الترا تونس - فريق التحرير
انتقد سياسيون ونشطاء تونسيون الأرقام التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الخميس 27 جانفي/يناير 2022، وقال إنها تتعلق بـ"نتائج أولية للاستشارة الإلكترونية"، وهي التي مر أقل من أسبوعين منذ انطلاقها للعموم، معتبرين أنها تترجم بوضوح توجهًا تسلطيًا واستبداديًا لدى سعيّد ورغبة في تمرير خياراته وتوجهاته السياسية عبر هذه "الاستشارة الإلكترونية"، وفقهم.
انتقد سياسيون ونشطاء الأرقام التي أعلن عنها سعيّد وقال إنها تتعلق بـ"نتائج أولية للاستشارة" معتبرين أنها تترجم بوضوح توجهًا تسلطيًا واستبداديًا لدى سعيّد ورغبة في تمرير خياراته عبر هذه الاستشارة
يُذكر أن سعيّد كان قد أعلن عن مجموعة من الأرقام قال إنها نتائج أولية للاستشارة التي سبق وأعلن عنها، والتي انطلق التصويت فيها منذ الفاتح من جانفي/يناير الجاري في عدد من دور الشباب ثم فتحت للعموم يوم 15 جانفي/يناير الجاري، واعتبر سعيّد أنها تظهر توجهًا غالبًا نحو النظام الرئاسي ونظام الاقتراع على الأفراد.
اقرأ/ي أيضًا: سعيّد: التوجهات الأولى للاستشارة الإلكترونية تظهر توجهاً نحو النظام الرئاسي
وأضاف، في كلمة ألقاها خلال إشرافه على مجلس وزراء في قصر قرطاج، أنه "ووفق معلوماته فإن 82% ممن صوتوا في الاستشارة يفضلون النظام الرئاسي و92% منهم وافقوا على سحب الثقة من نواب البرلمان بينما عبر 89% عن عدم ثقتهم في القضاء ووافق 81% على نظام الاقتراع على الأفراد".
وتابع أن "81% من المشاركين في الاستشارة الشعبية الإلكترونية صوتوا بالموافقة على أن الدولة هي التي تتولى الشؤون الدينية"، مشددًا على "صحة الأرقام التي قدمها وعلى نجاح ما يسميه بـ"الاستفتاء الالكتروني"، وذلك "رغم محاولات البعض وضع عقبات كثيرة تهدف إلى إحباطه"، وفق تعبيره.
وتعليقًا على هذه الأرقام، قال عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري (معارضة)، "لم يستطع صبرًا.. بعد أقل من أسبوعين على انطلاقتها، بادر رئيس الجمهورية بالإعلان عن نتائج الاستشارة/ الاستفتاء التي جاءت بنسب لا تليق إلا بأنظمة الاستبداد وأعادت إلى أذهاننا أرقامًا بنفسجية لم تكن تقنع إلا مروجيها".
عصام الشابي: بادر رئيس الجمهورية بالإعلان عن نتائج الاستشارة/ الاستفتاء التي جاءت بنسب لا تليق إلا بأنظمة الاستبداد وأعادت إلى أذهاننا أرقامًا بنفسجية لم تكن تقنع إلا مروجيها
وتابع، في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك، "في حدود 90% هي نسبة المؤيدين للنظام الرئاسي وللتصويت على الأفراد والذين ليست لهم ثقة في السلطة القضائية، أي المؤيدين لخيارات الرئيس الذي سبق وأكد بأن عمليات الاستفتاء هي أقرب للمبايعة أكثر من أي شيء آخر.. وسيبقى العمل على قدم وساق لإخراج 10% المتبقين من الظلمات إلى النور.. هذه هي البداية وما زال.. ما زال".
في سياق متصل، علّق النائب بالبرلمان المعلقة أشغاله عن حزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني (معارضة) "سعيّد قدّم لنا البارحة النتائج الأولية لاستشارته التاريخيّة على أساس 100 ألف مشارك (حوالي 1,25% من عدد الناخبين) وبنى عليها بقية مراحل خارطته السياسية (الاستفتاء وما بعده)".
وأضاف "البارحة أكد سعيّد أن ما يعنيه من الاستشارة الإلكترونية هو النظام السياسي (الرئاسي) ونظام الاقتراع (على الأشخاص) وسحب الوكالة من النواب (أطروحة من أطروحات البناء القاعدي) وعدم رضا التونسيين على القضاء (لتبرير حلّ المجلس الأعلى للقضاء)"، متابعًا "ما قام به قيس سعيّد لا علاقة له بالنزاهة الفكرية وفيه توجيه واضح لنتائج الاستشارة المحسومة سلفًا. وأقترح أن يوقف سعيّد الاستشارة ويكتفي بالنتائج الأولية التي أعلن عنها"، خاتمًا بالتعليق أنها "مسرحية".
العجبوني: "ما قام به قيس سعيّد لا علاقة له بالنزاهة الفكرية وفيه توجيه واضح لنتائج الاستشارة المحسومة سلفًا"
في ذات السياق، يقول القيادي بحركة النهضة رفيق عبد السلام (معارضة)، على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك "حتى تعلموا علم اليقين أن قيس سعيّد لا علاقة له بمصالح الشعب وأولوياته الراهنة، أنظروا لمجمل اهتماماته وخطاباته ومعاركه منذ أن دخل قصر قرطاج".
