون. الناقد الحقيقي هو من يقوم بتحليل العمل الفني. يقوم بنقد كل جزء على حدة، السيناريو، التصوير، الإخراج، تقسيم المشاهد، الممثلون، يقوم بتحليل أكاديمي للعمل الفني. في تونس نقادنا كأي مشاهد عادي عاطفيون جدًا وأول هؤلاء النقاد العاطفيين هو الفيسبوك. وهذا لا يمنع أن لدينا نقادًا جيدين.

  • هل لدينا كتاب سيناريو جيدون في تونس؟

أعتقد أن تونس تزخر بكتاب السيناريو الجيدين، أول هؤلاء الروائي الكبير حسنين بن عمو الذي لم تستطع التلفزة إقناعه بالكتابة، علي اللواتي، الطاهر الفازع وآخرون. أعتقد أن التثقيف السيناريستي يأتي بالقراءة، قراءة الكتب، السبيل الوحيد لبناء سيناريو جيد هو الكتاب ودونه لن تستطيع بناء كاتب سيناريو جيد.

  • لماذا لا نرى الإنتاج التلفزيوني التونسي يعرض في قنوات عربية؟

لا أعتقد أن اللهجة هي سبب عدم انتشار الإنتاج الفني التونسي عربيًا، كما أعتقد أن للثقافة لغة واحدة بلهجات متعددة. المشكلة أننا في تونس نتفاوض في شراء المسلسلات مثلًا من موقف ضعف، يمكن أن يتم إدراج شرط عرض المسلسلات التونسية في التفاوض لشراء مسلسلات عربية أخرى.

لكن هناك عامل آخر يجعل الإنتاج الفني في تونس يجد صعوبة في الانتشار عربيًا وهو فرق الثقافة، ففي إنتاجاتنا هناك مضمون سياسي مصبوغ على الثقافة الفرنسية، فمشهد امرأة تونسية بكامل حقوقها تجلس في مواجهة زوجها أو طليقها اوشقيقها للنقاش حول الميراث مثلًا قد يحدث هزة في بعض المجتمعات العربية الأخرى، اختلاف الثقافة يجعل الأمر صعبًا نوعًا ما.

  • ما رأيك في الجدل الحاصل حول احتساب نسب المشاهدة للأعمال التلفزيونية؟

لا يمكن اعتبار نسب المشاهدة التي يتم احتسابها بالطريقة الحالية معيارًا لنجاح المسلسل لأنه لا يمكن حصر نسب المشاهدة بالطريقة الصحيحة وبمعايير صحيحة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

آمال المثلوثي: نيويورك أوسع فضاء للحرية والشيخ العفريت يغريني (حوار)

رامي خليفة: دم جديد سرى في فرقة مارسيل خليفة.. وفي العمل معه لا مجال للعاطفة