04-أغسطس-2023
أحمد الحفناوي

صحفي رياضي: يجب توفر الإرادة السياسية للاهتمام بالرياضات الفردية (صورة من سباق لأيوب الحفناوي/ Getty)

 

تمكن العديد من أبطال رياضة السباحة من رفع راية العلم التونسي عاليًا وتحقيق إنجازات تاريخية بأرقام قياسية مكّنتهم من تصدر المرتبة الأولى عالميًا على غرار أيوب الحفناوي الذي أحرز ذهبية بطولة العالم في سباق 1500 متر سباحة حرة وأسامة الملولي المتألق في سباقات الـ 400 و800 و1500 متر سابقًا وكذلك سارة الأجنف التي أحرزت الميدالية الذهبية في سباق 200 متر خلال بطولة العالم للرياضات المائية وغيرهم من أبطال سنوات السبعينات على غرار علي الغربي.

تمكن الأبطال التونسيون رغم الإمكانيات المتواضعة لرياضة السباحة في تونس من الإطاحة بأساطير السباحة العالميين والأولمبيين

ويتمكن الأبطال التونسيون رغم الإمكانيات المتواضعة لرياضة السباحة في تونس من الإطاحة بأساطير السباحة العالميين والأولمبيين اعتمادًا على مواهبهم الاستثنائية ومجهوداتهم الفردية التي تتحدى كل الظروف، وهو ما يدعو في كل مرة إلى الخوض في وضعية المسابح بتونس التي تعاني العديد من الهنات أبرزها اهتراء البنية التحتية وغياب المسابح بالعديد من ولايات الجمهورية بما يحرم أبطالًا محتملين من الوصول لحلمهم.

  • "تونس تتحصل على بطولة أولمبية وعالمية بعدد ضئيل من المسابح"

وقد أكدت عضو الجامعة التونسية للسباحة هدى جراد أن تونس المتحصلة على بطولة أولمبية وعالمية لديها فقط ستة مسابح ثلاثة منها تحت إشراف الدولة، أي الحي الوطني الرياضي وهم المنزه ورادس والزهراء الذي كان مسخّرًا فقط للفريق الوطني، وبإلحاح من الجامعة فتح أبوابه للنوادي بالإضافة إلى ثلاثة مسابح تحت إشراف البلديات وهم القرجاني والمرسى وباردو الذي افتتح أبوابه مؤخرًا بعد الضغوطات من قبل وسائل الإعلام، مشيرة إلى أنه طيلة 7 سنوات يتم العمل فقط بمسبحين اثنين "المنزه ورادس" في حين أنه إذا توفرت ظروف أفضل لتم تحقيق نتائج أفضل.

وضعية المسابح بتونس التي تعاني العديد من الهنات أبرزها اهتراء البنية التحتية وغياب المسابح بالعديد من ولايات الجمهورية، يحرم أبطالًا محتملين من الوصول لحلمهم

وتضيف جراد في حديثها لـ"الترا تونس" أن توفر المسابح ونشاط نوادي السباحة حلقة مسترسلة فالنادي مثلًا يستقطب أطفالًا ليتمرنوا على السباحة ويتلقى معلومًا ماديًا مقابل ذلك ليتمكن من سداد تكاليف الرواق وهي باهضة جدًا، بالتالي يضطر صاحب النادي إما لتكديس السباحين في النادي أو التقليص في عدد الحصص وعدد المشاركين في الرواق وهي طريقة تحدّ من نجاعة التمارين والحال أنه إذا ما تم إضافة مسبحين اثنين ستتغير الوضعية، كما أشارت إلى أن الجامعة كانت قد طالبت بتسخين مياه المسبح الخارجي برادس وإصلاح المسبح الخارجي بالمنزه بالإضافة للقيام بحواجز حديدية لمسبح رادس تفصله لمسبحين تستعمل وترفع وقت الحاجة وهو استثمار حسب دراسة الجامعة لا تتجاوز تكلفته 800 ألف دينار.

وبينت المتحدثة أن الجامعة تتحصل على 700 ألف دينار من وزارة الرياضة تخصص لنشاط النخبة وتنفق في مصاريف التربصات التي يقوم بها الفريق الوطني أي معلوم تذاكر الطائرة والإقامة مبينة أنه خلال مرحلة التحضير لأي بطولة يتم إرسال الفريق للقيام بتربصات حسب الإمكانيات المتوفرة والتي تعتبر ضئيلة جدًا إذا ما أريد صنع بطل أولمبي.

عضو الجامعة التونسية للسباحة لـ"الترا تونس": تونس المتحصلة على بطولة أولمبية وعالمية لديها فقط 6 مسابح، وطيلة 7 سنوات يتم العمل فقط بمسبحين اثنين،في حين أنه إذا توفرت ظروف أفضل لتم تحقيق نتائج أفضل

وتقول هدى جراد: "نحن لا نلوم على الدولة لأنها تمول حسب إمكانياتها لكن وجب توفير المبالغ المالية في وقتها.. جامعة السباحة خلال أشهر جانفي/ يناير وفيفري/ شباط ومارس/ آذار وأفريل/ نيسان ليس لديها تمويلات، فكيف يمكن لها أن تهيئ اللاعب؟ التمويلات المرصودة لأيوب الحفناوي تحصلت عليها الجامعة في شهر ماي/ أيار".

وختمت المتحدثة بالتأكيد على غياب تمويلات تخص البنية التحتية للمسابح والحال أن العديد منها تعاني من بنية تحتية مهترئة على غرار مسبح المعهد العالي للرياضة والتربية البدنية الذي أغلق طيلة 20 سنة وتقرر إعادة تهيئته مؤخرًا مشيرة إلى أن الجامعة التونسية للسباحة تقوم بكم هائل من الدراسات وتراسل الإدارات المعنية لكن طول الإجراءات يستغرق سنوات دون إحراز أي تقدم.

  • "غياب الخبرة في صيانة المسابح تسبب في اهتراء بعضها"

في الوقت الذي تتعرض له حالة المسابح التونسية لانتقادات لاذعة سواء من قبل الإعلاميين أو القائمين على رياضة السباحة، أكد وزير الرياضة والشباب خلال استقباله للبطل أيوب الحفناوي أن ما حققه الحفناوي يعزى إلى السياسة الرياضية الناجعة التي تنتهجها تونس على مستوى الرياضات بصفة عامة والرياضات الفردية بصفة خاصة.

عضو الجامعة التونسية للسباحة لـ"الترا تونس": نتحصل على 700 ألف دينار من وزارة الرياضة تخصص لنشاط النخبة والإمكانيات المتوفرة ضئيلة جدًا إذا ما أريد صنع بطل أولمبي

وقد أكد مدير الهياكل الرياضية بوزارة الرياضة والشباب سمير الصغيّر أن عدد الجمعيات الرياضية اختصاص سباحة يبلغ 24 جمعية 18 منها متواجدة بتونس الكبرى وواحدة في المنستير وثلاث جمعيات في صفاقس وجمعيتين في بنزرت خلافًا للنوادي والأكاديميات الخاصة، مضيفًا أن عدد المجازين في نشاط السباحة المسجلين في الجامعة التونسية للسباحة يبلغ 3277 مجازًا أما المسابح التي يتم استغلالها حاليًا فعددها 9 مسابح بالإضافة إلى عدة مسابح ليست بصدد الاستغلال منها في القيروان وقفصة وتطاوين.

وأوضح الصغيّر في حديثه لـ"الترا تونس" أن دور وزارة الرياضة يتمثل في الإشراف على الجامعات الرياضية والتدخل في 3 عناوين كبرى أولها مصاريف تسيير الجامعة بما فيها تنظيم التظاهرات والبطولات والكأس على المستوى الوطني وتبلغ الاعتمادات المرصودة لجامعة السباحة 300 ألف دينار كمصاريف التسيير، أما العنوان الثاني فيتمثل في نشاط المنتخبات مع إدارة النخبة الذي يرصد له 700 ألف دينار و560 ألف دينار كعقد أهداف مع أيوب الحفناوي، إلى جانب رصد 200 ألف دينار للتأطير الفني، أما بالنسبة للعنوان الثالث المتعلق بتكوين الحكام ورسكلة المدربين فتخصص له اعتمادات تقدر بأربعين ألف دينار.

مدير بوزارة الرياضة لـ"الترا تونس": المسابح التي يتم استغلالها حاليًا عددها 9 بالإضافة إلى عدة مسابح ليست بصدد الاستغلال منها في القيروان وقفصة وتطاوين

كما بيّن المتحدث أن تنفيذ الميزانية يخضع لأجزاء (25% ثم 50% ثم 25%) وأن مراقبة المصاريف العمومية التابعة لرئاسة الحكومة هي التي تشرف على عملية تنفيذ الميزانية بالأقساط وأي تأخير يحصل في دفع الاعتمادات للجامعة خارج عن نطاق الوزارة بل هو سياسة دولة في تنفيذ الميزانية.

وفيما يتعلق بالبنية التحتية المهترئة للعديد من المسابح، بيّن مدير الهياكل الرياضية أن كلفة صيانة المسبح باهضة جدًا ودور الوزارة يتمثل بالأساس في إحداث المسبح وتسليمه للبلدية الموكول لها صيانته دوريًا من قبل أشخاص مختصين ولهم دراية ومعرفة بطرق الصيانة لكن الإشكال الذي تعاني منه أغلب المنشآت الرياضية هو الاعتماد على عملة بسطاء ليس لديهم أي خبرة في مجال صيانة المسابح فيحدث أن يتصدع بعضها بسبب تجفيفها من المياه لفترة طويلة حتى أن بعض المسابح لم تعد صالحة للإصلاح والاستغلال مرة أخرى.

مدير بوزارة الرياضة لـ"الترا تونس": كلفة صيانة المسبح باهضة جدًا ودور الوزارة يتمثل بالأساس في إحداث المسبح وتسليمه للبلدية الموكول لها صيانته دوريًا من قبل أشخاص مختصين

وشدد المتحدث على أن الوزارة لديها سياسة واستراتيجية واضحة في مجال رياضة السباحة لجميع الشرائح العمرية وأن الإشكال الوحيد هو افتقار العديد من الجهات لمسابح، أما باقي الرياضات الأخرى فهي تجد حظوظها في الانتشار بجميع مناطق البلاد.

  • الرياضات الفردية الأقل حظوة

يرى البعض أن الرياضة في تونس مدينة بتتويجاتها ونجاحاتها العالمية إلى الرياضات الفردية التي يحصد أبطالها في كل مرة ميداليات ذهبية تحلق بعلم تونس في سماء دول عظمى، مع ذلك فإنها لا تحظى بالدعم والاهتمام الكافيين على غرار الرياضات الجماعية التي ترصد لها ميزانيات هامة ومع ذلك لا تحقق نفس النتائج التي يحققها أبطال الرياضات الفردية باختلاف أنواعها.

مدير بوزارة الرياضة لـ"الترا تونس": الإشكال الذي تعاني منه أغلب المنشآت الرياضية هو الاعتماد على عملة بسطاء ليس لديهم أي خبرة في مجال صيانة المسابح ما أدى إلى أن بعض المسابح لم تعد صالحة للإصلاح والاستغلال مرة أخرى

وقد بيّن الصحفي الرياضي علاء الحمودي أن جامعات الألعاب الفردية إذا لم تسعى بمفردها لإيجاد ممولين للاعبيها لا تحظى بدعم مالي كاف للإحاطة برياضييها رغم الإمكانيات الكبيرة والمواهب الاستثنائية التي تضمها وفي المقابل ترصد تمويلات هامة للرياضات الجماعية رغم أنها لم تحقق نفس النتائج التي تحققها الرياضات الفردية التي تألق لاعبوها وتحصلوا على ميداليات أولمبية وهي تعتبر أعلى مرتبة في التتويجات الرياضية لتونس.

واعتبر الحمودي في حديثه لـ"لترا تونس" أن تصريح وزير الشباب والرياضة كمال دقيش الذي قال فيه إن ما حققه أيوب الحفناوي نتيجة لسياسة رياضية ناجحة ليس التصريح الأول من نوعه لأن جل الوزراء يكونون في استقبال الأبطال ويركبون على الحدث وينسبون لأنفسهم النجاح الذي هو في الأصل فردي حققه الأبطال بمعية جامعات إمكانياتها محدودة وجلها تفتقد حتى للتجهيزات اللازمة لمشاركة لاعبيها في بطولات عالمية أو إقليمية أو عربية، مشددًا على أن تونس دائمًا في المرتبة الأولى بمجهودات خاصة للجامعات وللرياضيين أنفسهم.

صحفي رياضي لـ"الترا تونس": جامعات الألعاب الفردية إذا لم تسعى بمفردها لإيجاد ممولين للاعبيها لا تحظى بدعم مالي كاف للإحاطة برياضييها رغم الإمكانيات الكبيرة والمواهب الاستثنائية التي تضمها

ويرى الصحفي الرياضي أن رياضة السباحة لطالما صنعت أبطالًا أبرزهم أسامة الملولي وأحمد المثلوثي وأيوب الحفناوي وسارة الأجنف وغيرهم من أبطال الثمانينات والتسعينات الذين تألقوا رغم الإمكانيات المحدودة لهذه الرياضة والدعم المحتشم الذي تتحصل عليه الجامعة التونسية للسباحة من الدولة علاوة على الوضعية المتردية للمسابح في بلد تحصل على ميداليات أولمبية وعالمية وإفريقية وفي محافل كبرى.

واعتبر المتحدث أن الدعم المالي قبل أن يوجه للأبطال أو للرياضات في حد ذاتها وجب أن يرصد للبنية التحتية فالعديد من المسابح مغلقة على غرار مسبح البلفيدير، فيما تشكو مسابح أخرى من غياب الصيانة على غرار مسبح المنزه ورادس اللذان يعتبران من أوائل المسابح في تونس كما لفت إلى أنه تم افتتاح مسبح عمومي في قفصة وفي القيروان لكن مجرد الافتتاح لا يكفي بل المتابعة والصيانة هما الأهم منوهًا إلى أن الولايات والمعتمديات في تونس إمكانياتها المالية ضعيفة ولا تمكنها من المساهمة في دعم الرياضيين والجمعيات الرياضية.

صحفي رياضي لـ"الترا تونس": جلّ الوزراء يكونون في استقبال الأبطال ويركبون على الحدث وينسبون لأنفسهم النجاح الذي هو في الأصل فردي حققه الأبطال بمعية جامعات إمكانياتها محدودة

كما أشار علاء الحمودي إلى أن في تونس تزخر بالمواهب والأبطال في العديد من الرياضات الذين يطمحون للمشاركة والفوز في مسابقات عالمية لكن الإمكانيات الموجودة ضعيفة ووجب على الدولة الاستثمار في أبطالها مذكرًا بأن أيوب الحفناوي في أول ظهور له لم يكن لديه لباس سباحة يحمل علم تونس ولم يتصور أحد النجاح الذي سيحققه وكلها اجتهادات فردية، وفقه.

وقال الحمودي: "يفترض على الدولة والجامعة وخاصة الوزارة التي تبرز في كل مرة في الصورة أن تسهل عمل الجمعيات وتمولها وتحد من البيروقراطية وتذلل المشاكل التي تعترض اللاعبين إلى جانب توفر الإرادة السياسية للاهتمام بالرياضات الفردية ليتمكن الأبطال من تشريف تونس ويحلقون نحو البطولات العالمية، وعلى الإعلام أيضًا الاهتمام بالرياضات الفردية.. للأسف الدعم ضعيف ومعدوم باستثناء اجتهادات الأولياء الذين ينفقون على أبنائهم، حتى الجمعيات غير قادرة على مساندة رياضييها ومنها من تتحصل على مبالغ مالية مقابل الانخراط فيها.. تونس في حاجة لمراجعة كاملة لسياساتها الرياضية وإعادة هيكلتها والعناية بالبنية التحتية لنرى عشرات الأبطال على منصات التتويج".

جدير بالذكر أن جبران الطويلي المدرب السابق للبطل العالمي أيوب الحفناوي، كان قد أكد أنه صناعة محلية تدرب في تونس وبإشراف تونسي لكنه انتقل للولايات المتحدة لإتمام تدريبه ودراسته وسبق للإعلام التونسي أن تحدث عن التهميش الذي تعرض له الحفناوي بعد فوزه بذهبية طوكيو الشيء الذي دفعه للمغادرة نحو أمريكا.