وأوضح "الشعب يريد الرواتب الآن وتوفير رغيف الخبز والحد الأدنى من مقومات العيش الكريم، وهو منخرط في معارك الاستشارة الإلكترونية ومسألة الصلاحيات وتأويل الأبواب والفصول، وهل القضاء سلطة مستقلة أم وظيفة من وظائف الدولة، وما شابه ذلك".
وشدد عبد السلام على "كل هذا يدل على أن قيس سعيّد معني بدرجة أولى بمعارك الحكم والتموقع، ولا صلة له بالشعب الذي صعد على أكتافه وباعه الأوهام خلال حملته الانتخابية، وأنا كنت أول المخدوعين بمناورات قيس سعيّد وألاعيبه السياسية، لكن أحمد الله على أن هذا الانخداع لم يدم طويلاً"، وفق تعبيره.
عبد السلام: "الشعب يريد الرواتب الآن والحد الأدنى من مقومات العيش الكريم، وهو منخرط في معارك الاستشارة الإلكترونية ومسألة الصلاحيات وتأويل الأبواب والفصول.. وما شابه ذلك"
من جانب آخر، علق عديد النشطاء والباحثين والصحفيين على ما أطلق عليه "النتائج الأولية للاستشارة" المذكورة، إما بالسخرية من النسب العالية التي تذكر بزمن حكم بن علي متسائلين "هل ستقترب من 99 في المائة" المألوفة سابقًا أو بلفت الانتباه إلى أن تقديم الرئيس لهذه الأرقام دون اعتبار لعدد المشاركين أو للوقت المتبقي في عمر الاستشارة - قرابة الشهرين - وكذلك لهجته وتشديده على صحة ووثوقية ما يقول، كل ذلك يعطي انطباعًا أن كل شيء قد حسم بينما يدعو معظم المجتمع المدني والأحزاب في تونس لمقاطعة الاستشارة.
نشطاء وصحفيون لفتوا الانتباه إلى ذكر سعيّد نتائج بعينها دون غيرها تبدو أنها الأساس لديه مما يعطي انطباعًا أن باقي المحاور عن جودة الحياة والتعليم والوضع الاجتماعي والاقتصادي وغير ذلك هي "للزينة لا غير" ولا تدخل في اهتماماته
كما لفتوا الانتباه إلى ذكر سعيّد نتائج بعينها دون غيرها تبدو أنها الأساس لديه: "النظام الرئاسي، الاقتراع على الأشخاص، سحب الثقة من النواب، عدم الثقة في القضاء، الدولة تشرف على الشؤون الدينية"، مما يعطي انطباعًا أن باقي المحاور عن جودة الحياة والتعليم والوضع الاجتماعي والاقتصادي وغير ذلك هي "للزينة لا غير"، ولا تدخل في اهتمامات الرئيس التونسي.
اقرأ/ي أيضًا: منصة الاستشارة الإلكترونية تثير الجدل حول "الجهة" التي قامت بإنجازها
في الأثناء، تتواصل دعوات مقاطعة هذه الاستشارة الإلكترونية من معظم الأحزاب والمنظمات والجمعيات الفاعلة في المشهد التونسي، منتقدين مسائل جوهرية من بينها أنها "لا يمكن أن تعكس حقيقة المواقف في تعدديتها ولا يمكن أن تعبّر على تطلعات كل التونسيات والتونسيين، معتبرين أنها "لا تراعي الفجوة الرقمية، ولا تحمي المعطيات الشخصية في صورة ضرورة الاستعانة بأشخاص آخرين لملىء الاستمارة، ولا تضمن عدم استخدام البيانات المخزنة لاحقًا، كما لا تضمن نفاذ ذوي وذوات الإعاقة إليها، إضافة إلى الأميات/يين وغيرها من الفئات، كما لا يمكن أن تعوض حوارًا عموميًا بمشاركة القوى المدنية والاجتماعية والسياسية".
وشدد آخرون أنها "لا تركز على الخيارات الكبرى في المجالين الاقتصادي والاجتماعي في حين أنّهما مسائل استراتيجية لرسم ملامح المستقبل، كما لا توجد شفافية حول منهجية تحليل النتائج أو اللجنة المكلفة بالتقرير التأليفي وضمانات حياديتها وموضوعيتها ومهنيتها"، فيما اعتبر البعض الآخر أنها في شكلها الحالي، "مجرد ذريعة لتوجيه المسار نحو خيارات محددة مسبقًا".
اقرأ/ي أيضًا:
جمعيات: الاستشارة الإلكترونية لا تعكس تعددية المواقف ولا تحمي المعطيات الشخصية
التيار يعلن معارضته لـ"خارطة طريق سعيّد" ومقاطعته للاستشارة الإلكترونية
الجمهوري يدعو إلى عدم الانخراط في الاستشارة الإلكترونية التي دعا إليها سعيّد