15-سبتمبر-2023
الهجرة غير النظامية صفاقس

وزارة الداخلية الإيطالية: تسجيل ذروة لعدد المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا عبر تونس (Getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أكدت وزارة الداخلية الإيطالية، الجمعة 15 سبتمبر/أيلول 2023، ، أنّ "المعطيات الجديدة تؤكد ذروة وصول المهاجرين إلى إيطاليا بحرًا من تونس، حيث تجاوز عددهم 30 ألفًا منذ أوت/أغسطس الماضي، وهو رقم قياسي مطلق".

وزارة الداخلية الإيطالية: تسجيل ذروة لعدد المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا عبر تونس إذ تجاوز عددهم 30 ألفًا منذ أوت الماضي وهو رقم قياسي مطلق وارتفاع بـ360% في عدد الواصلين إلى إيطاليا مقارنة بـ2022

وذكرت الداخلية الإيطالية، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الإيطالية "نوفا"، أنه "منذ بداية عام 2023 إلى 14 سبتمبر/أيلول الجاري، وصل ما لا يقل عن 85 ألفًا و564 شخصًا إلى السواحل الإيطالية انطلاقًا من الشواطئ التونسية، أي بمعدل حوالي 319 شخصًا وصلوا يوميًا، أي بارتفاع يزيد عن 360% مقارنة بـ18 ألفًا و590 شخصًا وصلوا في نفس الفترة من العام الماضي، وفق بيانات وزارة الداخلية الإيطالية.

 

توظيف أوروبي للأرقام من أجل الابتزاز

وقال الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، الجمعة 15 سبتمبر/أيلول 2023، إنّ أرقام المهاجرين غير النظاميين الواصلين إلى إيطاليا تضاعفت، لكن عدد التونسيين الواصلين إلى إيطاليا انخفض بـ20% مقارنة بالسنة الفارطة، وفقه.

وأضاف بن عمر، في مقابلة له على إذاعة "موزاييك" (محلية)، أنّ أغلب المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا من جنسيات أخرى، والجنسية التونسية تأتي في الترتيب الثالث من حيث عدد الواصلين إلى الأراضي الإيطالية، مستدركًا القول إنّ "السلطات الإيطالية والأوروبية تحاول توظيف الأرقام والتلاعب بها"، وفق تعبيره.

رمضان بن عمر: هناك عمليات انطلاق للهجرة غير النظامية من تونس وأخرى من ليبيا، لكنّ الطرف الإيطالي والأوروبي يحاول دائمًا التركيز أكثر على الجانب التونسي لمزيد الابتزاز والدفع نحو مقاربات أمنية

وتابع قائلًا: "هناك عمليات انطلاق للهجرة غير النظامية من تونس، وأخرى من ليبيا، لكنّ الطرف الإيطالي والأوروبي يحاول دائمًا التركيز أكثر على الجانب التونسي لمزيد الابتزاز والدفع نحو مقاربات أمنية ولتشديد المراقبة من الجانب التونسي.

وأشار بن عمر إلى أنّ الأزمة الموجودة في لامبيدوزا بسبب وصول أرقام كبيرة للمهاجرين إليها، مرتبطة بمنظومة الاستقبال الأوروبية، وهذا يرجع لسياسات الهجرة الأوروبية التقليدية في علاقة بحرية التنقل، مذكرًا بأنّه في السنة الفارطة كانت البوابة الرئيسية لأوروبا عبر طريق الشرق أي دول البلقان، وفي سنوات سابقة كانت عبر المغرب أو جزر الكناري.

بن عمر: السلطات التونسية تغمض عينيها دائمًا على الطريق عبر الغرب التونسي، أي عبر الحدود الجزائرية لأسباب سياسية لأنّ لديها نظامًا حليفًا ليس بإمكانها مخاطبته

وتابع قائلًا: "بينما هذه السنة البوابة الرئيسة إلى أوروبا عبر تونس وليبيا أي عبر البحر الأبيض المتوسط، لأن الاتحاد الأوروبي أغلق كل المنافذ بما فيها المنفذ مع ليبيا من خلال اتفاقيات قام بها مع عديد الميليشيات الليبية وتم الدفع بالمهاجرين بطريقة غير مباشرة لعبور الصحراء الجزائرية نحو تونس، لافتًا إلى أنّ "السلطات التونسية تغمض عينيها دائمًا على الطريق عبر الغرب التونسي، أي عبر الحدود الجزائرية، ربما لأسباب سياسية"، على حد قوله.

 

  • عسكرة الحدود ليست الحل

وشدد بن عمر على أنّ "عسكرة الحدود والتحالف مع غير الديمقراطيين ومسألة مقايضة المساعدات بإيقاف المهاجرين وبناء الجدران، جميعها لن تمثل الحل لمنع التنقل لأنها لا تعدو أن تكون حلولًا ظرفية ووقتية، ودليل ذلك الأزمة الحاصلة الآن في جزيرة لامبيدوزا.

رمضان بن عمر: عسكرة الحدود والتحالف مع غير الديمقراطيين ومسألة مقايضة المساعدات بإيقاف المهاجرين وبناء الجدران، جميعها لن تمثل الحل لمنع التنقل لأنها لا تعدو أن تكون حلولًا ظرفية

وفي هذا الصدد أكد أنّ الأزمة في لامببدوزا مرتبطة بمنظومة الاستقبال الإيطالية ومن ورائها الأوروبية، إذ هناك توترات فألمانيا عقلت تقريبًا الاتفاقية في علاقة باستقبال طالبي اللجوء من إيطاليا، وفرنسا قامت بنشر قوات أمنية وعسكرية على حدودها مع إيطاليا، والملف تحوّل إلى ملفّ تجاذب سياسي حُمِّلنا نحن فيه جزءًا كبيرًا من هذه الأزمة بارتجالنا وانخراطنا في المقاربات الأمنية والقمعية ضد المهاجرين.

 

  • أسباب عمليات الانطلاق المكثفة من تونس

واعتبر رمضان بن عمر أنّه بعد أزمة فيفري/شباط المنقضي في علاقة بأزمة المهاجرين غير النظاميين في صفاقس بمنعهم من العمل والإقامة والتنقل، وإغماض السلطات أعينها على الوافدين عبر الحدود الجزائرية لأنّ لديها نظامًا حليفًا ليس بإمكانها مخاطبته، خلقت أزمة في صفاقس وهذه الأزمة بصدد الانتقال إلى محيط صفاقس ثم إلى جرجيس.

رمضان بن عمر: من أبرز أسباب تكثف عمليات انطلاق المهاجرين من تونس تضييق الخناق عليهم ومنعهم من العمل والسكن ومنع مساعدات المنظمات إليهم إلا عبر الهلال الأحمر التونسي ما جعلهم في وضعية هشة

وتابع أنّ تضييق الخناق عليهم ومنعهم من العمل والسكن ومنع مساعدات المنظمات إليهم إلا عبر الهلال الأحمر التونسي، كل ذلك دفعهم إلى وضعية هشاشة كبيرة جدًا وعرضهم إلى ظروف إنسانية ومناخية قاسية.

 

  • تكثّف عمليات الانطلاق بشكل يصعّب مراقبتها

وتحدث الناشط الحقوقي عن وجود دعاية أوروبية حاليًا يقودها اليمين الأوروبي المتطرف بأن تونس تواطأت في الأيام الأخيرة لوصول أكثر من 9 آلاف مهاجر إلى لامبيدوزا في ظرف 4 أيّام، معلّقًا: "بالعكس السلطات التونسية لا تزال تمارس مقاربتها الأمنية القمعية في السواحل وتقوم بعمليات الصدّ بالقوة والدفع بالمهاجرين إلى العودة للتراب التونسي".

واستدرك القول: "لكن ما حصل هو نتيجة الضغوط التي قام بها الاتحاد الأوروبي على تونس، ما دفعها للقيام بإجراءات تخص المهاجرين، فتفرق هؤلاء على عدة أماكن على طول الخط الأمامي لعمليات انطلاق الهجرة، وبذلك أصبحت عمليات الانطلاق مكثفة وليس من الممكن مراقبتها".

وتعيش تونس على وقع موجة هجرة قياسية هذا العام وكوارث متكررة تتعلق بغرق قوارب تحاول الإبحار نحو السواحل الإيطالية، وقد تحولت تونس (مكان ليبيا) إلى نقطة الانطلاق الرئيسية في المنطقة للفارين من الفقر والصراعات في إفريقيا والشرق الأوسط بحثًا عن حياة أفضل في أوروبا.

يذكر أنّه تم في 16 جويلية/يوليو 2023، توقيع "مذكرة تفاهم" بين تونس والاتحاد الأوربي حول "شراكة استراتيجية وشاملة"، وتهم بالأساس ملف الهجرة غير النظامية. وقد قام بتوقيعها الرئيس التونسي قيس سعيّد ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.

وقد طالت مذكرة التفاعم عديد الانتقادات على الصعيد الحقوقي في تونس، واعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنّ هذه المذكرة "خطيرة وتكرس دور الحارس والسجان"، وفق توصيفه.