تتمتّع المدوّنة الرّوائية في تونس بتراكم لافت، على مستوى الأجيال والحساسيات واللغة والهواجس. رغم أن وصولها إلى المتلقي في الفضاء ين العربي والغربي بقي أقلَّ من غناها الجمالي واللغوي والفكري والإنساني.
تتمتّع المدوّنة الرّوائية في تونس بتراكم لافت، على مستوى الأجيال والحساسيات واللغة والهواجس
في ظلّ هذا الاختلال بين ثراء المتون وفقر الحضور، بادر الرّوائي كمال الرّياحي بإطلاق مشروع "بيت تونس للرواية"، تحت رعاية وزارة الثقافة. لتحقيق جملة من الأهداف قال لـ"الترا صوت" إنّها تصبّ في توفير المناخات المناسبة لخدمة فنّ الرواية في المشهدين التونسي والعربي كتابةً وقراءةً ونقدًا ونشرًا وترجمةً واحتكاكًا مع الفاعلين في حقول أخرى مثل المسرح والسّينما. بما يجعل من الرواية صناعةً وسوقًا بالمفهوم المعاصر للمصطلحين.
اقرأ/ي أيضًا: خوان غويتيسولو.. "الطائر المنعزل" يودّع مراكش
من بين هذه الأهداف، بحسب صاحب رواية "المشرط"، تأسيس مكتبة البشير خريّف للرواية، تختصّ في الرواية ونقدها وتضمّ جناحًا رئيسيًا خاصًّا بمدونة الرواية التونسية وجناحًا للرواية العربية وآخر للرواية الأجنبية وجناحًا خاصًّا بالنقد والتنظير الروائي .
كما سيطلق البيت ورشاتٍ سردية دائمة للأدباء الشبان يشرف عليها مختصون في السرد وسيشهد البيت لقاءاتٍ دورية للروائيين التونسيين للتعريف بمنجزهم الإبداعي، وهذا ما سيسمح للمبدعين في هذا الجنس الأدبي في جهات البلاد بأن يكون لهم حضور في العاصمة قريبًا من المؤسسات الإعلامية، التي سيسعى البيت إلى عقد اتفاقيات شراكة وتعاون معها للتعريف بالأدب التونسي.
وتمتدّ هذه الشراكة، يواصل كمال الرياحي، إلى المؤسسات الثقافية المهتمّة بتشجيع القراءة وتقديم الأعمال الروائية التونسية وتأسيس ورشات الكتابة السردية فيها. كما سيسعى البيت إلى بناء علاقات شراكة مع المؤسسات التربوية لتجسيد فكرة "الروائي الزائر". وهي جولات ينظمها البيت لعدد من الروائيين إلى المؤسسات التربوية للقاء التلاميذ والطلبة في محاورات ولقاءات دورية.
ومن طموحات البيت إطلاق ملتقى للرواية التونسية وآخر للرواية العربية. وخلق لقاءات بين الروائيين العرب والتونسيين حول ثيمات معينة يحددها البرنامج. إلى جانب استقدام الروائيين التونسيين الذين يعيشون في المهجر مزيد التفاعل مع المشهد الروائي في الداخل والتعريف بمنجزهم.
وفي إطار تفاعل الرواية مع بقية الفنون، قال كمال الرياحي لـ"الترا صوت" إن المشروع سيرعى برنامجًا دائمًا لمختبر الصورة يشرف عليه مختصون في البحث في العلاقات الكثيرة التي تربط الرواية بالسينما والمسرح. إذ ستكون السينما حاضرة بقوة في "بيت تونس للرواية" من خلال عرض ومناقشة أفلام عن حياة الكتّاب في العالم وطقوس الكتابة إلى جانب البرنامج السنوي الخاص بالاقتباس. كما سيهتم البيت بالأنواع الروائية المهمشة، التي تشهد انحسارًا في الفضاء العربي مثل رواية الخيال العلمي والرواية البوليسية. وسيشمل عمل البيت الأجناس الأدبية الحافة للرواية كالسيرة الذاتية والتخييل الذاتي واليوميات والمذكرات.
من طموحات "بيت الرواية في تونس" إطلاق ملتقى للرواية التونسية وآخر للرواية العربية
ويقول كمال الرياحي الذي سبق أن اختير ضمن أهمّ أربعين كاتبًا عربيًا أقلّ من أربعين عامًا في مسابقة "بيروت 39"، إن الاستقبال الذي حظي به مشروع "بيت الرواية في تونس" تونسيًا وعربيًا "يؤكد أننا كنا على حق في مشروعنا للعناية بهذا الجنس الأدبي وفرسانه وإن الروائي والقارئ والباحث والناقد في حاجة إلى مثل هذا المشروع".
اقرأ/ي أيضًا: منذر مصري.. حقول الدم ومقابر الغرباء
في سياق هذا التفاعل، قال الكاتب كه يلان محمد إن بيت الرواية هو تتويج لما بدأه كمال الرياحي في مشروع "بيت الخيال"، الذي تخرّج منه جيل مدجّج بمعرفة فنون السّرد. وكتب الناقد الجزائري لونيس بن علي إن بيت تونس للرواية من مقام القراءة الورقية المحدود إلى مقام الفعل، حيث تصبح صناعة تتجاوز كاتبها وناشرها.
اقرأ/ي أيضًا: